الفصل الثالث

14.4K 331 2
                                    

  الفصل الثالث
جلس عاصم بعد كلمات جده الاخيرة يشعر بالصدمة والذهول ليهمس بصوت متوجس
=غلط ايه ده ياجدي اللي يخليك تتكلم كده ؟
تنهد عبد الحميد قائلا بألم
= بعد ما عمك مات قعدتها في البلد هى وبنتها زي ما انت عارف وكل طلبتها كانت مجابة هى وبنتها وعمك صلاح كان المسئول عن كده وعمرى ما أخرت عليهم طلب بس يابني بعد ما البنت كانت في اخر سنة ليها فى الثانوي فوجئت بناس من اهل البلد جايين يقولوا.....
صمت عبد الحميد يغلق عينيه بألم يبتلع ريقه بصعوبة غير قادر علي الكلام لسأله عاصم بلهفة
= قالوا ايه ياجدي؟ ايه اللي حصل؟

استمر عبد الحميد علي صمته يخفض رأسه ليهب صلاح مكملا الحديث قائلا بجمود
= انا هقولك قالوا ايه يا عاصم ان عواطف وبنتها سيرتهم بقيت علي كل لسان وانهم خلاص مبقاش ليهم حاكم .

اتسعت عين عاصم بصدمة قائلا بذهول = تقصد انهم....
هز صلاح رأسه بالايجاب قائلا
= ايوه بالظبط ومكنش ادام جدك غير انهم يجوا يعيشوا هنا وسطنا وادام عينينا بس طبعا الست عواطف معجبهاش الوضع ورفضت اول ما جدك هدد انه مش هيصرف عليهم تاني وافقت علي طول علي طلبه وجت هي وبنتها هنا واتعاملوا احسن معاملة بس للاسف......
صمت صلاح يخفض رأسه بخجل ليسأله عاصم عاصم بتوجس
= بس ايه كمل ياصلاح بيه
تنحنح صلاح بحرج ليسرع عبد الحميد قائلا بلهفة
=قوله يا صلاح علي اللي حصل من المجرمة دى
صلاح بخجل وارتباك
= اقوله ايه بس ياعبد الحميد بيه خلاص اللي حصل حصل
هتف سيف الجالس بصمت منذ بداية الجلسة مراقبا كل مايحدث بعين وابتسامة ساخرة قائلا بأبتسامة شرسة
= الهانم كانت بترسم علي ابويا يتجوزها وزقت بنتها كمان عليا يعني اهو تبقي كسبانة من الناحيتين
بس معملتش في حسابها ان بابا هيكشف لعبتها ويقول لجدي وزي ما انت شايف ده حالهم من وقتها
ليتوقف عن الحديث لبرهة ثم يكمل باستهزاء ناظرا الي عاصم المتسعة عينيه من هول ما يسمع
= ايه رأيك يا عاصم بيه لسه برضه هدافع عنهم
جز عاصم علي اسنانه قائلا بغضب وشراسة
= ولما هما فيهم كل العبر ليه قاعدين لحد النهاردة هنا انا مش مصدق حرف من اللي اتقال ده
نهض عبد الحميد بضعف يستند علي عكازه قائلا
= حقك يابني متصدقش انا نفسي مكنتش مصدق لحد ما صلاح جه واشتكي منها وقتها انا مكنتش معرف حد بموضوع الكلام اللي وصلني من البلد صلاح نفسه مكنش يعرف يعني مش معقولة اللي هنا واللي في البلد هيظلموهم
تنهد مكملا بألم
انا سبتها هنا تحت عينيا هنا بدل ما يفضحونا برا بعميلهم ولحد النهاردة محدش يعرف بالكلام ده غير صلاح وسيف وانت دلوقت
اقترب عبد الحميد من عاصم الواقف مكانه متسمرا تطل من عينيه نظرة مشتعلة بالنيران قائلا له بضعف
= انا مش ظالم يا عاصم زي ما انت فاهم بس غصب عني اللي بعمله معاهم مش قادر اسامح في اللي عملوه
ثم انحني علي عصاه يخفض رأسه بضعف ليقترب منه عاصم قائلا بعطف = انا اسف ياجدى انا مقصدش كده ابدا بس اللي سمعته صعب علي اي حد يسمعه عن اهله وعيلته
هز عبد الحميد راسه موافقا قائلا
= طب كنت اعمل ايه يابني وانا بسمع كده في حق شرف ابني اللي
مات ياريت تقدر شعورى ياعاصم واللي حاسس بيه
صمت عاصم لايدرى بماذا يرد عليه ليتنهد بحيرة قائلا بعد حين
= تعال ياجدي اوصلك لاوضتك ترتاح ونبقي نتكلم بعدين .
ثم امسك به ليستند عليه ليغادرا الغرفة بخطوات بطيئة غافلين عن تلك النظرات الخبيثة التي اخذ صلاح وابنه يتبادلاها .
*. *. *. *. *. *. *. *.
لاول مرة منذ حضورها الي هذا القصر ورغم كل الاهانات التي نالتها هي ووالدتها دائما لكن شعرت فجر هذة المرة بأنها علي وشك الموت من الوجع الذي اصابها بعد ماحدث من جدها منذ قليل برغم اعتيادها عليه الا انه المها هذة المرة فقد تمت معاملتهم بأقل مايمكن ان يعامل الشخص بأحترام فحتي العاملين هنا لهم احترمهم وتقديرهم من ساكني هذا القصر ولكن اكثر ما يؤلمها انه قد تم هذة المرة امام عاصم امام من انتظرت لقاءه بلهفة جعلتها ترسم في مخيلتها كل مرة طريقة مختلفة للحظة التي يتعرف فيها اليها ولكن جاء الواقع اليم اشد الالم عن كل ما تخيلته يوما تتساءل ما يحدث به نفسه بعد رؤيته لتلك المعاملة من الجد هل سيأخذ الان صف الجميع ويصبح مثلهم ام سيظل كما وعت عليه اول مرة في سنها الصغير الحامي والمدافع عنها وعن امها من بطش الجميع
افلتت دمعة صغيرة من عينيها اسرعت فجر بمسحها حتي لا تلاحظها ام جمال التي عرضت ان تقوم هي باعمال التنظيف في المطبخ بعد الغذاء بعد رؤيتها لحالة امها السيئة فلم تستطع امها رفض عرضها بعد تشجيع فجر هي الاخرى وعرضها مساعدة ام جمال للاكأنتهاء سريعا لتسرع عواطف بالقبول والاختباء في غرفتهم المتواضعة تاركة اياهم للقيام بتلك المهمة
انتبهت فجر علي حديث ام جمال لها =ست فجر انا خلصت كل حاجة تحبي اكمل انا مكانك غسل الاطباق
هزت فجر رأسها بالرفض تبتسم ابتسامة شاحبة
= لا يا خالتي انا هخلص كله روحي انتي شوفي ثريا هانم كانت عوزاكي تعملي ايه .
تجعد وجه ام جمال دون ارادة منها اشمئزازا عند ذكر تلك الشمطاء لتسرع قائلة
= صحيح فكرتيني اما اروح اجيب الطلبات اللي عوزاها قبل ما تنزل وتقلبها سواد عليا عن اذنك ياست فجر
ثم هرولت خارجة من المطبخ لترك فجر ما بيدها فور مغادرتها تشعر بقدرتها علي التمثيل والاحتمال قد انتهت لتجلس بتهالك فوق مقعد المائدة تضع رأسها بين يديها تنساب منها دمعة تتباعها اخرى سريعا دون قدرة لها علي ايقافهم لينتهي بها الامر تشهق بالبكاء وهي تتذكر كل ماحدث مرة اخرى غافلة عن ذلك الواقف منذ برهة مراقبا لها يستند بكتفه فوق اطار الباب بصمت حتي سمع تعالي شهقات بكاءها ليسرع متقدما منها بخطواته الواثقة يجلس بجوارها يتحدث اليها برقة
= طيب ليه الدموع دي دلوقتي ؟
رفعت فجر راسها فزعة تتسع عينيها الحمراء من اثر بكاپها بذهول تراه جالسا الي جوارها يبتسم اليها برقة لتسرع في ازالة دموعها في محاولة منها لاخفائها عن انظاره تسمعه يتحدث بهمس مرح
= اوعي تكوني زي العيال الصغيرة اللي بتعيط علي طول
تجعدت ملامحها بطفولية رغمآ عنها من كلماته الضاحكة عليها ليضحك بصوت رجولي جذاب لدي رؤيتها لها قائلا
ده مطلعش الموضوع على اد العياط بس
شعرت فجر بتسارع دقات قلبها لدي سمعها لضحكته تلك لاول مرة تظهر في عينيها رغما عنها نظرة اعجاب ورهبة وهي تسمعه يحدثها برقة ولين = فجر مش عاوزك تزعلي من اللي حصل حقك عليا انا
صمت قليلا ينظر في ارجاء المكان ليكمل بعدها
=انا كنت جاي اعتذر لست والدتك كمان هي فين .
تنحنحت فجر لتقول بصوت هامس اجش = ماما تعبانة شوية و راحت ترتاح في اوضتنا .
هز عاصم رأسه بتفهم
= تمام هبقي اجيلها مرة تانية اتكلم معها بس المهم اني مش عاوزك تزعلي وبلاش الدموع دي تاني ملهاش داعى
ثم اتبع كلماته بمد انامله يقوم بمسح بقايا دموعها برقة ينظر الي عينيها المتسعة برهبة تجده يبتسم لها برقة في محاولة لتخفيف عنها قائلا بحنان
=انا هنا موجود زي اخوكي الكبير ومش عاوز يكون عندك تردد ابدا او خوف في يوم انك تيجى تحكيلي علي اي حاجة زعلتك او ضيقتك
بهتت ملامحها عند ذكره لذلك الجزء الخاص بانه كالاخ الاكبر لها لتشعر بأنقباضة في قلبها انستها الفرحة المفترضة منها عن كون اصبح لها ملجأ تلتجأ اليه من بطش من في القصر تراه يكمل حديثه غافلا عن شحوبها قائلا بجدية
= ولازم تفهمي كمان اني مش هسمح لأي حد يأذيكى تاني انتي او والدتك اى كان الحد ده حتي ولو جدي فاهمة يافجر
اسرعت فجر تهز راسها بالايجاب ليبتسم عاصم بحنان فاخذت عينيها دون ارادة منها تجوب ملامحه بسعادة واعجاب ليلاحظ هو نظراتها تلك ليتنحنح قائلا وهو ينهض من مقعده بتوتر
= انا هقوم ولو عوزتي اي حاجة متتردديش تيجى تطلبيها مني ماشي يا فجر
ابتسمت فجر تهز رأسها بخجل ليتوقف هو عما كان ينوي القيام به ناظرا الي ملامحها الخجلة لعدة ثواني قبل ان يغادر سريعا متجها الي الباب تتابعه فجر بعينيها لتجده يتوقف فجرة ملتفتا اليها مرة اخرى بوجه خالي من التعبير يسألها بأقتضاب
= فجر علاقاتكم مع الناس في البلد قبل ما تيجوا تعيشوا هنا كانت كويسة ولا كان فى حد بضايقكم من اهل البلد
تفاجئت فجر من سؤاله ليظهر ذلك علي ملامحها لكنها اجابته بتوتر
= عادي يعني مكنش لينا حد نعرفه ولا اصحاب وعلاقتنا بأهل البلد سطحية بعد وفاة اهل ماما ومبقاش لينا حد فيها .
اومأ لها عاصم براسه ثم غادر دون ان يضيف كلمة اخرى تاركا فجر تنظر في اثره بدهشة

اسيره ظنونه بقلم / ايمى نورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن