الفصل الأول

68.6K 722 16
                                    

عندما تكون عاشق يمكنك فعل أى شىء من أجل معشوقتك ، يمكنك أن تدهس بكرامتك ورجولتك من أجلها ، ولإنقاذها .. .

***

دائمًا تشتهر قرى الصعيد بعادات وتقاليد حازمة ، يقدسها أهلها ، حيث ما يفعله الشاب لا تفعله الفتاة ، فهى لا تكمل تعليمها وتتزوج وهى قاصر ، وتتحمل المسؤلية وهى من الأساس لا تعلم معناها ، عادات وتقاليد جعلت من الفتيات نكرة أمام المجتمع ، جعلت ثقتهن تهتز فى نفسهن ، جعلتهن ذوات شخصية ضعيفة وقليلة الحيلة أمام بطش أياً من كان ، جعلت فى قاموسن كلمة الحب حلم لهن لكن مستحيل الوصول إليه ،
جعلت منهن آلة تلد وتربى أجيال فقط ، لكن الحياة لا تقف على شىء .. .

لتأتى هى وتخترق تلك العادات والتقاليد ، وتخترق هذا الحلم وتقع فى الحب ، لكن مع من !! مع من يراها خلف ستار الليل ، من جعلها تقترف خطأ لا يتقبله الله قبل البشر .. .

خطأ أقترفته ليس لقلة احترام وتربية منها ، لا ، بل لطريقة تربيتها الخطأ ، تربية مبنية على التشدد الحاد والصارم من كل أفراد العائلة .. .

بعد أن حل الليل وجاء القمر عوضًا عن الشمس لكى يعكس ضوئه مضيئًا أحياء تلك القرية ، ذاك الشعاع الفضى الساقط على ذلك البيت الكبير تحت مسمى " الدوار " لعمدة القرية .. .

عمدة القرية هو علوان ، كبير عائلة المكاوى بعد والده وجده ، انعم الله عليه بشاب فقط " منصور " وهو وحيده هو وزوجته ، عمره سبعون عامًا .. .
تزوج منصور من أبنة أصغر أعمامه بعد وفاته بأمر من والده ، وانجبوا فتاتان وشابان .. .

تسللت فتاة تتشح بالسواد من أخمص قدميها إلى أعلى رأسها، تتلفت حولها بقلق لتتيقن من خلو الطريق ثم أسدلت وشاحها الذي به درجة من الشفافية يسمح لها برؤية موطئ قدميها، أغلقت باب البيت الداخلى خلفها بهدوء، تتوجس إيقاظ حارس البوابة الذي يغط في سبات عميق .. .

تقدمت من البوابة الرئيسية وهى تخرج مسرعة قبل استيقاظ احدٍ و رؤيتها ، فيلتغى الموعد الذي جازفت من أجله في الخروج من منزلها بتلك الساعة .. .

عبرت البوابة الرئيسية وأغلقتها خلفها بهدوء ولكن تركتها مفتوحة قليلاً حتى تستطيع العبور إلى الداخل مجدداً حين عودتها، وبمجرد خروجها حثت قدميها على السير سريعًا .. .

***

كان البيت مظلم ، ويعم بالسكون والهدوء ، الجميع نيام ، فقط هى من استيقظت فى تلك الساعة التى تجاوزت الحادية عشرة مساءًا من أجل مقابلته لكى تخبره عن تلك المشكلة التى وقعت بها .. .

كانت تلك الفتاة الصغيرة - التى لم تتجاوز العشر سنوات - تقف فى المطبخ الموجود بالطابق الأرضى ، ويبدوا عليها أنها رأت شقيقتها الكبرى تخرج من البيت فى تلك الساعة ، وبما أنها طفلة فلم تعلم ماذا تفعل بعدما رأتها ، فخرجت من المطبخ مسرعة تصعد إلى غرفة والداها تطرق بابهما لكى يستيقظا وتخبرهما .. .

همسة الغيث حيث تعيش القصص. اكتشف الآن