توجهت عائلة باودن الى قاعة الاحتفال بعد ان ذهب بول الى بيت اصدقائه، حيث سيقضي الليلة وآوكيبوا تفتخر بقاعة الاحتفال التي بنيت منذ ثلاثين ومازالت تحتفظ بأهميتها كقاعة للجالية بأسرها.
وتولى نادي الدراما وضع الزينة .كان الورد في كل مكان مما خلق جو عيد وغبطة وارتدت الفتيات والنساء اجمل الفساتين فبدت جاينى كفتاة يتيمة وحاولت ان تختار مكاناً منزوياً للجلوس حيث لا يراها احد ، خاصة انها لمحت من بعيد ثيو كارينغتون برفقة فيل تالبوت، لكن مالبثت ان جلست حتى التقت عيناها بعيني ثيو الذي حياها بابتسامة، فردت التحية
كانت فيل زهرة لا توصف وجعلها وجودها مع ثيو تبدو اسعد فتاة في القاعة وبدا على ثيو ايضاً انه يتمتع بوقت سعيد، كان من الصعب على جايني ان ترى بوضوح من خلال عينيه، حقيقة شعوره، لكنه كان واضحاً تماماً ان لثيو تأثيراً على فيل كتأثير المخدر
بدأت الغرفة تعزف الموسيقى وغصت القاعة بالراقصين، وفي ذراعي ثيو دفنت فيل نفسها وكأنه المكان الوحيد الذي ترغب فيه، اخترق قلب جايني لهذا المشهد وشعرت ان فيل استسلمت لسحر ثيو كلياً، ليس لسحره فقط بل لجاذبيته القوية المدعمة بقوة شخصيته وارادته النابعة من صميمه
ان ثيو كارينغتون رجل خطير حتى جايني باتت تشعر بخطره وهي التي لا تعطي اهمية كبيرة للجنس الآخر وبينما كانت جايني تستمع الى امها وهى تتحدث مع صديقاتها اقترب منها شاب طويل القامة، اسمر اللون.
فوجئت جاينى بمشاهدته وصاحت:
- سام ماذا تفعل هنا؟كنت اعتقد انك تعمل فى غرب اوستراليا فى صناعة الحديد.
كان سام صديق جاينى منذ زمن وكانت تطمئن لرفقته فهو يعاملها معاملة اخوية.وسام شاب محبوب من الجميع، اصله مزيج يوغسلافي وماوري واسكوتلاندي .
طبع قبله على جبين جاينى واجاب:
- اننى فى عطلة الآن فقررت ان اتى لزيارة فتاتي المفضلة.ليلاس
اصطحبها الى حلبة الرقص وانطلقا يرقصان معاًويتبادلان الاحاديث ، ثم سألها سام:
- من يكون هذا الشاب الذى يرقص مع فيل تالبوت ؟لقد رمقنى بنظرة غريبة.
اجابت:
- ثيو كارينغتون
- يبدو انه يراقبك بنظرات استفهامية.
- لااعتقد انك على صواب.فانا لا اعني شيئاً للسيد كارينغتون.
- اما زلت تعانين من عقدة النقص نفسها؟ان ماتبدين عليه الليلة يجعلنى في الحقيقة اوافق على رأيك.لكن عندما يأتى ذلك الشاب السعيد الحظ ويشعل النار فى قلبك ذات يوم حينئذ ستلفتين انظار الجميع
اجابت جاينى مقدرة لباقته ، دون تصديق كلمة مما يقول:
-اشكر لطفك ياسام.
وشرع سام يستفهم عن آخر اخبار المنطقة ، نسيت جايني كآبتها وراحت تتمتع برفقة سام واصدقائه، لكنها بين الحين والاخر كانت تختلس نظرة تجاه ثيو وفيل اللذين كانا منسجمين معاً الى حد كبير.
عند متتصف الليل غادر اهل جايني الحفلة بعد ان وعدهما سام بتوصيل جايني الى البيت قبل الساعة الواحدة.ريحانة
وغادر القاعة اغلبية الكبار في السن، مما اكسب الحفلة جواً عفوياً مجرداً من الرسميات.
وتقدم ثيو من جايني ودعاها للرقص .حاولت متابعة خطواته ...كان يجيد الرقص وماهي الا ثوان قليلة حتى حتى شعرت جايني بالراحة نفسها التى كانت تشعرها وهي ترقص مع سام.
قال ثيو:
- يبدو انك سعيدة الآن لرجوع حبيبك.
ونظرت اليه جايني بدهشة :
- سام؟
-اهذا اسمه؟سام من؟
- سام بارتينغال.وهو ليس حبيبى بل صديق حميم
اطلقت ضحكة خافتة واستمرت تقول:
- انه عزيز لدي كأخ ولا يشكل متاعب كالحبيب.
-وماذا يفعل سام؟
- انه يدرس الطب.لقد انهى سنة دراسية في جامعة اوكلاند.
اجاب ثيو:
- انه جدير بالاحترام .
ثم اضاف :
- ايتها الغبية يبدو ان سام يذوب فى حبك.
- غير صحيح.
- لا احد يوازي سذاجتك خاصة فى هذه الايام.
منتديات ليلاس
ظهر الغضب على وجه جايني:
- هل تمانع ؟اذا شئت تحليلي احتفظ بالنتائج لنفسك فلدي احاسيسي الخاصة.
- يالك من طفلة.
كان صوته قاسياً وكأنه يقصد ايذائها ووجدت جاينى نفسها عاجزة عن صده واغرورقت عيناها بالدموع فأحنت رأسها لتخفي خجلها
- لا تبكى ياجاينى .فما من رجل يستحق دموعك.
- دموعى ليست لك... لم اعتد ان يخاطبني احد بهذه اللهجة من قبل.
- لست غاضباً عليك، اني غاضب على نفسي وعندما اغضب مع نفسي اسيء الى من هو اقرب مني؟
- ولكن هذا غير منطقي.
- وهل تتوقعين من الناس ان يكونوا منطقين؟
- ولم لا؟.
- لم لا!
ارتفع حاجباه واستطرد قائلاً:
- هل تؤمنين بالحب الحقيقي بين رجل وامرأة؟.
فاعتلى وجه جايني الاحمرار ولكنها صدت الشعور بالخجل وقالت بحزم:
- نعم.
- أترين ؟ اين هو المنطق عندما يحب رجلا امرأة معتقداً ان معها وحدها يمكنه اكتشاف السعادة؟ بينما يعلم اي انسان بسيط ان الزواج السعيد يرتكز على الجاذبية الخارجية بين الطرفين وانسجامهما الشخصي ، هذا اكيد اذا كان ماتسعين اليه هو امانة الاستقرار ضمن الحياة الزوجية.
- وطبعاً هذا مالا تريده.
اجابت محولة السؤال اليه حين وجدت نفسها عاجزة عن الدفاع عن آرائها الرومنطقية حول الحب والزواج امام ماورد منه من سخرية.
وبينما كان ثيو يفكر بالاجابة كانت جايني تتأمل تعابير وجهه بدقة وكانت تشعر بقوة وثقل ذراعيه حول خصرها ثم اجاب:
- اريد الزواج لكنني لا اريده لامانة الاستقرار ، انظري حولك حتى في هذه الجنة تجدين عدداً كبيراً من الزيجات في مأزق كبير وعادة يبقى الزواج مستمراً بسبب الأولاد ومجرد كسل من الطرفين.
- طبعاً هنالك العديد من الزيجات على هذا نحو، لكن هنالك العديد من الزيجات السعيدة ايضاً.
اجاب بجفاء:
- هذا يرجع الى تحديد كلمة سعادة.
ثم استمر يقول:
- هل يسعدك ان تكون سعادتك الزوجية ناتجة عن لحظات عاطفية تشاركيانها مع زوجك مدركة ان اي تغيير في المستقبل يعني بداية جديدة والاعتياد على العيش بدون رفاهية الألفة التي كانت سائدة؟ الناس كسالي ياجايني ، يضعون الاصفاد بأيديهم ولا يمانعون فتبدو الحياة اسهل للعيش.
سألته وهي تحدق في عينيه وفي بسمته الساخرة:
- وما الضرر في ذلك؟ اقصد انها حتماً نوع آخر من السعادة.
- وذلك افضل من لا سعادة على الاطلاق، هل تقبلين بزواج كهذا؟.
- لا.
- هذا مااعتقدته؟تريدين نشوة الغرام ان تستمر الى الابد بعد الزواج.
- طبعاً لا، فهذا مستحيل، لكنني اؤمن ان مشاركة الحياة اليومية بقدرتها ان تصوغ ارتباطاً قوياً بين الطرفين
وفور انتهائها من حديثها ضحكت بعصبية وقالت:
- كم انا غبية، اتكلم وكأن لي تجربة في الزواج وأنت؟.
- لا، لم اجرب الزواج بعد.
ثم اضاف مغيراً الموضوع:
- تجيدين الرقص ياجاينى.
وفكرت وكأنها تهمس بقلبها:
- احب الرقص وخاصة برفقتك.
استمر الطقس على حالته وراتفعت الحرارة الى درجات لم تصل اليها من قبل ، ذبلت المزراع تحت اشعة الشمس القاسية ومن شدة الحرارة بات الاكل صعباً والنوم اصعب واشترت جاينى اثواباً جديدة منها ثوب للسهرة وصندل كعب عال.
سألت امها والشك يساورها :
- كعب عال ياعزيزتي ؟ يجعلك تبدين طويلة جداً.
اجاب بول:
- لكنها طويلة
ثم اضاف :
- ستة اقدام .
قالت جايني:
- تقريباً.
واستطرد بول قائلاً:
- سيبلغ طولي الستة اقدام قريباً.
تتذمر السيدة باودن من غلاء الثياب التي تحتاج لشرائها لبول باستمرار:
- لا احد يشك بذلك، فبول ينمو بسرعة عجيبة...
- سأصبح طويلاً كالسيد كارينغتون وذلك ستة اقدام وبوصتين، جايني، هل سترافقينا الليلة؟ سنذهب الى الخليج لصيد السمك.
ترددت قليلاً ثم اجابت:
- لم لا؟ متى اتفقتما على الذهاب؟
- الساعة التاسعة، امي متى ستعود بينى؟
- لم يبق سوى ايام قليلة قبل عودتها ،لماذا؟
- التقيت بجيف ماكدنولد فى ساحة المدينة اليوم وسألني عليها.
منتديات
تنهدت السيده باودن:
-آه ....كنت ارجو ان يكون قد تحرر من حبه لبينى
وهذا ماكان يرجوه الجميع، احب جيف بيني منذ كانت في الخامسة عشرة من عمرها، وكان جيف حينئذ مسؤولاً عن مزرعة ابيه، لكن بيني تعتبره من طينة غير طينتها ، اغضبه قرارها الالتحاق بالجامعة وخاصة لدراسة الحقوق، لكنه مالبث ان قبل بالامر، فجيف لا ييأس ابداً. استمر في الخروج مع بيني خلال عطلة الصيف راجياً ان تحقق المثابرة مافشل الاخلاص في تحقيقه، لكن جايني كانت تعلم ان الأمل ضئيل ومادام جيف راضياً بالوضع كما هو فلا احد يقدر على تغييره ، خاصة ان بيني ترحب به بسرور كبير كلما تم لقاؤهما من جديد
يبدو الآن ان الشيء نفسه سيتكرر هذا الصيف ، سيأتي جيف ويصطحب بيني في نزهات متعددة كما هي العادة كل صيف، امسكت جايني بوردة النرجس تشم عطرها الساحر
وفجأة ظهر بول امامها يبدو عليه المرض
- هل انت بخير؟
- معدتى تؤلمني.
اقتربت منه والدته وقالت:
- منذ متى تشعر بهذا الألم؟
- منذ قليل.
كان صوته قلقاً وارغمته امها على الايواء الى الفراش فاطاعها
وسألت جاينى امها فور دخولها الغرفة:
- كيف حاله الآن؟
- انه نائم لاشك انه تأثير الحرارة سيحسن النوم من حالته حتماً
- اتعتقدين انه سيقدر على الذهاب لصيد السمك؟
- لا ياعزيزتى فاذا كنت تنوين الذهاب عليك ان تذهبى بمفردك.
ترددت جاينى لكنها سرعان ما ادركت ان رفضها للذهاب مع ثيو سيثير الشكوك فقالت:
- حسنا ربما سيعدل ثيو عن الرحيل.
- لا ارى السبب فأنت تحسنين الصيد تماماً كبول.
لم يظهر ثيو اي ازعاج لمعرفته ان بول عاجز عن اصطحابهما فبعد ان عبر عن امنيته بشفاء بول سريعاً ، اصطحب جايني معه وانطلقا نحو الخليج، كان النور مازال ساطعاً لكن الشمس فقدت معظم حدتها، وفي طريقهما، وقع نظرهما على يخت في المرفأ حيث كان يجري احتفال
كانت الموسيقى والأصوات المرتفعة مسموعة من مسافة بعيدة، وبينما كان ثيو يدير الزورق البخاري، خرجت فتاة من اليخت المجاور وحيت ثيو بقبلة على الهواء ورد ثيو التحية بالمثل فاشتعلت جايني غيظاً ، لاحظ ثيو ردة فعلها واطلق ضحكة عالية، كان يبدو كالقرصان وادارت جايني رأسها تتأمل مياه النهر محاولة اخفاء حقيقة شعورها.
اثناء الرحلة لازمت جاينى الصمت كان ثيو منهمكاً بقيادة الزورق عبر القناة واقترب منهما ببطء مركب ظهر منه ريد تومسون وحياهما بأدب:
- مساء الخير ياجاينى وياثيو.
- مساء الخير ياريد.
- ليله لا بأس بها .اذاهبان للصيد؟
- نعم
قال ريد وهو يلقى سيكارته:
- كونا على حذر ستجدان فى طريقكما بحارة على متن مركبين يحتفلان بالعيد اغلبيتهم فى حالة دوخة يرثى لها.
- سنكون على حذر .شكرا ياريد.
- العفو.
وتابعا طريقهما .كانت جاينى تتأمل ثيو وهو يقود الزورق .
كانت تحدق فى كتفيه العريضتين ..ولونه الاسمر وقامته الجذابة، ليس عدلاً ان يملك ثيو كل هذا بالاضافة الى شخصيته الفذه ..انه رجل يسهل الوقوع فى حبه ويصعب نسيانه
وكلما اقترب من الخليج سمعا بوضوح اكثر ضوضاء الحفلة التى حذرهما منها ريد.كانت الموسيقى تخرق الاذان والقت جايني نظرة قلقة نحو المركبين لكن ثقتها بثيو سرعان ماازالت قلقها .كان المركبان متصلين بالحبال مماجعلهما يجتازان القناة معاً وفجأة قفز بحار من المركب الكبير الى الاخر حاملاً بيده كأس شراب وتبع قفزته تصفيق وهتافات ثم تمايل المركب بقوة ولم يفعل البحارة شيئاً لاعادة المركب الى توزانه
فاشتدت الحالة سوءاً حتى انحرف المركب الكبير الى حيث المياه قليلة العمق.تعال الصراخ واسرع ثيو بزورقه نحو المركب ثم توقف وسرعان مااستلم ثيو الوضع محاولاً تنظيم الامور.
مرت ساعة كاملة ساعد ثيو خلالها على اخلاء المركب الصغير الذى تحطمت اجزاء منه نتيجة الاصطدام.وبمساعدة بعض الموجودين في مركب آخر تم سحب المركب الكبير من المياه الضحلة وبعد ساعة من الوقت حضرت الشرطة واشرفت على الامر.
عاد ثيو الى جايني قائلاً :
- حسناً هيا بنا لنعود.
اثناء وجود ثيو لم تقع اي اتهامات لأنه استطاع ان يسيطر على البحارة بقوة شخصيته ولسانه اللاذع وبوصول الشرطة بدأت الاتهامات تمطر من الطرفين وبدت الحالة على وشك الانفجار، فكانت جايني سعيدة بالعودة الى البيت
-من المستحسن ان نرجع الى البيت الآن، نعود للصيد مرة اخرى.
اومأت جايني برأسها ، لقد رأت ثيو كما لم تعرفه من قبل ، كان في حالة اثارت خوفها حتى لو انها اصبحت بطريقته في معالجة الوضع، انه رجل متعدد الصفات ، ربما كان بحاراً متشرداً لكنه ولد ليكون قائداً، فبعد ثوان من وصوله الى المراكب ارغم الجميع على اطاعته فاطاعه الجميع بدون استثناء.
وفي الليلة التالية ذهب ثيو وبول وجاينى للصيد معاً لصيد السمك.
اصطادوا كميات كبيرة حتى اضطرت السيدة باودن لوضع معظهما في الثلاجة .
وفي الايام التالية انهمكت جايني فى قطف الفراولة بينما كان ثيو يجمع التبن.
انتهت الترتيبات اللازمة لعيد الميلاد واقترب موعد عودة بينى .سمعت جايني انها تقول :
- حسناً ، كل شيء جاهز، ارسلت ببطاقات المعايدة واشتريت كل الهدايا اللازمة ، دعوت ثيو لقضاء العيد برفقتنا فقبل دعوتي لتناول طعام الغذاء ، اما للعشاء فلن يكون معنا، بل اتوقع ان يكون ضيفاً في منزل عائلة تالبوت .
- ممكن ، اجابت جايني فثيو وفيل يخرجان معاً باستمرار.
اجابت السيدة باودن :
- هكذا سمعت .
- يبدو ان ثيو استقر في آواكيبو، وكأنه ينوي البقاء ، امر مؤسف ان تكون حياته على هذا الشكل ، من مرفأ الى مرفأ ، لو انه يستقر ويثبت في عمل.
- وماذا تقترحين ان يفعل ؟ لا استطيع ان اراه وراء مكتب او مقود شحن مثلاً.
نظرت اليها امها بدهشة:
- جايني ان ثيو رجل مثقف تبين لنا من حديثه منذ مدة انه تخرج كمحاسب.
- محاسب؟
لم تصدق جايني ماسمعته ، فلم يكن بامكانها ان تتصور ثيو كمحاسب، ليس في شخصيته شيء يدل على الدقة والترتيب العقلي الحسابي
- يظهر انه لم يجب العمل كمحاسب، قال لي انه بدأ حياة السفر وهو في العشرين من عمره.
- اذن حصل على شهادة المحاسبة خلال تجوله في بلد من بلدان...
اجابت جايني :
- ربما
وعجزت عن تخيل ثيو محاسباً كعجزها عن تخيله سائق شاحنة من الصعب تصنيفه فهو فريد من نوعه
اتى سام فى تلك الليلة ليتبادل الاحاديث مع جاينى وبعد ان القى التحية على السيد والسيدة باودن خرج برفقة جاينى الى الشرفة وجلس على الاريكة يتناول الشراب.
- كم تغير هذا المكان منذ مجيئكم الى آواكيبو ، لقد صنعتم الكثير لتحسينه.
- اتذكر، كان المنزل بدون نوافذ وغرفة قاتمة لا تدخلها الشمس اما الحديقة فكان العشب فيها عالياً جداً.
نظرت حولها تتأمل مافعلته السنوات الست الماضية
اصبحت الحدائق التي تحيط البيت انيقة ومزروعة بأجمل الازهار وتحول البيت الى مسكن مريح وبهيج تدخله الشمس وتملأ دفئاً وأخذ سام يتحدث عن عمله خلال العطلة
بدأت الشمس تغيب ومن بين اشجار الاوكالبتوس سمعا تغريدة عصفور وفجأة قفزت شاي على كتف جايني تفوح منها رائحة السمك، اخذتها جايني بيدها ووضعتها في حضنها اذ غلبها النوم
- على ان اذهب الآن ياجايني مارأيك فى مرافقتي الى حفلة عيد رأس السنة؟سيذهب اليها كل اصدقائنا.
- طيب فهذه فرصة سائحة لرؤيتهم ، يبدو اننا انهمكنا في العمل هذه السنة ولم تجد الوقت الكافي لرؤية بعضنا.
- ربما ستكون هذه آخر سنة نجتمع فيها، هل قررت ماذا ستفعلين في السنة الجديدة؟.
- لا لم اقرر بعد.
- لا تيأسي ستحتاجين الى الوقت لتقرري اتجاهك في الحياة ، علي ان ارحل الآن ، اراك قريباً.
ردت جايني التحية وتركت جاينى الشرفة لتتنزه فوق العشب الاخضر كان الليل جامداً والهواء منعشاً ، نقياً واستغرقت جايني بالتفكير في احاسيسها الجديدة ، وفي مايجري في اعماقها من مشاعر لم تألفها من قبل وفجأة سمعت صوتاً خلفها انزل فيها الرعب
- انتظرت منك اشارة لكنك فاشلة فى تمثيل دور جولييت.
ضحكت جاينى بعصبية محاولة السيطرة على رعبها
- تحتاج جولييت لضوء القمر لالهامها وانت بعيد كل البعد عن روميو.
- صحيح فأنا اكبره بعشر سنوات ، كم كان عمر جولييت ؟
- اظن انها كانت في الرابعة عشرة او الخامسة عشرة من عمرها.
توقف ثيو وقطف زهرة غاردينيا والقاها بلطف على رأس جايني وهو يقول:
- كانت جولييت تصغرك سناً لكنها استطاعت ان تحب حباً عميقاً وكاملا ً،هل انت قادرة على ذلك؟
- لاادرى، كانت جولييت ناضجة فى عمرها لكننى اشك ان ما شعرت به تجاه روميو كان بالفعل حباً حقيقياً
- تعتقدين انه لم يكن سوى جاذبية خارجية ؟لماذا؟
- لانه لم يمض على معرفتهما ببعضهما سوى وقت قصير والحب الحقيقى ينمو بعد معرفة قوية بين الشخصين
- ربما كنت على صواب، كم من الوقت تحتاجين كى تحبي شخصاً؟ثلاث دقائق؟ام ثلاثة ايام؟ام ثلاثة سنوات؟
ازعجتها السخرية فى صوته واثارتها فى الوقت نفسه فاجابت بسرعة:
- لا اعتقد ان الوقت هو العنصر الاكثر اهمية.درجة المعرفة هي الأهم فى اي حال لا اعلم الكثير عن هذا الموضوع لم يسبق لي ان احببت من قبل.
اجاب ضاحكاً:
- صحيح؟ الم تقعي في حب مدير المدرسة مثلاً او احد المطربين الشباب؟.
- لا لست من هذا النوع
- لااصدق ان مشاعرك مازالت نائمة منذ زمن ولم تصح ابداً.وماذا عن سام الذى ذهب منذ لحظات قليلة؟
- سام ؟وماذا تعني؟
- هل انتما اصدقاء فقط؟
- نعم
كان المهم جداً ان تقنعه بهذا الامر فاستطردت قائلة:
-نعرف بعضنا جيداً ممايمنع ان يكون بيننا اية نزعة رومنطقية.
- لكن بقولك هذا تناقضين نظريتك عن روميو وجولييت اليس كذلك؟
اخذها ثيو بين ذراعيه وتابع قوله:
- اذا كانت المعرفة عنصراً اساسياً للحب ،فهذا يجعلكما انت وسام حبيبين بدلاً من صديقين.ولا يخفق قلبك بهذه السرعة عندما يعانقك رجل غريب مثلي.
كانت ذراعاه حول خصرها غير محكمتين لكنها عجزت عن ان تتحرك برغم محاولاتها للافلات وطوق صدرها احساس غريب مسبباً لها ضيقاً في التنفس بوجود ثيو بالقرب منها على هذا النحو كانت تشعر بقامته القوية وتشم عطره الذكي وكان عليها ان تحارب رغبتها بالاستسلام بكل ما تملك من قوة لكنه حررها من قبضته بعد لحظات قليله وقال بسخرية:
-ليكن هذا درساً لكي ياجايني ابقي الانوار مضاءة دائماً خلال وجودك مع رجل بمفردكما في ليلة صيف قاحلة . ان زهر الياسمين والغاردينيا لها عطر مثير يصعب الافلات من تأثيره.
- اشكرك على تحذيرك سأتذكره دائماً
وبعد لحظات عديدة ظهرت السيدة باودن على الشرفة وقالت :
- سمعت صوتكما تعالوا الى الداخل فالندى كثيف حتى فى هذا الوقت من السنة.منتديات ليلاس ريحانه
أنت تقرأ
البحار الساخر (مكتوبة)
Romansaالثقة بالنفس ليست دائماً ورقة رابحة، والقوي ليس باستمرار قوياً على قلبه... ثيو كارينغتون ، البحار الساخر احبته نساء كثيرات، لكن قلبه بقي حراً مستقبلاً، حتى جمعته الصدفة بجايني باودن، فتاة في سن دراسة، تختلف كثيراً عن اي امرأة عرفها ثيو من قبل. أحبته...