المعدن

885 85 45
                                    

مرحبًا مرة أخرى! في الحقيقة -ولأول مرة- استهلكت وقتًا كثيرًا في اختيار موضوع.. فكلما اخترت محور حديث أشارككم به, يأتي تناقضي ليردعني عن الاسترسال بهذه الفكرة! دعوني أطرح مثالا.. قبل ساعة من الآن كنت أفكر في جعل هذا الفصل يتحدث عن السعادة المدفونة في داخلنا, ولكني أتوقف فجأة لأسأل نفسي "ماذا أقصد بالسعادة؟" "هل هي حقًا مدفونة فيّ؟" "لماذا لم أقل أن الحزن هو المدفون, فإنني غالبًا ما أظهر بالمظهر السعيد فكيف تكون السعادة مدفونة وهي ظاهرة لي وللجميع هكذا؟".

أرأيتم إرهاق التناقض؟ تعب التفكير الزائد؟ صحيحٌ أنني أكره اللحظة التي أسأل فيها نفسي سؤالًا يفتح لي أبواب- بل آفاق وعوالم من الأفكار! ولكن, أليس هذا ما يميزنا عن غيرنا؟ انتباهنا وتركيزنا المفرط لكل ما يجري في محيطنا, حدسنا الذي يرعب من حولنا ويرعبنا أيضًا لشدة منطقيته حتى وإن أخطأ أحيانًا, أليس هذا جزءًا من الذي أطلق عليه مصطلح "معدننا"؟.

المعدن. لطالما مثل هذا المصطلح طنًا من الأسئلة. ما هو معدني؟ من أنا حقًا؟ هل أنا كتلة مشاعر كما يزعم البعض؟ أم أن الفراغ هو ما يكونني وأنا أتحايل على نفسي بجعلي أتوهم المشاعر حتى لا أصدق هذه الفكرة؟ لنتماشى مع فكرة أننا كتلة مشاعر, من أي نوع مشاعر نتكون؟ السعيد؟ الحزين؟ الموحش؟ الكئيب؟ المبتهج؟.

بالرغم من كل هذا الشك والتساؤلات والتفكير, في الحقيقة, هناك بضعة أمور أنا متيقنة أشد التيقن منها. أولها هو أنني أحب نفسي السعيده والمبتهجه أكثر من الكئيبه والانطوائيه. لا أقول أنني أكره الجانب الآخر مني فإنه هو من يجعلني "أنا"! أليس كذلك؟

ثانيها هو أنني مستقره بالرغم من تغيّر واضطراب معدني المتكرر! نعم! أخذت الكثير من الوقت حتى أستطيع الوثوق بكلامي والإدلاء عليه.. ولكن...

يا صاحبي المناضل، أنا أعلم أنك تخوض الكثير من الحروب يوميًا وفي كل لحظه تعيشها مع نفسك قبل الآخرين، وأعلم أن جروح وإصابات هذه الحروب الدميمة تشكلت لتصبح شك، عدم وثوق، اضطراب.. أعلم بكل هذا! لكن لا تجعل هذه الجروح تصبح عميقه جدًا حتى تصل إلى روحك وتوهمك بأن كل هذا حقيقي! لم يتم تسميتنا بالمناضلون عبثًا، لم نسمى الأبطال عبثًا. إن إدراكنا الفائق لكل شيء تشعب حتى جعلنا نحاول إدراك أمور لا يجب علينا حتى التفكير بها! "ما حقيقتي؟" "ما هو معدني؟" "هل أنا سعيد بالفطره أم كئيب بالفطره؟"

أعلم أننا نتساءل حول كل شي رغمًا عنا، ولكن.. عندما يتعلق الأمر بأنفسنا، فنحن لغز لن نستطيع حله إلا بعدم محاولة حله! إن الحل يكمن في تجاهلنا لوجودنا..

أخيرًا وليس آخرًا.. "معدننا" هو لغز. لغز تستحيل إجابته. لغزٌ كسر جميع القوانين التي تتعلق بأن "لكل سؤال إجابه". فإن الإجابة الفعليه على هذا اللغز تكمن في عدم الإجابة عليه! صاحبي المناضل، مهما كان حزنك واكتئابك ليوم.. أنا أعلم وموقنة تمام اليقين بأن هناك تفصيل صغير، صغير جدًا، متناهٍ في الصغر، مختبئ تحت إحدى طيات كآبتك حتى لا تستطيع إدراك وجوده، هذا التفصيل الضئيل هو الذي سيقلب مزاجك رأسًا على عقب ويجعلك تعود سعيدًا على سجيتك! حتى لو لم تكن السعاده معدننا.. ألم نعتَد على هذه الشخصيه اللطيفه؟.

لننسى ذلك اللغز المعقد الذي اختبأ تحت مصطلح "المعدن" ونأخذ الخيار الأسهل يا أصحاب.. نصبح على سجيتنا المعتادة! سعداء، لطفاء، نحب الخير بل نحن الخير، نشيطون، عفويون.. فأنا  أحبنا عندما نكون كذلك🧡.

أراكم قريبًا يا اصحاب! كونو بخيرٍ دائمًا وأبدًا! ولا تنسو.. الابتسامه هي توقيع وختم المناضلون الخاص🧡، إلى اللقاء!.

my definition of "ENFP"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن