🔖 حيَاة كالسَراب

95 4 0
                                    


هل لي حياة من بعدها ؟ هل أستطيع العيش بدونها حقا ؟

هكذا ظل يردد و هم يدفنون جسدها الهش على التراب و وسط التراب و أسفله، تلك التي لم يكتفي من دفئها ولن يكتفي حتى لو لبثت أكثر، تلك الماسة النادرة، تلك الروح التي لا تمنح مرتين؛ رحمك الله أمي، -أمي- لم أشبع بعد من قولها ، وجهك –أمي- لم أتفرس فيه جيدا بعد ، حبك –أمي- حبك لم أخد ما يكفي منه حتى. كان قدرا رأيته لعنة،هل ارتكبت خطأ تجاهك؟ لم أصرخ فيك يوما-قد أكون فعلت فلتعودي لأطلب سماحتك فقط- ، لطالما أحببتك أمي لطالما آمنت أنه لن أجد مثلك أبدا واقتنعت لكني لم أقتنع أبدا أني سأفقدك في الفترة التي سأحتاجك فيها أكثر، آه، أمي كيف الحياة بعدك؟ فقط قولي كيف أراك تصورتها لحظة نفسك الأخير؟ ضباب مظلم لولا رحمة الرب

    لم أرد الحديث مع أحد، ولا رؤية أحد، أعلم أن أبي وأختي يعانون مثلي لكني كنت أحس أن وجعي قد فاق وجعهم، فلازلت أصغر على فاجعة كتلك التي عصفت بنا جميعا بعيدا عن حياتنا السابقة. كنت أعلم الحياة من بعدك لن تكون كما قبل، بل ولم تكن أحسن حتى. كنت في السادسة عشر عندما رحلتي، لقد فارقتني في وقتي الحرج أمي، لم أكن أطيق الذهاب أبدا لولا إصرار أبي، تغيرت بالكامل أو لقد كان ردة فعل طبيعية، لم أعد أحدث زملائي، لم أكن أشارك في الحديث تحسنت بعد شهرين وأصبحت أرد السلام، كنت أدرس بجد، فقط لأتجنب الفراغ وأتجنب تذكرك –لكني فشلت-ولكي لا يعاقبني أبي، كان يعلم أني منكسر إلى أكثر من قطعة ولمها أكثر من مستحيل لذلك صار يضغط علي أكثر للخروج و الدراسة لعلي أتلملم ثانية- ذلك كان صعبا جدا بل جدا – أصبحت كآلي يعيش على ردة فعل- فعل العيش بدونك- ، انتهى العام الدراسي بصعوبة، كنت الأول كما لم أعهد يوما، كان علي أن أكون مصدوما كما كان أصدقائي وأساتذتي و فرحا كما كان والدي و أختي، لكني لم أكن صدقا لم أحس بهزة غير عادية في مشاعري، كان ذلك لا يستحق، كل شيء لا يستحق بدونك أمي

وابتدأت العطلة الصيفية وبعدها سأصبح تلميذا في الثانوية، كنت على معرفة بأصدقاء كان منهم الصالح والطالح، وفي تلك الشهور كانت الفئة الأخيرة يقتربون مني أو أنا من اقتربت، كنت ضائعا بلاروح وكان ذلك الطريق الذي قادوني إليه أو أنا الذي ذهبت بإرادتي بعد أن وثقت بأقوالهم، كنت ظنا أنه الطريق السوي الذي سيرد لي الحياة، الطريق الذي سيجلب ليرغبة العيش من جديد

 مرت الأيام وقد اقدمت على كل تلك الأفعال المخزية التي أخجل ذكرها لك أمي، كنت أعلم أنها كذلك، دائما كنت فقد كنت تنبهينني كل حين أمي ، لكني كنت ضائعا، بعد رحيلك لم يعد يحسني أحد ، كان حبك مفرطا معديا قاتلا حتى، قد قتل سعادتي وعيشتي وأردت أن أومن أن ذلك الطريق هو السبيل لأنني لم أعد استحمل بعد. أول سيجارة دخنتها أخذتني لأول مسكر ليكسر حيائي أمام أول فتاة لأتيه وسط الآثام و أموه ضميري وأعميه عن الحق، ظللت أذنب والشيطان يظل يردد أن لا غفران لي فأزيد ذوبانا، ضعت أمي ضعت في شهر و نصف، ذلك ما تذكرته عند حلول الشهر الفضيل، بكيت حينها كما لم أبكي ، كنت أحس شرياني تتقطع من الداخل ، أشعربقلبي يتمزق و لم يعد يستطيع النبض أكثر، عندها رأيت روحي، رأيتها أمامي كانت سوداء غائمة حينها أغمي علي ساجدا داعيا بين يدي الرحمان طالبا المغفرة وواعدا بالثبات 

لَعلي أتَناساك 🌿حيث تعيش القصص. اكتشف الآن