جايني تقرر مستقبلها

1K 28 0
                                    


وفى صباح اليوم التالي وصل ثيو لاصطحاب جاينى.ابتهج قلبها لرؤيته وكأنه شمس اشرقت بعد ايام ممطرة، ادراك جاينى لحبها اعطاها قوة لتواجهه بدون ارتباك ، رحبت به والابتسامة تعلو وجهها ودخلت امها الغرفة فجأة وقالت مخاطبة ثيو: 
- صباح الخير يا ثيو، هل ترغب بتناول القهوة قبل رحيلك؟.
- لا شكراً ياجوي ، علينا ان نغادر حالاً ، هل انت جاهزة يا جايني ؟
- نعم.
ودعت جاينى امها واستعدت للرحيل .
- لاتنسي الاتصال بى هاتفياً مساء الغد لتخبرينى عن المقابلة بلغي سلامي لعمتك كاترين.
قالت جوي وهي ترافق ابنتها الى السيارة ، وانطلقا معاً.
كان الظلام مازال مخيماً حولت جاينى الابتداء بالحديث فقالت:
- شكراً لعرضك اصطحابى الى اوكلاند .وفرت على ابي عناء السفر ، فهو يكره المدينة.
ابتسم ثيو بسخرية واجاب: 
- للحقيقة لم تكن الفكرة فكرتى ،امك هي التى نسقت الامر فكان لابد من موافقتي لتجنب اي احراج.
تجهم وجه جايني واجابت بغضب:
- استتصرف على هذا النحو طوال الطريق؟.
- ماذا تعنين بـ على هذا النحو؟.سألها بلطف مصطنع.
ضحك ثيو واجاب:
- لا يا جاينى ...سأكون لطيفاً معك ،لكنك لست مرغمة على الحديث الا اذا اردت ان تقولى شيئاً يجدربالقول اجد صمتك منعشاً مثل حديثك.
- ارجو ان يكون كلامك من باب المجاملة.
اجابت جاينى والشك يساورها ،لكن ثيو جاد فى كلامه فما لبث ان اظهر لطفاً ولباقة نحو جاينى وتبادلا الاحاديث الخفيفة والنكات وشعرت جاينى براحة وطمأنينة لوجودها برفقته
كانت الشمس قد اشرقت والحرارة بدأت ترتفع وراحت السيارة تنهب المسافات تاركة وراءها ودياناً وجبالاً مكسوة بالاشجار الخضراء والنباتات المتعددة الألوان وصلا الى مدينه بريندروين المحاطة بتلال وجبال عالية القمم فانطلقت جاينى قائلة:
- عندما كنت طفلة ، كنت اعتقد ان هذه الجبال المرتفعة تشكل حدوداً بيننا وبين بقية العالم.
- تعنين بين عالم الخيال وعالم الحقيقة، واي منهما كان عالم الخيال؟.
- نورث لاند طبعاً، وصلنا هنا في شهر شباط ، تركنا انكلترا حيث البرد القارس ويلغنا اوكلاند حيث كانت الرطوبة مرتفعة جداً، رافقتنا بعدئذ عمتي كاترين في آوكيبو حيث وجدنا الحرارة مرتفعة اكثر لكن الرطوبة اقل بكثير، سحرني جمال الأراضي الشمالية بوديانها الخصبة وتلالها وبراكيناها وبحرها الأزرق، بدا كل شيء فيها ساطعاً وأشبه بجنة عدن، ومنذ ذلك الحين وقعت في حب نورث لاند.
- هل زرت مناطق اخرى في نيوزيلاند؟.
- طبعاً اخذنا ابي الى مناطق عديدة خلال عطلة الصيف ، لكن الشمال يتحلى بجمال خاص به يجعله فريداً من نوعه.
- لكل منطقة في نيوزلاندا جمال خاص يفصلها عن غيرها من المناطق، اوتاغو مثلاً رائعة بانهارها الغزيرة وبساتين المشمش والوانها الخريفية، جزر ستنورت تتميز عن غيرها بمناظرها الخلابة ، لكنني اؤيد رأيك ، اذ تبقى نورث لاند متفوقة عن غيرها..ماالذي يجعلك تختارين السكن في المدينة وانت تعشقين الريف؟.
- علي ان اعتاد على العيش في المدينة اذا اردت تحقيق شيء فى حياتى.
- وماذا تنوين ان تحققي ؟ 
- للحقيقه لاشيء.... عدا عن....
- عدا عن ماذا؟ 
- حسناً عدا عما تفعله انت.....
ضحك ثيو واجاب قائلاً:
- بودى لو اقبل عرضك هذا لو كنت اصغر سناً.
ارتبكت جاينى وتوردت وجنتاها ثم اجابت:
- لكنك اسأت فهمي ما اقصده هو اننى ارغب فى السفر في البحر والتعرف على العالم
امتدت يد ثيو لتلامس وجنة جاينى واجاب:
- مسكينة جاينى ،لم اقصد احراجك، آسف اخبريتى اذا مالذي يدفعك للالتحاق بالمعهد التجارى بينما السفر فى البحر هو امنيتك المطلقة؟
- لانه الباب الوحيد المفتوح امامي فكما قالت بينى من الضرورى ان اتلقى تدريباً عملياً فى حقل التجارة وشؤون المكتب .ريحانة
- لاشك انها نظرة واقعية تتحلى بها شقيقتك، بينما لسوء الحظ تختلفين انت عنها تماماً.
- صحيح
- انت فتاة رومنطقية مثالية ياجاينى ،نجحت حتى الآن في تفادي امور الحياة التقليدية فلماذا توقفت ؟حسبت ان شجاعتك لا تقهر.
كان بود جاينى ان تبوح له بحقيقة شعورها تجاه قرارها وكيف انها تمت فكرة العمل في المكتب .
لكنها تذكرت تصرفه نحو بينى ولاحظت تعابير وجهه المتنقلة بين السخرية والجمود وقلة الاهتمام فتمنعت عن مصارحته واجابت:
- يختلف الامر بالنسبة اليك فانت رجل مما يجعلك تنعم بحرية تقريرمستقبلك اكثر منى.
- لكن نساء كثيرات قبلك برهن ان العكس صحيح .
- اعلم ذلك لكن علي ان اواجه الحقيقة الآن افضل من الغد من الضرورى ان اجد عملاً اذا شئت ان احقق في المستقبل ما ارغبه فعلاً.
- وذلك؟ 
- اشياء عديدة افضل بقاءها سراً.
- حسناً اذاً، لن اصر على معرفة اسرارك لكن يبدو لي انك مصممة على اضاعة حياتك ،ستقومين بعمل تكرهينه حتى يأتى اليوم الذي ستلتقين فيه برجل احلامك وتتزوجين.
انتفضت جاينى بغضب واجابت :
- وماذا تقترح ان افعل؟
- آسف لكننى لااقرر مصير احد .اعلم ان الحياة مليئة بالصعوبات واقدر ان اعطيك نصيحة واحدة فقط وهي : ان كنت تسعين وراءه هدف معين بعزم وشجاعة وارادة قوية، تبلغين هدفك دون شك ، لكن عليك اولاً ان تقدرى قيمة هدفك واهميته.ترى هل يستحق مكافحتك ومثابرتك؟ احياناً يصل البعض الى اخر الطريق التى جاهدوا بعزم لاجتيازها ليجدوا بعدما فات الاوان انهم اخطأوا فى اختيارهم.
- اهكذ بلغت غايتك ياثيو؟ بمثابرتك القاسية العنيدة لبلوغ هدفك؟.
- نعم، يظهر انك لا توافقين ، هل تنفرين من الطموح؟.
- لا ابداً
اجابت جايني محاولة السيطرة على عواطفها، كيف لها ان تخبره ان قساوة النفس هي التي تخيفها وليس الطموح، واستقرت عيناها على يدي ثيو فوق مقود السيارة، يدان تستحقان الثقة ، بوسعهما الايذاء والحب في الوقت نفسه، اظهر ثيو قساوة لا ترحم تجاه بيني، انفصل عنها كلياً فور اداركه انها بدأت تنظر الى علاقتهما بجدية وامل، وربما احتاج الأمر لمعالجة شبيهة، لكن ثيو أظهر عزماً وارادة متصلبة انزلت الرعب في قلب جايني.
- لا.
اجابت من جديد ثم استطردت قائلة:
- لتنجح نظريتك هذه، على الفرد ان يكون واثقاً من نفسه ومدركاً امكانياته. 
- وانت تفتقدين الثقة بنفسك والادراك لامكانياتك اهذا ماتحاولين اخباري؟.
- نعم.
اومأ ثيو برأسه واجاب:
-عاملك والداك وكأنك تفتقدين الموهبة ونشأت فى ظل شقيقتك مما اساء الى نمو ثقتك بنفسك ،حتى قرارك هذا مازال تحريضاً من بينى ، في النهاية من شأنك ان تقرري استعدادك لشق طريقك بنفسك، حتى لو تطلب الأمر وجودك بمفردك بدون مساعدة احد، فالنتيجة في النهاية لمصلحتك الشخصية ...حسناً ,هل تشعرين بالجوع؟
هكذا انتهى الحديث بينهما ، شعرت جايني انها خيبت امله بها نوعاً ما لكنها عجزت عن معرفة السبب ، ولم تحاول طرح السؤال ،فتصرف ثيو نحوها بات كتصرف رجل ناضج يعاون فتاة فى مطلع العمر .آلمها انفصاله عنها ولمحت فى عينيه شرارة غضب لم تعرف سببها
كانت العمة كاترين تعمل في الحديقة عندما وصل ثيو وجاينى تقدمت منهما وتبادلا التحية.وقع نظرها اولاً على الشاب الوسيم الاسمر الجذاب ثم انتقلت الى جاينى والابتسامة والغبطة ظاهرتان فى عينيها.
- جاينى عزيزتى.
عانقتها طابعة قبلة على وجنتها .
- السيد كارينغتون ارجو ان تتفضل بالدخول ومشاركتنا تناول طعام الغداء.
كاترين سينغر ارملة تعيش بمفردها، لها ابنان يعملان في السلاح الجوي النيوزيلاندي، تملك قلباً مفعماً بالمحبة نحو الآخرين وتعيش حياة اجتماعية نشيطة وتتحلى بمقدرة على التنظيم ، مماجعلها تترأس منظمة عالمية لمساعدة اللاجئين في كل انحاء العالم، يتطلب عملها استعداداً للسفر المستمر.لكن كاترين تملك حيوية ونشاطاً، ودليل على ذلك انشغالها في الحديقة في يوم حار لم تشهد اوكلاند مثله من قبل.
- الحرارة فى الداخل اسوأ من الخارج.
قالت كاترين وهى ترافق ثيو وجاينى .ثم تابعت قائلة:
- اخذ نفسي كل صيف بتجهيز هذا المنزل . بكيف للهواء لكن الحرارة هذه لا تدوم الا اياماً قليلة، مما يجعلني اغيررأيي.
رافقت كاترين جاينى الى غرفتها وامرتها بان تغتسل وتغير ثيابها.عادت جاينى بعد دقائق منتعشة ومرتدية ثوباً صيفياً ناعماً.
سمعت عمتها تتحدث الى ثيو ، يظهر انهما منسجمان تماماً، انضمت اليهما جايني لتناول الشراب ، كانت تراقب عمتها متمنية لوتملك اتزانها ورقتها ، ميزتان يملكهما ثيو على السواء، فهو وكاترين من عالم واحد ، يتمتع كلاهما بنظرة حاذقة لا تخدعها المظاهر الخارجية، الفرق بينهما ان في نظرة كاترين محبة ولطف بينما تخيم السخرية والاستخفاف بالآخرين على نظرة ثيو.
- مابالك ياجاينى لا تشاركيننا في الحديث؟هل تعانين من صداع؟
احتقن وجه جاينى واجابت:
- لا ،لم اعد اعانى من صداع مثل قبل ،اعتقد انها لم تكن الا مسأله وقت.
- يسعدني معرفة ذلك ،يبدو ايضاً انك توقفت عن النمو، كنت اخشى ان تبلغى ستة اقدام ،لحسن الحظ باتت قامتك متناسقة وتبدين بحالة جيدة ، يبدو انك تحولت من فتاة الى امرأة ناضجة.
ابتسمت جاينى وهى ترمق ثيو بنظرة ساخطة، لاحظت السخرية على وجهه وابتسامته الماكرة، فهو يفكر بلقائهما معاً على الشاطىء حيث ساهم ثيو في نضوجها من فتاة الى امرأة، لكنها لن تدعه يزرع الشك والتساؤلات في ذهن عمتها، فأجابت:
- لاشك اني اجيد استعمال اطرافي الآن، فباستطاعتي التنقل بدون الاصطدام بمايحيطني، اتذكرين الكارثة التي سببتها مرة حين تعثرت فوقعت فوق طاولة من المأكولات امضيت وقتاً طويلاً في اعدادها وتنسيقها؟.
ضحكت العمة كاترين واجابت:
- لم ولن انسى هذه الحادثة ابداً.
- اعتبر بيني اشبه بقطة تتموج بمشيتها، اما جايني فهي كالمهر ، طويلة، طويلة اليدين والقدمين وتفتقد الاتزان ، يسعدني رؤيتها الآن وقد زودها الوقت بأنوثة ونعومة ، حسناً لابد ان نتناول الطعام الآن قبل ان تفسده الحرارة.
وبعد الغداء غادر ثيو وراحت جاينى تذرع الغرفة بخطواتها عاجزة عن الهدوء ، فاقترحت عمتها اصطحابها الى المدينة للتبضع. فذهبا معا الى مركز تجاري مشهور بمخازنه الرائعة المملؤة باجود البضاعة المستوردة والمحلية ، سمعت جايني لهجات عديدة منها اميريكية واسترالية ومنها صينية و يابانية.
يقصد هذا المركز سواح من كل انحاء العالم.
حان اوان المقابلة وقصدت جايني المكان المعين ، تمت المقابلة افضل مماكانت تتوقع جايني .لم تشعر بأي ارتباك بل كانت هادئة وصريحة .قام بالمقابلة ثلاث مسؤولين إمراتان ورجل وكانت الاسئلة تطابق تلك التى طرحها عليها ثيو .واجابت جايني بالاجوبة نفسها .
- على الأقل، لا تخشين الاعتراف بالحقيقة ، ربما العمل في المكتب ليس امنيتك المطلقة لكن كوني على ثقة ان التأهيل العملي الذي ستتلقيه في المعهد سيكون قيماً ومفيداً، فقدرتك على الضرب على الآلة الكاتبة وحدها تفتح امامك ابواباً لمجالات متعددة، هذا طبعاً اذا قررت اللجنة قبول طلبك .
هذا ماقالته المسؤولة اختتاماً للمقابلة.
وذهبت جاينى واثقة أن المقابلة تمت بخير.
قضت مدة العصر برفقة عمتها، زارا معاً المتحف الوطني ووعدتها عمتها باصطحابها الى مطعمها المفضل لتناول طعام العشاء ، ثم انهاء السهرة في المسرح حيث تعرض مسرحية مشهورة
كان المطعم انيقاً ورائعاً، ارستقراطي الذوق والجو، يقصده الاثرياء وذو الشأن وارتدت جاينى ثوباً اخضراللون بدت فيه اطول وانحل مماهي عادة ،كانت الوحيدة في المطعم مرتديه ثوباً من الطراز القديم، فشعرت بالاحراج والارتباك.
- تبدين جميلة ياجايني.
قالت عمتها وقد لاحظت الاضطراب على وجه جايني ثم تابعت:
- اهدأي واطمئني وحاولي الاستمتاع بوقتك ، تجاهلي الناس حولك ، هل تفضلين اختيار الطعام بنفسك.
- لا، سأدع الخيار لك.
وبينما انهمكت عمتها باختيار اصناف الطعام ، اخذت جايني تتأمل النساء حولها بحسد متنية لو انها تملك الصفات نفسها التي تتحلى بها تلك النساء حتى العمة كاترين بوسعها ان تتعامل مع ثيو بطريقة لبقة وفعالة، حتى ايضاً ولو ان ثيو اساء اليها ، بينما جايني مازالت تعتبره لغزاً هي عاجزة عن حله.
قطع حبل افكارها دخول ثيو القاعة بفرقة حسناء رائعة الجمال طويلة ، رشيقة وانيقة ، تتألق بثوب اسود طويل يظهر قامتها المتناسقة بجمال تفاصيلها.
حولت جاينى نظرها الى عمتها ففوجئت بها تبتسم لها كأنها علمت مايبدو بخاطر جاينى ومايحرق قلبها .احنت جاينى رأسها وتوردت وجنتاها من الخجل.لاشك ان عمتها كما وصفها والد جايني حدقة ولا يفوتها شيء .لازمت كاترين الصمت متفادية مناقشة الموضوع تاركة المبادرة لجايني، ورآهما ثيو والقى التحية عن بعد ، تغلبت جاينى على ارتباكها وحاولت تجاهل وجوده في القاعة نفسها ، فتحدثت مع عمتها وتمتعت بتناول الطعام الشهي وبعدها قضت وقتاً سعيداً فى المسرح حتى انها تمكنت من النوم دون صعوبة
استيقظت فى الصباح واستعدت للعودة الى اواكيبو وصل ثيو لاصطحابها وغادرا معاً بعد توديع العمة كاترين ،خيم الصمت بينهما حتى غادرا المدينة وبلغا بداية مسافات من السهول والوديان والبساتين الخضراء فأبتدأ ثيو بالحديث قائلاً:
- وكيف كانت امسيتك البارحة؟.
- ممتعة جداً وانت؟هل قضيت وقتاً مرحاً؟
- بكل تأكيد هل اعجبتك لوراً؟ 
- لورا؟ آه ...تعنى الفتاه ...او المرأة التى كانت برفقتك؟
- نعم .المرأة تعبير اصح .لورا برايدلي تعمل فى التصميم الفنى للمنازل
اجابت جاينى محاولة اخفاء الحسد فى صوتها:
- لاشك انها خارقة الجمال.
ضحك ثيو واجاب:
- قالت انك لطيفة ومفعمة بالصحة ولا اعتقد انها تقصد مجرد الاطراء
اغتاظت جاينى لمعرفتها بان ثيوتحدث عنها فلا شك ان ثيو ولورا يعرفان بعضهما معرفة حميمة.يدل على ذلك انسجامهما في الحديث ليلة امس ، كانت لورا تنظر الى ثيو نظرة فاتنة مغرية ، رحب بها ثيو مظهراً رغبة مماثلة ولاحظ ثيو شرارة الغضب فى عينى جاينى فاستطرد قائلاً: 
- ما بالك؟ لم يسبق ان اظهرت نفورا تجاه صديقة من صديقاتي من قبل؟
يبدو من لهجة ثيو انه مدرك عواطف جاينى ويعتبر الأمر مجرد تسلية لا اكثر ، ارتعشت جايني وغمرها شعور بالخجل لكنها صممت على مقاومته فقالت بعزم:
- ربما لاننا نختلف كلياً ومارأي لورا بعمتى كاترين؟
- اعجبت بها الى حد كبير ، يبدو ان عمتك مشهورة في اوكلاند .امى تعمل معها في لجنات مختلفة.ليلاس
- صحيح ؟ عمتي تقوم بتنظيم اعمال خيرية عديدة.
- وامي كذلك .انا واثق انها ستعجبك.
- ربما.
نظر اليها ثيو بدهشة واجاب:
- يالك من لئيمة.مالذى يجعلك تشكين بما ماقلت؟
-حسنا قلت لي مرة انها لاتحب البطاقات البريدية وانا احبها اترى اختلاف ذوقنا؟
- اتذكرين كل شىء قلته لك؟
نعم اجاب قلبها لكنها قالت: 
- لا اذكر كل شيء .لكنني لسبب ما لم انس ماقلته عن امك.هل اوشكت على انهاء روايتك الجديدة؟
- يوماً ما سأرفض اجابتك حين تغيرين الموضوع لكننى قررت اليوم ان أكون لطيفاً نحوك فسأجيبك عن سؤالك حسناً، لم انه الرواية بعد ويبدو انني سأتاخر في انهائها.
- ولماذا هل غادرك الوحي؟
- لا لم يغادرنى الوحي لكن هنالك حاجزا منعني من الاستمرارفي الكتابة.
اجاب بصوت متجهم تعلم جاينى انه لن يخبرها عن الحاجز هذا ففضلت التزام الصمت وبعد وقت قصير سألها ثيو :
- كيف تمت المقابلة مع المسؤولين في المعهد؟
- لابأس اعتقد انهم وافقوا على التحاقى بالمعهد
- رغم ما اظهرته من قله اهتمام.
- نعم اعجبتهم صراحتى.
ضحك ثيو واجاب:
- صحيح ان الصدق من حسناتك المحببة فحتى لو تفوهت بالكذب، تبوح عيناك بالحقيقة ، وتتورد وجنتاك بسهولة... اذا ستتبعين نصيحة بيني.
- نعم بكل تأكيد.
اجابت والألم بمزق فؤداها، كانت تود لو تخبره لانها برغم الحب الذي تحمله نحوه لن تدع شعورها المجنون يقف في طريق مستقبلها وحياتها.
- حسناً اذاً.
ثم ادار الاذاعة ليستمع الى تقرير عن لعبة المضرب. 
ربما اراد وضع حد للحديث بينهما ، او اراد ان يبعد جايني عنه ابعد مايمكن، وشاءت جايني ان يعلم ثيو انها ستقاوم حبها نحوه ، فهي تختلف عن لورا برايدلي التي لم يمنعها شيء من اظهار حبه له ليلة امس، حاولت جايني الاستماع الى صوت المذيع وطردت ثيو من افكارها.
وبعد مضى اسبوع تلقت جاينى رسالة من المعهد تبشرها بقبول طلبها ولأن السنة الدراسية تبدئ بعد عشرة ايام انهمكت جاينى بالاستعداد للانتقال الى اوكلاند.
جاء سام لزيارتها وقد اسعده قرارها خاصة انه سيتمكن من رؤيتها باستمرار. جلسا معاً على الشرفة يتحدثان، فقال سام:
- ستتشوقين لاواكيبو ياجايني، فهو حال كل من يغادر هذا المكان، لا تيأسي سيبقى منزلك هنا وبوسعك الرجوع متى شئت ، ثم لم وجودي ووجود بيني في اوكلاند سيخفف من وحشتك.
- صحيح، لكنني لا ارغب في مغادرة هذه الارجاء.
- لا احد يرغب ذلك، فلاواكيبو سحر نادر، انها عبارة عن بضعة مخازن وبساتين وحدائق اخرى لكنها في اوكيبو تستولى على عقلك وتبهرك بجمالها.
- ماالذي يذكرك في اواكيبو وانت بعيد عنها؟
- شجرة اوكاليتوس تعانق السماء ، وانت؟.
- ليل جامد ونباح ..كلب وراء البنية.
ضحك سام وضغط على يد جايني قائلاً: 
- لن يكون بوسعك اذا تذكر اواكيبو حيث سيصعب عليك سماع نباح كلب في المدينة، لكنك ستتنشقين رائحة البحر بين حين وآخر.
- برغم رائحة الوقود؟.
ضحك سام ولازم الصمت بعد ذلك ،شردت افكار جاينى في مستقبلها الكئيب هاهي ستبتعد عن كل مايعشقه قلبها.
ثيو وآوكيبو ، والداها وحرية وبراءة طفولتها، لم يعد لها اي امل للتمسك بأي منها بعد الآن ، وسام الذي لم يعد الانسان الذي عهدته منذ سنة سيتوقع منها اكثر من الصداقة التي تشعر تشعر بها نحوه اغرورقت عيناها بالدموع. شعرت بثقل السنين التي ستقضيها من دون ثيو، سمع سام بكاء جاينى فقال لها بلطف وهو يشدها نحوه:
- لم تغادرى اواكيبو بعد فلا تفسدى آخر اوقاتك فيها بالحزن و التجهم تعالي الى الداخل قبل ان تفكر امك في انني سبب بكائك.


منتديات ليلاس ريحانه

البحار الساخر (مكتوبة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن