التفتت روفيدا على صوتِ طفلٍ صغير أمامها، يقول:
تفضلي يا خالة، لا تخجلي فالبيت ليس به سوى أنا وأمي
وأخوتي.
تجولت بنظرها تبحث عن الطفل لم تجد أحد سوى قط لونه
زاهي جميل يشبه النمور، استلقى على ظهره، وهو يحرك
رأسه ويلف بجسده عدة مرات. ظنت أن الطفل يقف خلف
الباب خائف منها، فانتظرت أن يدعوها مجددًا للدخول، أو
تخرج أمه تقابلها.
روفيدا من عشاق القطط، جثت على ركبتيها، ومدت يدها
لتداعب القط، ولكنها ترددت وسحبتها مجددًا. أغمض عينيه
ووضع يده عليهما، وقال بحزن:
لماذا سحبتي يدك مجددًا، خائفة مني؟
انتفض قلبها عندما وجدت صوت الطفل يصدر منه، ولكنها
لم ترغب أن يسمع الرعشة التي اعترت صوته، فلم ترد
عليه ومدت يدها مجددًا، وأخذت تداعبه من بطنه ومن
رأسه، وهو يضحك تارة، وعندما ترفع يدها يناغي كطفل
صغير. قال لها:
أنا سعيد جدًا، فأنا لم أرى إنسية من قبل، قالوا لي أن معظم
الإناث تحب القطط، ولهذا اخترت هذا اللون ما رأيك؟
شعرت ببعض الأمان وضحكت، ثم قالت بفرحة:
الله إنت جميل، أنا بعشق القطط.
قفز القط من مكانه والتف حول ساقها، وأخذ يحك جسده بها
ويقول:
له حق خالي يعشقك فأنت جميلة.
ردت روفيدا ساخطة:
خالك؟
قال الهر:
نعم خالي إنه.
قاطعته قطة أخري بيضاء، ووقفت بجواره، كانت تلعق يدها
وتنظر له بغضب، تنحنح القط ودعاها للدخول مرة أخرى:
إحم.. إحم.. ألن تدخلي؟ -
تبسمت روفيدا، وسألته عن اسمه:
اسمي..
صفعته القطة بذيله، فقال معتذرًا:
تفضلي يا خالة.
وقفت روفيدا على باب البيت مترددة، صدرها اختنق فجأة
وجف ريقها، ولكن لا يوجد مكان آخر تذهب إليه. ما طمأنها
هو حفظها لبعض الآيات القرآنية التي ستحميها، وهذا ما
توصلت إليه بعد حديث النفس الطويل وقررت الدخول .
دخلت وهي تتلفت حولها ، فكل البيوت بالخارج كانت مطلية