الفصل السادس عشر

594 104 145
                                    

الفصل السادس عشر|| ميعاد مؤجل

أن تشرق الشمس على يوم حدد له أن يحمل موعدا مهما ثم لا يحدث ذلك الشيء، ما هي الأسباب التي ستجعل ذلك الموعد يتم إلغاؤه؟

بالنسبة ليوسف فقد كان صراعه الشديد مع نفسه معينا أكبر على إلغاء ذلك الموعد، بيد أن تعب والدته الشديد الذي اضطرهم إلى أخذها إلى المشفى -أعطاه فرصة لجعل الأمور تفسر بغير ما قصد

لكنه الآن بات خائفا من كل هذا التأجيل، ماذا لو انحدر الأمر نحو الأسوأ؟ هو يدرك جيدا أن التأجيل لم يأتِ بخير كما حدث معه في الماضي، ترى كم شيئا أضعناه بسبب التأجيل؟ أحيانا تلك الخسارات لا يمكن تعويضها

عادوا بوالدته إلى المنزل بعد أن تلقت علاجها، وعكة صحية كما قال الطبيب، وعلى ذكر الطبيب هل سيبقى يوسف يخفي أمر ما حدث له عن عائلته، السكوت عن هذا لا يروق له البتة، على الأقل والديه يجب أن يعلما بهذا، إنه فقط ينتظر الفرصة المناسبة لإخبارهما

لكن مجددا لمَ التأجيل؟ لمَ يجد نفسه منحازا جهة التأخير؟ لمَ يهرب من المواجهة مجددا؟ أسئلة شتَّى تعتمل في داخله، إنه لا يعلم لمَ هو مهتز هكذا، لا يمكنه أن يحمل الامتحانات كل هذا الذي يمر به، أم أنه يسير نحو قدر محتم ولا مناص من ذلك؟ ولكن لكل شيء سبب في النهاية

اثنان في حياته الآن لا يدري كيف يعاملهما: أمجد، ومعاذ، ما قصة هذان الاثنان؟ لمَ دخلا حياته معا؟ هل يمكن أن يكون ثمة أمر ما يدور خلف الستار، وهو لا يعلم؟ وهل هو وحده من أصبح على القائمة؟ أم أن هناك شخصا آخر؟ خليل مثلا... لم يسبق لهما مواجهة هذا النوع من المشاكل، الأمر صعب بالنسبة له، مهما فكر هو لن يجد حلا، وليته يستطيع اعتزال التفكير

إن ابن عمه هذا أصبح شغل تفكيره الشاغل، ألم يتجاهله أول مرة عرفه فيها؟ لمَ أصبح يهتم به فجأة؟ وهل ما يقوله عن معاذ صحيحا؟ وإن لم يكن فما دافعه لذلك؟ وإن كان كاذبا فهل كذب الطبيب أيضا عن أن ما كان يعاني منه كان آثارا للمخدرات؟ ولمَ عساه يفعل ذلك؟ هل هو متعاون معه مثلا؟ هذه الأسئلة التي تطرق رأسه مرارا يبدو أنها لن تتركه وشأنه

وفي لحظة ما طرأت في رأسه فكرة: لمَ لا يذهب الآن إلى ابن عمه هذا ويسأله عن قصته؟ ما المشكلة في ذلك؟ ففي أقل الأحوال إن تحفظ ابن عمه هذا على ما جرى معه في الماضي، فسيكون على حذر منه دون تأنيب ضمير

البقاء رهن غرفته جعله يحوم مع أفكاره في دائرة مغلقة، ارتدى ملابس للخروج وخرج من غرفته، ذهب ليستأذن من والده للخروج، لكنه لم يفصح أين ستكون وجهته الحقيقية، إن كان خليل قد أخبر والده شيئا فهو لن يسمح له بالذهاب إلى أمجد، هكذا أخبره عقله فتبعه مغمض العينين، أما والده فقد حصل على تبرير: الخروج لأجل التنفيس عن النفس قليلا

مهلا يا صاح!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن