اليَوم الأوّل.

475 58 561
                                    

✾↝

العشرُون مِن أكتوبر، كانَت السّماء تبدو جميلة وَهي تلبس ثوب الغيوم الزّهرية، قوس قزح كانَ يظهر دائما حتى عند اشدّ درجات البرودة. كُل شيء كان واضحا في نافذتي، الاشجار السّكرية، القَمرين اختفيا، وَالسّماء الزهرية مع نهر قوس قزح المُمتدّ منها، كانَ كُل ذلك يبدو باردا، على عكسِ دفء المنزل.

اغلقتُ كتابي عند الصّفحة الثمانية والثّمانين مِن قصّة 'ما تخبئه لنا النّجوم'، كانت هديةً من صديقة دربٍ عزيزة، فَنهضت وَوضعتها عِند خزانة الأشياء النّادرة، والتي يُمنع على أطفالي لمسها حتّى، لأن العقاب أليم. ثُم سرت خارجةً من تلك الغرفة الدّافئة، ذلك الإزعاج كان مُعتادا سماعه، اكثر حتى مِن سماع صوت الرّيح وزقزقة العصافير.

صافي لا تسأم مِن لعبتها المُفضلة وَهي تقفز على سريري، انا اعلم انّها لن تتوقف حتى تكسره، وإن كسرته سَتذهب لسرير والدها، هذا سهل. هززتُ رأسي بِخيبة، وَتجاهلت القفز المستمر، فَفتحتُ باب غرفة الجّلوس، كان مشاري جاثيا على رُكبتيه، مُكبلا مِن الخلف وَكثيرٌ من الخربشات على وجهه، كان هذا هو الحال المعتاد الذي اراه به.
-ليليث وَيوكستا فعلتا هذا!.

انتحبَ كالطّفل الصّغير الذي ينتظر ان تغيّر له والدته لباسه بعد ان سكب الطّعام عليه، وهو فعلا كان كالطّفل. صفقتُ جبهتي بِيأس، ولم ارد مساعدته فعلا، اعني انّه يملك يدين وهما مجرد عفري-.. طفلتينِ. زممتُ شفتي بِتفكير، فَلقيت دلو الطّلاء يتوسّط الأرضية، ولن اضيّع تلك الفرصة. ابتسمتُ ابتسامة واسِعة، والتقطت دلو الطّلاء البنفسجي، اعتقد انّه خاص بِالغرفة الجديدة التي يتم بناءُها، ولكن لا بأس باستعماله بِتلوين شيء آخر غير الحائط.

-لا لا لا لا!.
وَصراخ مشاري المُلون بِالبنفسجي جَذب أغلبيّة الأطفال!، فمن كانَ يكسر الصّحون توقّف عن ذلك، وَمن كان يُراقص الحيوانات صُدِم لهروبها، وَالثّلاثي المُختبِئ خلف الأريكة ظَهر ضاحكا. انا لم افعل شيئا، انا اتعايش هُنا. والافضل انّه كان مُكبلا!، سرتُ بِبرودٍ بعد ان هززت كتفَيّ بِغير اهتمام، فَخرجت من غرفة الجّلوس بعد قولي.
-لا تَدعوه يفلت، ولا تفتحوا قيده قبل الغروب.

-أمرك سيدة ماما!.
سمعتُ مجموعة اصوات قالت جملةً واحدة، كَالمُدربين بالمعسكرات، فالقيت نظرةً أخيرة على ابيهم البائس، ونظرات الحقد كانت تتوجّه صوبي، وشفاهه البارزة كانت على اطراف البُكاء!، ضحكت بِخفوت، فَهربت قدماي خارجةً مِن المنزل عند رنين جرس المنزل، مَن قد يأتي بوقتٍ كهذا؟، فَتحتُ الباب باستغراب، وقد كان هنالك شابٌ واقف بينما يحمل هاتِفهُ، كان يرتدي ملابس الشّرطة الرّسمية، وكنت ادعو بداخلي ان اطفالي لم يدخلوا السّجن.
-ابنتكِ ريڤيا اتصلت بالشّرطة.. لأن انفها مفقود؟، الا تراقبين اطفالكِ؟.

المَنزِل.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن