الفصل الخامس

18.4K 546 5
                                    

خرج سيف تاركا شهاب يلتفت لعامر متسألا ..« ماذا يحدث هنا عامر ما به أخيها للفتاة لا يطيقك » 

هز عامر كتفيه بلامبالاة قائلاً ببرود ..« هو لا يهمني ما يهمني هو هدية و هى معي »
عقد شهاب حاجبيه بضيق محذرا ..« عامر الأمور لا تأخذ هكذا يا بني أنت ستتزوج عائلة و ليس فرداً منها فقط .. أنت لن تأخذ ابنتهم و تبعدها عنهم بل ستضم عائلتها لعائلتك لتكبر عائلتيكم معا إذا كنت تحبها حقا بني يجب أن تجعل أخاها يتقبلك فواضح أنه لا يتقبلك و لا يحبك و لا أعرف السبب ..صدقني إذا كنت تريد إسعادها فأقم علاقة وديه مع أخيها هل فهمت بني »
أومأ عامر برأسه موافقا والده و هو يشعر بالذنب لخداعه فهو لن يستمر معها سوى أشهر قليلة معدودة ..هل يستحق الأمر كل هذا العناء يا ترى ..دلفت هدية تحمل بيدها صينية تقديم كبيرة عليها بعض الحلوى و الكيك و أكواب العصير نهض عامر عند دخولها ينظر إليها بتفحص كانت ترتدي ثوب فضى بخيوط ذهبية قصير قصير جداً قبل ركبتيها و يكشف عن ذراعيها يحتضن خصرها و ينسدل بحريه زم شفتيه ضيقاً متخيلا أنها أرتدت هذا الثوب من قبل و رأها أحدا هكذا بساقيها و ذراعيها السمراء العارية كادت تسقط بحملها بحذائها العالي لولا أن ساعدها سيف أمسك ما بيدها و وضعه على الطاولة رفعت رأسها خجلا تنظر لأبيه المبتسم لها بحنان كانت تضع على شفتيها حمره جعلت فمها كالتفاحة التي يريد قضمها مما جعله يقضم شفته بضيق ماذا تقصد هذه الفتاة بكل ما تفعل و أرتدائها هذه الثياب العارية و تتزيين كنجوم السينما تطلع لشعرها الناعم يلامس حافة ثوبها و خصلاته الناعمة تلامس وجنتيها شعر بالغضب لشعوره المضطرب هذا تجاه رؤيتها هكذا بأقراطها الطويلة التي تلامس عنقها كأنها تداعبه قبض يده بقوة حتى لا ينقض عليها يختطفها من جوار والده التي تبتسم له برقة مد شهاب يديه ليصافحها ..« أهلاً بك عزيزتي لقد سعدت بلقائك و التعرف على سارقة قلب ولدي أخيراً »
أبتسمت بخجل تمد يدها لوالده الذي أمسكها بحنان كان طويل القامة مثل عامر بشعره الأبيض الكثيف بشرته الخمرية و عيناه البنيه الواسعة كانت تتطلع لعامر بعد ثلاثون عاما سيشبه والده حتماً ..
« تعالي عزيزتي أجلسي بجواري » قالها شهاب مبتسما ..جلست هدية بجوار والده و عاد عامر للجلوس و هو يخرج أنفاسة بهدوء التي لم يكن يعلم أنه يكتمها حتى أخرجها ..ظل ينظر إليها بجوار والده جالسة بخجل و هى تحادثة بخفوت تبتسم له متجاهلة عامر تماماً ..هذه الفتاة حقا ممثلة بارعة تتصرف و كأنها عروس حقيقية بخجلها و أرتباكها أبتسم عامر بسخرية يقاطع حديثها و أبيه قائلاً بجدية ..
« أبي الن تتحدث في الشئ الهام و سبب وجودنا هنا اليوم أعتقد أن السيد سيف ليس لدية مانع لسماع حديثك »
أبتسم شهاب الدين بهدوء ..« حسنا بني سأتحدث و سيف »
التفت لسيف يقول مبتسما ...« بني أنت تعلم سبب وجودنا هنا اليوم و هو خطف تلك العروس الصغيرة منك لولدنا عامر أرجوك لا تمانع و توافق على طلبنا »
التفتت هدية لسيف مبتسمة بمرح أظهرت أسنانها البيضاء ..فرفع سيف حاجبه ساخرا في أشارة فهم لأخته فشهاب قد أستعمل تعبير سيف الذي يطلقة على عامر و هو يلقبة بالخاطف ..أومأ سيف برأسه و هو يقول بهدوء ..« لا مانع لدي سيدي فهدية موافقة على إيه حال و أنا كل ما يهمني هو سعادتها فقط و أتمنى أن يكون عامر عند حسن ظني و يحافظ على صغيرتي فهى أغلى ما لدي و أمانة والدي ..و سيجدني دوماً بجانبها و إذا احتاجتني في شئ أو تضايقت من شئ لن أتورع عن سحق من يؤذيها »
أرتبك شهاب لتهديد سيف المبطن لعامر و كأنه يحذره و يقصده بحديثه نفى شهاب عن ولده أي شك لدى سيف تجاه أخته فقال مؤكداً « لا تخف بني أنها ابنتي قبل أن تكون زوجة لولدي و أعدك الا يؤذيها شئ أو أحد و عامر سيضعها في عينيه فهى ستكون شريكة حياته و أما لأولاده و سيحافظ عليها لا تخف أو تقلق أطمئن بني و لك كلمتي »
تنهد سيف و قال بهدوء فهو يثق في هذا الرجل أكثر من إبنه و يعلم أنه يحافظ على كلمته ..« حسنا سيدي أنا ليس لدي شروط أو طلبات غير سعادة هدية هذا كل ما أريده »
أبتسم شهاب براحه قائلاً ..« إذن فلنقرأ الفاتحة و نتحدث في يوم الخطبة المناسب لكما »
« حبيبتي أقرئى الفاتحة معنا لعلها تكون فاتحة خير لك و يجعل الله فيه خيرا » قالها سيف و هو يشعث شعرها بحنان مما جعلها تنظر له بحده مرحه جعلته يبتسم نظر عامر للأولفة بينها و شقيقها فعقد حاجبيه بضيق ..رفعت يديها و هى تحنى رأسها بخجل تستمع لخمس أخيها و والده و هما يتلوان الفاتحة و هى تقرأ في سرها و دقات قلبها تعلو و شعورها بالأمر كالحقيقة و ليس تمثيلا و ليس صفقة عقدتها مع ذلك العامر رفعت رأسها تنظر إليه لأول مرة منذ دخولها ..كان يرتدي بذلة بنيه بقميص أصفر و يعيد شعره للخلف بذقنه الحليق كان حقاً جذابا بشعيراته البيضاء التي تزين فودية و تذيده وقارا و هيبه تتعجب كيف لرجل في الثالثة و الثلاثون أن يشيب رأسه فهى ترى رجالا تخطوا الاربعين و شعر رأسهم مازال أسودا تسمرت عيناها على شفتيه التي تتحرك بصمت رافعا يديه ينظر إليها بتفحص أحتقن وجهها بشدة و أشاحت بوجهها سريعًا تجاه سيف الذي أخفض يده مبتسما بحنان ..« مبارك لك حبيبتي أتمنى لك كل السعادة في الكون صغيرتي » نهضت هدية جلست على يد مقعده تحيطه بحب و تقبل رأسه ..« العقبه لك يا سيفى شكرا لك حبيبي على كل شيء فعلته و مازلت تفعله من أجلي »
أحتضن وجهها بكفيه يقبل جبينها ..« فقط كوني سعيدة حبيبتي »
شهاب بفرح فهو حقا أشتاق ليكون جزء من العائلة عائلة محبه كعلاقة سيف و أخته و يحصل على الكثير من الأحفاد « مبارك ابنتي سأنتظر اليوم الذي ستأتين فيه لمنزلي »
أحمر وجهها ..« شكراً لك عمي »
قال شهاب بتصميم ..« بل قولي أبي فأنت من اليوم أصبحت ابنتي كعامر »
كان ينظر لهم تنتقل عيناه بينهم يراقب تعابير وجوههم السعيدة و هو لا يصدق أن كل شئ قد مر بسلام كما يريد بل أفضل ..أخرج من جيبه علبه صغيرة و هو يقوم بفتحها و بصوت خرج أجشا لا يعلم كيف و كأن في حلقه غصه تسد الطريق على الكلمات فتخرج مختنقه قليلاً ..
« أنا لم أحضر خاتما لهدية أفضل أن تختاره هى بنفسها و لكني جلبت شئ بسيط هل تسمح » قالها لسيف و ينظر لهدية المحتقنه ..
أجابه سيف ..« تفضل لا مانع لدي و أعتقد أن هدية لا مانع لديها أيضاً أليس كذلك حبيبتي»
لم تتحرك أو يصدر عنها صوت و عامر يتقدم منها مسمرا عينيه على فمها بحمرته اللامعة أتسعت عينيها عندما وجدته يقترب منها ليلبسها حول عنقها سلسالا ذهبيا قصير بقلب كبير فارغ محاط بفصوص ألماس تسمع شهيقه الخافت و هو يشتم رائحتها مقتربا أكثر حتى يقفله من الخلف هامسا برقه ..« مبارك لك هديتي للأشهر القادمة »
أحتقن وجهها غضبا ظنها شهاب و سيف خجلا فهذا الحقير يذكرها فقط بإتفاقهم و صفقتهم معا ولكن بطريقته الهادئة البغيضة مثله ياله من وغد همست له بدلال هى الأخرى حتى لا يسمعه أخيها و والده قائلة لتغضبه و تزعجه ..« و لك أيضاً جدي »
أخفض عامر يده و هو ينظر إليها بضيق و يعود للجلوس مرة أخرى فقالت بمرح لتضايقه أكثر و هى تأخذ كوب من العصير تقدمه إليه ..
« تفضل عامر أشرب هذا فوجهك شاحب »
مد يده يأخذ الكوب و هو يمر بأصبعه على حاجبه فعلم والده أنه تضايق من شئ يا ترى بما همست و ضايقه هكذا .. سيف. بلوم و عتاب « أين حس الذوق لديك هدية مفترضا أن تضيفي عمك أولا و ليس عامر يا صغيرة »
هدية خجلا و هى تمد لشهاب كوب من العصير و طبق به قطعة كيك ..
« أسفة عمي فقد رأيت عامر شاحب قليلا فأعطيته بعض العصير ليهدئه ..ضحك شهاب مرحا ...« لا عليكي يا صغيرتي لا مانع لدي من أظهار أهتمامك بولدي فهو قريبا سيصبح زوجك »
أحتقنت بضيق لما أصبحت تتضايق هكذا كلما رأت فرحة أبيه و تقبل أخيها الهادئ تشعر بالذنب لخداعهم ..قال عامر بهدوء بعد أن أستعاد القليل منه بعد همسة تلك الوقحة و أصرارها على أنه عجوز و تلقيبه بجدي حقا ود لو أمسك بعنقها بين يديه و أزهاق روحها .. أو تقبيل شفاهها الحمراء هذه حتى تنزف دما أبتسم بسخرية و قد راقه عقابة الثاني أكثر « فلنحدد يوماً للخطبة إذن ما رأيك سيف »
قال سيف بهدوء يخفى تعبيرات وجهه و ضيقة جيداً عن هدية و شهاب ..« موافق كما تريد أتفق مع هدية للوقت الذي يناسبها هى و أنا ليس لدي مانع للوقت الذي تحددانه »
« إذن إذا سمحت لي أريد أن أحضر لهدية خاتما و أفضل أن تختاره بنفسها هل تسمح لي أن أمر عليها غداً بعد إنتهاء دراساتها لأصطحبها لشراء واحداً و الإتفاق على موعد الخطبة الذي يناسبها و أبلاغك به»
كان يتحدث بأدب مع سيف حتى لا يكون له حجة للرفض و يوافق مجبرا على طلبه ...تغير وجه سيف قليلاً فهو لا يحبذ خروج هدية معه وحدهما و لكنه لديه سببا مقنعا لذلك لا يستطيع الرفض ..
« حسنا و لكن لا تتأخرا هى تنهي دراساتها في الرابعة معك للسادسة »
أجاب عامر يكتم شعوره بالإنتصار داخله ..« هذا وقت أكثر من كاف بالنسبة لي »
نهض شهاب قائلاً ..« حسنا بني سنرحل الآن و لنا لقاء قريب إن شاء الله ..و مبارك لك ابنتي مرة أخرى »
نهض عامر هو الآخر أستعدادا للرحيل و والده ..« حسنا هدية أراك غداً بعد إنتهاء دوامك الدراسي »
هزت رأسها موافقة و هما يخرجان مودعين سيف قبل أن يرحلا بهدوء تاركين وراءهم الصمت يسود المنزل و لا حديث آخر يقال بينها و أخيها ...!!!

دخل عامر غرفته بعد أن ألقى على والده تحية المساء نزع ملابسه و ألقى بها في سلة الغسيل و أتجه إلي المرحاض ليأخذ حماما ليزيل به غضب اليوم من أول قولها له أن يذهب إلى الجحيم مع حازم إلى تلقيبه بجدي ..لكم الحائط و شلال المياة ينزل على رأسه بغزارة ليهدئ أعصابه الثائرة منها توعدها بغضب ..«حسنا أيتها الوقحة سأعيد تربيتك من جديد و من البداية على يدي هاتين »
أقفل الماء و هو يأخذ منشفة يجفف بها جسده و يلقى بها و يأخذ أخرى جافة ليلف بها خصر ليخرج من المرحاض أتجه لخزانة ملابسه أخرج بنطال منامته ليرتديه تاركا الجزء العلوي منها أتجه لفراشه يستلقي عليه يتنهد براحه بعد عناء اليوم ..أغلق عينيه على ثوبها الفضي الذي أظهر حنايا جسدها الأنثوي لقد كانت جميلة للغاية رغم شعرها القصير و وجهها الخالي من الزينه ما عادا حمرة شفتيها .. شفتيها لقد كانت تدعوه لإلتهامها زفر بضيق ينهر نفسه أفق.. أفق يا غبي هذا ليس حقيقيا لتحلم بها هكذا كالمراهق ..ترى ماذا فعلت بذلك الثوب الذي أرسله هل أحرقته عقابا و غضبا منه ..أستدار على جانبه يضع وسادته الصغيرة فوق رأسه ليغرق في النوم الذي تسللت فيه لأحلامه جنيه سمراء قصيرة القامة بشعرها الأسود الذي يداعب وجهها و أقراطها الطويلة التي تلامس عنقها كأنها تقبلها كلما تحركت تنهد في نومه يحاول الهرب من وجهها الماثل خلف جفونه المغلقة ...

وقف أمام المعهد يستند على سيارته كعادته ينتظر خروجها... تقدمت منه تنظر إليه غاضبة و الفتيات خلفها يتطلعن إليهم بدهشة ..ما أن أقتربت منه حتى قالت حانقة ..« لما لم تنتظر بعيداً كالمرة الماضية عامر لما هنا أمام الفتيات »
نظر إليها بلامبالاة و هو يعتدل و يقوم بفتح باب السيارة لها و بسخرية قال ..« ظننت أن هذا ما تريدينه حتى يعلمن أنك حقيقتاً حبيبتي و لست كاذبة كما يدعون »
زفرت بضيق و هى تنظر لباب السيارة الممسك به لتدخل حسمت أمرها و هى تتنهد بإستسلام و تجلس على المقعد أغلق الباب و أستدار ليجلس بجانبها ما أن جلس حتى قالت حانقة ..« لا عامر لا أريد ذلك و لا أريد أن يعلم أحد أيضاً حتى لا أصبح سخرية فيما بعد و لكنك أفسدت كل شئ بوقوفك هنا أمامهم »
نظر إليها بدهشة يقول بحده ..« هل أنت غبية هدية كيف لا يعلمون و نحن سنقيم خطبة و ستظهرين معى فى المناسبات و ستنشر صورنا على صفحات الجرائد تماما كما يظهرن معى النساء الأخريات و لكن بصفتك خطيبتي هل تفهمين »
بضيق أشاحت بوجهها و قالت ..« و لكني لا أريد أن أكون مثلهن عامر لا أريد »
بعدم فهم و بعض الحيره من تصرفاتها تسأل ..« لا أفهم هدية ماذا تريدين »
أجابت يائسة فهو لا يفهم و لا يستطيع أن يفهم أن كل ما تريده هو فقط أن تساعده و لا تريد أن تكون كالآخريات في حياته ..« لا شئ عامر لا أريد شئ فقط تحرك حتى لا نتأخر و يغضب مني سيف و يتضايق مني و أنا لا أريد إغضابة أكثر مما هو غاضب من الأمر برمته »
تحرك بالسيارة و هو يزفر بضيق واضح أن المتاعب ستبدأ مع هذه الصغيرة و أخيها الفظ الغاضب دائما من كل شيء يخصة هو ... قاد السيارة بصمت يزيد من سرعتها كلما تقدمت أمامه سيارة كان يتخطاها بتهور ..شحب وجهها و هى تقول بخوف هستيري و تضرب الموقد بحده عدة مرات دليل على رعبها ..« توقف عامر توقف أرجوك »
سمع نبرة الخوف في صوتها فالتفت إليها بقلق و هدئ سرعة السيارة و هو يوقفها على جانب الطريق ..ما أن توقفت السيارة حتى خرجت هدية منها تترنح و وجهها يتصبب عرقا ..صعدت إلى الرصيف تحت نظراته المندهشة و قلقه لما يحدث أستندت على حائط قديم لبنايه متهالكة شاحبة ترتجف ..تقدم منها بقلق و هو يمسك بكتفيها ..« ما بك هدية ماذا حدث »
مر على وجهها المتعرق يزيح شعيراتها القصيرة الملتصقة بجبينها ..
قالت بضعف اقلقه و هى تأخذ أنفاسها ببطء حتى تهدأ و تذهب موجة الغثيان التي شعرت بها ..« لا ..لا شئ عامر فقط تذكرت شئ حدث لي»
رفع وجهها بيده لينظر فى عينيها اللامعه ..« ما هو هذا الشئ أخبريني»
أزاحت يده عن وجهها بعد أن هدأت قليلاً ..« أرجوك عامر لا أريد التحدث في الأمر الآن هلا رحلنا و لكن قود ببطء أرجوك و لا تسرع هكذا »
هز عامر رأسه موافقا يقودها للسيارة حسنا لن يضغط عليها الآن لتتحدث ..مؤكد أنها تعرضت لأمر جلل و لا تريد أن تتحدث عنه الآن ...
« حسنا هدية أهدئي الآن هيا لنذهب و أطمئني سأقود بهدوء حسنا »
أجلسها في مقعدها مرة أخرى و أغلق الباب جلس مكانه ينظر إليها بتفحص قلق و هى تستند برأسها على ظهر مقعدها تغمض عينيها بقوة قال بهدوء ..« هدية هل نذهب إلى المنزل الآن نستطيع الخروج وقتا آخر .. أعتقد أن سيف لن يمانع و أنت تستريحين اليوم فأنت تبدين مريضة ..»
وافقت مصدره صوت خافت بدون أن تتحدث .. فأنطلق عامر متجها للمنزل بعد قليل توقف أمام المنزل فترجل و أستدار ليساعدها على النزول أمسك بيدها لتترجل من السيارة تمسك حقيبتها بيدها الأخرى أصعدها للأعلى يطرق الباب بهدوء و أنتظر ..لم تشئ أن تفتح بمفتاحها و هو معها فهى لا تستطيع أدخاله إذا كان سيف غير موجود بالمنزل ..بعد نصف دقيقة فتح سيف الباب و هو يمر بيده على وجهه ليوقظ نفسه فواضح أنه كان نائما ..قال عامر بهدوء ..« أسف لإيقاظك و لكن هدية متعبه قليلاً و لم نستطع الذهاب لمكان أو الحديث »
أغلق سيف الباب بعد أن دلف كلاهما فأقترب من هدية بقلق يرى وجهها الشاحب أحاط وجهها بكفيه يسألها قلقا ..« ماذا بك حبيبتي هل أنت بخير » أمسكت يديه المحيطة بوجهها تطمئنه ..« أنا بخير سيف لا تقلق فقط وعكه بسيطة أريد فقط أن أستلقي قليلاً و سأكون بخير »
أصطحبها سيف لغرفتها ..« حسنا حبيبتي أستريحي قليلاً ريثما أعد لك بعض الطعام و أتي به لغرفتك ..»
هزت رأسها بنفي ..« لا سيف لا أريد الطعام أشعر أني سأتقيئ إذا تناولت شئ فقط أريد النوم قليلاً »
أجاب بحنان ..« حسنا حبيبتي أستريحي و أنا سأتحدث قليلاً مع عامر و أني لأراكِ حسنا »
ساعدها على الاستلقاء و أغلق الباب خلفه و هو يعود لعامر الذي مازال واقفا بالخارج أشار إليه سيف بالجلوس و هو يسأله بحيره ..
« ما بها هدية لقد كانت بخير في الصباح ..هل حدث شئ ضايقها ؟؟»
عقد عامر حاجبيه بضيق هل يظن أنه هو من ضايقها لهذا مرضت هو حتى لا يعرف ماذا حدث لقد كانت بخير عندما رأها أمام المعهد ...
« لا أعلم هى كانت بخير إلى أن طلبت مني فجأة التوقف في منتصف الطريق وقد شحب وجهها ..ترجلت من السيارة بعد أن أوقفتها فوقفت بجانب الطريق حتى هدأت قليلاً فأتيت بها هنا لم أشأ أن تتعب أكثر إذا ذهبنا لمكان أنا حتى لا أعرف ما حدث معها حتى » كان يتحدث بحيره و عدم فهم ما حدث ..تنهد سيف قائلاً بهدوء ..« حسنا لقد فهمت ما حدث عمتاً لا تقلق ستكون بخير »
سأله في حيره ..« و لكن ماذا حدث » أجابه سيف ..« لا أستطيع أخبارك فهذا شئ يخص هدية وهى إذا أرادت أخبارك بالأمر فستفعل»
زفر عامر بضيق ..« لماذا سيف هل هو سر حربي حتى تخفيه »
أجابه سيف ببرود ..« لا ليس سرا حربيا و لكنه شئ يخص هدية قولت لك هى فقط من تختار أن تشاركه إياه»
نهض عامر بحنق ..« حسنا سيف أنا سأرحل فقط أعتني بها و إذا لزم الأمر أحضر لها الطبيب »
هز سيف رأسه موافقا ..« حسنا عامر شكراً لك لإحضارها سريعا »
اتجه إلى الباب و هو يقول ..« إذا أردت شئ. أتصل بي و غداً سأمر عليها لأطمئن و لا تدعها تذهب إلى المعهد »
وافقه سيف هو أيضاً لن يتركها تذهب فله حديث معها و لكن ليس الآن
« شكرا لك على إيه حال »
رحل عامر فأغلق سيف الباب خلفه بهدوء و اتجه لغرفة هدية ليعرف ما الذي ذكرها و أوصلها لهذه الحالة بعد أن كادت أن تنسي تماماً ما حدث ...
دخل سيف بهدوء وجدها تستلقي على ظهرها تتطلع لسقف الغرفة بشرود و وجهها مازال شاحبا ، أقترب يجلس بجانبها على الفراش يمرر يده على خصلاتها القصيرة بحنان قال بصوت حان « حبيبتي»
نظرت إليه و عينيها تلمع بالدموع أمسك بيدها يشدها لصدره يضمها بقوة يملس على شعرها مهدئا و هى تنشج بالبكاء بشهقات خافته فضغط بذراعيه ليحتويها أكثر قائلاً..« يكفي حبيبتي لقد مر وقت طويل ماذا ذكرك بالأمر الآن هل حدث شئ مع عامر »
أومأت برأسها و هى مازالت تدفنه في صدره تسأل بقلق ..« ماذا حدث هدية أخبريني »
قالت بصوت متحشرج من البكاء ..« لقد شعرت أني أري أمامي ما حدث ذلك اليوم سيف لقد كادت روحي أن تزهق مثلما حدث و أنا معهم ..كان يقود السيارة بتهور وسط الطريق لا أعرف هل هذه طريقته في القيادة أم كان شاردا و لم ينتبه أو غاضبا من شئ ما ..و لكنه نفس الخوف الذي شعرت به وقتها ..فلم أستطع التحمل أكثر و جعلته يتوقف و هربت من السيارة ..» و بصوت يائس و دموعها تغرق وجهها..
« لماذا سيف لم لا أستطيع النسيان و عيش حياة طبيعية لقد توقفت على أستقلال السيارات أو أي من المواصلات العامة بأكملها و فضلت السير فقط حتى لا يحدث مثل ما حدث اليوم و أصبح سخرية للأخرين و مع هذا لم يتحسن الوضع و مع أول تجربة سقطت ..سقطت و قد ظننت أني شوفيت »
ربت سيف على ظهرها بحنان ..« كفى حبيبتي أهدئي ستكونين بخير يا هدية فقط وافقي على الذهاب لرؤية طبيب ليساعدك كما طلبت منك من قبل مرارا وتكرارا لما أنت يابسة الرأس هكذا حبيبتي »
هزت رأسها بنفي قائلة ..« لا لا أرجوك أخي أنا لا أريد الذهاب لطبيب و الحديث عن الأمر و هذا ما سيفعلون سيجعلوني أكرر ما حدث مرارا وتكرارا حتى يزهقون روحي ببطء أخي أرجوك سيف لا تجبرني على ذلك »
هدئها بحنان ..« حسنا هدية لن أجبرك و لكن أعلمي أني سأكون بجانبك دوماً » هزت رأسها موافقة فقال برقه ..« هيا أستلقي و أغمضي عينيك الجميلتان قليلاً و أنا سأذهب لأعد لك بعض الطعام و أوقظك » أكمل بمرح ..« تعرفين طعامي لا يقاوم يا فتاة و ستفتقدينه عندما تتزوجين »
أبتسمت بحزن و هى تعود لتستلقي على سريرها مغمغمه ..« حسنا أخي سأتناول الطعام معك »
تركها و خرج و هو يتنهد بحزن على وضع أخته الصغيرة فهو حينما عاد من الخارج عندما أبلغ بموت والديه لم يخبره أحد أن هدية كانت معهم في السيارة وقت الحادث جالسه في المقعد الخلفي لقد علم أنها ظلت عالقة معهم ساعة و نصف و هى شبه واعيه إلى أن أتت سيارة الشرطة و الإسعاف فالسيارة كانت محطمه و لم يستطع أحد أخراجها فأبواب السيارة الأربعة كانوا محطمين و لا مجال لفتحهم إلا بأله لنزع الباب من موضعه عندما علموا أنها على قيد الحياة حاول الكثيرون إخراجها و لم يستطيعوا إلى أن أتت الشرطة ..كانت شبه واعيه دمائها تغرق وجهها لجرح في رأسها تنظر إلى والديها الذين فارقا الحياة فوراً ظلت هكذا حتى أتت النجده ..كانت لشهور محطمة تقوم من نومها تصرخ بفزع تهتف بأسم والديها كان يدخل غرفتها فزعا على صوت صراخها يجدها متعرقه شاحبه تنتفض بخوف و لا تهدأ حتى يأخذها بين ذراعيه بحنان يهدئها لتعود للنوم ... إلى أن قرر أن يمكث معها في الغرفة أتى بسرير صغير وضعه بجوار سريرها كان يمكث بجانبها يحادثها بحنان إلى أن تغفو ثم ينتقل للسرير الآخر معظم وقته كان يراقبها أثناء نومها عندما يجدها مضطربه في نومها كان يقترب و يحتضنها يطمئنها فتسكن و تهدء ..لقد عانى هو الآخر معها فلم يكن لديه وقت ليحزن على والديه في حالتها تلك كان كل ما يهمه هو أن تكون بخير فهى كل ما تبقى له من عائلته هو لم يعتبر هدية أخته بل كان يعتبرها ابنته الصغيرة التي حملها على يديه فور ولادتها ..أعد لها الطعام و وضعه على الطاولة سيخرجها من غرفتها حتى لا يشغل عقلها بالماضي سيلهيها و يحاول أن ينسيها ما حدث طالما لا ترضى بالذهاب للطبيب لرؤيته ..فتح باب غرفتها يقول بحنان مرح ..« هدية حبيبتي هيا استيقظي يا فتاة لقد أعددت الطعام لك أيتها الكسولة...



خطوبه بعقد إيجار - الكاتبه صابرين شعبانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن