الفصل الثالث

40 5 1
                                    



كانت هبة تمشي وسط تلك الغابة المخيفة وهناك جرح في معصمها الأيمن من مرفقها حتى كفها ينزف دماً أحمر لا يختلف لونه عن لون شعرها.

وما يجعل هذه الغابة أكثر رعباً هو ذلك القمر الذي يقف في منتصف لا يتحرك أبداً وأصوات الغربان التي تأتي من كل اتجاه.

كان الطريق التي تسير عليه ممهد وعليه العديد من قطرات الدم المنتشرة في كل مكان ويبدو أنها لها فترة من الزمن فقد جفت، أخيراً بدأت الأشجار تتناقص وظهر مبنى على الطراز الفيكتوري ذو بوابة خشبية متوسطة الحجم، قالت هبة لنفسها:

"ربما أجد أحداً هنا يساعدني ... "

اقتربت من الباب ودفعته بقوة ثم قالت:

"أهلاً ... هل هناك أحد ما هنا؟ أحتاج بعض المساعدة فقط!"

كان المكان مظلماً ولم يجبها أحداً وكل ما يتسرب إلى الخارج هو أصوات بكاء لأطفال بالإضافة إلى صوت عقارب ساعة.

دخلت المبنى ولازال معصمها ينزف وأول ما رأته كانت ساعة خشبية ضخمة ذات أرقام رومانية تشير عقاربها إلى الثالثة والنصف، فقالت:

"إذاً هي الثالثة والنصف ليلاً ... أنا لا أتذكر حقاً كيف وصلت إلى هنا! لكن هذا المبنى ليس غريباً علي .. أعتقد أنني رأيته من قبل!"

شيئاً فشيئاً بدأ الرؤية تتضح فكانت تلك الساعة مقابل الباب تماماً وعلى جانبيها سلمين يلتقيان عند المنتصف، وفي نفس مستوى الساعة كان هناك ممرين على اليمين واليسار لا يمكن رؤية نهايتهما من شدة طول المسافة.

وفي الممر الأيمن كان هناك ضوء ينبعث من أحد الأبواب فاتجهت نحوه هبة بدون شعور لكنها تفاجأت عندما وقفت أمامه، فلم يكن ذلك باب بل كانت نافذة زجاجية، والأكثر غرابة كان المكان بالداخل مشرقاً وكأنه نهار!

كان هناك سرير عليه امرأة يبدو من ملامحها أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، وحولها يقف أربعة أشخاص رجلين ومرأتين، قال أحد الرجلين:

"يبدو أن داليا لفظت أنفاسها الأخيرة ..."

قالت أحدى المرأتين:" لقد اطالت الأمر كثيراً .. ثلاث أعوام!"

"المهم الأن ... ماذا نفعل بها؟!"

"هل تقصد..."

"نعم"

ثم ألتفت نحو هبة وبدأ يخطو بقدميه نحوها، لم تعلم ماذا تفعل فطرقت الزجاج بيديها لكن الرجل لم يلقي لها اهتمام ومد يده وأغلق الستارة.

لمست هبة عينيها وقالت:

"لماذا أنا ابكي؟!" أكملت:" لماذا هذا الرجل لم ينتبه لي؟!"

تعالت أصوات بكاء الأطفال وكان مصدرها باب آخر بالقرب من هبة، وبينما كانت تمشي إليه كانت هناك لوحات فنية على الجدران، أحدهم لزوجين في حفل زفاف وأخرى لرجل يبدو أن يعمل في مصنع... لم تتفكر هبة بهذه اللوحات كثيراً واستمرت تمشي نحو ذلك الباب، عندما وصلت إلى الباب لم تتفاجأ بأنه نافذة زجاجية فقد حصل هذا من قبل، نظرت عبره فكانت غرفة شبه مظلمة ممتلئ بالأسرّة البيضاء في كل اتجاه، وبين هذه الأسرّة كان هناك العديد من الفتيات لم تكن ملامحهم واضحة يرتدين الملابس ذاتها، احداهن تحدثت قائلة لصديقتها:

"أعلم أن هذا مجنون ولكن... ما رأيك أن بأن نفعلها؟!"

"أنتِ محقة... هذا جنون ... ما الذي تقوليه؟! ... هل تعلمي ما حدث لسوزان!"

"أن أعلم مكاناً جيداً وأملك خطة ... لن نقع في الخطأ نفسه"

"حسناً إذا .... اذهبِ وأغلقي الباب واخفضِ صوتك"

وقفت الفتاة واتجهت نحو النافذة التي تنظر منها هبة ودفعت الباب نحو النافذة فأصبح المكان مظلماً مرة أخرى لهبة.

لكن للمرة الثالثة أضيء أحد الأبواب الأخرى، لكن هذه المرة بدأ نبض قلبها يتزايد بشكل مخيف كل ما تقدمت خطوة نحوه... وقطرات العرق تتساقط بشكل متتابع وكأنها تقف على نار ملتهبة، عندما وصلت إليه كان نبضها قد تضاعف والتصق شعرها بجسدها من شدة العرق!

نظرت إلى تلك الغرفة المظلمة التي لا يدخلها الضوء إليها إلا من نافذة أعلى الحائط مغلقة بقضبان حديدة، وعلى الأرض كان هناك كرسي تجلس عليه فتاة مقيدة ويبدو أنها تبكي، ووراءها ظل امرأة، قالت الامرأة:

"كيف تجرأتن على فعل هذا؟"

رفعت المرأة يدها وقبل أن تخفض يدها كانت هبة قد بدأت تجري عبر الممر وهي تصرخ خائفة لكن لا تعلم من ماذا خائفة! فجأة أحست بسكين قد غرزت في يدها اليسرى... نظرت إليها ورأت أن هناك جرح بدأ يتفتح من معصمها حتى كفها ... صرخت بقوة لعل أحدا ينقذها وفجأة ....

يتبع .... الفصل الرابع

تابعني على الانستغرام والتويتر:

OmarDawaida

لا بداية ولا نهاية - Infinityحيث تعيش القصص. اكتشف الآن