بارت ٣

423 22 10
                                    

في طريقهما للمنزل، داخل السيارة ~
دفنة:
أتذكر تلك اللحظة التي عندما فتحت عيني لم أجد أحداً حولي سوى الأجهزة، فنظرت ليداي وإذ بهما متلونتان بالكدمات، حركتهما بصعوبة، فرأيت لتلك الجبيرة التي كانت تغطي ساقي..
أنا في المستشفى أجل! يبدو أن كل ماحصل لم يكن خيال أو تهيؤ! يوم الميلاد، تلك الليلة، الساقطة، مارت الحقير وخيانته، حادث السيارة! كل شيء أدركته.. كل شيء قد كان واقعاً! ألمي وحرقة قلبي حينها، وعاهتي الآن التي هو سببها، لقد وقع الصندوق الذي بيدي عندما رأيتهما لكنهما لم ينتبها لصوت سقوطه من شدة تعمقهما بما يفعلان! .. رأيته بعيناي الإثنتين، لذلك لا أود أن أفكر بمعاتبته أو معرفة سبب خيانته، الخيانة شيء لا يمكن مسامحته بالنسبة لي، لقد قررت من تلك اللحظة أن أمحيه من حياتي، وسأبدأ حياة أخرى من جديد، من غير حب وبدون ثقة بأي أحد من الناس.

كانت شاردة، تسند رأسها يميناً على نافذة السيارة، صامتة طوال الدرب! فإعتدلت بجلوسها بعد أن قاطع شرودها بفضول عند سؤاله..
عمر: دفنة، بماذا سرحتي؟
دفنة: ماذا؟.. لا، لا شيء.. يبد أوشكنا على الوصل صحيح؟
عمر: أجل، حتى إننا سنتجاوز هذه الإشارة ونكون عند البيت، لقد دخلت بالطريق المختصر كي ننهي هذا العمل سريعاً.
دفنة: ننهي؟
عمر: أنا وأنتِ، أي سأكون معكِ إلى حينما أوصلكِ للفندق، أنتِ قد طلبتي هذا مني.
دفنة: آه صحيح.. شيء، عمر سأسألك!
عمر: تفضلي؟ إسألي.
دفنة: ماذا قال الدكتور؟ يعني عن هذه الجبيرة!
عمر: إنه كسر بالساق، هذا ماقاله.
دفنة: كسر؟ سيطول كثيراً يعني!
عمر: لا، إذا لم تؤذين نفسكِ سينقضي بسرعة.
دفنة: ها، وصلنا.. إنتظرني ربع ساعة، أجمع أغراضي وآتي.
عمر: ألا تريدين أن أنزل معكِ؟ قد تحتاجين لشيء!
دفنة: لا أريد أن أكلف عليك أكثر، يكفي أن تنتظرني هنا.

نزلت بعكازتها، تمشي على مهل.. فوضعها لا يسمح لها أن تستعجل في الحركة.. كاد أن يساعدها، لكنها طلبت منه البقاء فبقى بالسيارة.

دفنة:
دخلت وإتجهت لغرفتي فوراً لأجمع أشيائي، حاولت أن أتجاهل كل شيء أحضره لي مارت.. وضعت قطع الثياب التي أفضلها، والأشياء المهمة.. فوجدت ذلك المجسم الزجاجي الذي أهداني إياه يوماً، مجسم يحمل صورة شمس وبداخلها تفاصيل كنت أحبها في السابق، كان قد أحضره لي عندما علم أنني معجبة بوشم ظهره الذي كان يحمل هذه الصورة.. فمرت تلك اللحظة بمخيلتي، عندما كان عارياً يضاجع تلك الساقطة، فأخذت به بقوة وألقيته على الحائط! فتكسر قطعاً صغيرة للتطاير أجزائه وتتناثر في أنحاء الغرفة.

عمر:
سمعت صوتاً من الداخل! فنزلت سريعاً خشية أن يكون أصابها مكروه، فهي لست بكامل قواها! دخلت للمنزل بينما كان الباب مفتوح، وبدأت أنادي عليها، دفناا، دفناا.. أين أنتِ؟ فجائني صوتٌ من غرفتها حيث قالت؛ أنا هنا. لِأذهب فأجدها مستسلمة على الأرض، عكازتيها بعيدتين عنها، قطع الزجاج المطحون تملأ الأرض! يبدو أنها سقطت فوقع مابيدها.. كلما رأيت هذه الفتاة بحال سيء يؤلمني قلبي! هل لأنني رأيت السيارة وهي تدهسها؟ أم أنني متعاطف معها لأنها وحيدة؟! لا أعلم..

دفنة: لماذا جئت؟ ألم أقل لك إنتظر؟
عمر: لقد سمعت صوتاً، فقلقت عليكِ!
صدت عنه وأنزلت رأسها تتظاهر القوة ثم قالت بنبرة باكية: لا داعي للقلق، كما تراني أجمع أغراضي فحسب.
نزل لمستواها، وأمسك طرف وجهها برقة، ومالها إليه ثم قال بحنان: أتبكي هذه العيون الجميلة؟
قالت بعينين لامعتين: يبدو أنها حساسية، لا أبكي أنا بخير.
فوقف بعد أن علم أنها لا تريد أن تتحدث، ليجمع أغراضها ثم ساعدها على الجلوس وبدء بالحديث معها..

عمر: والآن الحقيبة جاهزة، إلى أين تريدن أن تذهبِ؟
دفنة: كما قلت، خذني لأقرب فندق أدبر به أموري حالياً.
عمر: برأيي لن تكوني بخير بمفردكِ!
دفنة: ماذا عليي أن أفعل؟ لست أنا من أخترت هذا!
عمر: لا لا، لا أقصد هذا أبداً.. لكنني أنا وحيد في المنزل، وأمي قد ذهبت قبل يومين لا أعرف متى ستعود، يعني لو أردتي..
قاطعته سريعاً و وقفت بإستعجال: أنا بخير..
لتسقط عكازتها من يدها، فقام بسرعة ليمسكها من خاصرتها لكي لا تقع، فصارت قريبة منه جداً لدرجة أنها إستطاعت سماع دقات قلبه، حتى أن أنفاسهما إختلطت ببعضها البعض.. شرد في عينيها ملتزماً الصمت ويتأملها، إنه منذ اليوم الأول وهو مغرم بتفاصيل وجهها الناعمة، فإستسلمت عينيه لتميل على شفتاها الورديتان تنظر لهما برغبة..
فقاطعته عندما إبتعدت عنه قليلاً ليعود إلى وعيه..

دفنة: لا، لا يمكنني.
عمر: دفنة، برأيي لا تعاندين أكثر، تعالي معي.
دفنة: لكن..
قاطعها: من غير لكن، إبقي لغاية أن تكوني بحال أفضل ثم إذهبي لو أردتي على الأقل لأطمئن على حالكِ.
دفنة: إنك تقف معي وتفعل مالم يفعل أحد لي، لا أعرف كيف سأفيك حقك.
عمر: ستساعديني أنتِ كذلك، فأنا لا أحب أنا أكون بمفردي لوقت طويل، يعني بقاءكِ معي سيؤنسني.
قالت بإبتسامة ضعف: تمام.
عمر: وبرأيي لا حاجة لهذه المنحوسة التي بيدكِ سنأخذ واحدة بمقاسكِ يكون أفضل، لكي لا تتعثرين بها.

وأخذ عكازتيها منها وتركها على جنب، فحملها كالطفلة بين يديه، وأخذها للخارج حاملاً إياها وصولاً لسيارته وكانا ينظران لبعضهما وهما يبتسمان كلاً منهما إبتسامته لها معنى مختلف عن الآخر: عمر = إبتسامة عطف وحنان مع قليل من الإعجاب، دفنة: ابتسامة ضعف وشكر.
سار بها من غرفتها إلى أن وصل للسيارة فوضعها بحذر، ونظر لها بإبتسامه ثم أغلق الباب.

عمر: سأحضر الحقيبة وآتي.
دفنة: تمام، أنتظرك.

#يتبع..

أنتِ لي - قيد التعديلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن