استطيع رؤية مالا يراه الاخرون ..
انا تقريباً اعيش في عالمي الخاص تماماً المليء بكل تلك الكائنات والخطوط والالوان ..
في إمكان الناس فهم اشياء بسيطه لا أستطيع انا فهمها و رؤية اشياء واضحة لا اتمكن انا من رؤيتها ،لماذا ؟ لانني اعيش في عالمي الخاص ربما
لذلك لا استطيع التركيز على مايرونه واضحاً ..
احب ان أُأكد لكم شيئاً واحداً :
انا لم افقد عقلي ...لقد هرب مني عندما كنت في المدرسةالابتدائية .!لطالما كان يصعب علي فهم مايقوله الناس لانني مشغولة بالنظر الى مايقف خلفهم او على رؤوسهم او الالوان الصادرة منهم ...
كان الامر ممتعاً في طفولتي ولكنه لم يعد كذلك ..
اصبح الاشخاص الذين احبهم يتوترون من نظراتي
ويبتعدون عني ....حاولت اخبارهم بما اراه ...فابتعدو اكثر...
لذلك قررت ان اصمت تماما
وبقيت صامتة منذ ذلك الحين ..
حتى جاءت تلك الايام عندما تخرجت من المدرسة المتوسطة وكان يجب علي الالتحاق بالثانوية ولكن والداي كانا مترددين حيث انني لست فتاة طبيعية وليسا واثقين من كوني استطيع اكمال دراستي وان احصل على عمل كبقية الناس .. كان هذا يحطم فؤادي ...
ان يعتقد كل من حولي انه لا مستقبل لي .. وان ينظروا الي بنظرات الشفقة ويتحدثو بحسرة عن حالي .. كنت اتمنى ان اموت لكي يتوقف الجميع عن القلق على مستقبلي ..
ولكن في احد الايام جاء شخص ما من مكان بعيد لزيارة والداي .. لقد حضر الى حينا وسأل عن منزلنا خصيصاً عدة مرات كما اخبرنا الجيران ..يبدو وكأنه كان يبحث عنا منذ زمن ..
كان يبدو من الاشخاص الذين يمتلكون الكثير من المال .. دخل الى المنزل واستقبله والداي وادخلاه غرفة الضيوف بينما كنت اراقب من نافذة غرفتي..
لم يتحدث مع والداي طويلا حيث امضى خمس دقائق على الاكثر ثم طلب رؤيتي شخصياً في الحال ...
جاءت امي مسرعة وطلبت مني ان آتي معها الى غرفة الضيوف
سرت وراءها بصمت
دخلت غرفة الضيوف لاجده يجلس في وسطها واضعاً يديه على ركبتيه ويبتسم ابتسامة واثقة وله عيون رمادية لامعة ..
انه رجل في الاربعينات ربما ...
له شعر رمادي طويل يربطه خلف رأسه ولحية رمادية ايضاً كما يرتدي بدلة رسمية غامقة ويشع وسامة و اناقة ..
ولكن ماجعلني اتسمر عند الباب وارفض دخول الغرفة هو ..
هالته السوداء !..
لقد كانت تحيطه هالة سوداء كالدخان وكانت تملاء المجلس كله
انها اكبر هالة بشرية رأيتها في حياتي !
رفضت دخول الغرفة وتجمدت عند بابها ... غضب والداي مني ولكني لا ألومهما هما لا يريان ما اراه ..بدأ والدي بالصراخ علي لأدخل ولا أحرجه امام الضيف ..
ولكن انا لن ادخل
لا استطيع التواجد مع شخص كهذا في مكان واحد ..
انه ليس بخير ! فهذه هالة شخص ميت ..
هل يـعقل ان يكون قد عاد الى الحياة بطريقة ما ؟!
شعرت بالخوف وظهرت كائنات راقصة بيضاء لها يدان ورجلان ورأس بلا وجه في كل مكان ..تظهر هذه الكائنات عند اقتراب حدوث المصائب !ولكن لمَ ظهرت الان ؟! هل عائلتي واقعة في مشكلة؟
انا لا افهم ،عبست بوجهي بشدة وانا اغرق في تفكيري بعيداً عنهم...
-"لقد اخبرناك يا سيدي هي ليست طفلة طبيعية لذلك نرجو منك ان تعذر وقاحتها " قالت امي متعذرة من ذلك الشخص ..
-"في الحقيقة هذا ما أريده بالضبط يا سيدتي ، شكراً لكم لسماحكم لي برؤيتها "رد الرجل الغريب ..
وفجأة قال والدي
-"اذا هل ستأخذها ياسيد ؟ ألن تسبب لك المشاكل ؟"
اتسعت عيناي وانا انظر الى والدي الذي يتحدث باستعطاف مع الرجل الغريب الذي يحدق بي كمفترس حصل على فريسته اخيراً ...
-"سآخذها اذا وافقت طبعاً " قال الرجل الغريب !
نظرتُ الى والدتي وعيناي تكادان تنفجران بالدموع واستمرت الكائنات بالرقص في انحاء الغرفة لمنعي عن البكاء ..تماسكت قليلاً ..
هل سيبيعني والداي؟ ..-"سيأخذكي هذا الرجل ياعزيزتي الى مدرسة ثانوية داخلية في العاصمة لتكملي تعليمك وقد وعد بأن يهتم بكِ ..هل انتي موافقه ؟" سألتني امي وهي تنظر الى وجهي وترتب خصلات شعري يبديها الحنونتين ..
نظرت حولي فإذا بالكائنات الراقصة عديمة الوجوه تتوقف عن الرقص وتختفي ..اذن انه ليس خبرا سيئاً ،تظهر هذه الكائنات في الاخبار السيئة فقط ، وجهت نظراتي الى والدي والى الرجل الذي لا يزال مبتسماً وهالته السوداء الدخانيه تكاد تغطي المكان ..
هززت رأسي موافقة بعفوية فارتسمت ابتسامات سعادة واسعة على وجهي والداي الاثنين ..هذه اول مرة يبتسمون فيها في وجهي في حياتي ،ان تعيش وانت تعلم انك مصدر ازعاج لوالديك فهذا مؤلم جداً ..يجعلك تتمنى لو تستطيع التخلص من نفسك ليعودا سعيدين كما كانا قبل وجودك ...
-"اريد ان اسمعها تتكلم " قال الرجل الغريب
، فقال له والدي محاولا الشرح
-"لكن يا سيدي اخر مرة تكلمت فيها ابنتي هي عندما كانت في الروضة لا احد يستطيع اجبارها على الكلام ".
..
حسناً
فكرت في داخلي:
مادام الامر يُسعد والداي فسأفعلها
كل ما علي فعله هو الكلام
يستطيع اياً كان الكلام ... ثم قلت :
-" لمَ هناك سحابة دخان سوداء حولك ؟ هل عدت من الجحيم؟"
افسدت كل شيء!
للاسف هذا ماقلته بدلاً من ان اقول "نعم سأذهب "!!! أليس من السهل قول "نعم سأذهب"!!
لكن لا!! انا لم استطع قولها ! وأفسدت فرصتي في ان ادرس واكون مستقبلا جيدا كبقية الناس ...
تجمد والداي في ذهول من هول الصدمة لما قلته وايضاً هذه اول مرة يسمعون فيها صوتي منذ سنوات طويله .. اكاد اقسم اني رأيت دموعاً في عيني والدي ..
في الوقت ذاته ازداد اتساع ابتسامة الرجل الجالس هناك بهدوء وقال
-" سأفعل المستحيل لتنضم ابنتك الى مدرستي ياسيدي .. ".
.............................................................................
لقد دفع الكثير من المال الى والداي ..
حتى انه قام بإعطائهما سبائك ذهبية كهدايا ..
كان بكل وضوح يدفع تعويضاً لهم
ثم قام عماله بنقل اغراضي وغرفتي حتى لم يبقى ادنى اثر يدل على انني قد عشت في ذلك المنزل يوماً ...
في الحقيقة لم تكن مدرسة ابداً ...
انها قلعة سوداء محاطة بالجبال والغابات موجودة في مكان غير معروف..
انه سجن يعيش فيه امثالي..
نحن نعيش هنا ونموت هنا ..
وذلك حتى لانكشف للبشر اموراً يجب ان لا يعرفوها ..
حتى لا نساعدهم على رؤية اشياء يجب ان لا يروها ..
لا يمكنني القول انها اكثر تعاسة من حياتي السابقة..
لكن الكائنات عديمة الوجوه لا تتوقف عن الرقص هنا ..
على الاشخاص المختلفين ان يختبئو دائماً..انتهت الحكاية .
![](https://img.wattpad.com/cover/152905299-288-k902747.jpg)
أنت تقرأ
قصص قصيرة لطيفه .
Short Storyفي كل جزء حكاية جديدة قصص حقيقية قدر الامكان ستمدك بالأمل ستدهشك ستحزنك ستخيفك.... يتم التحديث فور الحصول على قصة جديدة .