في ارض الحسين

270 15 1
                                    

كربلاء 2014

كان اول شيء وقعت عيني عليه حال وصولنا هي العبارة الموجودة في اعلى السيطرة والتي تآكلت بسبب اشعة الشمس الحارقة "مدينة الحسين ترحب بكم".

دخلنا مدينة ابي التي عاش فيها كل طفولته كنت استشعر وجوده فيها وكل ذكرياته التي حدثني عنها هل هذه المدينة التي متَّ وانت تحن اليها يا ابي!

بدأت السيارة تبطأ من سرعتها على ما يبدو اننا قاربنا الوصول لمنزل عمي الذي اخبرتني امي اننا سنبقى فيه حتى وصول جثمان ابي وانتهاء العزاء كان الشارع ممتلأ بالمنازل الواحد بجنب الاخر وكل منها تنسدل شجرة من الورود او أي من الاشجار الاخرى كان نظيف ومنازله مرتبة وكبيرة في منتصفه توقف عمي واخبرنا ان ننزل وطلب من ابنته ان تفتح الباب ليستطيع ادخال السيارة في فناء المنزل.

دخلنا اولا بصحبة زينب التي اشارت الى الباب الذي يجب ان نسلكه كان بيته كبير ويحوي حديقة تكسوها الخضرة والوان الزهور ووسطها ارجوحة كبيرة والى الخارج يحوي بابين احدهما يؤدي الى المطبخ والاخر يبدو انه غرفة للضيوف سلكنا باب المطبخ حيث اشارت زينب ورأيت حال دخولنا امرأة عجوز منهمكة بالطبخ كانت كأنها تسلي حزنها بإجهاد نفسها على هذا النحو تقدمت امي نحوها واخذتا تبكيان وتحضنا بعضهما واما انا فقد كنت اكتفي بالمشاهدة فحسب بعدها تقدمت العجوز نحوي وقالت انا جدتك يا عزيزتي واحتضنتني وعادت للبكاء.

كنت اريد تخليص نفسي منها بشتى الطرق كيف لها ان تحتضنني وهي مرتي الاولى للقائها يبدو ان عاطفتها مفرطة نوعا ما.

بعدها جاءت زينب برفقة والدتها وبينما كانوا يتحدثون في غرفة الجلوس بعد ان انهوا مشاعرهم في المطبخ قالت والدة زينب لها ان تأخذني لارتاح قليلا لم امانع ذلك فكنت ابحث عن الطريق للخلاص من بكاء جدتي وتطفلها على ملابسي واموري الخاصة.

ذهبت برفقة زينب الى غرفتها في الطابق العلوي حيث كان هناك غرفتان متجاورتين وصالة صغيرة تتوسطها فتحة محاطة بسياج مماثل للذي في السلم وتطل على الطابق الارضي للمنزل.

كانت غرفتها الباب الثاني على جهة اليمين هممنا بالدخول ففوجئت بما تحويه من ملصقات وعبارات على جدرانها كلها تخص الحسين ذلك الرجل الذي كنت اسمع عنه من غير ان اعرفه.

مر اسبوع من التعب النفسي والجسدي الذي كنت اقاسيه وبعد انتهاء جنازة والدي ومراسيم العزاء طلبت من امي ان ننتقل حالا فلا اريد سماع المزيد من تمتمات الناس التي تزورنا فطلبت امي من عمي ان ننتقل فكان ذلك.

في اليوم الذي كان يجب ان ننتقل فيه لمنزلنا امي ذهبت برفقة زوجة عمي وعمي لشراء بعض الضروريات اما انا ففضلت البقاء بالمنزل ونزلت الى باحته اجلس على الارجوحة اعيد كل ذكرياتي الماضية بينما كنت منهمكة بالتفكير سمعت صوت باب المنزل للحظة ظننت ان امي عادت فسارعت لكي اراها ولم اشعر غير انني اصطدم بجسد احدهم ابتعدت قليلا واذا به ينزل ناظريه الى الارض فقلت اه انه انت ابن عمي الذي لديه اختبار بقي محدق في الارض وقال نعم سررت بمعرفتك يا اختي استأذنك الان.

شعرت بالغرابة من تصرفه يبدو وكأنه تجاهلني على اية هذا حال الوسيمين دائما مغرورين دخلت ووجدت زينب في المطبخ وقلت لها لقد اتى اخيك فقالت اجل رأيته لكن يا زهراء الجميلة هل يمكن ان ترتدي الحجاب ان صادفته مرة اخرى, لا اعلم لم في تلك اللحظة شعرت ان كلامها جرحني رغم اني لم اكن اهتم بأي شيء يقال لي فأجبتها على اية حال هذا اليوم سنغادر ولا يوجد شيء يجعلنا نلتقي مرة اخرى.

انتقلنا الى منزلنا الجديد الذي سنعيش فيه انا وامي مع ذكرياتنا, كان يقع في حي النقيب وصغير بما يكفي لشخصين يحوي فناء صغير وغرفة للنوم في الطابق الارضي مع غرفة الضيوف والمطبخ اما في الاعلى حيث غرفتي مع اخرى خالية وضعنا فيها بعض الاشياء التي لم نكن بحاجة اليها. 

وتردّ سلاميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن