الفصل العاشر

149 5 0
                                    

وبمجرد ان رأي عمر والده شعر بالحرج وابتعد عن شجن ثم بادلهما نظرات سريعة ثم نظر في الأرض. وقد لاحظ والده انزعاجه الشديد من نفسه، وظل عمر ناظرا في الارض باحثا عن إيجاد اي مبرر مقبول لوالده فشعر الأب بما يعانيه عمر فتنهد وقال :
يالا ياعمر لازم نبلغ الكل ونشوف هنعمل اية.
فرفع عمر بصره اتجاه والده ثم التفت الي شجن وهز رأسه ايجابيا وقال :
حاضر. وانصرف
اما شجن فاسرعت للغرفة التي بها يرقد جثمان والدها واغلقت الباب واقتربت من الفراش وجلست علي حافته وتتساقط دموعها الما من فقدان ابيها. لم يكن بالسهل عليها تحمل هذه الكارثة لكن ليس للانسان خيار في هذه الحالة فهو مقدر عند الله.
فامسكت شجن بيد ابيها ووضعت شفتيها عليها تقبلها ثم وضعت خدها عليها وهي تبكي وتقول :
عارفه انك خلاص سبتني زي ماما. وعارفة ان دي هي الحقيقة الوحيدة في حياتنا. لكن انا محتاجلك اوي. محتاجة لحضنك.  محتاجة لايدك تمسح دموعي.  محتاجلك تزيل همومي وتقويني.  محتاجة لسندي.  هتوحشني لكن عمري ما هنساك ابدا.
انت رحلت بجسمك لكن  ذكراك باقية معايا للأبد، ولا يمكن  هتغيب يوم عن حياتي، هتلازمني كظلي لغاية ما اقابلك ،  استودعتك الله يا بابا، وأسأله سبحانه وتعالى أن يشملك بعنايته ورحمته وعلي لقاء في الاخرة ان شاء الله.  ثم أرتمت فوقه وبكت...
فكم هو صعب فراق من نحب. وبالاخص فراق الأب. فراق السند والحنان.
ظلت شجن في مكانها ماسكة بيد ابيها تبكي وتقرأ القرآن. تمر الدقائق والساعات،كم كان  يوما أليما  ملئ بالدموع والآلام، وبعد ساعات انتهي كل شئ وودعت شجن ابيها وهي يجول بخاطرها ادق تفاصيل والدها فينخلع قلبها  وتنهمر دموعها ويكاد الحزن يقتلها، لكن لا فائدة من الدموع أمام حقيقة وواقع مؤلم ، فمجرد أن ينتهي عمر انسان لا يتأخر أو يتقدم ثانية...
وبعد انتهاء مراسم الدفن والعزاء نظر والد عمر لابنه وقال :
يالا ياعمر خليك مع الناس تشوف حاجاتها وانا هتكلم مع شجن تجهز نفسها ماينفعش تفضل لوحدها خلاص لازم تعيش معانا.
فهز عمر راسه مؤيدا لكلام ابيه وقال :
فعلا.  عن اذن حضرتك وانصرف.
اما والده فذهب الي شجن لاخبارها بقراره.
فعندما اقترب منها قامت شجن واقفة وهي تنظر اليه بعينتان متورمتان من البكاء.
فنظر لها بحزن وقال :
جهزي هدومك ياشجن ما ينفعش تقعدي هنا لوحدك.
شجن : بس يا عمي... فقاطعها قائلا :
مافيش بس.  يالا روحي جهزي شنطتك
وبالفعل انتقلت شجن لبيت عمها وتركت منزلها وذكرياتها فيه.
وبمجرد وصولها قال والد عمر لزوجته  :
دخلي شجن اوضتها علشان ترتاح
فامسكت زوجة عمها بيدها وقالت بحزن :
تعالي حبيبتي.  اتفضلي.
ثم نظر عمر لوالده وقال :
عن اذن حضرتك انا لازم أروح الأستوديو عندي شغل.
فهز والده راسه ايجابيا ولم يتفوه بحرف وانصرف عمر لعمله.
بينما أرتمت شجن علي فراشها واغمضت عيناه وغرقت في نوم عميق لتري والدها بالمنام وهو يبتسم لها وينظر إليها بحب فتفرح شجن بشدة وتقترب منه لترتمي باحضانه فيذهب وتستيقظ لتكتشف انه كان مجرد حلما فتسقط دموعها.
وبعد مرور عدة اشهر....
يطرق والد عمر باب غرفته...
عمر وهو جالس امام حاسوبه الشخصي: اتفضل.
فيدخل والده فيلتفت اليه عمر بدهشة ويقول:
بابا !!  خير في حاجة?!
والده  وهو يجلس علي المقعد : لا لكن عايزك في موضوع مهم.
فنظر إليه عمر باهتمام وقال :
خير!!  تحت امرك..
فنظر اليه والده في صمت....

لا تبكي فتلك الدموع دموعي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن