القاسي
الحلقه السابعه والأخيرهكلفني صاحب المكتب بقضية بسيطة لكنها كانت أول قضية بمفردي في حياتي سعدت جدا لثقته بي وبذلت كل جهدي لأكسبها وأثبت ذاتي خاصة أمام إيهاب لعلي أنال رضاه، بالفعل كسبتها وبمجرد عودة إيهاب أبلغه أحد الزملاء بكسبي للقضيه وفسر له ذلك بأنني أسعى لدى صاحب المكتب لأستقل عنه بل وأنني أخطط لأخذ مكانه ،ثار إيهاب ثورة عارمة ودخل المكتب غاضبا وقال لي:
-إوعي تفكري إنك محاميه بجد،أنا اللي عملتك من لا شئ ولا تفكري إنك في يوم هتاخدي مكاني ولا هتعملي إسمك على حسابي،أنا تعبت سنين عشان أوصل للمكان ده ومش هاسمحلك إنتي أو أي حد إنه يهد اللي بنيته ودايما إفتكري إني أنا اللي علمتك ومهما تعملي مش هتتفوقي عليه.
وقفت أمامه في ذهول لا أدري عم يتكلم ولا أدري كيف أرد عليه وفي تلك اللحظات تجمع كل من في المكتب ولم يجروء أحد منهم على التصدي له أو الدفاع عني، دخل صاحب المكتب على صوت إيهاب
فقال:
-فيه إيه يا إيهاب؟؟ إنت زعلان عشان كلفتها بقضية بسيطه في غيابك؟؟ أنا كنت عايز أتأكد هي كفء فعلا ولا معتمده عليك، لكن لقيتها كفء وده نجاح لك إن تلميذتك ناجحه ولا ده مزعلك؟؟ ومين اللي قالك إنها هتاخد مكانك؟؟مفيش حد في المكتب كله يقدر يحل محلك؟؟مالكش حق يا إيهاب
منعت دموعي من الإنهمار وقلت لصاحب المكتب وأنا أتجاهل النظر لإيهاب أو الحديث معه:
-من فضلك أنا كنت مقدمه على أجازة أسبوع من بكرة أسمحلي أقوم بيها وإسمحلي أمشي لأني تعبانه
وافق بالطبع وبمجرد خروجي من المكتب تدفقت دموعي كالشلال ولم أستطع منعها، كنت أشعر بإرتباك شديد وكان جرح قلبي أعمق من قدرتي على التحمل، بعد كل هذا يتهمني بخيانته ومحاولة إحتلال مكانه؟ ألم يفهم بعد أني أنجح من أجله؟ وأني أفضله حتى عن نفسي؟ إن لم يكن يفهم هذا بعد كل تلك السنوات فما فائدة وجودي بجواره؟؟ أحيانا يكون البعد هو الحل الأمثل إذا كان القرب يسبب الجراح والمهانه، سأبتعد الأن وللأبد ولن أحتمل قسوته وإهاناته أكثر من ذلك. سأجبر قلبي على النسيان فعندما يفقد الحب الثقه والإحترام فلا قيمة له.
أغلقت هاتفي حتى لا أتلقى أي إتصالات أو رسائل تجعلني أتراجع عن قراري، وسافرت للغردقه مع أبي وأمي لعدة أيام لأريح أعصابي وأتمتع بجمال الطبيعه حتى أستطيع التفكير بهدوء، لم يستطع جمال الطبيعه الساحر أن يداوي جرح روحي، وكلما تذكرت سوء ظنه بي وإهانته لي بكيت وبعد طول تفكير أدركت أني ليس لي مكانه عنده وأنه رجل بلا قلب ولا يستحق حبي ولا كل سنوات عمري التي قضيتها بجواره ، هو بلا قلب لكنه يستمتع بمشاعري،بحبي وإهتمامي فقط.
صممت أن أترك العمل في المكتب وأن ألغي إيهاب من حياتي كلها مادام بعد كل تلك السنوات لايثق بي ويسمع للأخرين ويصدقهم ولا يستمع إلي بل ويسهل عليه تجريحي وإهانتي أمام الجميع ولا يبالي بجرح مشاعري،إنه لايستحق حبي ولا إهتمامي ولا كل ما أفعله من أجله، سأبحث عن عمل أخر وأبدأ حياه جديده بلا إيهاب وإن لم يطاوعني قلبي سأمزقه إربا فلقد تسبب لي طوال حياتي بالألم والعذاب وها هو الأن يتسبب في إهانتي وهو ما لن أقبله أبدا.
ماذا بك يا إيهاب؟؟ لم كل تلك العصبيه والتوتر؟ لماذا لم تعد قادرا على البقاء في المكتب بدونها ؟ لماذا تفتقدها بشده؟ لم تحاول الإتصال بها ليل نهار؟ هل أحببتها؟ نعم أحبها من كل قلبي ولن أكذب على نفسي أكثر من هذا أنا لا أستطيع الحياه بدونها، قد يكون مجرد تعود، لا بل هو إدمان، أدمنت نظرتها ،إبتسامتها، إهتمامها، بساطتها بل كل شئ فيها وسأفعل كل ما في وسعي حتى لا أخسرها فهي متميزه ،ليست كغيرها.
إنتهت أجازتي أخبرت صاحب المكتب برغبتي في ترك العمل حاول أن يثنيني عن قراري ،بل وعرض علي أن أعمل مع زميل أخر غير إيهاب فرفضت نهائي أن أتواجد بمكان به إيهاب، فطلب مني أن أحضر للمكتب ونتحدث بهدوء فوافقت بعد إلحاحه لأني محاميه جيده ولا يريد أن يفقد جهودي وسيبحث معي عن حل يرضيني.نزلت من بيتي في موعد حضور صاحب المكتب حتى أتجنب أي حديث مع أي زميل أو زميله فلم أكن أحتمل أي حديث أو إستعادة ما حدث.عند باب العمارة وجدت إيهاب ينتظرني خارج سيارته فلما رآني إقترب مني وقال:
-ندى أنا عارف إنك زعلانه لكن أنا محتاج أتكلم معاكي شويه
-مافيش بيننا كلام حضرتك قلت كل اللي في نفسك قدام الناس كلها وأتهمتني وأهنتني وحاكمتني من غير ماتسمع دفاعي يا أستاذ يا كبير، انا إستحملت منك كل حاجه لكن لحد الإهانه لأ،خلص الكلام أنا هاسيبلك المكتب كله
-من فضلك مش طالب منك أكتر من 10 دقايق تسمعيني فيهم وبعدها خدي القرار اللي يناسبك
ضعفت أمام نظراته ورجاؤه فمازال ذلك اللعين الذي يسكن صدري يخفق له ويشتاق إليع، ركبت معه سيارته وبقينا صامتين،وذهبنا إلى نادي المحامين على النيل ،وكم أعشق النيل ويؤثر في بقوة سحره وغموضه، وأضواء الشمس تتلأ لأ على صفحاته.
أفقت على صوته وهو يقول:
- أنا عارف إنك زعلانه مني بس أنا كنت هاتجنن لما علي قالي إنك طلبتي تشتغلي لوحدك ومش عايزة تشتغلي معايا وإنك قولتيله إنك بتحلمي بمكاني وهتوصليله.
-حضرتك أبسط شيء كنت إسألني أو إسأل صاحب المكتب أو إسأل نفسك هل تلميذتك ممكن تعمل كده؟؟
-بصراحه ما فكرتش إنما إتجننت معقول ندى تخوني ؟؟ معقول تبقى زي غيرها؟؟ زمان كان والدي بيقولي إن الحب بيلغي العقل ويخلي الإنسان أعمى وضعيف، ونصحني إني ما أستسلمش للحب أبدا ،لكن وأنا لسه طالب في أخر سنه في الجامعه إتعرفت على زميله في الكليه وكنا بنذاكر سوا وربطت بيننا مشاعر جميله ووعدتها إني هاشتغل وأموت نفسي عشان أحقق نجاح سريع وأقدر أتقدم لها،لكن أنا كنت بالنسبه لها كوبري بيوصلها للنجاح وبتستغله لتحقيق غرضها عشان تتخرج وتشتغل في منصب كبير او تتجوز جوازه كويسه ،وبعد التخرج إتجوزت واحد غني جدا وسابتني لأني مش هأقدر أحقق طموحاتها من فيلا وعربية وسفر ومجوهرات، عرفت إن والدي الله يرحمه كان عنده حق وصممت إني أمشي في مشواري وأدوس على قلبي ومشاعري وأنجح، كفرت بالحب وبالوفاء ومابقتش أأمن لأي حد،لحد ما قابلتك كنت باشوف في عينيكي براءه ومشاعر حلوه لكن تجربتي المؤلمه علمتني إن مافيش حب كله مصالح، كنت كل ما أقرب منك خطوه يرجع خوفي من تكرار التجربه يرجعني خطوتين،كنت خايف من نفسي ومن قلبي أكتر ما أنا خايف من إنك تكوني نسخه منها ،قلبي ما كانش حمل صدمه وغدر تاني،ولما إتأكدت إنك مختلفه وفكرت أتغلب على خوفي وأستمتع بمشاعري وبحبك لقيت علي بيثبتلي إنك صوره مكرره منها، وإنك إستغليتي مشاعري عشان توصلي لمصلحتك ساعتها إتجننت ولما كنت باكلمك كنت شايفك هي مش ندى وفرغت فيكي شحنة غضب السنين، لكن لما عرفت الحقيقة ندمت على كل اللي عملته وعرفت إني إتسرعت وكان لازم أفكر بعقلي مش بمشاعري وما أخليش غضبي يسيطر عليه، ولما عرفت إنك هتسيبي المكتب قررت إني أجي وأعتذرلك ولو تحبي أعتذرلك قدام كل الزملا ماعنديش مانع.
-خلاص يا أستاذ إيهاب حصل خير بس أنا هاسيب المكتب لأني ما أقدرش أشتغل مع حد مابيثقش فيه ولا في تقديري وإخلاصي له كأستاذ.
-أرجوكي ماتعذبينيش بكلامك أنا غلطان فعلا لأني ماقدرتش رغم خبرتي الطويله أفرق بين الناس مين اللي معدنه إزاز ومين اللي معدنه ماس، بس بلاش تمشي خليكي معايا أنا مش هاعرف أشتغل مع غيرك
-بكرة تتعود على غيري زي ما إتعودت عليه
-ولو ماكانش مجرد تعود وكان حب برضه هتسيبيني وتمشي؟؟
-حب؟؟ إنت ماتعرفش يعني إيه حب؟؟ ماتعرفش غير قسوة القلب
- من أول يوم شفتك فيه شدتيني ببراءتك وإبتسامتك الحلوة كنت سعيد بإهتمامك بيه، كنت باتعمد أوصل سلوى عشان أشوفك ،ويوم ما إشتغلتي في المكتب كنت سعيد بوجودك جنبي بكلامك ونظراتك،حاولت كتير أتغلب على مشاعري وفشلت ،كل يوم كان فيه حاجه بتشدني ليكي حاجه أكبر مني،وساعة ما أخدتي الأجازة وسافرتي حسيت إن حاجه مهمه ناقصاني ،إن قلبي ضايع مني،حته من روحي مش معايا ،وعرفت إني بحبك وما أقدرش أستغنى عنك
-ياااااااااااه سنين وأنا متعذبه بقسوتك وتجاهلك ليه لحد مافقدت الأمل إنك تحس بيه وبمشاعري وأخيرا إعترفت بحبك بس متأخر ،لأنك جرحتني ومش عارفه هأقدر أسامحك ولا لأ
-ندى إديني فرصة تانيه وأنا متأكد إن القلب اللي حبني كل السنين دي لازم هيسامحني.
-وإيه اللي يضمنلي إنك مش هتقسى عليه تاني ولا تجرحني؟؟
-لأن محدش يقدر يقسى على قلبه ولا على روحه، أنا كنت خايف أعترفلك بمشاعري لكن لما سيبتيني بقيت خايف ماترجعيش ساعتها كنت هاموت بجد.
وضعت يدها على فمه وقالت:
-بعيد الشر عنك
فقبل يدها وقال:
-يعني سامحتيني
-من قبل حتى ماتعتذر القلب اللي حبك كل الحب ده مايملكش غير إنه يسامحك.
تمت
#نجلاء_لطفي