واثناء حديث شمس مع والدتها ورفضها الزواج فتلقي ببصرها فاذا بوالدها يقف امامها غاضبافتحشرج صوتها في حنجرتها وبصعوبه نطقت بصوت ضعيف خفيف :
بابا...
واثارتها نظراته الحادة المخيفه التي رماها بها بقسوه قبل ان يضربها بكلماته:
أي اللي سمعته ده?! ومين قال انك لكي رأي في الحاجات دية. الرأي هنا رأيي أنا والكلمة الأولي والأخيرة ليا أنا فهمتي..
ثم نظر الى عينيها نظرة سريعة ثم طارت أنظاره بعيدا عنها وخرج من الغرفة كسرعة البرق.
فألتفت شمس إتجاه والدتها فشعرت بشئ يقف في حلقها ويسد مجري هوائها وتوقفت عن الحركة والتنفس أما والدتها فنظرت إليها لما رأت سكوتها وهزت ذراعهاوقالت :
شمس أنتي كويسة? طمنيني عليكي.
فظفرت شمس زفرة مصحوبة بتوتر وقالت :
أنا كويسة.. بس محتاجة أبقي لوحدي.
فتنهدت الأم بحزن وقالت :
طيب يا شمس. حاولي تنامي وأرتاحي شوي وأن شاء الله خير...
فصمتت شمس واكتفت بهز رأسها إيجابيا.. وأنصرفت الأم من غرفتها وأغلقت الباب.
أما شمس فجلست علي طرف فراشها وأجهشت فالبكاء ويرن هاتفها فتنظر في شاشته وهي تبكي ألما وحسرة ولم تستطع القيام بالرد. فيعاود عمر الأتصال ولكنها لم تستجيب له وأغلقت هاتفها وأرتمت علي فراشها وبكت بشدة..
وفي صباح اليوم التالي يتصل عمر بشمس كعادته ولكن مازال هاتفها مغلق فيمتلئ قلبه بالقلق ويذهب إلي الجامعه لعلها تكون ذهبت بمفردها ولكن لم تذهب شمس للجامعة. مما زاد من قلق عمر وخوفه عليها.
وبعد انتهاء محاضراته حاول الأتصال ولكن بلا جدوي. فذهب إلي عمله ولكنه في حيرة من أمرها وتراوده الأفكار والظنون السيئة. وكلما يمر الوقت دون ان تستجيب شمس لإتصاله يزداد قلقه اكثر فأكثر.
فالقلق ماهو إلا شعور قاسي لقلب يحب وعقل يشعر باضطراب عميق في ذهنه، أفكاره تتلاحق مع بعضها وتتبعثر بغير تسلسل ينظمها، وبغير رابطة تصل بعضها ببعض. يخشي من تجميع أفكاره المشتته واستخلاص أي نتيجة قد تعذبه ويعاني منها، إي نوعاً من القلق هذا الذي يستبد بقلبه?!
فأصبح عمر لا يشغل عقله ووجدانه إلا غياب شمس فأصبح عقله فى اضراب وتشتت فكري نتج عنه أضطراب حالته النفسية. فظهر في تعبيرات وجه وحركاته الجسدية وقد سيطر عليه الخوف والشعور بعدم الارتياح.
تمر الساعات ببطء شديد ويعيش عمر في حلقة مفرغة تدور وتدور وترجع الى حالتها السابقة من الخوف والقلق وبعد انتهاءه من عمله يرجع الي بيته ليدخل غرفته ويغلق بابه ويحاول الاتصال بها يتمني أن تستجيب له ويسمع صوتها لكي يطمئن قلبه ويهدأ حنينه إليها ولكن لا جديد.
استمر عمر في هذه الحالة واستمرت شمس لاسبوع في غيابها بدون اي مبرر او عذر لتبرد نار قلب عمر. أصبح عمر يتساءل هل أستطاعت نسيانه?! ولما?! هل حدث لها مكره ولكنه يبعد هذه الفكرة ويطرحها جانبا متمنيا أن تكون قررت نسيانه علي أن يكون بها شئ. فحصر عمر بالأوهام و الوساوس و القلق و المخاوف علي حبيبته.
ومر يوم وراء آخر وينتظر عمر مكالمة من شمس فما أصعب الانتظار ، ففيه تتمزق الأنفس و يموت الزمن وهو يعي موته ..
وبعد مرور 10 ايام قرر عمر أن يلجأ لشخص يثق فيه ليطمئن علي شمس فقام بالأتصال علي شجن أبنة عمه وعندما قامت بالرد قال عمر بلهفة :
شجن ممكن خدمة من فضلك?!
فقالت شجن بحيرة :
طيب قول السلام عليكم بالأول وعلي العموم تحت أمرك طبعا. خير ياعمر!
عمر : أنا أسف لكن مش مركز في أي شئ. القلق هيموتني ياشجن.
شجن بصوت مضطرب : قلقتني ياعمر حصل اية?!
فتنهد عمر بمرارة وقال :
أنا هحكيلكياشجن بس رجاء تساعديني من فضلك.
شجن : أحكي ولو بايدي حاجة اكيد هعملها لك ياعمر... فقص عمرعليها ما حدث وقال متوسلا :
ممكن تكلميها وتقولي لها تطمني عليها.
فقالت شجن : طيب حصل بينكم مشكلة ولا حاجة?!
عمر بنفي : لالالا خالص.
شجن بحيرة : طيب انت بتقول قافلة التليفون هكلمها ازاي?!
عمر : هديكي الرقم الارضي من فضلك ياشجن. اتوسل لكي تساعديني.
شجن بحزن من حالته : حاضر هات الرقم.
وبالفعل أخذت شجن الرقم وقامت بالأتصال بشمس وقام بالرد عليها والدتها :
أم شمس : " الو"
شجن بتوتر : الو. من فضلك ممكن اكلم شمس?
الأم : حاضر لحظة واحدة. واسرعت وطرقت الباب فقامت شمس بفتح الباب وقالت : ايوة ياماما..
الأم : تليفون علشانك...
فذهبت شمس وقامت بالرد : الو
شجن : ايوة ياشمس.
شمس بدهشة : مين حضرتك?!
شجن : انا بكلمك من طرف عمر.
عمر قلقانعليكي جدا ياشمس ونفسه يطمن عليكي. افتحي تليفونكوكلميه من فضلك.
شمس : عمر!!! مين حضرتك? ممكن اعرف!
شجن : انا بنت عمه. هو طلب مني اكلمك لانه مش عارف يوصلك. ليه قافلة تليفونك?!
شمس وهي تبكي :
ممكن تطمنيني عليه.
شجن : هو هيموت من القلق عليكي. كلميه ياريت.
شمس : للأسف التليفون مش معايا. مع بابا.
شجن : ليه كده?! حصل اية? عرف بعلاقتك بعمر?!
شمس : لا. لكن ابن واحد صاحبه متقدم وهو موافق عليه ولما رفضت اخد التليفون ومنعني من الجامعة للضغط عليا علشان اوافق.
شجن بحزن : طيب والحل?!
شمس : مش عارفة. من فضلك طمني عمر وفهميه انهغصب عني.
شجن : حاضر واسمحيلي اتصل بكي ابقي اطمن عليكي.
شمس : اكيد. مع السلامة.
وبعد ان انهت شجن مكالمتها مع شمس قامت بالأتصال بعمر فقام بالرد بلهفة :
ايوة ياشجن طمنيني.
شجن : اطمن كلمتها وقصت عليها ما قالته شمس.
فصمت عمر وكأنه طعن بخنجر في قلبه فكم هو مؤلم فراق من تحب وان تأخذ منك الحياة من أعطي لك الحياة لتقدم لك بدلا عنه الموت،ان يرحل من بنيت معه أحلاماً... من أعطيته قلبك ووجدانك...
ما أصعب ان نحملُ علىَ أكتافنَا أوجَاعنَاً بِرأس مُنخفضْ وخطواتٍ ثقيلة. ما أصعب أن تفقد شخصاً كان هو كل أحلامك !
فقلقت شجن من صمت عمر وقالت :
عمر طمني انت بخير?!
عمر بألم : انا اسف مضطر اقفل وأغلق الخط وقلبه يتمزق من الألم والخوف من فقدان حبيبته...