6

362 74 8
                                    

"علي السادة الركاب المتوجهين علي متن طائرة الخطوط الجوية الكورية التوجه للبوابة رقم 22 المتجهة الي جرينلاند"

تجلس شاردة و الفراغ نياط نظرها، كانت تبحر وسط مشاعر خانقة و أفكار مشؤومة، و لم تسمع حتى نداء الطائرة لولا ليسا التي ندهت عليها.

"هيا بنا ناريم"

استقامت دون الإدلاء بكلمة تفصح عن مكنونها، بعض المشاعر تكون أضخم من أن يعبر عنها ببضع كلمات مبتذلة ك'أنا لست بخير'.
هذه الجملة أقل ما يقال في بعض الأحيان، فحين تتكالب عليك حفنة من المشاعر، مشاعر خانقة تفترسك، لا مشاعر وردية تضمك، يكون الصمت أكبر معبر عن ما يخالجك.

جلست فوق مقعدها الخاص على الطائرة بينما تحدق للنافذة سامحة لجميع الأفكار بالقفز داخل عقلها، و المشاعر كذئاب تمزق القلب و تغرقه في بحيرة دمائه، كل كلمة نطق بها تشانيول آنذاك تتكرر و تتكرر كما لو أنها شريط مسجل داخل ذهنها.

أسندت يدها على خذها بينما تفكر في آخر كلمة قالتها لسيهون، تتساءل في داخلها عن كيف استطاعت أن تقول له هذا، كانت لحظة غضب فقط، لكنها دمرت علاقتهما و أردتها قتيلة على الفور.

"سوف نصل بعد يومين يا ناريم و بالنسبة لوالديك و والداي فقد أخبرتهم أننا سنقوم برحلة إلى النرويج لنتسلى قليلا"

ليسا كانت تفسر لها بينما تضع حزام الأمان، لكنها تلقت التجاهل و تلاه التجاهل فقط، ناريم و كأنما تبحر بيخت خرب محركه فضاع وسط المحيط الشاسع.

"ناريم؟ هل تسمعين ما أقول؟"

حركت يدها أمام ناظريها، لكن ناريم ظلت تغلق على ذاتها وسط سرداب مظلم صحبة مشاعر و أفكار بهيمة.

زفرت ليسا بحنق و صاحت بنفاذ صبر منادية باسمها حتى تسحبها من سردابها المظلم و تعيدها للواقع، الواقع المر.


اتتفضت ناريم بأعين متسعة جراء صراخها سرعان ما تنهدت، نسيت لوهلة أنها على متن الطائرة و ليسا صحبتها، زفرت و سألتها بلحن هادئ ينافي الصخب العابث داخلها.

"ما بك لما الصراخ؟"

الاستياء كان واضحا على تعابير ليسا، و كلماتها ذات النبرة الخفيضة أبانت عنه

" ناريم! هذه حالتك منذ أن سمعت الخبر ماذا لو رأيت جثته فعلا؟"

أعادت ناريم ناظريها صوب النافذة و حاجباها اقترنا يبينان سخطا، زفرت بحنق و أجابت بحزم و صرامة لا تدري من أين لها بهما

"هو لم يمت"

استغربت ليسا ثقتها فسألت مندهشة ردة فعلها

"ماذا تقصدين؟"

أضافت بنبرة منزعجة

"أنا لا أصدق بقصة موته هاته و لن أصدقها"

اكتفت ليسا بالنظر لها بفراغ و الهمس باسمها غير مستوعبة مصدر ثقتها

"ناريم...!"


أفاقت ناريم على صوت ليسا لتستقيم مغادرة الطائرة بخطى مثتاقلة، جلست على أقرب كرسي ليسحبها السرداب المظلم مجددا و تحوم حولها الأفكار و المشاعر التي أنهكت روحها.

تنهدت بعمق و سحبت ذاتها بذاتها من هذا السرداب، و فضلت أن تشغل ذاتها بأي شيء عدا أن تفكر و تسمع صوت قلبها ففي النهاية هو أكثر من يلومها لأنها اتبعت كبرياءا و صدت حبا.

بعد دقائق من الانتظار كان تشانيول يقف قبالتها، و رفيقتها ليسا قد انضمت لهما أيضا بعد أن أخذت الحقائب.

و رغم أن تشانيول أيضا ليس على ما يرام بعد هذه الأحداث إلا أنه حاول رسم بسمة متكلفة مرحبا بهما، لكنه تلقى الرد من ليسا فقط أما ناريم فدخلت في صلب الموضوع مباشرة، قلبها لم يعد يحتمل، و إذا انتظر أكثر فسوف يلقي عليها وابلا من اللوم و يعيدها لسرداب الندم.

"هل هناك أخبار جديدة عن سيهون يا تشان؟"

طأطأ رأسه و بنبرة لم يستطع أن يخفي فيها حزنه رد

"للآسف لا جديد"

لاحظت ليسا أن الجو مشحون شجنا فحاولت تلطيف الجو و ببسمة وهنة نبست في هدوء

"هيا نحن متعبتان و نريد أن نرتاح قليلا يا تشان نتحدث فيما بعد"

بادلها ذات البسمة و حمل الحقائب قائلا

"حسنا هيا بنا"

✔زهو يهش حباحيث تعيش القصص. اكتشف الآن