3

178 14 6
                                    

(خالتي نادين أنت تخنقينني ) تركته نادين بعد ان كان مقيدا بحضنها نظرت اليه بشعره الذهبي و خللت أصبعها في شعره الحريري ثم قالت
(آسفة غياث لم أقصد )
أجابها بهدوء
(لا بأس أنت لا تقصدين كلما تفعلينه بنا تبدين كالمنومة عندما تتعاملين معنا خصوصا مع منال)
نظرت إليه بحرج ثم مثلت الحزن ببراعة
(هل يزعجكم الأمر أنا حقا آسفة ) ضمها نيار الأخ الأصغر لغياث قائلا بتذمر
( لماذا تكلمها هكذا ثم هل نسيت أننا كدنا نوقعها منذ قليل هي لم تشكو فلم تشكو أنت ثم إن منال تحب نادين حتى لو جلست فوق رأسها ) أومأت نادين رأسها ببراءة إجابا .... بينما نقرت أميرة على رأس نيار قائلة بحزم ( هل ذكرت إسمها مجردا للتو ؟؟) هز رأسه نفيا ثم قال مستفسرا
(هل حقا فعلت خالتي نادين...؟ ) قالت نادين و هي تنظر الى أميرة محاولة تغيير الموضوع ( أميرة حبيبتي هل أستطيع أخذهم إلى غرفتي...؟ ) نظرت اليها أميرة بحنق..... ثم فالت بين أسنانها
( لا ..... لا تستطيعين أخذهم .... نادين حبيبتي ) تجهم كنان تماما كالباقين.... فالإنطلق الكل قائلا
( لماذا ...؟) قالت بهدوء ( لماذا ماذا .....؟ لما لم تنظروا إليها كالزومبي .... عندما سألت سؤالها السخيف هذا ....؟) تماما كما قالت كل نظرات الزومبي كلها وجهت الى نادين التي كادت تجري..... أو تغرق في ثيابها أكثر..... هتفت أميرة بحدة
( كم مرة علي أن أخبرك بأنهم أطفالك مثلك مثل سرين و الباقون ؟ ) كانت لميس قد دخلت عليهم و سمعت المقطع الأخير و هي لذا قالت و هي تتخذ مقعدا
(و الله معك حقا و لكن هذه الفتاة صلبة الرأس )نظرت إليها نادين و هي ترفع عينيها إليها بمرح قائلة
(و الله حبيبتي ... خالتي لميس الرأس عندما لا يكون صلبا يقع فهل تتمنين أن يقع رأسي عيب و الله ) تعالى ضحك الجميع بينما نظر كنان الى نادين بهدوء و هو يتذكر ما فعلته سرين و لكن ما يزعجه حقا كان..... تلك الإبتسامة ..... الغبية التي رمتها له مع إسدال ستار ضحكتها..... السخيفة ....إبتلع ريقه بصعوبة كمن يبلع بيضا.... نيئا.... فاسدا
أردفت نادين بتذمر مازح إلى أميرة
(لا تجعليني كبيرة في السن هكذا .... أنا حتى لا أحب كلمة خالتي تلك ......) إرتفع حاجبي كنان و أميرة بسخرية ثم قالت أميرة بحدة ( حبيبتي لو كنت تعيشين مع زوجك لكنت الآن أما لثلاث أو أربع أطفال .... ) عقد كنان حاجبيه بشدة بينما قبضت جليدية كانت تقيد حركة نادين كمن سافر بعيدا كل البعد و هي تنظر الى مربيتها مريم ذات الجمال الكلاسيكي ممتلئة الوجه بملامح طفولية تقطع الخضار رغم وجود الخدم الذين وظفوا خصيصا لمساعدتها ثم قالت لها بهدوء
( نانا أخبريني لما ليس لديك أطفال ....؟) نظرت إليها مريم بهدوء حزين ثم قالت
( لما هذا السؤال...... أو لست إبنتي.... ألن تدعي لي إن وافتني المنية غدا تماما كأهلك ....؟) هتفت نادين بخوف
( بعيد الشر عنكم ..... أنا فقط سألت لما أنت ....؟) لم تدري بالضبط كيف تسوق لها السؤال لطالما كانت مريم أكثر من مجرد مربية.... لم ترى لها زوجا و لا ولدا.... إلا أنها أحبتها و إخوتها تماما كما لو كانوا أولادها .... أجابت مريم بضحك و حزين هادئ
(كنت متزوجة .... من قبل .... لكن عندما إكتشفنا إستحالة إنجابي يوما .... إنفصلنا تحت حجة أنني لست زوجة محترمة.... و عشت لوحدي سنتان إلى أن وجدت زوجان في بداية تكوين حياتهما المهنية مع طفلة مدللة .... بكاءة تحتاج الرعاية .... لذا أكملت معهما رحلتي حيث أصبح ولادهم أولادي و هما كأخي و أختي ....) هزت نادين رأسها ببرائة لكنها تفاجئت منها و هي تسألها لأول مرة
(لما لم تزوجي حتى الآن و أنت في الواحد و العشرين ....؟ )
قالت نادين بخجل و توتر
( آآآآ أظن..... الواجب..... يناديني لدي عمل مهم و لا تنتظريني طويلا لأني لن أقضي الليلة هنا .... إياك و عدم الأكل لأني سآكل هناك ....) نظرت إليها مريم بتذمر
(منذ أن إتخذت من التحقيق مهنة بت لا أراك ألا يكفي أنك فضيت ثلاث سنوات في بلاد غريبة تدرسين ؟؟كي تأتي تكرميننا بأنك ستعقدين قرانك مع وسام بشرط أن يكون الزفاف بعد سنتين لما لا تستقرين ؟ مثلك مثل باقي الفتيات غدا أيضا ستأتي سابين او سمر و تشترطان شروطا غبية كتلك ) نظرت اليها نادين بهدوء ثم اتجهت اليها و تعلقت بعنقها من الخلف و خدها بجانب خد مربيتها الحنونة ثم قالت بهدوء
(صدقيني نانا الحياة أكبر بكثير من ذلك عندما تعمقت في علم الإستنتاج علمت أنني أستطيع إخراج مشاكل أخرى دفنت بكل قسوة تحت مسمى لا أحد إرتكبة تلك الجريمة ..... و صدقيني لقد إختصرت سبع سنوات الى ثلاث سنوات فقط كي أساعد الناس الذي يحتاجون لمعرفة الحقيقة كما هي .... انا لن أكون أنانية بحيث أتجاهل العشرات من الشباب مسجونين ظلما بينما الجناة الحقيقيين يمرجون أحرار .... انت لم تربيني هكذا) انهت كلامها و هي تتمسك أكثر بعنقها لتحس فجأة بمريم تربت على خدها قائلة بتذمر حاني مستمر (نعم ..... نعم  استعملي معي تلك الأسلحة الفتاكة .... صغيرتي أصبح عمرك واحد و عسرون و بعد شهرا ستكونين في الثانية أريدك ان تستقري  و تنجبين الأطفال لا أن تتعرضي للأخطار هكذا انت تلعبين بالنار سمعت والداك يقولان ذلك هما خائفان عليك  لما لا تعملين بشركة والدك او تقومي بأي عمل تقوم به النساء عامةلما عليك التصر...ب.... برجولة !!!؟انت صغيرتي قوية لكن هذا ليس سببا كافيا لتصرفاتك ) كانت حقا تبكي و كأن نادين من دمها أدارتها نادين اليها ...لتمسح دموعها لم تستطع ان تجيب او تجادل.... لأنها تعلم .... تمام العلم انها على حق لذا اكتفت بضمها أو ضم نفسها الى مريم بتعب لم تكن أبدا لتبكي في أحضان إمرأة .... لم تدرس ذلك في علم الإستنتاج بل حقيقة إكتشفتها في نفسها في وقت مبكر ....و هو أنه لا تستطيع أنثى إحتواء تعبها او حزنها لذا .... كان الأنسب ان تضمها هي تقول (تناولي طعامك نانا لا تجعليني أقلق عليك لأني سأسأل أنيس....)
احست بأحدهم يقرصها لتنظر الى أميرة التي تحاول ان تعيدها الى أرض الواقع ثم قالت بهدوء
(سيدتي كلميني قبل أن أسقط رأسك حقا.... بالمناسبة نادين نحن لم نرى زوجك أبدا رغم انك ترتدين خاتم الزواج هذا....دائما) نظر كنان الى نادين ثم قال بهدوء
(نادين تعالي إلى مكتبي قليلا .... قبل التفرغ للأطفال) نهضت تسير خلفه بثقة و هي تنظر الى أميرة بإبتسامة هادئة تحكي أكثر مما يجب ... و هي تدرك تماما ان أميرة لن تفهم معناها
بينما نظرت أميرة إلى والدتها قائلة
(لما أخذها و أنا أكلمها أم لم تعد المحسوبية ورقة ذهيبة من أوراق هذا البيت ) أجابتها والدتها قائلة
(نعم بالدليل فقد أنقذها أخاك منك ... أحرجتي المسكينة ) هتفت الأخرى مبررة
(أمي انت تعلمين أنه لم يكن بقصدي و لكن ألا ترين أنها تستحق أفضل من هذا الزوج الذي هي مخلصة له بينما هي لم تلمح ظله منذ مجيئها إلى هنا ... هي حتى لم تخبرنا عن إسمه لا تتكلم عنه و كأنه مجرد صفحة ملطخة بحبر مسحه الزمن ...) نظرت إليها لميس و هي تهز رأسها إيجابا ثم تطوعت بالمعلومة التي كانت كفيلة نكش شعر أميرة كمن تعرض لصعق كهربي و هي تهتف
(ماذا قلت و لكن كيف واتتها الجرأة و تصفع نادين أنا سأريها إن كانت نادين تسكت عن هكذا تعدي فأنا لا .... لا يحق لمخلوق إذاءها كيف تجرأت زوجة إبنك على ذلك و أمام الملأ ....؟ أنا سأمسح الأرض بشعرها ) إستعدت كي تنهض إلا أن لميس أمسكت بذراعها و هي تهتف برجاء
(لا تفعلي أقسمت عليك بالله .... لقد أصبحت حساسة في الآونة الأخيرة .... و هي تحس بأن كنان يفكر في الإبتعاد عنها من أجل موضوع الأطفال .... لقد أخبرني سهيل للتو لذا جئت بسرعة لأطمئن عليها لكني وجدتها تمرح و تضحك لذا قررت عدم إحراجها بفتح الموضوع لذا هلا تصرفت و كأنك لا تعلمين .... أعلم أنه أصعب شيء قد تفعلينه مع لسانك الحاد و المنفلت ....و لكن من فضلك هل تخدمينني خدمة العمر و أرضى عنك بها و تقصين لسانك هذه المرة فقط عن هذا الموضوع فقط ) نظرت إليها أميرة بفم مفتوح عن آخره و هي ترى أن والدتها تهينها أمام أولادها دون حدود حتى لو من باب المجاملة لذا هتفت بإختناق مضحك
(أمي إحترميني أمام الأولاد من فضلك ظننتنا كبرنا على هذه الفصول الناقصة) بينما قالت لميس و هي تلاعب الأطفال
(صحيح تماما ....هيا إذهبي و حضري لي الحمام أريد الإستحمام )
..........................................................................................................................
(إقتربي ...)نظرت اليه بهدوء قبل ان تقترب بهدوء جالسة على الأريكة بجانبه أبعد الحجابها بهدوء دون ان ينزعه عن رأسها فقط ابعده خلف أذنها ليضع يده على خدها بهدوء نعم.... لا يملك إلا ان يتألم نيابة عنها .... بما انها تكابر هو احضرها الى هنا لذا عليه ان يعتني بها.... دون ان تطلب ... لأنها صاحبة رأس جاف.... يستحق التكسير.... مع ذلك يحب هذا .... الحق الذي تمنحه له وحده دون غيره ..... لا تبكي أمام أحد .... لا تتصرف بهستريا مثل باقي الفتيات أو بالأصح مثل أميرة و سرين..... و يمكن إضافة.... أمه الى القائمة أيضا..... هز رأسه كمن ينفظ تلك الأفكار ليضع الثلج في قطع قماش سميكة .... ثم الى خدها قائلا.... بهدوء مازح
( لما لا تهتمين بنفسك نادين هل أطلب الكثير ؟ خدك سيتورم فيما بعد.....) لم تجبه و هو يعلم أنها لن تفعل كلما تفعله هو أنها تستكين الى الرعاية القليلة التي تتلقاها منه .... الكل يعتمد عليها تقريبا حتى هوو لكن هي لا تعتمد الي على نفسها الا في الحالات النادرة جدا و تكاد تكون معدومة الا أنه يسعد جدا بكونه الوحيد الذي تلجأ اليه رغم علاقتها الجيدة و الجميله مع الكل  إلا أنه يشعر بالذنب تجاهها سؤال أميرة للتو كان موجها لها  لكنه أحس بألم أفظع و كأنه المذنب و السبب الوحيد لوحدتها تلك مع أن الأمر كان بطلب منها ..... أجلى حلقه قليلا ليقول بهدوء (نادين تعلمي أن تداوي جراحك و الا فإنها ستتقرح فيما بعد قبل أن تترك ندبه عميقة....) نظرت إليه بهدوء و هي تدري أنه يعني أكثر من تلك الجروح التي تتلقاها أثناء محاولات الإغتيال التي يتعرض لها دائما.... ببساطة يعني أن تداوي أحزانها و آلام روحها و لكنها ببساطة لا تستطيع حتى و ان ضحكت بأعلى صوتها فسيبدو كلحن حزين أهدتها لها الحياة بسخاء  و بالمجان إبتسمت له تلك الإبتسامة التي يمقتها التي لا تأتي إلا عندما تكون معه ثم قالت لأول مرة منذ ثلاث سنوات التي إكتسب بها حق مداواتها بعد تلك الحروب هي تتخذ من صمت حليفا
(لست معتادة على ذلك و حسب) نظر إليها كالأبله و ثم نظر خلفها ثم حوله كأنه يتأكد أن لا أحد غيرها معه ليتكلم و لا أحد يملك تلك البحة الناعمة غيرها لتزيد ذهوله أكثر بتلك الضحكة التي أفلتت منها أصدقها و أجملهاإنها تريد ان تجعله يجن....تنحنح بحرج ثم قال
(ماذا هناك نادين هل أنت مريضة.....؟) هزت رأسها نفيا بهدوء حينها إبتسم بهدوء ثم قال
(مالذي لست معتادة عليه نادين ...؟)قالت بإختصار
(أن أداوي جروحي بنفسي أو لوحدي) هذا صحيح حتى بعد ان فقدت كل أهلها وبقيت وحيدة في مشفى المجانين تصعق بالكهرباء إرادة منهم في الحصول على معلومات لم تكن أبدا لتفصح عنها و لو كان الثمن حياتها....
وضع الثلج على الطاوله قائلا بهدوء بينما هي تعدل حجابها بهدوء أكبر
(لم أقصد ذلك لذا لا تدعي الغباء.... فأنت لست لوحدك عليك تعلم كيفية الإعتماد  فالأمر ليس عيبا العيب في التكبر وقت الحاجة فلا تكابري انت بين عائلتك....)صحيح هي بالفعل كذلك لكن ماذا إن حدث و اضطرت للإبتعاد يوما .... بعد ان تعلقت بكل فرد منهم ،سهيل الأخ الأصغر لأميرة و مهرج العائلة ،ثلثي العجب ،أميرة صديقتها ،الخالة لميس و السيدة هدى  و ابنها نبيل و حتى العم هتان هو و الحديقة و طبعا رأس العائلة السيد عادل هو بالذات يتصرف معها كإبنته إنه رقيقها صديقها القديم ... كأنه يعلم عنها ما لا تعلمه هي عن نفسها و السيدة سرين هي لن تدعي النفاق و تقول أنها تعتبرها أختها او صديقتها .... بالنسبة لكل العلاقات في حياتها المكتسبة تكون عن إستحقاق و السيدة سرين لم تستحق منها سوى الإحترام لكونها فرد من هذه العائلة و زوجة مديرها كنان .... نفضت رأسها قليلا عائدة لأرض الواقع بعد ان لاحظت انه ينظر اليها و كأنه يقرأ أفكارها بكل شفافية قائلا لها بهدوء
( قولي ما تردين اعلم انك ستخبريني عاجلا أم آجلا ....) نظرت اليه بهدوء ثم مطت شفتيها بطفولية تماما كما كانت تفعل مع والدها حين تريد ان تتكلم عن أمر قد يزعجه قالت بتوتر
(اعلم ان ما سأقوله قد لا يعجبك ... خصوصا انه عن السيدة سرين ) أومأ برأسه و كأنه يقول نعم هذا ما توقعته همهم في كإشارة لها لتستكمل
(أنا .... أنا .... أنا لا أحب كيف تعاملها خصوصا في الشركة إن إحترام من يعملون معك لها يعتمد على إحترامك لها ... فهي إنسان قبل أن تكون صديقتك ، زوجتك ، حبيبتك .... أنا أرفض ان أتصرف معها هكذا ثانية السيدة سرين إمرأة لطيفة و لكن تصرفاتك معها قد تغيرها حد أذيت الآخرين ...) قاطعها بهدوء (كما آذتك أنت اليوم .... و بكل هدوء ترفضين الكلام عن ذلك الموضوع ... نادين أخبريني ... لماذا هي تنادينها سيدة بينما الكل لا .... ) قالت بهدوء باسم
(أنا أتعامل مع الكل حسب ما يتعاملون به معي و حسب ما يستحقونه مني من معاملة جيدة طبعا... مثلا خالتي لميس تعاملني كفرد من العائلة بالأصح كإبنة و كذلك والدك العم عادل و السيدة هدى تتصرف كمربيتي تماما و نبيل الصغير يتصرف و كأنه يريد ان يتبناني ههههه... و ثلاثي العجب كذلك لا يميزوني عن أي فرد من هذه العائلة تماما كأمهم تحبني تخاف علي و تسأل عني دائما ... حتى أخاك سهيل ... يتصرف معي كأخته أميرة إلا أنه يتصرف معي في أكثر الأوقات كمريضة عنيدة ترفض تلقي العلاج من طبيب نفسي محترف مثله.... كما يقول عن نفسه ههههه و أيضا سراج يتعامل معي كأخت زوجته إنه يحترمني و يعزني كما يفعل الكل و كذلك البستاني عم هتان يعاملني كإبنة له أيضا لذا أنا اعزه .... ) صمتت قليلا و تنهدت بهدوء ثم أكملت
(أما السيدة سرين فقد تعاملت معي كموظفة منذ البداية ... لذا هي بالنسبة لي سيدة و زوجة مديري في العمل هذا كل شيء ... كما أنها لم تؤذني أبدا ما فعلته هو رد فعل لكل زوجة عندما تمنعها موظفة عند زوجها عن رؤيته ...تصرفها لم يكن مفاجئا لذا أنا أرجو أن ت.. تنظر في قرارك ... مثلا عندما ألمحها من بعيد فإني سأدخل قاعة الإجتماعات لأخبرك بما أنك تغلق هاتفك أثناءها.... هل هذا مناسب ؟) إنها أول مرت تتكلم معه عن نفسها ربما عليه أن يشكر حبيبته سرين على تلك الصفعتين ... حسنا هذا التفكير دنيء منه و لكن عليه الإعتراف بأنه لو علم ان تلك الصفعتين هما الحل لجعلها تتكلم لإفتعل لها مشكلة مع سرين منذ ثلاث سنوات و من دون ندم"شكرا حبيبتي سيرين " إنها حتى تضحك.. بصراحة هي تنصحه دائما فيما يخص سرين تتوتر أولا ثم تكتسب جرأة في إكمال حديثها عندما لا تجد أي إعتراض منه .... دائما تضع له خططا لإسعاد السيدة سرين كما تقول ...
و يتفاجأ بسعادة سرين بها ...خططا بسيطة جدا كإحضار فساتين من أحدث الموضات و قلادات تناسب برج الحوت و يتفاجأ بأن ذوق نادين دائما ما يجعل عيني سرين تبرق حتى الأحذية التي تختارها نادين لها تعجبها فقط يتساءل إن كانت ستظل على نفس الإعجاب إن علمت بأن نادين هي من تختارها و تصفها له كي يبدو بأنه هو من إقتناها و أختارها حتى العطور ....لا تنساها تحجز لهما في أجمل الأماكن وتزوده بالمعلومات .... و تطلب منه دون خجل أن يسوق سيارته مع سيرين بينما هي تتبعهما بسيارة أخرى و يشك أن زوجته قد لاحظت يوما أن نادين ترافقهما دائما حتى أنها تدخل معهما لتدابير أمنية لن تتفهما سيرين أبدا حتى هو أحيانا لا يراها لكنه بقلبه يحس بها أحساس غريب كالرادار المكتشف لوجودها يبصره قلبه حتى و ان عميت عنه عيناه... لقد كان دائما بعيدا عن العائلة حتى أصبحت نادين تواظب على ترتيبها و تخصيص وقت للمنزل لم يظن يوما يكون ان لديه الوقت كما الآن ليقضيه مع أسرته رغم أن الموظفين عنده كثر إلا أنه لطالما تولى أكثر المهام حتى أتت هي لتوزعها و عينيها على كل شيء تم توزيعه و حتى الآن لم تحدث أي مشكلة إدارية إلا وحلتها ...ناهيك عن الهجومات التحصل حين يضطر كلاهما لإستخدام السلاح .... قليلة جدا تلك الليالي التي كان يمضيها في المنزل حتى إنها كانت شبه معدومة و الآن كل ذلك تغير بفضلها....
كل تصرفاتها تقول بصمت "مهما تكن مشغولا لا تتبتعد أبدا عن العائلة و ضعها دائما نصب عينيك" نعم هذا ما يفهمه من تصرفتها بفضلها أصبحت أوقات تواجد العائلة معا أكثر حتى أنه سمع والداه مرة يتساءلان عن هذا القدر الجميل الذي وضع نادين الجميلة في طريقهم لتصبح جزءا لا يتجزء منهم ؟....
حينها حينها أجاب في نفسه "كان مجرد قدر جميل أوقعها في سيارتي ،قدر خياللي رمى بها في عائلتي فتقبلوا بعضهم البعض ..." عاد من أفكاره و هو يقول بهدوء
(حسنا هذا مناسب نادين..... لكن و أنا لماذا كلمة سيدي تلك لا تقولي لي لأنني أعاملك كموظفة لأن ذلك ليس صحيحا.... أنت من العائلة أكثر منه صديقتي... فلماذا سيدي ....؟) هنا أودعت اليه نظرت لن ينساها مدى الحياة... نظرت إمتنان شديدة الحزن كمن أخرج من وكر أفاعي إلى بلاط النبلاء مع لقب *الكونتسا* نعم تلك نادين تبلغه دائما أجوبة عميقة المعنى دون ان تنبس ببنت شفه....
و لكن لن يكتفي بتلك النظرة لامعة نادرا ما تحصل .... هو يريد جوابا لذا همهم كالعادة كي تفهم....
لذا قالت بهدوء لم يخدعه أبدا
(قد لا يكون هناك فرق بالنسبة لك بين سيد كنان و سيدي و لكن بالنسبة لي .... فالفرق شاسع .... و انت بالذات هو الوحيد الذي له هذا اللقب و الرمز ) هكذا إذا!!!! *سيدي* بالنسبة لها لقب و رمز و ليس مجرد كلمة كما تفضل هو وقال .... لكن هو يريد مساعدتها.... تماما كما كان يفكر منذ زمن هي تحتاج مساعدة فمن الواضح أن سهيل قد لاحظ ذلك ....مثله تماما دون حتى أن يعرف أنها هاربة من مصح عقلي هذا إن صح تسميته مصح فقد كان واضحا جدا أنها كانت تتعرض للتعذيب هناك أكثر من المعالجة..... لكن لماذا...؟ ماذا يمكن نادين أن تفعل حتى تستحق ذلك؟!!!!...
و الواضح أنها و رغم كل محاولاتها لتكون طبيعية لم تستطع خداع أخاه فهو طبيب نفسي متمرس.... و لكن عليه الإعتراف أن الحالة التي رآها بها كانت سيئة يستحيل أن يكون الإنسان طبيعيا بعدها .....لكن هو و بنفسه ما كان ليشك في حاجتها للمساعدة لو لم يكن هو من وجدها... نعم هو وجدها و رأى حالتها قبل الجميع و لم يتخلى عنها لذا إستحق ذلك اللقب *سيدي* أراد أن يسترسل في الحديث معها ففرصة كتلك قد لا تتكرر و لكنها قاطعته عن قصد و كأنها قد قرأت أفكاره بسهول تلك الغبية
(أنا أستأذن فثلاثي العجب لن يبيت هنا الليلة اريد أن ألعب معهم إن كنت لا تحتاجني في شيء ) حسنا يمكنها الهرب الآن فقد فتح معها بابا لن يسمح بإغلاقه و لكن هذه المرة سيستعين ب.... ب ... آه لايصدق أنه سيفعل ذلك... الفكرة بنفسها مضحكة يحتاج صاحب أطول لسان في العالم.... سهيل.... ولكن سيطلب مساعدته كطبيب قد يساعده ذلك .... همهم لها كالعادة لتغادر بهدوء و سؤال مهم يدور في رأسه...
أميرة حبيبته أخته الصغيرة ... تكاد تفقع عيني كل أنثى تنظر الى سراج و لكنها لا تنزعج من لطفه مع نادين .... على العكس بل تدعم هذا اللطف بطريقة تجعل أفواه الكل فاغرة فما السر وراء ذلك ...؟لما نادين هي الوحيدة التي تأتمنها أميرة التعامل مع زوجها ؟..و زوجها طبعا لا يجد أي حرج في ممازحة نادين أمام الكل ؟... اول مرة فعلها ظن الكل ان نادين ستكون في أعداد الأموات إلا أن الصدمة اعترت الكل عندما ضحكت أميرة و هي توافقه الرأي حينها رمتهما نادين بالمخدات صغيرة لتجري وراءها أميرة معها ثلاثي العجب كما تسميهم كانت تلك أول بذرة تزرعها نادين في العائلة لتمتد جذورها أكثر لتصل لأبعد من توقعاته ....
لكنه تفاجأء بها عندما دخل عليها في غرفة الطائرة لأول مرة مع حجابها لم يكن يظن أبدا بأنها محجبة ... حينها شعر بالغيرة على فتيات العائلة أراد ان تكن محجبات مثلها ... حتى إنه أراد ان يعرض الأمر على سرين... لكنه كان مشدوها بغيرة سرين الغير مبررة تجاه نادين و التي إزدادت مع مرور الزمن .... اما أميرة فقد أصبحت لا تأتي إلا و معها وشاح فوق رأسها حتى لو كانت هناك بعض الخصلات التي تخرج منها ... لكنها ترميها بعيدا ما إن تصل ....
في عيني نادين شيء واحد لا يتزحزح مهما ضحكت و إبتسمت .... يكرهه دائما و يؤلمه جدا و هو ذلك الحزن العميق و لا يجد نفسه الا هو يقول في صمت "أسبلي جفناك علي لا أقرأ بهما أسوء فنون الأحزان أشعارا" و كأنها تتلقي الأمر فتسبلهما طائعة أجمل ما فيها فهمها الجميل للغة العيون ....
..................................................................................................................
دخلت غرفتها تضحك مع ثلاثي العجب قال غياث بمرح
(حسنا أنزلي يا منال لتغني لنا نادين ) تعلقت منال بعنق نادين قائلة بطفولية بريئة
( لا لن أنزل الخالة نادين تغني بفمها و هي لا تحملني به لذا لن أنزل أنا ... ) ضحكت نادين بهدوء مرح و أصابعها تتخلل شعر نيار الذي يكاد يوقعهم لسماع الأغنية الجديدة .... لطالما أحبت الغناء عندما وجدت هؤلاء الأطفال أرادت أن لا تنسى فن الغناء الذي تعلمته خصيصا لأخاها سمير سابقا الذي كان يهوى الغناء خصوصا أغاني الأساطير كشارلز أزنافورد كان يغنيها بمهارة لذا هي أيضا إنضمت إلى صف الفنون لبعض الوقت تمام كما فعلت مع الباقين من اخوتها كل شاركته في هوايته .... قالت بمرح
(حسنا... حسنا...سأغني الآن فقط دعوني أجلس )
جلست و منال في حضنها و بجانها الأيمن غياث و الجانب الآخر به نيار بدأت تغني إحدى الأغاني الكرتونية التي لم تنساها أبدا

ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻫﻤﺴﺖ ﻓﻲ ﺃﺫﻧﻲ
ﻣﻦ ﻳﻤﺴﺢ ﻋﻦ ﻗﻠﺒﻲ ﺣﺰﻧﻲ
ﻳﺮﺟﻌﻨﻲ ﺧﻀﺮﺍﺀ ﺍﻟﻠﻮﻥ
ﺃﻋﺸـــــﺎﺷﺎ ﻟﻸﻃﻴﺎﺭ
ﻟﺤﺪﻳﻘﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ ﺑﺎﺏ
ﻭﻟﻬﺎ ﺃﺳﻮﺍﺭ
ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﺣﺪ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ
تخفي ﻋﻨﺎ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ
ﺃﻗﺒﻠﺖ ﺑﺠﺪ ﺃﺳﻘﻴﻬﺎ
ﺃﺭﻭﻱ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﺃﺣﻴﻴﻬﺎ
ﻭﻏﺪﺍ ﻣﻦ ﺃﺟﻤﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ
ﺯﻫﺮ ﻻ ﻛﺎﻷﺯﻫﺎﺭ
ﻟﺤﺪﻳﻘﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ ﺑﺎﺏ
ﻭﻟﻬﺎ ﺃﺳﻮﺍﺭ
ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﺣﺪ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ
تخفي ﻋﻨﺎ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ
ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﺃﻥ ﺗﺴﻘﻲ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ
ﻟﺘﻀﺎﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻘﻤﺮﺍ
ﺃﻥ ﺗﻐﺮﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﺎﺋﺲ ﺃﻣﻼ
ﺯﺭﻋﺎ ﻳﻌﻄﻲ ﺍﻷﺛﻤﺎﺭ
ﻟﺤﺪﻳﻘﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ ﺑﺎﺏ
ﻭﻟﻬﺎ ﺃﺳﻮﺍﺭ
ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﺣﺪ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ
تخفي ﻋﻨﺎ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ
...............................
كان ينوي الذهاب الى غرفته الإرضاء سرين التي لا بد و أنها لا تزال غاضبة منه.... ليتفاجأ بجمهور واقف أمام غرفة نادين.... أمه و سهيل الذي يبدو واضحا عليه أنه لم يغير ثيابه بعد و السيدة هدى التي في يدها عصير برتقال و أذنها على الباب .... و طبعا أخته الأميرة أميرة ... هي الأخرى رأسها يلامس الباب بينما سهيل يميل اليها واضعا يديه على كتفيها كي يستمع هو الآخر و نفس الشي مطبق على أمه التي تكاد تسقط السيدة هدى و متأكد أن المُتجسَس عليها إن فتحت الباب الآن لن يبقى أي منهم على قدميه ....
إقترب منهم بتوجس حتى وقف خلفهم تماما و لم يلاحظوه كل همهم على الصوت المنبعث من الغرفة ....ما بهم هؤلاء...؟ قال بإستغراب مباغت
(هل تقومون بطقس معين هنا ؟؟!!!!) شهق الكل و كأنهم قد أمسكوا بالجرم المشهود بينما أشار إليه سهيل كي يسكت و يقترب ليستمع عقد حاجبيه ليقترب لستمع لذلك الصوت الحزين في كل شيء حتى أن البحة إختفت و نغمة الزكام تبخرت و بقي الصوت الناعم الخاص.... لم يكن يعلم أنها تغني .... لا هي لا تغني فقط ... بل تغني بإحتراف.... الآن عرف سبب ولع ثلاثي العجب بها كما تسميهم....
لم يكن يبتسم أبدا بل كان و كأنه يستمع إلى بكاء أنثى حزينة مكابرة ترفض أي يد تمد اليها للعون إنها كإبتسامة موناليزا التي لم تعبر عن السعادة أبدا..... الآن هو لن يتراجع حتما سيستشير سهيل قريبا جدا .... أجلى صوته قليلا ثم إبتعد عن الباب قائلا
( أجل صوتها رائع..... لما لا تدخلون لتستمعوا إليها بدلا من التجسس عليها....؟) أمسكه سهيل يجره خلفه بهمس حاد
(تعال معي يا مفضوح.... قبل أن تفضحنا لو كانت تغني أمام أحدنا هل كنا لنسترق السمع هكذا منذ ما يزيد عن سنة ؟....)نظر الى سهيل قائلا بإستنكار
( ماذا ؟؟؟....أنتم إكتشفتم هذا منذ سنه..... و انا أكتشفه الآن هل هذا نوع من الإحترام لي أم عدمه؟...) أراد أن يكمل تذمره إلا أن أخاه قاصعه
( أرجوك أخي نتحدث لاحقا..... لا أريد أن يفوتني الأمر كما فات أباك و صهرك...) ثم عاد إلى جماعته دون أن ينتظر جوابا ....
هل الكل يعلم الا هو حتى سراج و والده و بما أن السيدة هدى تعلم فلا بد أن إبنها نبيل و هتان أيضا يعلمان .... و مما لا يقبل الشك أن زوجته أيضا تعلم و لكن لما التجسس عليها هكذا.....؟ المهم سيعلم لاحقا الآن عليه الذهاب لإرضاء زوجته الحبيبة اللطيفة التي تكره نادين دون اي وجه حق...... حسنا هذا كله قابل للتغيير فيما بعد ..... أجل هو يخدع نفسه بكل حماقة و عن قصد متجاهلا كره سرين الأعمى لنادين ..... و نادين التي تبدع القوة متجاهلة كل الأعراف المعترفة بها في قلائد الأحاسيس

............................................................
T o be continued

أمانك أنا فإستوطنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن