19

214 66 9
                                    

توقف بيكهيون عن الضحك تلقائيا، و نكس رأسه قائلا بنبرة منكسرة مغايرة تماما لما كانت عليه قبلا.

"كنت أمزح بخصوص هذا الجزء"

قطبت ناريم حاجبيها و استفسرته بهدوء

"أي جزء؟"

بلل شفتيه ثم أجاب

"المتعلق بموت كل هؤلاء الفتيات لكن بخصوص أبي و أمي و الفتاة الأولى كنت أتحدث بصراحة"

أبانت نظراتها عن بعض الحزن، هي تعرف إحساسه حاليا، فهي الأدرى بمعاناة الفراق فما أدراك بفقدان ثلاثة أناس، زفرت بضيق ثم تمتمت

"آسفة حقا..."

حاول رسم ابتسامة علها تواري شجنه ثم سألها

"لا عليك، و ماذا بخصوصك؟"

تنهدت بحزن لتصوب نظرها للأرض و تضم ركبتيها لصدرها و تبدأ بسرد قصتها، قصة فراقهما هي و سيهون.

"لقد فقدت شخصا قريبا جدا إلي و المشكلة أن آخر مكالمة بيننا لم تكن ودية؛ أقصد تشاجرنا لسبب سخيف ليس إلا قمت بالصراخ عليه في لحظة غضب"

و بينما هي تروي له ما حدث كان ذاك الذئب الرمادي لا زال يحدق إليهما بنظرات مريبة نوعا ما، نظرة حادة كأنما يرغب في نهشهما.

اقترب الذئب بخطوات ثابتة منهما حتى يكون قادرا على سماع حديثهما أما ناريم فلازالت تحكي لبيكهيون ما آلت إليه قصة حبهما

"قلت أنني أكرهه كما طلبت منه نسيان وجودي و عدم الاتصال بي فرد علي ..."

صمتت لبرهة بينما تتذكر آخر مرة سمعت فيها صوته
ث

م استطردت بصوت مخنوق و أعين تلمع

"رد علي أني مجرد كابوس بالنسبة له و أنه نسى وجودي منذ زمن، و بعدها لم أسمع عنه شيئا إلى أن قالوا أنه رحل، منذ ذلك اليوم لم أرى وجهه و لم أسمع صوته"

نزلت دمعة تليها شهقة ليباشرا التناوب و ينزل الدمع و تتعالى الشهقات، و الآلم كلما كبتته تمرد و أقام حالة شغب داخل جسدها.

وضع بيكهيون  يده على كتفها مواسيا لترتمي في حضنه و يبادلها الحضن مربتا على ظهرها.

بينما ذاك الذئب يحدق لهما بغيرة؛ غيرة شديدة إلا أنه اكتفى بالتراجع بضع خطوات للخلف بنظرة حادة، ليركض اتجاه عمق معين من الغابة.

"أيرين! هل أنت هنا؟"

صرخ ذاك الذئب مناديا فتاة ما لتظهر فجأة الفتاة ذات البشرة البيضاء التي ترتدي ثوبا أبيض فضفاضا، لتسأله بهدوء ينافي ما يخالجه هو.

"مابك؟هل أنت بخير؟"

لمعت عيونه بحزن عميق أفرج عنه بتوسل و رجاء

"عليك مساعدتي أريد أن أعود إلى شكلي، أرجوك أيرين افعلي شيئا أنت الوحيدة القادرة على فهم ما أقول جميعهم يظنون مجرد حيوان أنت الوحيدة التي تعلم حقيقتي"

فكرت لوهلة ثم سألت بصوتها الهادئ

" ما الذي حدث لك؟ هل رأيتها مجددا؟ "

ازداد آلمه مع سؤالها ليجيب بانكسار و نظرات ذبلت و ذبلت و ما عادت بتلة الربيع قادرة على مقاومة برد الخريف

"أجل و ما عدت أستطيع أن أبقى بعيدا عنها هي تكرهني و تظن أني قصدت ما قلت تلك المرة أريدها، أريد استعادتها"

تغيرت ملامحها من هادئة لغاضبة لكنها كتمت غيظها لتغمض أعينها و تردف بغضب من بين أسنانها

"وددت لو أعيدك إلى طبيعتك لكن لا أعرف كيف، أنا نفسي عالقة هنا فإذا غادرت غرينلاند ستكون نهايتي و لا أدري من ذا الذي قام بجعلنا فأر تجارب له"

ازداد حنقه منها فغضب و لم يعد قادرا على كبح ذاك الغضب أكثر

"فعلت كل ما بوسعي لإنقاذك لكنك لا تفعلين شيئا لمساعدتي ! كدت تموتين أيرين و أنا من أنقذك ذاك اليوم و بسببك استطاعوا إمساكي أيضا لكنك لم..."

لم يتابع بعد أن رأى لمعة عيونها، هو قد لمس الوتر الحساس، اكتفى بالصمت و التراجع للخلف متلافيا النظر لها.

ركض خارج الكهف إلى المكان الذي كانت فيه ناريم رفقة ذاك الفتى، لكنه لم يجدهما ليصك على أسنانه و أحاسيس مختلطة تخالجه، غضب  شديد، حزن جم و غيرة عارمة.

زفر حنقا و غمغم في تساؤل

"من ذاك الذي كان معها هل يعقل أنهما معجبان ببعضهما؟ هل فعلا نسيتني و صرت تكرهينني ناريم؟"

الذئب الرمادي جزء من الأحجية جزء من الحل

✔زهو يهش حباحيث تعيش القصص. اكتشف الآن