ابكي نفسي!

40 1 0
                                    

اعطيتها كل شيء، ورسمت لها كل شيء، أضأت لها كل الشموع، ومسحت بيدي لها كل الدموع، نسيانها أمر مستحيل لكني نسيت، أن النسيان أمر مستحيل. بقي لغياب الشمس لحظات، لحظات ويأتي المساء، وفي المساء يأتي الوداع، وفي الوداع تبكي العيون، ومن تلك الدموع تنطفئ كل الشموع، إلا شمعة أوقدها دمعي كي لا ينسى، إن الوداع كان من أشد الآلام، الخيانة... الوداع... الضياع... غير ممكن.!!

أعطيتها قلبي وحبي وعطفي، لكنها أضاعت كل شيء، فسألت نفسي أين ذلك الحب؟ فأجابتني بأنه في عالم الضياع. قالت: الدموع ليست دموعنا، الدماء ليست دماءنا، هكذا قالتها باستهزاء، كيف يكونان واحد، إنه مستحيل في نظرها، نسيت أني أحببت هواءا منثوراً...

كان ألمها يؤلمني، كان حزنها يحزنني، داويت جروحاً كثيرة، وبنيت عليها آمالاً كبيرة، لكني نسيت بأنها قد قتلت ذلك الأمل.
من أجل عينيها بالغت بالأحلام، لكنني فوجئت بالأوهام، أوهامي لم أصل إليها بعد، بالنار والجمر حرقتني، حكايتي معها أتعبتني، فنسيت أنّ الأماني تزول تحت أقدام القدر، سقيتها الحلو بيدي فسقتني المر بأكمله، كبرنا وكبرت معنا الحياة أشعلت نيران الجمر وأبكت كل العيون
أصبحت أشعر بالوحدة، فكل من حولي لا وجود لهم، وكأن الأيام تحكم عليّ بموت أحاسيسي، وكأن الدموع تأسرني. لي أرض الأهات لم أعد أعرف أين سأمكث: بداخلي، أم استفيق لحلم ضاع في صفحات السنين.
اشعر أنّني كلمات بدون أحرف وذكريات بدون ماضي، أشعر أنّ وحدتي ستقتل أحساسي في هذه الحياة، فأنا اعتدّتها تخالج مشاعري بل تتملكني.
لقد أصبحت أتمنى أن أسكن عالماً بعيداً،
عالماً لا أشعر بالبشر فيه، بل أشعر بنسمات الصباح والليل وأحاديث الشجر ومداعبة قطرات الندى لأوراق الأزهار.

كل ما بداخلي تحطّم وتبعثر، أصبحت أشلاء تناثرت فوق صفحات البحر، ربما الخوف من المجهول يسكنني، وتلك الدموع تأسرني، ولكنّي فقدت إحساسي بالأمان وثقتي بالأزمان.
حياة خالية فارغة سوداء، ووحدة قاتلة، ولغة الصمت تسود المكان، والألم جاثم على أنقاض الفؤاد، حتى الجسد أحسّ بالغربة ومرارة العيش،
الوحدة تقتلني، والوجع يسكنني، وذكريات الماضي تشغلني،.. أشعر أن همومي ستخنقني وأحزاني ستغرقني. ما زالت الجراح في قلبي، جراح ما زالت تنزف، جراح أبكتني حتى جفّت كل دموعي، جراح أطفأت رغبتي بالاستمرار في الحياة...

أيامي سوداء لا ترى الشمس، ويسكنها الصمت والعذاب، وتغمرها ظلمة الليل، ولا تعرف معنى الألوان، أيام غاب فيها القمر، ولم تعد تُتقن سوى لغة البكاء، أيام تحتضر، أيام كالأشباح، أيام أنقطعت فيها الأنفاس، وتملّكني فيها اليأس والضياع..
هل كان قلبي قاسياً ليكون هذا الهجر قدري؟ أم أني مظلوم في بحر الحب وحدي؟ 

احاسيسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن