الفصل الثالث
(عذاب الماضي)
مصطفي.. شاب في أواخر العشرينات شعره يميل للبني الفاتح، يمتلك أنف صغيرة معظم، عينان بارزتان كحبتي لوز، فيهما شيء غامض لكنه عميق، لعله حزن، لعله حنين، حاجبان كثيفان مقوسان، فوقهما جبهة عريضة لا تتناسب مع دقة الملامح، يعلوها شعر شيء من الغزارة والنعومة والاتساق، يعكس الوجه قوة وعزم ورغبة في التحدي، جسده متناسق يبدو مثيرًا، طويل القامة ملابسه سوداء، يحب قراءة الكتب يستمع الموسيقي..يرن المنبه ويحاول الوصول إلي هاتفه، ولكنه لا يستطيع فيفقد الأمل ويضع الوسادة فوق رأسه ويكمل نومه بكل الأحوال، ثم يستيقظ مفزوعًا ويحاول الوصول لهاتفه ليجده علي الأرض، ينهض عن الفراش، ويقف يتأمل ملامحه ثم يأخذ المنشفة القطنية وملابسه ويتوجه إلي المرحاض ليغتسل..
فأسمعت إلي صوت رنين هاتفه الصاخب وقعت أنظاره علي الاسم الذي أضاء الشاشة "سارة" فضغط علي زر الإجابة قائلا ببرود:
-آلو، صحت..مش هتأخر.
فقالت سارة علي الجانب الأخر بنبرة متسائلة:
-متأكد.
أجابها بثبات محاول أن يُحسن الكذب قائلا:
-متقلقيش.
فقالت مؤكده:
-متتأخرش لازم نروح المحكمة بدري.
ضيق منها طول حديثها وكثرته فقال:
-مش هتأخر، هكون في المعاد بس سبيني أجهز عشان كده هتأخر بجد.
................................
سارة.. تكون صديقتي المُقربة منذ أن كنا طلاب في الجامعة ، علاقتهما مُعقدة لم يفهمها أحد أبدًا ولكنها جيدة وقوية بالقدر الذي يكفيهما لمواجهة كل شيء سويا..
إنها تُعتبر الوحيدة التي لم تتخل عنه أبدًا ولم يتخل عنها أبدًا..
..................................وصل إلي مكتبه متأخرًا ليجدها أمامه تستشيط غضبًا لينظر لها معتذرًا، فلكمته في كتفه وهي تقول بغضب:
-أنت وعدتني أنك متتأخرش.
-أنا متأخرتيش القضية هي معادها بدري.
صرخت سارة لداخلها بعضب:
-مصطفي!
وضع يده أمام وجهها قائلا بمرح:
-خلاص، أتاخرت شوية، بس لو فضلتي زعلانة كده هنتأخر بجد.
ثم أضاف بلهجة أمرية:
-يالا قدامي.
..............................
أنتهي مصطفي من مرافعته في المحكمة بانتصاره علي خصمه، ثم توجه إلي مكتبه، طلب قهوته وقهوة سارة، ويجلس ينتظرها ثم تدخل وتجلس بإرهاق بعد مرافعة دامت ثلاث ساعات فقالت متسائلة:
-عامل إيه؟!
-الحمد الله.
وضعت أصابعها أسفل ذقنها وهي تقول بتأمل:
-وحشني هزارك أوى.
-مش زهقتى مني كل السنين ده ؟!
ضحكت سارة ورمته بأحد كتبه التي كان علي مكتبه لتخبره:
-أنت أكثر من أخويا يا مصطفي، مقدرش أستغني عنك.
تشكلت ابتسامه صغيرة علي محياه بحب وألقي عليها بنفس الكتاب.
فصرخت بغضب قائلة:
-مصطفي! شعري هيبوظ.
يحب كثيرًا عشوائية الحوار مع سارة التي تنتقل من صديقة إلي الأخت ثم إلي طفلة مُدللة، يشعر أنه شخص حر معها ليكون أي شخصية يُريدها في الوقت الذي يُريده..
فقاطعت شروده بعد أن شعرت به قائلة لترجعه إلي أرض الواقع:
-مصطفي.
أفاق من شروده قائلا:
-نعم.
-لحد أمتي هتفضل كده؟ مستني إي؟، عارفة اللي مريت بيه صعب عليك، بس جيه الوقت أنك تواجه الحياة وقدرها مش تتهرب و..........
قاطعها وهي يرفع كف يده في وجهها قائلا:
-سارة.
لم تجيب عن أمره وأكملت حديثها وكان شيء لم يحدث:
-عارفة هتقولي إيه: مش قادر مش بيدي حاجة أعملها.
هز رأسه نافيًا قائلا:
-لا، أنا عايز فعلا أخرج من السجن اللي سجنت نفسي فيه السنين ده، بس مش قادر، ساعديني!
عقدت سارة حاجبيها في عدم تصديق ونهضت عن جلستها وتلمست جبينه وسألته في تهكمية:
-أنت سخن، أنت فعلا عوز كده؟!
فأجابها بغضب:
- سارة.
-خلاص خلاص......*****
تتبع>>>>
#رانا_محمد
#بلاك_بيوتي
#روايات_بقلم_رانا_محمد
أنت تقرأ
بلاك بيوتي-رواية "مكتملة"
Romanceرواية أجتماعية ورمانسية ذات طابع ديني، تحمل قضية أجتماعية ونصائح دينية. من أجواء الرواية: عرف الحب طريقه إليها، فتركت العنان إلي قلبها أن يعرف الحب، فكانت هي المنتصرة بقلبه. مواعيد النشر كل يوم الأثنين والأربعاء والجمعة من كل أسبوع جميع الحقوق محفوظ...