قصة بلا امل

421 24 2
                                    

لقد ولدت في الشارع .. ان امتلك منزلا وهو اسهل ماقد يمتلكه اي شخص مستحيل بالنسبة لي .. قد تبدو حياتك عادية ومملة ولكنها رائعة وغاية المنى لمن هم اقل منك
عشت طفولتي المبكرة مع امي في الشارع ننام في اي مكان وناكل من بقايا الطعام نستحم ونغسل ملابسنا في الحمامات العامة ...
حتى بلغت السن القانونية لدخول المدرسة
عندها بدأت حياتي بالتدهور اكثر..
القانون يلزم امي الفقيرة المشردة بالحاقي باي مدرسة كانت اي مدرسة المهم ان اتعلم ...
قدمتني امي الى مدرسة رخيصة و مكتظة قريبه من الشارع الذي نتسكع فيه
ولكنهم مع الأسف قد طلبو شيئا مستحيلا ليقبلو بي عندهم ..
لقد طلبو ورقة اثبات سكن ..
هههه هذا مثير للسخرية فنحن ليس لدينا سكن اصلاً لنثبته ..
عدت انا وامي مع خيبة الامل بعدم قبولهم لي ...
ونمنا جائعين وخائبين على الارض في احدى الازقة الضيقة ..
استيقظت في صباح اليوم التالي
وقد كنت لوحدي في ذلك الزقاق ..
لم تكن امي جانبي ....

اصبحت الان املك الاشيء تماما
لقد تعلمت معنى ان تفقد كل شيء يبقيك على قيد الحياة في سن مبكره ..
عدت الى المدرسة التي رُفضت منها
واخبرتهم انني يجب ان ادخل هذه المدرسة لتعود امي الي مجددا
فالسبب الوحيد لتركها لي هو انني  لست قادراً على دخول هذا المكان
حاصرتني مديرة المدرسة والمشرفات بنظرات الريبة والشك
ثم تناقشن قليلاً بعدها قررن ارسالي الى  مركز الشرطه
اخبرني الشرطي انه سيبقيني معه حتى تأتي امي ..
لم تأتي....
كنت اعرف انها لن تأتي..
مر يومان وليس لها اي اثر
- لقد تخلت عنه ..لايستحق الجميع ان يكون لهم اطفال ..
سمعت الشرطية تعلق وهي تمسح على رأسي معتقدة انني لم افهم ماقالته ..
ومع غروب شمس اليوم الثالث لاختفاء امي
اطلقت العنان لدموعي
لاني تأكدت انها لم تعد تريدني بالمره ..
وانها ليست نادمه ...
هذا مؤلم ..
مؤلم جداً ..
ان يتخلى عنك شخص يعني الحياة كلها بالنسبة لك ...

قامت الشرطية بتهدئتي اعتقاداً منها انني حزين
انا لست حزينا ..
انا ميت داخليا..
لقد توقف قلبي عن النبض ...
وتوقفت رئتاي عن التنفس ..
انا ميت ..
...........................................................

أُرسلت الى ميتم جنوبي البلاد ..
هناك حيث الغيوم الداكنة والملابس الداكنة ..والظلام يغطي كل شيء ..
يعيش مئات الاطفال في محاولة للنجاة دون أهل ودون امل في الحياة ..
بالنسبة لي انه افضل من النوم في الشارع مع شخص يريد التخلي عنك .
انا ممتن لوجود سقف فوقي ..
ممتن لوجود ملاءة تحتي ..
ممتن لوجود من يتأكد من كوني أكلت واستحممت حتى وان كانو قساة القلب فأنا لا ألومهم ...على الأقل هم لن يتخلو عني ..
انا ممتن لكوني مازلت على قيد الحياة ...
...............................................................
بعد سنوات وعندما اصبحت في الخامسة عشر من عمري.. اخبرتني احدى المشرفات على الميتم مازحةً انه علي القيام بتحليل DNA مع صاحب شركات مشهور  لانني اشبهه تماما ً ..
وافقتها بقية المشرفات ضاحكات وهن يؤكدن على كوني اشبهه ..
ضحكت معهن مجاملاً ثم طلبتهن ان ارى صورته لاني لا اعرفه ..
- هاك انظر انه هنا مع زوجته..              قالت احدى المشرفات وهي تناولني الجريده ،اخذتها ولم افتحها لأرى لانني كنت مشغولاً بالنظر الى مشرفة اخرى وهي تقول بصوت ناعم
- ان ازددت وسامة فسأتزوجك رغماً عنك ياحقير هل تسمعني ...
قالت ذلك وهي تبتسم وتغمز بعينها
- هل ستتزوجين ولداً يتيماً لن يستطيع اعاشتك..
ردت عليها مشرفة أخرى ..
- مايهمني هو الشكل وهذا هو اوسم شاب في الخامسة عشر في مدينتنا عليكن الاعتراف !!
قالت ذلك وهي تشير باصبعها نحوي
-  سأتزوجك أعدك !!
قلت ذلك بصوت عالٍ وكنت جاداً حتى انفجرت المشرفات ضاحكات مما قلت ..عندها عبست واخذت الجريدة انا اشعر بالخجل وانسحبت الى غرفة منعزلة ...
اول مرة اشعر انني مرغوب به في حياتي هذه المشرفة لاتعرف كم اثرت كلماتها علي لكنها جعلتني اشعر انني استحق ان اعيش ...
فتحت الجريدة باحثا عن صورة المليونير ...ولكن ماشدني ليس صورته ..بل صورة من يقف الى جانبه ...انها المرأة التي تخلت عني!
........................................................................
انا الان في التاسعة عشرة ولا اذهب الى المدرسة بل المدرسة تأتي الي ...
لقد حصلت على كل ثروات الشخصين الذين احضراني للحياة ..
من حظهم اني لم اضعهم في السجن ..
" انجب مليونير البلد طفلاً غير قانوني من فتاة فقيرة تخلت عن عائلتها بسببه ،طلب المليونير من الفتاة ان تعود اليه ولكن بشرط ان لا تحضر الطفل _لقد مات طفلي عند ولادته _ هذا ما قالته له ليتزوجها ...ولكن الطفل يظهر الان ويطالب بتعويضات عن كل ماحصل له من ابوين خاليين من الأبوه ".
هذا ما ظهر في الأخبار ..

اصيبت المشرفة التي ارادت الزواج بي بسكتة قلبية عندما عرفت ماحصل معي ، سأتزوجها عندما اصل للسن القانوني..
مافعلته هو انني قد رفعت قضية وقد نجحت فيها بالمحاماة عن نفسي ..
هل تعرفون ؟
انا لم يكن لدي ذرة أمل ..
وهذا امر مضحك ..

انتهت الحكاية .

قصص قصيرة لطيفه .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن