يحكي لنا عجوز بَابِل "هِرْمَاسْ" أول حكايةٍ من حكايات هذه المدينة و أول خطيئة من الخطايا السبع و نحن بدورنا نحكيها لكم :يُقال ان ساحرا يُدعى "سرجين" اشتهر صيته في بقاع مملكة آشور -اسم المملكة البابلية آنذاك- على انه من أشرف كهنة بابل و أكثرهم حكمة و حنكة في أمور الفلك و الأجرام و قراءة الطالع و التواصل مع الالهة و الشياطين
كان لِ سرجين ابناً بكراً يدعى لاوي و آخر يدعى شمهار
و لم يكن له غير هاذين الاثنين ليعلمهما اسرار سحره او كما كان يسميه البابليون قديما الماجي، و عندما بدأ تعليمهما نفرا منه و هنا بدأ كل شيء..ذهب لاوي رفقة شمهار الى منطقة اخرى من مناطق بابل عند سيدة طاعنة تدعى هيودان كانت تؤجر الغرف لعابري السبيل و اتخذا غرفة من غرفها مقراً لهما ، و بينما هما يتسامران :
"أوليس عاراً علينا أب مثله يا لاوي"
"بلى هو كذلك، لقد انتزع ايماني و رماه في أقصى بقاع الارض و بقيت انا كمن تجرد من ملابسه و عُرض جسده في سوق للعبيد يا شمهار"
"اني لا أصلحك حالاً ،لا ازال لا اصدق ما سمعته اذناي الفانيتان من فم اشرف رجال المدينة ، لقد اهتزت اوصالي و توارت معتقداتي وراء غياهب الوهن و التيهان"
ظل الاخوان يتحاوران إلى ان أظهر شبح النوم براثنه و خيم على تلك الغرفة الصغيرة محتضناً ما فيها في سبات عميق
كان سرجين يمشي ذهاباً و إياباً يعض شفتيه في إمتعاض لذهاب ولديه بعد ان أطلعهما على سره، لا يدري الى ما ستؤول إليه حاله بعد ان هجره أقرب ذويه و إن في حقيقة الامر هو كان اشد امتعاضا بسبب خوفه من ان ينتشر سره فيصير مصلوبا او مقطوعا رأسه او منفيا مع السباع في الفيافي
بعد مضي اسابيع على الاخوان عند هيودان، صارا يشتغلان معها في حياكة الزرابي و غزل الصوف
كان لاوي شابا طويل القامة اسمر اللون باهت الملامح قمحي الشعر اجعده، عيناه كعيني صقر جامح و بنيته كبنية أبطال الاساطير البابلية
اما شمهار فكان قطني البشرة شاحبها ضعيف البنية طفولي المظهر رفيع الجلد، تظهر عروق يديه صارخة كأنها تريد التحرر من سجن بشرته، لم يكن يشبه اخاه في شيء
كانا متكاملين كتكامل الشمس و القمر، كإنسجام النهر و الحجر، إن رأيتهما قادمين حسبتهما نجمين سقطا من السماء ليتجسدا على هيئة بشر هي أقرب للخيال من الحقيقة و إن انسجامهما الغريب هذا كان كفيلاً بتحريك غريزةٍ بابلية قديمة لدى عجوز بابلي أشعث أغبر يمكنك ان تعد اسنانه و شعرات ذقنه الرمادية... عجوز يدعى هِرْمَاسْ ...
أنت تقرأ
بَابِلْ -الأرْض المَلْعونَة -
Fiksi Sejarah" بَابِلْ التِي لَنْ يُخْبِرَكَ أحَدٌ عَنْهَا غَيْرِي أَنَا "