PART 5 - مُقَيَّد -

3.1K 245 47
                                    



قبل بزوغ الفجر بدقائق ،و الظلمة لا تزال سائدة على السماء.

صوتٌ وجد طريقه لأذنيه، فتح جفنيه بانزعاج،رمش عدة مرات قبل أن يدرك ماهية هذا الصوت، اعتدل واقفًا ليبحث عن القطة التي كان تموء دون توقف، فلم تكن بين ذراعيه.

تبع الصوت حتى وصل الى خارج المبنى المهجور.

كانت على بعدِ خطواتٍ من المدخل، سكنت فجأةً عندما رأته، لم يبدو له أن شيئًا ما قد أصابها، همّ بحملها لكنه لاحظ حذاءً جلدي أسود دخل مجال رؤيته.

رفع رأسه فوجد رجلاً ضخم البنية و فارع الطول ، عيناه لا تبشر بالخير،تراجع ليجوسي للخلف بينما عيناه تراقبانه بحذر.

تفحصه الرجل ثم ألقى نظرةً الى المبنى بجواره، تقدّم باتجاهه بينما تحدّث بتنمّق " مالذي تفعله يا فتى في مكانٍ كهذا؟ أليس هذا وقت عودة الأطفال لبيتوهم"

شيءٌ مريب شَعَر به من ذلك الضخم، فتجاهل كلامه و انطلق مسرعًا مبتعدًا عنه، تفاجئ بأولئك الرجال الذين كان على وشك الاصطدام بهم .

أمام المدخل كان الضخم خلف ليجوسي و قباله مجموعةٌ من الرجال، لم يعرفهم الفتى ولم يقابلهم من قبل، جميعهم يملكون ملامحَ آسيوية، فظنّ أنهم من سكان طوكيو.

بحث عن ثغرةٍ يهرب من خلالها، فداس الفتى على قدم الرجل القريب منه و فرّ من جانبهم، تشتّتوا للحظة بحركته المفاجئة، جرى أسرع من الريح، يشقّ الممرات الضيقة بين الأبنية و المحلات.

أدار رأسه وجدهم ما زالوا يلاحقونه، تعثر وسقط بركبتيه على الأرض المغطاة بالثلج ، لهث بشدةٍ و قطرات العرق سالت على جبينه بالرغم من برودة الجو، وضع يده على جانبه بألم، لم تمر لحظات حتى وصل أولئك و تحلّقوا حوله، على مقربةٍ من شارعٍ رئيسيٍّ في إحدى الأزقة.

نشرت الشمس أشعتها و تلونت السماء بلون محمّر بديع، رائحة الصباح كانت أملاً على الجميع ببداية يومٍ جديد و جميل، إلا أنه لم يكن صباحًا سعيدًا لذلك الفتى، كان الألم ينبض بقوةٍ في جسده،و كأنما هناك سكاكين تُغرز في جسده.

ومن حوله لم يرأفوا لحالته، ضحكاتٌ مقرفةٌ ارتسمت على وجوههم وهم يتناقشون فيما بينهم عن تكلفة أعضاء شابٍ مثله، و كيف ستكون القسمة بينهم.

اتّضح له مرادهم وهويتهم، حثالةٌ ترتدي لباس البشر بينما تخطف ما تصل لهم أيديهم من حيوات، و يسوقونهم للمجازر مقابل المال، لم يكن شيئًا نادرًا، فأشياءٌ كهذه تحصل في مسقط رأسه، لكنه لم يتوقع أن يكون الأمر هكذا في كل مكان...البشر لن يتغيروا و لو كانَ على بعدِ أميالٍ من موطنه.

لم يكن عليه الجري بسرعة ربما لو اختبأ في مكانٍ ما، ندم بشدة و أحكم على قبضته، كان قد انتهى مما عليه فعله في هذه المدينة، واقترب مما يصبوا اليه، لكنه لم يتوقع عقبةً كهذه.

 لِيجوسِيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن