الفصل الحادي عشر

315 56 96
                                    

الفصل الحادي عشر|| مواعيد شتى

_ربما أنكم متفاجئون الآن مما يحدث، لكنني جمعتكم عمدا لتنهوا مسيرة خصام فرقت القلوب وآلمتها، ولم ترضِ الله!

إن معاذا يجيد صياغة كلامه بما لا يترك مجالا لغيره بالنكران، الأسلوب المباشر جعلهم عاجزين عن الرد، ولم يعرفوا أي تصرف هو الأفضل الآن، حينها تحدث مجددا:
_عم عبد العليم، عم حسين، الأمر بين أيديكما أنتما الآن، خيركم من يبدأ بالسلام كما قال صلى الله عليه وسلم، الباقون لكم تبعا فاختاروا ما يرضي الله عنكم، ولا يكون حجة عليكم يوم القيامة

نهض صالح عقب تلك الكلمات محاولا اجتياز عقبة الكبر التي تؤزه إلى الخطأ أزا، ولم يصل إلى حسين حتى نهض الآخر بدوره فكانت كلمات صالح سباقة إذ قال:
_لن أقول شيئا أكثر من طلب السماح، فقد كنت مخطئا في قراري، جرني إلى ذلك جزء من الصواب الذي كان في وجهة نظري، فالعفو منك يا أخي

سلم عليه حسين بحرارة هذه المرة وقال بصدق:
_سامحك الله، رغم والله أن الأمر لم يكن هينا عليّ، لكني لن أردك بعد أن طلبت السماح

نهض الأبناء بدورهم ليكملوا طوق السلام الذي نتج عن التسامح، عن موقف كان سوء الفهم واقفا وراءه، كان معاذ يراقبهم بفرح، لم يُخيل إليه في يوم من الأيام أن يقف في هكذا موقف: مصلحا بين الناس

فاجأه حسين بالالتفات ناحيته والقول:
_تعال يا بني إلى هنا، هي حسنة لك والله لا أنساها

أقبل عليه معاذ ليضمه حسين كما يفعل مع جمال، كانت حركة بسيطة لكنها أيقظت في قلب معاذ ذكرى والده، فهيجت مشاعره، كان جمال قد أخبر والده أن والد معاذ متوفى منذ مدة، وأن حضوره سيسعده كونه يرى جمالا كأخ له، ووالده كوالده، تصرف حسين بناءً على كل هذا وقال:
_عُدَّني كوالدك تماما، واطلب مني ما تشاء فلن أردك

كتم معاذ تأثره بذلك جهده وأجاب:
_لا بأس يا عم، وجودك يكفي، جزاك الله خيرا

لاحظ جمال حقيقة تأثره فقال محاولا تلطيف الجو قليلا:
_لا ترفض هذا العرض المغري، إن كنت لا تريد شيئا فاطلبه ثم أحضره لي

انفجر الجميع ضاحكين عقب هذا التعليق، ليقول معاذ معلقا مع شيء من تأثره:
_اطلب لنفسك ما دامت طلباتك مشروعة، فأنت لا تزال محظوظا بوجوده

تعليقه ذاك جعلهم ينغمسون في صمت العجز عن الرد، لكن لحسن الحظ دخل عليهم منذر وقال:
_معاذ أجب والدتي

استأذنهم في الخروج ثم ذهب، ليجلس كل منهم في مكانه، جو جديد دخلوه توا، لكن عليهم اعتياد ذلك، فهذا ما أرادوا له الاستمرار قدما

**********

أيام تلو أيام مرت لتجعل الصديقين يصبحا ثلاثة ثم أربعة، يوسف وخليل، وجمال ومعاذ، لم يكن في حسبان أحدهم أن يكون هذا هو حالهم في يوم من الأيام، أكبرهم عمرا هو معاذ وأسوأهم تجربة، محور ارتكازهم هو خليل، يجمع الجميع من حوله، لم يكن يوسف يقضي معظم وقته إلا معه، لكن الآن هو لا يمانع وجود الآخران بجانبهما، جمال شخصية مرحة وفي وقت الجد جد، ومعاذ هادئ جدا، لكن مشاركاته دائما ما تكون في الصميم

مهلا يا صاح!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن