003

66 2 0
                                    


تعالت الأصوات وصعق كل من شاهد هذا الحدث، ركضوا جميعاً باتجاه جسدها الذي بدأ ينزف بحدة. كان المنظر بشعاً، ولكن لم يجرؤ أحد على الاقتراب. اتصل أحد المعلمين الذين تواجدوا في المكان بالإسعاف، ناظرين جميعاً إلى جسدها البالي الذي تُرِك مرمياً في الطريق، ولم ينتبه أحدهم للقمر في السماء الذي ظهر في منتصف النهار.

في المستشفى، كان الوضع متأزماً. حضر والدا لالين إلى غرفة الطوارئ والصدمة واضحة أشد الوضوح على وجوههم. صارحهم الطبيب قائلاً: "سيكون من الصعب إنقاذها، كانت الصدمة قوية، ولكننا بانتظار معجزة".

كانا في حالة يرثى لها، صراخ والدتها قد ملأ جميع أرجاء وغرف المستشفى، والتي لم تتمالك نفسها بعد لحظات حتى سقطت مغشى عليها. أسرعن بها الممرضات لغرفة أخرى ليوفرن لها الرعاية اللازمة. كان والدها يستجمع ما تبقى فيه من قوة، ليكون سنداً لزوجته وابنته التي قد تفارقهم في أي لحظة.

بعد أن اطمأن على زوجته، وقف أمام باب غرفة الطوارئ محدثاً ابنته على أمل أن تستجيب لرجائه: " فتاتي الصغيرة لالين، لن تغادريني صحيح؟ أستتركين والدك الذي يسعد بمجرد رؤيتك؟ لن تتركينا أنا متأكد لأنك لن تخيبي ظني، لأنك اعتدت على طاعة أوامر والدك، فهل ستكسرين القاعدة اليوم؟ اخوتك بانتظارك في المنزل وهم على يقين بأنك ستعودين كالعادة حاملة الحلوى ورقائق البطاطس التي نوبخكم عند تناولها، ولكن سأتغاضى عن ذلك إن عدتي معنا للمنزل بعد أن تتعافي، حسناً؟" مرت الساعات وظل يحدثها طويلاً حتى خرج الطبيب وملامحه لا تبشر بأي خير.

الطبيب: "السيد حسن والد المريضة لالين؟"

حسن: "نعم، نعم إنه أنا.. هل ستعود معنا ابنتي؟ ستعود أليس كذلك؟ فهي لا تستطيع أن تنام وحدها خارج المنزل.."

الطبيب بحزن شديد: "أنا آسف جداً ولكننا فعلنا كل ما بوسعنا. لقد كنا نأمل بأن تعود سالمة ولكن يبدو أن الحادث قد أصاب جذعاً في الدماغ، وهذا يعني أنها الآن في غيبوبة من الصعب أن تنجو منها.. هذا أفضل ما تمكننا من القيام به ولكن أنا حقاً آسف.."

حسن: "لا أنت لا تعرف ابنتي فهي لم ولن تخذلني أبداً! أنت لا تعرفها فقط اسمح لي بالدخول وسأجعلها تخرج معي صدقني هي لن تتركنا، لن تتركني، ولن تترك والدتها التي تنظر لها بحب كل صباح قبل أن تيقظها، لن تترك أخوتها الذين ينتظرون عودتها كل يوم ليتشاركوا اللعب وشغبهم سوياً.. صدقني هي لن تتركني.."
تمسك بأحد كراسي المستشفى وبجانبه الطبيب الذي يحاول أن يهدأ من روعه، ولكنه بالطبع لن يهدأ.

||في مكان آخر..||

لالين.. لالين.. لالين.. القمر، ولكن لم تعلمي أن القمر قد يكون رمزاً لحياتك.

سطع ضوء لم ترى لالين بعده شيئاً، ظنت أنها النهاية، ولكنها لم تعلم أنها كانت بداية أخرى. انخفت هذا الضوء لتفتح بعده عينيها وترى نفسها في نفس المكان الذي كانت فيه، ولكن.. أين ذهب الجميع؟

قاطع حبل افكارها صوت السيارات خلفها، ونهضت بسرعة باتجاه الرصيف لتستجمع ما يستحيل على أي عقل تصديقه، أنها عادت إلى الحياة. هل هي في عالم الأموات الآن؟ أم أن كل ما حصل كان حلماً؟ وبينما هي تفكر بالذي حدث للتو، ظهرت سيدة غريبة المظهر.

السيدة: "لالين؟ حقاً، لقد انقذتي نفسك بمعجزة، كيف فعلتي ذلك؟ يمكننا القول أنك واحدة من 7 مليار إنسان؟ أم أن الأمر اختلف لديكم؟"

لالين: "هل أعرفك؟ لا أظن أننا تقابلنا من قبل.. عموماً ما الذي تقصدينه وكيف علمتِ بما حدث لي؟"

السيدة: "لا يهم أن تعرفي اسمي فهذا لن يفيدك، ولكن لا مانع من أن أجيب على سؤالك الثاني. أنا يا عزيزتي دليلك في هذا المكان، ولكن دعيني أثبت لكِ من أنا أولاً، أعلم أنك تشككين في ذلك حالياً."

لالين متفاجئة من حديثها: "ح-حسناً..؟"

فرقعت السيدة بأصابعها ليتغير كل ما يحيط بهما وكأنهما في مكان آخر. رأت لالين عائلتها الذين يبكون تارةً ويحدثونها عن ذكرياتهم معها تارةً أخرى.

لالين وهي تصرخ بأعلى صوتها: "ولكن.. ما هذا؟ أمي؟ لماذا تبكون؟ أنا هنا! أنا لم أمت! ومن هذه الشبيهة لي المستلقية على السرير؟! انظري إلي يا أمي أنا هنا!"

السيدة: " لا ترهقي نفسك، لن يرونك مهما حاولتي، فالنسبة لهم أنت مجرد طيف لا يستطيعون رؤيته ولا أن يحسوا بوجوده، أنت فقط من يستطيع رؤيتهم وهذا لأنك يا لالين.. الآن، في كون آخر."

-نهاية الفصل-

تحت رحمة الكونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن