أعظم الحجب حجاب النفس و حجاب المهالك و حجاب المعارف الذاتية . فحجاب النفس بالشهوات و حجاب المهالك بادعاء الحول و القوة و منازعة الله في مملكته و حجاب المعارف الذاتية الحاجبة عن المعارف اللدنية .
اولا : رفع شهوات النفس بمخالفتها و نهيها عما تهواه و يتأتى ذلك باستحضار مخافة الله في القلوب ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ ) فالنفس لا يمكن ان تطلب لذة المعصية و هي مستشعرة انه يوجد خطر يداهمها و الخطر يكمن في سخط الله و عذابه لها فإذا امتلا القلب بالخوف من الله خنست النفس و أدبرت عن الشهوات و أقبلت على الطاعات .
ثانيا : رفع حجاب الحول و القوة ومنازعة الله في ملكه فهذا من اعمال القلوب و يتم رفعه و التخلص منه بالاعتقاد والايمان الجازم الراسخ بأنه لا حول و لا قوة الا بالله فلا يمكن للعبد أن يبتعد عن معصية ولا يقبل على الطاعة إلا بإرادة الله و قدرته ومعونته وهدايته فلولا العناية الإلهية و المعونة الربانية لما نطق واحد فينا لا إله إلا الله محمد رسول الله و لا فعل ما تقتضيه لا إله إلا الله محمد رسول الله . فإذا استقر في القلب هذا الاعتقاد أصبح مؤهلا لان ينسب الحق لأهله و الملك لمالكه و أصبح يثبت لله ما هو له من صفات الغنى و القدرة والكبرياء و العظمة و كل صفات الكمال و الجمال و الجلال و عرف نفسه بنقائصها وعيوبها و عرف ربه بكماله و عظمته .ثالثا : إزالة حجاب المعارف الذاتية بالمعارف اللدنية و هذا يتأتي بعد التحقق بالمقامين السابقين و العمل بما اكتسبه العبد من العلم بظاهر الشريعة حتى يتحقق بها باطنه فإذا تحقق باطنه بمقاصد الشريعة إثمر هذا التحقق علوما لدنية من الله سبحانه وتعالى لا دخل للعبد فيها وهي ثمرة العمل بالعلوم المكتسبة من الكتاب و السنة النبوية الشريفة . ( اتقوا الله و يعلمكم الله ) و ( من عمل بما علم اورثه الله علم ما لم يكن يعلم ) أي اتقوه بالعمل بالمنقول من الكتاب والسنة يعلمكم الموهوب من الله و رسوله . هذا و الله تعالى أعلى و أعلم .