الفصل الثامن

16.4K 519 6
                                    

عادت هدية لدراستها بعد ثلاثة أيام لمتابعتها بعد رفض سيف معللا بإرهاقها و لكنها رفضت ذلك مبررة أنها بخير و لا تريد أن يفوتها الكثير من الدروس ..ما أن رأتها الفتيات حتى تجمعن حولها من تنظر إليها بسخرية و من تنظر بحقد و من ترى الأمر مرحا خيالي ..قالت لها أحدهن بسخرية..« ها قد أتت سيندريلا »

كتفت هدية يديها أمام صدرها تجيبها بسخرية مماثلة ..« و ها قد حصلت على أميري فلتبتعدي بغيرتك عن وجهي »
أجابتها الفتاة بحقد ..« لا تنسي إذن عندما تدق الساعة الثانية عشرة أن تتركي حذائك حتى يجدك بعد أن تعودي كما كنت قبيحة »
قالت لها أحدى الفتيات توبخها ..« كفى دينا لما تهاجمين هدية هكذا ماذا فعلت لك هذا حقير منك حقاً »
غضب المدعوة دينا و هى تجيبها بغرور ..« هل حقاً تصدقين أن هذه القبيحة ستأخذ الأمير في النهاية و أنها حقا ستحصل على رجل مثل عامر شهاب الدين هو فقط يضيع وقته معها لا أكثر و لكن حتما سيتزوج بأخري أجمل منها »
أجابتها هدية بسخرية مستفزة ..« نعم صدقي و ليس بالضرورة أن أفقد حذائي ليعود إلي فهو يعلم عنوان بيتي و أنا لست قبيحة دينا فليس القبح بالشكل و الملامح إناس كثيرون ملامحهم جميلة و لكن بداخلهم من القبح ما يشوه ملامحهم الخارجية فنتغاضى عن حسنهم الخارجي و لا نرى سوى قبحهم أرجو أن تحترقي بحقدك دينا فأنت هى القبيحة لا أنا »
كان يقف يشاهد و يسمع ما يحدث فهى لم تتعالى عليهن و لم تغتر فقط تعاملت مع الأمر كأنه لا يعنيها و لا يهمها رأي أحد بها و هذه الفتاة تنعتها بالقبيحة أقترب و هو يرى أرتجاف جسدها الذي لم يخف عن عينيه المتفحصة لأدق تفاصيلها فهى رغم ما يظهر عليها من لامبالاة إلا أنها تتألم لما قالته هذه الفتاة عنها قال بصوت أمر ..« هدية»
التفتت لتنظر إليه من وسط تجمع الفتيات الذين ينظرن إليه بدهشة و هو يقف هناك بقامته الطويلة و ملابسه المهندمه و نظراته الصارمة قال ما أن التفتت ..« حبيبتي أقتربي »
تقدمت منه خافقة القلب لنعته لها بحبيبتي أمام الفتيات متعجبه من أمرها لطاعتها له و الإقتراب منه ..ما الذي أتى به اليوم يا ترى فهو لم يتصل بها منذ ذلك اليوم و لم يأتي ليراها لم ترى غير عمها شهاب الذي أتي ليطمئن عليها و يجلس مع سيف للحديث قبل أن يرحل هذا الأخير في مهمة أخرى للصحيفة التي يعمل بها لمدة أسبوع و بصوت خافت تحت نظرات الفتيات الفضولية ..« ماذا أتى بك عامر اليوم هل حدث شئ هام تريد إخباري به »
قال بهدوء و هو يقترب ليلف يده حول كتفيها و يأخذها بعيداً عن فضول الفتيات ..« أجل هناك ما سأخبرك به لقد أتيت لأخذك للمنزل »
قالت بحيره ..« لماذا لقد أتيت للتو و لم أبدأ دراسة بعد »
قال بهدوء ..« أنا سأخذك منزلنا نحن هدية فأبي قد طلب من سيف أن تمكثي معنا لحين عودته من السفر »
توقفت مسمرة و هى تنظر إليه بذهول فأخيها لم يقل لها شئ ..كيف ..كيف يعني أن تذهب معه لمنزلهم و تظل هناك ما به أخيها يتصرف على هذا النحو الغريب و الخارج عن المألوف تذهب لتمكث مع خطيبها و أبيه في منزلهم بحق الله هو خطيبها و ليس زوجها لتظل معه في منزله و لما الآن و هى دوما تظل وحدها و لم يقلق عليها من قبل ما به سيف هل فقد عقله قالت بحده و هى لم تستوعب بعد ..
« لم أفهم ماذا تعني أن أظل معكم في المنزل منزلكم »
أجاب بلامبالاة و هو يقودها للسيارة التي ما أن رأتها حتى ذادت دقات قلبها و علا تنفسها و تسمرت مكانها تحاول تخليص ذراعها من يده قائلة بتأكيد ..« عامر لا لن أذهب معك و لن أترك منزلي حتي لو كان أخي قبل بشئ مثل هذا فأنا لا أقبل فهذا لا يجوز أو يصح حتى لو كانت خطبتنا حقيقية »
أمسك بيدها يحسها على السير بعد توقفها ..« لا تخشي شيئاً هدية فأبي هو من طلب ذلك من أخيك لا أنا و لا أعرف سر موافقة أخيك على طلبه صدقيني كل ما أعلمه أن أبي أراد ذلك و هو وافق »
قالت بحزم ..« حسنا أخبر عمي شهاب أني لا لم أوافق و لم أرد ترك منزلي »
حسها عامر على مواصلة السير نحو السيارة بحزم ..« فلتخبرية بنفسك » ذادت خفقاتها و تعرق جبينها و هى تقول بشئ من الهستيريا
« لا لن أذهب عامر لن أذهب أنا ذاهبه لمنزلي الآن وحدي عامر هل تفهم وحدي »
أمسك كتفيها بحده و هو يقول غاضبا ..« ما بك هدية هل جننتي أصعدي السيارة و سنتحدث في الطريق بعيدا عن هؤلاء الفضوليات رفيقاتك »
كانت الفتيات قد خرجن ورائهم ليرو ما يحدث من بعيد شعرت هدية بالخوف يكاد يوقف قلبها و هى تقول بيأس ..« لا عامر لن أستقل السيارة و سأذهب لبيتي وحدي أتركني أرجوك »
لم يفهم ما يحدث معها و لم هى خائفة أن تكون معه وحدهما هل تخشاه لهذا الحد شعر بالغضب من تصرفها و تعنتها ففتح باب السيارة و دفعها للمقعد و هى تقاومة بشراسه و عنف أغلق الباب يريد صفعها على ما تفعل و أستدار ليجلس بجوارها ليمسك بيدها التي تحاول فتح باب السيارة بعنف يوبخها بغضب ..« كفى هدية كُفي عن ما تفعلين ماذا بك هل جننتي يا فتاة ما هذا الذي تفعلينه على الطريق لقد أصبحنا مادة دسمة بفضل حماقتك اهدئي أنا لن لن أؤذيكي صدقيني أهدئي حسنا »
كان رأسها قد ثقل و رؤيتها تشوشت فأسندت رأسها على المقعد تغمض عينيها و خفقاتها تذداد وكأنه سيصيبها أزمة قلبية تحرك عامر بالسيارة و هو يحسها على الحديث معه « هدية سنذهب للمنزل لتجلبي بعض الأشياء لك لحين عودة سيف أتفقنا »
لم ترد و ظلت على وضعها مغمضة العينين فشعر بالقلق و هو يرى جبينها المتعرق وخصلاتها القصيرة ملتصقة به فخفق قلبه متسألا بقلق لم لا تتحرك أو تتجاوب مع حديثه حتى و لو سبته فقط ليطمئن
« هدية هل تشعرين بتوعك أفتحي عينيك عزيزتي »
كان يستدير بالسيارة عندما سقطت على قدمة و لم تتحرك أوقف السيارة بجانب الطريق بذعر و هو يقوم برفعها ينظر لوجهها الشاحب قال بفزع ..« حبيبتي ماذا بك ماذا حدث هدية أفيقي »
لم تتحرك فعاد ليدير السيارة مرة أخرى و يأخذها على صدره يسند رأسها لينطلق مسرعا عائدا لمنزله أسندها على مقعدها و يسرع ليطرق الباب بعنف ثم يعود إليها ليحملها للمنزل و الذي كانت الخادمة تقف على بابه قلقه عندما رأته يحملها بين ذراعيه أغلقت الباب خلفه و ذهبت لتخبر والده أرقدها عامر على الأريكة و قام بالإتصال بالطبيب أتي شهاب قلق يسأله بحده ..« ماذا بها هدية ماذا حدث عامر لم هى فاقدة للوعي ماذا فعلت بالفتاة عامر »
أجابه و القلق يعصف به « لم أفعل شئ أبي لا أعلم ما بها لقد ذهبت لمعهدها حتى أجلبها كما أخبرتني كنت ذاهبا لبيتها لتجلب بعض الأشياء فلم أكن أريد أن أتأخر عندما أخبرتني هى لم ترد أن تأتي و ما أن صعدت للسيارة بعد قليل حتى وجدتها و قد فقدت الوعي »
نهره شهاب بغيظ و غضب ..« لم أنت عنيد هكذا عامر لم فعلت ذلك لقد أخبرتك أن تبلغها أن تستعد و تجهز و أنا سأذهب لأحضارها لم تسرعت عامر و صممت أن تأتي بها بنفسك لم تصرفت من عقلك بدون الرجوع الى »
كانت الحيره و الخوف ينهشه و أبيه لا يساعد بطمئنته بل يزيد من قلقه و حيرته و خوفه عليها فسأله بريبه.. « أنت تعلم ما يحدث مع خطيبتي أبي أنت تعرف ما يحدث مع. هدية و لم تخبرني »
أتسعت عينيه بصدمة و خوف و هو يكمل ..« ما بها هدية أرجوك هل هى مريضة لذلك الحد »
هدئه شهاب ..« أهدء عامر فقط أنتظر قدوم الطبيب هل طلبت واحداً »
أومأ برأسه مجيبا و هو يجلس بجوارها على الأريكة يملس شعرها
بقلق ..« أجل أبي أستدعيته و هو في الطريق »
ظلا صامتين في إنتظار الطبيب فقال شهاب ..« أصعد بها لغرفتها التي أعدتها أم حمزة لها حتى يأتي الطبيب »
نهض عامر يحملها لغرفتها وضعها على الفراش و هو يقوم بتدثيرها بعد أن نزع حذائها و فتح زرين من قميصها حتى لا تختنق و هو يرى وجهها شاحبا كان يقطع الغرفة ذهابا و إيابا خوفا و قلقا فهى لم تفق مثلما حدث المرة الماضية بعد فترة قصيرة دخل شهاب مع الطبيب و قال لعامر القلق ..« هيا عامر دع الطبيب ليقوم بمعاينتها »
أجاب عامر بحزم ..« لا سأظل معها أبي لن أتركها وحدها »
تنهد شهاب فولده يشعر بالقلق و لن يهدئ حتى تفيق هدية خرج شهاب فقام الطبيب ليعاينها و هو يسأله عما أوصلها لهذه الحالة بعد أن أخبره بما حدث صمت كلاهما و أدار ظهره للطبيب ينظر من النافذه لا يريد أن يراها هكذا ضعيفة يريد أن يرى هدية الوقحة التي كانت تخبره بكبرياء أن كذبتها الحمقاء كانت مجرد سوء فهم .. يريد أن يرى هدية الشرسة التي هجمت على حازم تكاد تفتك به فقط لصفعها ..يريد أن يرى هدية الواثقة و هى تقف في وجه رفيقاتها ..لا لا يريد أن يرى هذه الفتاة الضعيفة الهشة .. أنهى الطبيب كشفه و قال بهدوء ..« فلتجلب لها هذه الأدوية و ستكون بخير »
مد يده ليأخذ الورقة متسألا بقلق ..« ماذا بها دكتور »
أبتسم الطبيب ليطمئنه ..« لا شئ فقط أصيبت بصدمة أدت لفقدانها وعيها لا تخشى شئ ستكون بخير مع بعض الرعاية »
دهش عامر ..« صدمة ..صدمة من ماذا »
أجابه الطبيب ..« الأسباب كثيرة سيد عامر ..ممكن أن يكون ..الخوف القلق التوتر أشياء كثيرة أخرى »
صمت عامر دهشا الخوف لهذا الحد كانت تخشي التواجد معه هل تخشاني لهذا الحد شكر الطبيب الذي أنصرف قائلاً ..« إذا أحتجت شئ أتصل بي »
ودعه بشرود و هو ينظر إليها بحيره فهو لم يعد يفهم شئ مما يحدث ماذا فعلت بالفتاة عامر حتى تخشاك حد الرعب و فقدان وعيها.. دخل
شهاب وجده يجلس بجوارها على الفراش يتلمس وجهها بشرود ..
« عامر بني تعال أريد الحديث معك قليلاً »
نهض عامر لا يريد تركها و لكنه يجب أن يعرف ما يحدث حوله ..خرج من الغرفة و أغلق الباب خلفه بهدوء و هو يسير خلف أبيه الذي دخل غرفة مكتبه و جلس على الأريكة الصغيرة في ركن الغرفة داعياً ولده للجلوس ..« أجلس بني »
جلس عامر مرهقا فقد بدا أنه أستنفدت طاقته ..فقال شهاب يسأله في حزم ..« بني للمرة الأخيرة سأسألك هل تحب هدية »
التفت إلى أبيه بحده ..« و ما علاقة حبي لها بما يحدث أبي أخبرني بما تعرف أرجوك أنا لا أحب شعوري هذا بالجهل »
قال شهاب بتصميم ..« أخبرني بني فقط هل تحب هدية »
صرخ به عامر و قد نفذ صبره ..« أجل أبي أجل أحبها ..أحبها رغم أنها تصغرني بالكثير ..أحبها رغم علمي أني لست مناسبا لها ..أحبها رغم أنها تستحق أفضل مني كما قال أخيها ..أجل أحبها أحبها أبي هل أسترحت »
أبتسم شهاب و رد بهدوء ..« نعم بني أسترحت و أنت مناسب لها و تستحقها عامر تأكد من ذلك بني انتما تستحقان بعضكما »
صمت قليلاً ثم عاد و أكمل فلعل عامر يستطيع مساعدتها و إجتياز هذه المحنة « لدي ما أخبرك به عامر رغم وعدي لسيف و لكن الآن بما أني متأكد من حبك لها أعتقد أنك تستطيع مساعدتها لتتخطى محنتها بني »
تطلع إليه عامر بقلق و حيره و تسأل فقال شهاب ..« سأخبرك عامر سأخبرك » ..
أتسعت عينى عامر و هو يستمع لسرد أبيه مما حدث لهدية و علمه من سيف أذدادت خفقاته عنفا و شعر بإنقباض في معدته و هو يفهم الآن ما حدث و لم تنتابها تلك الحالة لم يكن خوفها منه هو السبب أو رفضها الذهاب معه بل هو خوفها مما حدث معها من قبل.... لم يستطع أن يتقبل أن هناك شئ يخيفها أو يمرضها و يجعلها ضعيفة هشة هكذا
رفع رأسه ينظر لوالده و القلق يعصف به مما جعل عيناه تذداد قتامة و ملامحه الوسيمة الهادئة تذداد قسوة يستمع لما عانت و مازالت تعانيه و قد كان سبباً في معاناتها تلك بتذكيرها بما حدث بقوة ليس مرة واحدة بل مرات بداية من جلب حازم لها لإجبارها اليوم على المجئ معه ذادت سرعة أنفاسه و هو يتسأل بحزم ..« ستذهب إلى الطبيب لا مجال لغير ذلك »
تنهد شهاب هل أخطأ بإخباره ياترى فولده يتصرف بتعنت و ليس لديه من الصبر حتى يقوم بمساعدتها بهدوء ..أجابه شهاب ..« لقد أستشرنا طبيب بالفعل أنا و سيف »
رد بحده ..« و ماذا أخبركم لمساعدتها و لم لا تذهب له بنفسها »
رد بهدوء ..« هى لم ترد الذهاب بني فهى لا تريد الحديث عن الأمر هى فقط تريد أن تنسي »
« كيف ستشفى إذن إذا لم تذهب لرؤية طبيب و كيف سمح لها أخيها بالتنصل من العلاج حتى ساءت حالتها هكذا » قالها عامر غاضبا فنفى شهاب هذه التهمة عن سيف ..« بني هو لم يقصر معها أنت لم تعرف كيف كانت حالتها لذلك لا تتهمه بما لم يفعل »
تنهد بيأس و قد شعر أنها أصبحت مسئوليته حقا ..« و كيف ستشفى إذن إذا لم تذهب للطبيب »
صمت شهاب قليلاً ثم قال بهدوء ..« عندما أستشرنا طبيب قال لنا على بعض الأشياء لتفعلها هدية ستساعدها على الشفاء بدون الذهاب إلى الطبيب ستطول المدة و لكنها في النهاية ستشفى »
سأله بلهفة ..« مثل ماذا أبي أخبرني لعلى أساعدها أنا أيضا»
أبتسم شهاب فهو يرى ولده قلق حتى الموت على حبيبته الصغيرة ..قال مجيبا « أولا تبتعد عن أي مصدر للتوتر أو أي شئ يسبب لها الضغط النفسي و هو الا تجبرها على صعود السيارة عامر هل تفهم »
أومأ برأسه متفهما و في حيره تسأل ..« لا أفهم أبي كيف ..كيف كانت تمارس حياتها و تذهب لدراستها كل يوم بدون أستقلال سيارة في الذهاب و الإياب »
أجاب شهاب ببساطة ..« كانت تسير بني فقط تسير »
قال بدهشة فهو يعلم حجم المسافة من و إلي المعهد من بيتها إليه ..
« هل أخبرت الطبيب بذلك أبي »
أجاب شهاب ..« أجل بني و قد أشاد بذلك و هذا ساعدها كثيرا لتتخطي الجزء الأصعب في حالتها هل كنت تظن أن كل ما كانت تمر به هو فقدان الوعي فقط لا أنا لن أخبرك عما كان يحدث معها حتى لا أقلقك و لكن صدقني لقد ساعدها أخيها كثيرا حتى تتخطى الجزء الأصعب في حالتها »
« و لكنها لم تشفى أبي و أنت تعلم » قالها عامر يأسا ينتظر من أبيه أن يطمئنه و يخبره أن كل شئ سيكون بخير ..قال شهاب بجدية مذكرا عامر ..« هل تذكر يوم خطبتكم عامر »
نظر إليه عامر بشرود و قال « نعم أتذكر »
فأكمل شهاب ..« أخبرني سيف بعد مجيئكم بقليل أن هدية لم تسوء حالتها بل كانت متماسكة مطمئنه و قد تخطت محنة مجيئها معكم بهدوء حتى أنك لم تلاحظ شيئاً هل تعرف لماذا بني »
صمت عامر منتظرا أن يكمل أبيه ..« لأنه أهتم بها و لم يجعل عقلها ينصرف في التفكير بما حدث و شتت تفكيرها عن ما حدث لها فيما مضي فقط أظهر الإهتمام بها و أحتواها فمر الأمر على خير أما معك عامر فأنت تعرف ما حدث ..»
سأل عامر بجدية ..« ماذا أفعل أبي لأساعدها حتى تتخطى الأمر و تشفى أنا حقا أريد مساعدتها »
أجابه شهاب ببساطة ..« أحتويها كما فعل أخيها أهتم بها كسيف عامر فالأصعب قد مر و لم يتبقى غير الشئ اليسير حتى تشفى فقط أهتم بها كأخيها »
عامر بضيق وغيرة ..« و لكني لست أخيها و لا أريد أن أكون مثله »
أبتسم شهاب بخبث ..« أذن أعتني بها كحبيب عامر و هى ستكون بخير»
نهض شهاب تاركا عامر شاردا في ما أخبره به أفضل شئ هو أن تواجه خوفها لتتخطاه لا أن تتجنبه كما تفعل لسنوات نعم أفضل علاج برأيه هو أن المواجهة و ليس الإبتعاد و لكن كيف سيفعل ذلك هو لا يريد إذائها أكثر مما فعل نهض متجها لغرفتها ليطمئن عليها فتح الباب بهدوء وجدها نائمه كما هى أتجه إليها يجلس بجوارها على الفراش يراقب تنفسها الهادئ و هو يغمغم بخفوت ..« ماذا فعلتي بي هديتي ماذا فعلتي بي لماذا أنت دونا عن جميع النساء من يخفق قلبي لها لماذا لماذا أنت و أنا أعلم أنك صعبة المنال و أنك بعيدة كبعد النجوم و أنك لن تحبيني يوماً » تنهد بحرقة مقتربا من جبينها ليقبلها بحنان قبله طويلة يستشعر بها قربها منه و عمق حاجته إليها مفكرا فيهم ..كيف كانوا و كيف أصبحوا بهذه السرعة كيف أصبحت تعني له الكثير في هذا الوقت القصير هل كنت يأسا لهذا الحد لأقع في الحب مع أول تجربة حتى و لو كانت غير جدية حتى و لو كانت صفقة كحالتهم هل ستهرب عندما تعلم كيف يفكر بها و كيف هى نوياه نحوها ماذا سيفعل إذن بعد إنتهاء الأشهر القادمة هل سيتركها ترحل أم سيحاول إبقائها بجواره هل ستقبل أن تظل معه إذا طلب منها ذلك تململت في نومها فنهض من جوارها حتى لا تتضايق عاد تنفسها هادئا بعد تقلبها على الفراش فعدل من وضع الغطاء عليها تاركا إياها تنعم بالهدوء في نومها أغلق الباب خلفه و اتجه لغرفته لستند على بابه بتعب مؤكداً لنفسه أن هذه الصغيرة ستجعلك تعاني عامر أرجو فقط أن تتحمل ما هو آت ...

أستيقظت هدية وجدت نفسها في غرفة غريبة عن غرفتها ذات السريران الصغيران و خزانة الملابس البنية و مكتبها الصغير الذي تستذكر عليه دروسها وجدت نفسها في غرفة واسعة قليلاً عن غرفتها بسريرها و خزانتها البيضاء و جدرانها المطلية باللون الوردي و سجادتها الحمراء الصغيرة رفعت عنها الغطاء و هى تنهض مستكشفة الغرفة من حولها كانت مازالت بملابسها التي كانت بها صباحاً فشعرت ببعض الراحة الآن تستطيع أن تذهب لمنزلها أرتدت حذائها و أتجهت للباب لتبحث عن أحد وجدت شهاب يجلس على أريكة كبيرة يتصفح الجريدة و التلفاز أمامه مدار على برنامج إخباري ..قالت بتساؤل ..
« عمي شهاب متى جئت إلى هنا »
ما أن سمع صوتها حتى رفع رأسه مبتسما بترحيب و هو يتنهد براحة ..
« ها قد أفاقت عروستنا الصغيرة » ثم أكمل معاتبا ..« ما بك يا فتاة لم أنت هشة هكذا تفقدين وعيك أكثر مما تحادثينا »
أحمر وجهها خجلا ..« أسفة عمي إذا أزعجتك »
ربت شهاب بجواره على الأريكة يدعوها للجلوس ..« تعالي حبيبتي أجلسي بجواري و لا تعتذرين كل ما هنالك هو خوفنا عليك لا أكثر »
جلست هدية بجواره تتسأل ..« أين عامر »؟
أبتسم شهاب بخبث ..« في غرفته عزيزتي لقد كاد يموت قلقا و خوفاً عليك »
أحمر وجهها و هى تقول ..« عمي أنا ..»
قاطعها شهاب معاتبا ..« كم مرة قلت لك و أخبرتك أن تقولي أبي أبي و ليس عمي »
هزت رأسها موافقة قائلة بخجل ..« حسنا أبي أنا أريد الذهاب للمنزل أرجوك و أريد الذهاب وحدي إذا سمحت »
رد شهاب بهدوء ..« حبيبتي لقد أخذت الإذن من أخيك و هو ليس لديه مانع من مكوثك معنا لقد وعدته بالإهتمام بك و أنا لن أخلف وعدي له هل فهمتي فكفي عن قول أنك تريدين العودة لمنزلك فهذا منزلك الست والدك هدية »
قالت هدية بقلق ..« و لكن أبي هذا لا يصح أن أمكث هنا لا أعلم كيف وافق سيف على شئ كهذا »
رد شهاب بغضب مرح ..« وافق لأني طلبت منه يا فتاة و أنت عليك السمع و الطاعة »
قالت بإستسلام ..« حسنا أبي و لكني ليس لدي ملابس هنا »
رد بسرعة حتى لاتعود في كلامها ..« لا عليكي سأجعل عامر يحضر لك كل ما تريدين مؤقتاً بدلا من ذهابك للمنزل »
رفضت بقوة ..« لا لا أبي عامر لا لا تخبره شيئا لا تطلب منه شئ كهذا»
ضحك شهاب مرحا على خجلها ..« حسنا سأتصرف لا تقلقي هل أسترحتي الآن »
أومأت برأسها بصمت فسألها ..« هل أنت جائعة »
هزت رأسها موافقة فنهض قائلاً « سأخبر الخادمة أن تعد الطعام حسنا»
خرج شهاب فأخذت جهاز التحكم و أخذت تدير القنوات فأستقرت على فيلم كوميدي تشاهده و هى تضحك من وقت لآخر على موقف في الفيلم خرج عامر على صوت ضحكاتها فأطمئن و تنهد براحة أتجه إليها ليجلس بجوارها على الأريكة بصمت فأبتعدت قليلا و قد أضطربت من قربه منها تطلع عليها بتفحص ملامحها التي مازالت شاحبة قليلاً متذكرا كل ما مرت به و عانته منذ موت والديها و تسببه هو أيضاً في الأذى لها بتذكيرها بما مرت به ..« أنا أسف »
التفتت إليه بتساؤل فأكمل بندم ..« على ما سببته لك من أذى فأنا لم أكن أعلم صدقيني »
شحب وجهها و قد علمت عما يتحدث فسألت بحزن فهى لم تكن تريده أن يعلم حتى لا يشعر بالشفقة عليها ..« من أخبرك أخي سيف »
هز رأسه بنفي و لم يجب فصمتت و لم تتحدث أكثر في الأمر أتى شهاب و جلس بجوارهم على المقعد ..« الطعام سيجهز بعد قليل »
أومأت بصمت ودت لو أختفت الآن و ظلت وحيدة فقط لتفكر فيما يحدث حولها تشعر أنها أصبحت مثار للشفقة من الجميع أخيها عامر و عمها شهاب تشعر بالنقص و أنها ليست طبيعية و أنها غير كاملة يجب أن تذهب لتتعالج حتى تشعر أنها طبيعية كباقي البشر يبدو يا هدية أنه لا مفر من ذهابك لرؤية طبيب و فعل ما تكرهين حتى لا تصبحين مثار شفقتهم بعد الآن نعم يجب أن تذهب و لكن لا يجب أن يعلم أحد لا سيف و لا عامر لا أحد ..أتت أم حمزة لتبلغهم أن الطعام قد جهز فأتجهوا لطاولة. الطعام جلس الجميع يتناولونه في صمت لا يتخلله سوى مداعبات من شهاب من وقت لآخر حتى يسرى عن هدية و يرفع عنها الحرج بعد إنتهاءهم أستأذنت لتذهب لغرفته التي ستمكث بها تحت نظرات شهاب المتفهمه و عامر الحائرة ...



خطوبه بعقد إيجار - الكاتبه صابرين شعبانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن