الفصل الثامنبعد حوالي عشرين دقيقة وجدت ´انجريد´ 'يانيس ' عند الباب
رماها بنظرة متسائلة عندما لاحظ إشراقة وجهها في ثوبها الحريري
الاخضر الذي يكشف عن كتفيها المتناسقتين . وكانت تضع في رقبتها عقدأ من الذهب ، مع قرطين غاية فى الجمال .
- انت رائعة .. اليس كذلك يا ´الكسيس ؟
ابتسم الرجل العجوز الذي يقف بجانبه ، وشرح لهما بلغته
الإنجليزية الركيكة ان اليخت في انتظارهما .
وتبادل يانيس معه عدة كلمات ، ثم ذهب ليأتي بالحقيبه من
الداخل واغلق نوافذ المنزل .
كانت حرارة الجو عالية وكان الهواء المعبق بالروائح المختلفة يطير
شعر ´انجريد´ وهم في طريقهم إلى الميناء .
ولم تدر 'انجريد' راسها لتنظر ورائها ولا لمرة واحدة فعلى الرغم
من كل ما قاسته في ´لينا كاريا´ ، وفي هذا المنزل ، إلا ان قلبها يعتصر
الما لفكرة انها لن تعود هنا ثانية وان هذه الصفحة من حياتها قدطويت تماما ..
كان ´يانيس ' واقفا عند مقدم اليخت وكانت ´انجريد´ تسترق النظر
نحوه من وقت إلى اخر فكان يبدو وسيما وحاسما تحت اشعة شمس الغروب التي تتلاعب فوق لون جسده البرونزي
وكانت تحاول بشتى الطرق البحث في ذاكرتها لتعيد إلى مخيلتها
صورة الرجل الذي كان يشع سعادة منذ ساعات قليلة وهو يضمها بين
ذراعيه لتمنحه نفسها .
هذا الرجل الذي لا ينفصل ابدأ عن توتره الداخلي الممزوج بالحزن .
فيظهر هذا التعبير على ملامح وجهه حتى عندما يبتسم مثلما حدث
في هذه اللحظة ...
وهنا ادارت ´انجريد' وجهها بحزن لتراقب المنظر الطبيعي حولها ، فقد اصبح شاطئ ´ليناكاريا´ بعيدأ الآن وكان الهواء شديدأ لدرجة
تسمح لها بالكاد بسماع صوت موتور اليخت .
ولم تستطع الفتاة ان تنسى ابدأ انها على وشك مقابلة والدة 'يانيس ´ ، وحاولت عبثا تخيل هذه المراة التي لا تعرف حتى اسمها .
كما حاولت ان تتذكر ما قاله ´يانيس ' عنها وفي الحقيقة انه على
الرغم من انه ذكرها عدة مرات إلا انه كان يبدو كتوما جدأ في هذا الصدد .
ولكن يبدو من حديثه انها امراة ذات سلوك متميز ويبقى الأن
تخيل طريقة استقبالها لزوجة ابنها ، وكم كانت ´انجريد´ تخشى هذا لاستقبال ... وحتى تبعد ´انجريد' عن مخيلتها هذه الافكار التي
تؤرقها حاولت ان تستغرق في تامل الطبيعة وسطح المياه وجزيرة
'كاناري' التي بدات تظهر في الأفق .
وبعد حوالي ربع ساعة ، وصل اليخت إلى الميناء الكبير وتوقف بجانب مركب ´ديمتريوس ' الشراعي وسط عدد كبير من مراكب الصيد
كان الميناء مملوءأ بالمنازل الصغيرة البيضاء ، وكانت معظم الأبواب مفتوحة ويجلس على اعتابها اشخاص مسنون بينما يجري الاطفال
هنا وهناك .
هنا يجلس رجل يدخن ، وهنا تجلس سيدة تعمل في صناعة الشبك ،
وهناك الباعة الجائلون يعرضون الازهار ، وفي الطريق كان الجميع يلوحون بالسلام إلى 'يانيس ' وهو سائر بجانب زوجته وكان
البعض ياتون لتقبيله وتبادل بعض الكلمات معه بينما ينظرون
باستغراب إلى 'انجريد´ التي تقف مبتعدة قليلا .
وفكرت الفتاة وهي تتقدم على رصيف الميناء المرصوف بالاحجار الضخمة انهم لا بد يقولون لقد عاد ابن المدينة ومعه امراة مجهولة
وكانت طريقة ´يانيس ' في السلام والتحية تخص شخصأ مختلفأ
عنه في السن والطبيعة وتختلف ايضا عن طبيعة هذه الامبراطورية
المتحمسة ، وكان ذلك في نظر ´انجريد' يعبر عن الوجه الأخر لشخصية ´يانيس ' .
وهنا في هذه الجزيرة . يبدو ان التفكير في احداث الايام القليلة
الماضية مجرد ذكرى سيئة وتجاعيد مرسومة على سطح محيط
الحياة ...
وهكذا ياتي الماضي والمستقبل ليتخذا مكانيهما في خضم هذه
الحياة الجديدة بصورة غير واضحة وغير اكيدة .
صاحت 'انجريد´ مهللة بينما كان 'يانيس ' يفتح باب السيارة
الواقفة على بعد عدة امتار من الميناء :
- إن كل شيء يبدو مختلفا هنا !
ولكن 'يانيس ' اكتفى بقوله :
- والدتي تسكن في الناحية الاخرى من الجزيرة .
استقل الزوجان السيارة معا وانطلقا في هدوء عبر طرقات القرية ،
وكانت الشوارع ضيقة ومتعرجة وتتخذ في بعض الاحيان شكل السلالم حتى تتلاءم مع طبيعة الارض .
وكان جانبا الطريق محاطين باشجار الفواكه والخضراوات مما
يجعل الطريق ضيقا ، وكانت طرقات المدينة حافلة في هذا الوقت
بالتجار والمشترين وكانت الضوضاء شديدة جدأ .
وترى هنا وهناك الملابس ذات الألوان المتباينة متروكة لتجف في
النوافذ ، وهناك يفوح عطر 'اليونان ´ والرائحة المميزة لاشجار الفواكه
والخضروات وزيت الزيتون والتوابل بجانب رائحة البحر ايضا .
وفجاة اوقف ´يانيس ' السيارة بسرعة ليتفادى احد الحيوانات الاليفة وتبادل مع صاحبها عدة كلمات .
وهنا انفجرت ´انجريد´ في الضحك ، فنظر إليها ´يانيس ´ نظرة مقتضبه
- في بعض الاحيان اظن انني لو لم اولد في هذا البلد ، لاصبحت
يونانيا ايضا...ورده قايين
وحاولت ´انجريد´ ان تعلق على حديثه ولكنها لم تجرؤ ثم تابعا
طريقهما الطويل بينما كانت المنازل تتناقص اعدادها شيئا فشيئا . وكانت الوان الاشجار الخضراء الزاهية تختلف كثيرأ عن لون الارض
الجرداء المنعزلة لجزيرة 'ليناكاريا' ...
وعندما اوقف ´يانيس ´ السيارة امام سور من الحديد تظهر من ورائه
اشجار البرتقال كان الغروب قد هبط على المدينة .
وكانت فروع الاشجار العالية تفوق ارتفاع الجدران العالية التي تحمي المنزل الضخم .
- لقد وصلنا .
ثم منح ´يانيس ' ذراعه للفتاة باناقة حتى يساعدها في نزول درجات
السلالم الحجرية التي تؤدي إلى الفيلا وكان الممر كله محاطأ باشجار الليمون
وكانت الاشجار المختلفة تعبق الجو برائحتها المعطرة وهنا اكتشفت
'انجريد´ الفيلا في مجملها .. إنها سحر حقيقي . كان المنزل واسعا جدأ ولونه ابيض ومحاطا بالشرفات والنوافذ .
وكان يطل من ناحية على البحر ويتصل به مباشرة عن طريق خليج صغير ذي مياه شفافة
أنت تقرأ
العاشق المنتقم -عبير الجديدة
Romanceمقدمة | كذب المنجمون ولو صدقوا | تنبأت لها العرافة بالمستقبل المخيف معه , ولكنها ضربت بكلامها عرض الحائط , ومرت الأيام لتثبت لها انه الوحيد الذي يمسك بخيوط مصيرها بين يديه ,وعليها اللحاق به أينما ذهب ,ولكنه لا يغفر لها الخطأ الذي ارتكبته في حقه , وي...