يقع البيت في شارع جايزكالنس. يمكنك أن ترى نهر جاوجا على بُعد أمتار ليس شارعا
بالضبط، بل هو طريق مرصوف بالحجارة الصغيرة على غرار شوارع كثيرة في لاتفيا..
المكان والوجوه والجو العام يذكّرك بالحرب العالمية الثانية، حتى تتوقع أن ترى
دبابات البانزر الألمانية تبرز لك عند خط الأفق..
الوجوه كالحة والابتسامة نادرة؛ هناك جو عام من الخشونة وافتقار لروح الدعابة، لكن
لا ننكر أن النساء فاتنات، يخيّل لي أحيانا أن الصورة المثلى للنساء خلقت هنا، ثم
ارتحل بعضهن للشرق فاصفرّ لونهن وارتحل بعضهن إلى إفريقيا حيث أحرقت الشمس
بشرتهن فاسودت. بعضهن رحلن إلى أوروبا فازددن شحوبا، المهم أن الأنثى الحقيقية
الجديرة بالمعاجم تعيش هنا..
عند مدخل الدار، يمكنك ساعة الغروب أن ترى العجوز "هيلموت بولوديس" يجلس
على كرسيه الهزّاز، وهو يتسلى بالسكين التي يحفر بها قطعة من الخشب. يمكنك أن
تدرك من شحوب وجهه أنه لا يخرج كثيرا، الحاجبان الكثّان والعينان الغائرتان..
"هيلموت" ليس ودودا على الإطلاق؛ ليس له أصدقاء ولا يرحّب بالزوار، لكنه يصنع
نبيذا جيدا في قبو داره، ويبدو أن هذا هو دخله الوحيد..
سوف ترى من بعيد زوجته "فانيا" وهي تحمل طبقا مليئا بالحبوب وتتجه إلى الفناء
الخلفي لتطعم الدجاج، عجوز تضع على رأسها إيشاربا مزركشا، يمكنك أن تعرف هذا
الوجه على الفور..
هناك ذلك الشاب الخشن طويل اللحية، اسمه "ألكسيس"، ابن "هيلموت" الأكبر، إنه
يقف مستندا إلى الجدار ويدخّن لفافة تبغ خبيثة الرائحة.. لا بد أن لاتفيا لا تنتج تبغا
جيدا.
الفتى النحيل الذي يحمل طعاما للخنازير في الفناء الخلفي هو "جاتيس" ابنه
الأوسط، شاب وسيم كما ترى، ويروق للفتيات كثيرا..
هناك فتى مراهق يمشي في الشارع قاصدا شراء خبز، إنه الابن الأصغر "أرتور"، أما
الفتاة رائعة الجمال التي تظهر من حين لآخر فهي "ناتاليا" ابنة الرجل..
إن الأسرة متماسكة جدا.. الشباب لهم بعض الأصدقاء، لكنهم أميل إلى الانطواء عموما.
هذه الأسرة تزرع وتربي معظم طعامها، وعند المساء ربما يذهب اثنان من الإخوة في
جولات غامضة ربما قرب النهر، وربما في البنايات الخربة الواقعة على بُعد..
أنت تقرأ
الهول
Horrorسوف نفتح هذه المجموعة القصصية ونحن مفعمون بالأسئلة، ونتركها مفعمين بالخوف : ما مهنة ذلك الرجل الغامض في تلك المسابقة التلفزيونية؟ الموقع الغامض الذي يعرض على الناس منظر جثتك الممزقة. شارع المشاط الهادئ المسالم الذي يكتم سكانه سرًًّا مرعبًا. العلاج ا...