٠٤| النّخبَة والأكروبوليس.

2.6K 410 95
                                    

أطلَقتُ شهيقًا من أعمَق رئتَي أشعرُ بالإختِناق وبالضباب يستَحل عينَي. «م_ا هذا؟!» حاولتُ فتح عيني، لكنهما ثقيلتان وكأن رملاً قد دخَل بهما. «بارد.. لماذا أنا مبللَة واللّعنة؟» أشعر بقشعريرَة تجري في جسدي، وأسناني تصطكُ ببعضها من البردِ الذي بدَأ يغزوا عظامِي.

«هل أسَأتُ الضّيافَة يا ترَى؟»

حاولتُ التركيزَ على الهيئَة أمامي أجابِه الصّداع الذي يفتِك برأسي والضبابَة الغاشمَة التي تغرِق عينَي، شيئًا فشيئًا حتى بدَأت ملامحه تتكَشف.. وجه أراه للمرّة الأولى.

انقلَبت عيناي تلقائيًا نحو من أعرِف، أرفُ بجفنيّ بسرعة. بلانكَا فتاة الأسلحَة كانت تستنِد على الجِدار عاقدَة ذراعيها عند خصرِها وترمقنِي بنظراتِها التي لم تتغيّر منذ يومَين باردَة وكارهَة كالعادَة، ثمّ إلى الجالِس فوقَ الطّاولَة ينظّف جعبَة أسهمِه.. رين، رين ديلاسكالا.

أسهُمه المشؤومَة لا تزَال تلتَصقُ به، بمجرّد تذكرّها تمتقِع أحشائِي وأرغَب فقط في نتفِ شعرِه الذي لا يستحِقه بها.

«ما هذا؟ هل أحضرتكِ إلى هنا كي تولِي اهتمامكِ بغيرِي يا آنستِي؟» عدتُ إلى صاحب الصوتِ أخيرًا من يقفُ أمامِي ولا يزالُ يحمِل دلو الماء، أحمَق ذو جسدٍ ضخمٍ وعضلِي مع بشرةٍ حنطِية وملامحَ وجهٍ حادّة، أبرزَها أكثر بحلقِ جزءٍ من حاجبِه الأيسَر. كان غرابِي الشّعر والعينَين ويرتدِي معطفًا بنيًا طويلاً من الفَرو القرميزِي.

«من أنت؟» حدقتُ بنفسي مجددًا وجسدِي الذي يقطرُ ماءً وإلى كوني أجلس فوق كرسي ويدَاي مربوطتَان للخلف.. أدركتُ هذا للتّو. «وكيفَ تجرؤ على.. اختطافِي؟!»

قلبتُ عينَي على الغرفَة حولِي، هندسَة قوطية قاتمة مع جدرانٍ حجريَة سميكَة وسقفٍ مقبَب، الإضاءة خافتة ومتقطِعة تأتِي من شموعٍ متوهجَة معلقَة بالجدران، مما يزيد من الظّلال ويخلقُ جوًا من القمعِ والضّيق. هناكَ طاولَة دائرية يحاوطها الكَثير من الكراسي مصنوعَة من الخشب الداكن المنحوت والمزخرَف بشكل معقد.

هذا.. إنّه يعكِس القوّة والثَروة.. والعظمة.

هل هذه غرفَة الحكّام؟ نخبَة الطّلبة هنا؟!

«انظرِي إلي.» أصابعُه قبضَت على فكّي يخفِض رأسي إلى خاصّته القريب، حاجبه ارتفَع وكأنّه يعاينني. «هل من الصّعب الحصول على اهتمامِك دائمًا أم أنني لا أواكِب مزاجَكِ فقط؟»

هذا النّوع من الأشخاص.. الحثالَة.

«لا تلمِسني.» ركبتِي ارتفَعت تضرِب فكّه وبقدمِي رفستُه بعيدًا ليسقطَ للخلف. «أيتها ال__» بلانكا سحَبت مسدَسًا وكادَت تهجُم علَي لولا أن يدَه استوقفَتها قبل أن تصلَ إلي.

OLYMPUS ACADEMY || أكاديمية أوليمبوس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن