4

6K 667 103
                                    

بقيت تلك الليلة أفكر بالشخصان اللطيفان الذان التقيت بهما أمس، ما كان ليساعدني شخص آخر

لذا ذهبت للمدرسة وتركيزي مشتت، مشيت بالرواق لأصل للفصل فوقف أحدهم أمامي، عدت لرشدي فوجدتها آيكو تقول "مرحباً إستريلا"

"أهلاً... نادني إيلا" أجبتها فقامت بإلصاق كتفها بخاصتي بودية، شعرت بالإستغراب بشأنها هل تحاول جذب انتباهي أنا لا أفهم لكنها ضحكت بخفوت لتتلفظ "إيلا، أريد أن نكون أصدقاء"

شعرت بشرارة غريبة في قلبي، رمشت عدة مرات لأتلفظ "لكن... قد تتعرضين للمضايقة فأنتِ تمشين مع غريبة الأطوار الشهيرة"

تبسمت لتهمس "ولكنكِ لستِ غريبة الأطوار الوحيدة هنا" أشارت لنفسها لتتابع "أنا ملكة غريبي الأطوار"

أضحكتني هذه الفتاة، لم أشهد ألطف منها حتى أنها تخلت عن مكانها المعتاد وجلست بجانبي، أنا لا أدري ما الشيء المميز بي حتى اختارت الجلوس بجانبي من بين جميع من في الفصل

هم بالفعل كانوا يحدقون بنا باستغراب لهذا كنت أشعر بالتوتر

في نهاية الدوام جمعت أغراضي سريعاً في الحقيبة لأصرح "أيمكنكِ التنحي أرغب بالذهاب"

عانقنتني قائلة "سأفتقدك"، صدمت من فعلتها، إنها أمور جديدة علي لكن حقاً اتضح أن العناق شيء رائع، فقامت بفصله لتتنحى لي وأنا أخذت مساري عائدة للمنزل

***★****★***

كلاود كان جالساً في جناحه ينظر للفراغ، لكن عقله لم يكن هنا بل كان عند تلك الفتاة ذات الأعين الصفراء

ظهر نيرو بجانبه ليصرح "كيف تمكنت من كبح غريزتك؟، لقد نزف أنفها وكانت بجانبك تماماً"

تبسم بجانبية ليتفوه "رائحة دماءها عالقة برأسي، أخشى عليها أن تستيقظ في الغد وتجد عضة على عنقها... و ربما لا تستيقظ أبداً"

"لا تبالغ، أنت تستطيع المقاومة"

بعثر شعره ليتلفظ "آسف ولكن لا يمكنني... أريد منك أن تقوم بتقييدي حتى الغد، أنا لا أريد قتلها بغفلة"

"إن كان هذا ما تريده فسأنفّذ"

***★****★***

يوم ممل آخر في عطلة نهاية الأسبوع وأنا ممددة على الأريكة بأعين بالكاد مفتوحة، فابتسمت باتساع فجأة بسبب الفكرة التي وردتني، سأزور ذلك الغريب مرة أخرى في الغد فقد غربت الشمس الآن، لن أدعه وشأنه أبداً فيبدو أنه لطيف لكنه يخفي ذلك فلقد ساعدني بالأمس بكل سرور ولم يتحدث معي بإهانات

من الجيد أنني أمتلك هذه الكمامة، قفزت عن الأريكة وركضت بسرعة لغرفتي وبدأت بالدراسة بعد طول غياب عن كتبي، وبعد ساعات ارتميت على سريري بتعب بينما أنظر لغرفتي الفوضوية وفي الحقيقة ليست لدي طاقة لترتيبها، وبعدما أخذت أتخيل وأفكر بأحلام اليقظة غفوت دون غِطاء كالعادة

في ذلك الوقت ظهر ذلك الشاب ذو الأعين الحمراء أمام سريري تماماً، وبقي لدقائق واقف كالأصنام ويحرك مقلتيه فتمتم بخفوت " إنها نائمة... هذا يعني أنه لا يمكنني رؤية الشمس"

وضع عليّ البطانية بكل خفة ثم تجمد للحظات مجدداً واختفى

***★****★***

"إيلا أيتها الخنفساء الصفراء استيقظي" فتحت عيني لأنهض بشعر مبعثر في كل الإتجاهات، قبلت وجنة أمي وسرت لأغتسل ثم تناولت القليل من الطعام ووضعت كمامتي

لاحظت أمي ذلك لتسألني بشك "هل تخططين للخروج؟"

تفوهت "أجل أرغب بالتجول مجدداً هل تسمحين لي يا سيدة أمي"

تنهدت لتجيب "حسناً إذهبي، فقط لأنكِ تناولتِ طعامك!"

"رائع!!" صرخت وهممت بارتداء ملابسي، أنا أعيش حياة مختلفة في البيت، أمي هي كل أقاربي وأصدقائي، والناس في الخارج هم جميع أعدائي لكن علي أن أعتاد على الأمر فهم لا يهمهم إن كنت مصابة بالبهاق أم لا، كل ما يهمهم هوأن يكون الشخص ذو جمال خالص ولا أدري لمَ يهمهم هذا الجمال، لو أنهم حقاً يتسمون بصفات البشر والإنسانية لعشت حياتي دون قناع أو كمامة

بسببهم أنا أخفي وجهي وعيبي وبشرتي الغريبة، كنت صغيرة للغاية عندما أصابني البهاق، كان جميع من في الإبتدائية يسخرون مني بالرغم من أنني سمعت أن الأطفال لديهم قلوب نقية، إلى أن أيقنت أنني إن أخفيت وجهي سيتوقفون عن إهانتي وهذا ما فعلته وما استمررت به حتى الآن

لا يهم حالياً، سألتقي بذلك الشاب من جديد، وصعدت الدراجة لأنطلق لهناك وأضعها أمام القصر مجدداً، فتحت بوابته ودخلت بشيء من الجرأة، لم يتغير به شيء ظلام وستائر تتمايل والأهم فخامة لا يمكن تجاهلها

تلفت حولي حتى سمعت صوت وقع أقدام، هذه ليست خطواته! خطواته كانت خفيفة أما هذه فهي غريبة

"رائع دماء مريضة" صدى صوت هذا الغريب الصادر من العدم أخافني، شعرت بمن وضع يديه على كتفي ليتجمد الدم في عروقي

وما إن وضع الغريب يده على رقبتي انتشر الأدرينالين بجسدي مجدداً فركضت بسرعة نحو البوابة لكنها أُغلِقت لوحدها، شددتها مراراً لكنها عالقة لذا ركضت بسرعة صاعدة الدرج

نفس الغرفة التي اختبأت بها سابقاً أمامي، دخلت بسرعة وأقفلت الباب ثم جررت الطاولة بصعوبة ووضعتها أمامه لأقف مستندة على الجدار وأنفاسي متقطعة

إلا أني رأيته في الغرفة فجأة وعينيه حمراء مضيئة كأنه حيوان مفترس...

|| شمس ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن