الفصل الثاني

3.6K 86 0
                                    

الفصل الثاني
(القدر)
وبعد أكثر من ثلاث ساعات وصل مالك إلى وجهته .. كانت الشمس قد غابت تقريباً ، وبدأ الظلام في الحلول ..
توجه مالك إلي المنزل الذي تسكن فيه خالته رجاء، منزل أنيق، ومدخل ضخم، لحظات من صعود الدرج الرخامي وجد نفسه أمام باب خشبي أنيق ، وضع أصابعه علي جر س الباب، وسريعًا ما فتحت له رجاء..
دفن مالك وجهه في أحضان رجاء، ثم انحني يقبل يدها ثم قبل جبينها وهو يقول بشوق:
-وحشتني يا خالتي رجاء.
قلبت رأسه قائلة بلهفة:
-مالك حبيبي عامل إيه؟!، أختي "نبيلة"
-كلنا بخير الحمد الله.
-حمد الله علي سلامتك يا مالك، جوزي "فرج" جهز ليك الشقة اللي فوق عشان تعيش فيها.
أخفض مالك رأسه بعد أن شعر بالإحراج الشديد من خالته و العبق الذي سببه لها حينما أتي إلي العاصمة قائلا:
-شكلي تقلت علكي لما جيب؟!
رفعت سبابها في وجهه قائلة له محذرة:
-أنت أبني يا مالك متقوليش كده!
أمسك بكف يدها وقبله شاكرا لها، فقالت له بحنو:
-أطلع ارتاح من السفر وأنا هخلي البواب يطلع ليك الشنط
ثم أضافت قائلة:
-وبكرة هعرفك علي ولاد بنتي.
هز برأسه موافق ولا ينبث بحروف أخري وذهب مع العامل ليستريح قليلًا من رحلة السفر الطويل.
................................
كان العامل قد أحضر قبل قليل حقيبة سفر مالك ، وأسندها على الفراش .. فاقترب مالك منها ، ومد يده ناحيتها ليفتحها ويفرغ محتوياتها .. بحث مالك بعينيه عن مكان خزانة الملابس فوجدها موجودة بأحد أركان الغرفة ، وإلى جوارها يوجد طاولة صغيرة ، وكذلك مكتبة صغيرة بها عدد من الأرفف .. وفي تلك اللحظة تذكر مالك أمرًا هامًا ، لقد نسي تماماً أن يحضر حقيبة كتبه الأدبية من السيارة التي كانت تقله إلى البلدة .. لقد وضعها أسفل مقعده ، ونسى أن يأخذها معه وهو يترجل من السيارة ..
ضرب مالك جبينه بمقدمة يده ، وظل يلعن حظه العثر الذي أنســـاه ذلك الكنز الأدبي الثمين ..
زفـــر مالك في انزعاج جليّ ، وتبدلت ملامح وجهه للضيق وللعبوس ، فأكثر ما يُحزن المرء هو أن ينسى دون قصد شيئاً غالياً عليه .. وخاصة حينما يستحيل عليه استعادته ..
رتب مالك ملابسه في الخزانة ، وبدل ثيابه بملابس النوم المريحة ، ثم أشعل المدفئة الموجودة في الركن البعيد من الغرفة لتبعث الدفء عليه .. ثم اتجه مالك بعد ذلك ليجلس على مقعد خشبي هزاز موجود أمام النافذة العتيقة ..
ظل مالك يتأمل منظر البلد الطبيعي من نافذة غرفته ، ثم مــر بباله طائف جينا ، وجمالها المغري ، فابتسم في تهكم .. فقد أدرك أنها ليست بالمرأة الهينة .. ورغم هذا لم يفكر فيها طويلاً ، فقد كان حزيناً على ضياعه لكتبه الثمينة ..
......................................
فتحت سامية باب المنزل بعد أن سمعت طرقات خفيفة عليه، لتجد والدها "علي" يقف علي عتبه الباب، فقالت له بسعادة:
-أتفضل يا بابا!، عامل إيه؟!
أجابها وهو يلتقط أنفاسه قائلًا بإرهاق:
-أنا الحمد الله.
ثم أضاف متسائلًا:
-فين تقوي؟!
عقد سامية حاجبيها متسائلة:
-ليه؟، في حاجة يا بابا؟!
تشكلت ابتسامة صغيرة علي محياه قائلًا بلهجة عقلانية:
-لحد أمتي هتفضلي قلقانة عليها كده، بكرة يجي اللي يخطف وردتك
احتقنت الدماء في عروقه غضبًا:
-متقوليش كده يا بابا.
نظر لها بتحدي قائلًا:
-مش هتجوز وتقعد جنبك تقشر بطاطس.
هزت رأسها مؤيدة قائلة:
-اه بنتي مش هتجوز راجل قاسي ميقدرش قيمتها.
عقد ساعديه أمام صدره قائلًا باعتراض:
-مش كل الرجالة زي جوزك.
- بس كلهم رجالة مفيش حاجة تملي عنهم غير التراب.
تنهدت بهدوء قائلًا:
-أفهم عمل إيه عشان كل الكره ده.
قالت بحزم:
-بابا بعد أذنك اقفل علي الموضوع ده.
ألتزم الصمت دائما ما ينتهي الحوار بينهم عن زوجها السابق نهاية غير مرغوب بها، فشعرت بالحرج منه فقالت بيأس:
-أسفة يا بابا بس أنا تعبانة .
أرادت أغلق الحوار سريعًا فأضافت قائلة بضيق:
-ثواني أجبلك تقوي.
اتجه علي ليجلس على الكنبة خشبي موجود في منتصف الصالة، لتخرج تقوي بصحبه والدتها ،وجدت جدها يجلس علي الأريكة وبجانبه حقيبة صغيرة أسرعت إليه قائلة بلهجة متسائلة:
-إيه ده يا جدي؟!
هز رأسه نافيًا:
-كتب.
ثم أضاف قائلا:
-لقتهم تحت الكرسي في العربية اللي كنت راكبها وأنتي عارفة مش بعرف أقراء، فجبتهم لكي..............

*****
تتبع>>>>
#رانا_محمد
#بلاك_بيوتي
#روايات_بقلم_رانا_محمد

بلاك بيوتي-رواية "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن