كانت ليلةً ذاتَ ظلمةٍ حالكة حجبت فيها الغيوم ضوء القمر ، في إحدى أمسيات الشتاء التي تساقطت فيها الثلوج بكثرة.
ليلة ساكنة أشارت فيها الساعة الى ما بعد منتصف الليل، قطع صمتها صوت ذلك الفتى الذي يحاول كبح أنينه ..تنفسه غير منتظم ....و شهقاته تتعالى كلما ضغط على جانبه الذي ينزف بشدة لكن دون فائدة لن تستطيع يديه فقط ايقاف نزيفٍ ناتج عن طلقةٍ نارية.
جبينه يتصبب عرقًا و حرارته مرتفعة، كان جالسا على الأرض الباردة مسندا ظهره على الحائط داخل زقاق مظلم.
أحكم قبضته بشدة...مغتاظًا من قلة حيلته و ضعفه،
...أصبحت رؤيته ضبابية و لم يشعر بنفسه حتى سقط على الارض، ترددت جفونه في مقاومةٍ أخيرةٍ منه لإبقاءها مفتوحة ....اتسعت حدقتيه عندما لمح شخصا واقفا في نهاية الزقاق يحدق به....
اقترب منه بخطواتٍ رصينة إلى أن وقف بجانبه، رمقه بنظرات مريبة ثم دفع الفتى بقدمه ليجعله مستلقٍ على ظهرهِ فانسدلت خُصلٌ من شعره الاسود على وجهه .جلس الشاب المريب على ركبتيه ، مد يده الى وجه الفتى المستلقي ليبعد خصلاته السوداء عن وجهه، جلُّ تركيزه على عينيه التي اكتسحها لون الزمرد الازرق ..بقي يحدق بها لترتسم ابتسامةٌ غير مفهومة على شفتيه.
كانت ابتسامته اخر ما رآه الداكن قبل ان يفقد وعيه ، حَمَله الشاب و وضعه على كَتِفه ، لم يكترث بالدماء التي لطخت قميصه و لم يحمل الفتى المصاب بحذر، لم يبدو حقًا كمنقذ!
**********
أغمض جفنيه بقوة متضايقًا من أشعة الشمس ، تقلّب على الجهة الأخرى الا ان الالم القاتل في جنبه اوقفه من الحركة ليفتح عينيه متفاجئًا، رأى نفسه مستلقيًا على سريرٍ وثير...اعتدل جالسًا لينزلق غطاء السرير الدافىء و يحس بالبرد يسري في عروقه...لم يكن يرتدي سوى بنطالٍ أسود ...و أُحيطَ نصفه الأعلى بشاشٍ طبيٌ ليغطّيَ مكان إصابته.
نظر حوله متفحصًا المكان، ( هل كان ذلك الشخص منهم؟) تسآل بينما يدور بنظره في الغرفة ، بدت بسيطةً جدًا لم تحتوي سوى على خزانة ملابس و طاولة صغيرة بجانب السرير وستائر بلونٍ رمادي مفتوحةٍ على آخرها...لتسمح لضوء الشمس بالعبور من النافذة...اتسعت حدقيته الزرقاوان بتفاجئ عندما أدرك أن الشمس قد أشرقت بالفعل...
لقد أضاع الكثير من الوقت.....
وقف بصعوبة ليتّجه الى باب الغرفة بخطواتٍ ثقيلة ....أراد الإسراع أكثر لكنّ جسده في حالةٍ يرثى لها، مد يده الى مقبض الباب... الا انه فُتح فجأةً ليظهر شابٌ طويل، ذو شعر فضي يصل طوله الى أسفل رقبته، بجسدٍ متناسق و بشرةٍ بيضاءَ شاحبة ، يرتدي زي نادل ، و يتطلّع به بعينيه الفضيتين بحدة، نطق " هل أنت أحمق".
أنت تقرأ
لِيجوسِي
Mystery / Thrillerجلس على الرصيف البارد، بينما أحكم معطفه الثقيل حوله ووضع القبعة على رأسه، تأمل سماء الليل المرصعة بالنجوم، عانق القطة السوداء التي بين ذراعيه بشدة، تصاعد البخار من فمه بينما نطق: " متى ستشرق الشمس؟"