الفصل الواحد والعشرين

230 47 79
                                    

الفصل الواحد والعشرين|| صدام!

احتكاكٌ لا يكاد يسمع لتلك المفاتيح التي أدارت قفل باب المنزل ليُفتَح، دخل ذلك الفاتح له بهدوء متسللا، إنها الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، الهدوء يخيم على المنزل، ومعظم أجزائه تغرق في الظلام؛ في دلالة واضحة على أن من فيه قد خلدوا إلى النوم

طمأنه ذلك جدا، ارتقى الدرج بهدوء لا يسمع له ركزا، وصل قبالة غرفته، فتح بابها بمفتاحه الخاص، ثم دلف سريعا وهو لا يكاد يصدق أنه لم يكشف

لكن فرحته لمْ تَدُم طويلا؛ فما إن سارع إلى إغلاق الباب حتى فوجئ بلكمة على وجهه طرحته أرضا، لم يعتدل في جلسته في محاولة للدفاع عن نفسه حتى اشتغلت إضاءة الغرفة

تعرف على هوية مهاجمه الذي سارع إلى إغلاق الباب، مانعا أي تدخل سيحدث ليفض عراكهما، نطق الواقف بجانب الباب وهو يتمايز غضبا:
_لن ينقذك مني أحد يا يوسف، هذه المرة سأمنع الجميع من الدفاع عنك، حتى لو كان والدي

لم يكن هذا المهاجم إلا لؤي الذي أخذ نسخة المفاتيح الاحتياطية لغرفة يوسف من والدته، ليبقى منتظرا عودته فيها

في البداية هو دخل للبحث عن أي شيء قد يقوده إلى سبب تغير يوسف المفاجئ، لكنه لم يجد، ورغم عدم تأكده من عودته الليلة إلا أنه قرر أن ينتظره

وها هو الآن يقف وجها لوجه معه، ونية العراك بينهما لم تكن هدف واحد منهما فقط، بل كانت هدف الاثنين، فلؤي يريد (تأديب) يوسف، وهذا الأخير سيدافع عن نفسه، ولو عنى ذلك أن يضرب أخاه الأكبر منه

لم يَطُل الوقت كثيرا حتى بدأا عراكهما، كان عراكا عنيفا دفع زوجة لؤي إلى إيقاظ أبويهما؛ علهما يفعلان شيئا، لكن الباب الموصد قد حال بينهم وبين ما يرجون، واضطر من كان خارج الغرفة أن ينتظر ما ستسفر عنه هذه المعركة، متألمين للحال الذي وصلوا إليه: أن يضرب الأخ أخاه

وبعد دقائق طويلة عصيبة هدأ الاثنان، وكان هذا الهدوء _رغم أنه مطلوب_ إلا أنه أكثر هدوء مزق الأمان في قلوبهم

فُتح الباب أخيرا ليطل من خلفه لؤي بملابسه شبه الممزقة، وشعره الأشعث، وألوان عدة تغطي وجهه، وكأنها سترسم على وجهه آثار كدمات ربما تبقى لأيام

لم يكن حال يوسف أحسن منه، بل كان أسوأ، لدرجة أنه أضحى ممددا على الأرض، وقبل أن يقتحم الغرفة أحد خرج لؤي وهو يقول:
_سأغلق عليه الباب حتى يعود إلى رشده، ويقرُّ بأخطائه، ولن أسمح لأحد بأن يساعده في الخروج

ورغم حالة يوسف السيئة وشعور والديه بالشفقة عليه إلا أن أحدهما لم يعترض، يتبع لغرفته حمام خاص، لذا لا شك أنه لن يحتاج لفتح الباب الليلة

تفرقوا بعد أن أغلق لؤي الباب بالمفتاح، ثم توجه إلى غرفته، تاركا ذلك الذي يأكل الندم والأسى قلبه ممددا على الأرض، تسيل دموع القهر من عينيه بصمت، لكنه رغم تضارب أفكاره يفضل هذا على خسارة أي منهم

مهلا يا صاح!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن