الفصل السادس

1.8K 56 4
                                    

الفصل السادس
(بداية جديدة)
بعد مرور3شهور....
في هذه الظلمة الليلية، وأسفل هذا البساط الأسود المُزدان بالنجوم المُتلألئة،أرتفع صوت لهو الأطفال التي تتمسك بالمصابيح الضوئية والتي تصدر أغاني تخفق قلوبنا لها دائما..
-افرحوا يا بنات يالا وهيصوا رمضان اهو نور فوانيسه
-هطلع كل ده أزاي ؟!
قالتها لميا وهي تحصي الدرجات التي سوف تصعدها إلي المسجد الخاص بالنساء، بينما كان بدأ تصعد الدرج الرخامي وهي تستند علي العصا الخشبية، وكانت مع كل درجة تصعدها تتنهدت في إرهاق وتعب، مدت "تقوي" يدها قائلة بود:
-أديني أيدك أساعدك!
وصعدت أمامها الدرج وتتمسك بيدها بقوة كي لا تتعثر.
صعدت لميا أخر درجة وهي تستند علي يد تقوي:
-السلام عليكم.
أجابها الجميع:
-وعليكم السلام ورحمة وبركاته.
أرادت أن تأخذ قصت من الراحة ، فخطت بخطواتها الثقيلة نحو احدي المقاعد الخشبية استندت علي عصا حتى تجلس علي المقعد بجانب مساعده تقوي إليها، فقالت لميا بامتنان:
-شكر يا بنتي مش عارفة من غيرك كنت عملت إيه ربنا يديكي الصحة!
-ربنا يخليكي يارب لو أحتجتي مني إيه حاجة نادي عليا أنا تقوي.
.............................
بعد مرور ساعات  انتهت صلاة الترويح وبدا المصليون الخروج من المسجد حينما كانت لميا عينيها تجوب المسجد من حولها وه تخرج من المسجد بمساعدة "تقوي" وقعت أنظراها علي لأفته ورقية موضوعة بالمسجد مدون علي بالحروف السوداء المطبوعة إلكترونية "سوف تبدأ دروس تحفظ القرآن الكريم غدا بعد صلاة العصر حتى موعد صلاة المغرب"
انتهت  لميا من قرأتها لتنظر إلي تقوي نظرات ذات مغزى، ثم اقترحت عليها أن تبدأ في حفظ القرآن الكريم و زرعه في قلبها، لم تترد تقوي و وافقت سريعًا ، وقرارت أن تُخبر والديها؛ حينما تعود إلي المنزل في تلك الخطوة الجديدة في حياتها.
...
-ما رأيك يا ماما؟!
قالتها تفوى  بنبرة متسائلة بعد أن اخبارتها بماذا تريد أن تفعل.
مسحت والدتها علي شعرها وهي تقول بنبرة بها حماس:
-موافقة طبعا يا حبيبتي يارب تختميه قبل ما الشهر يخلص...
.............................
رجل في منتصف العشرينات من عمره، يميل لونه إلي السُمرة النادرة الرؤى، له عينان واسعتان، ثاقبتان، حالمتان، سوادهم مُتفحم ساحر يدعوك للإبحار بحرية داخلهما، قلعتان تحميهما أهداب كثيفة وطويلة، ذو أنف مستقيم، شفتاه متوسطة السُمك، أسنانه بيضاء متساوية مُتراصة، شعره ما بين أملس ومُجعد يُلامس كتفيه، يكسوه السواد الفاحم كما عينيه، كث اللحية والشارب تُضيف وقارًا وتُزيده جاذبية ، طويل القامة.
نهض عن جلسته وابتسم ابتسامة هادئة، فلمحت تقوى علي احدي خديه زادت من جمال إشراقه، جعلتها تحلق في سمائه وهي مازالت تقف مكانها تحدق فيه، ألقي تحيه عليها في خجل وأدب:
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أتفضلي.
ابتسمت تقوى وقالت في فخر:
-مبسوطة أني شوفت حضرتك، وليا الشرف أن حضرتك تحفظني القرآن أنا عرفت من هالة أن حضرتك ممتاز جدا.
خجل مالك مبتسما ثم أخفض رأسه قائلا:
-من فضل ربنا الحمد الله.
كانت تنظر له في أعطال شديد، وخفق قلبها بشدة، حيث لم تستطيع قدميها علي حملها، فنظر مالك إليها في أدب وأشار إلي وسادة في الأرض:
-أتفضلي أقعدي!
جلست ومالت رأسها لأسفل في خجل، فقد كانت عينيه شديدة الوسامة، جلس مالك مستندا علي الحائط خلفه في مقابلتها، وضحت ملامحه وازداد جاذبية، نفذت رائحته وكأنها عود معتق إلي أنفها ومنها إلي قلبها.
أخذ مالك نفس مطولا ثم زفره علي مهل وهو يقول بنبرة هادئة ولكنها تخلخل القلوب:
-بسم الله الرحمن الرحيم
"يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ"
صدق الله العظيم
ربنا وصف لينا حاجة بسيطة أوى عن الجنه، وكل فترة بأذن الله هفكركم  بثواب الجنة كحفز لختم القرآن، يالا نبدأ!
..................................

كانت تجلس هالة كالعادة أمام التلفاز حتى يداهما النوم، كانت قد استغرقت في النوم للتو؛  حينما استيقظت علي صوت رنين هاتفها الصاخب، لتجده أسم تقوي يضيء الشاشة، ضغطت زر الإجابة قائلة بصوتها النائم:
-عايزة إيه دلوقت.
-يعني إيه الحب؟!
اعتدلت هالة في جلستها ومرددة بسخط:
-بتصحيني من نومي عشان تعرفي يعني إيه حب؟، غوري نامي.
توسلتها تقوي برجاء، فأجابتها قائلة بنفاذ صبر:
الحب أنك لما تبصي في عين اللي تحبيه تحسي أن قلبك دقاته قوية وتوجع وجع خفيف بس مش تألمك، كأنك هتقعى من مكان عالي وجع قلبك بس هتحبيه اووي.
أنصتت إليها تقوى وهي تقول:
-آه وإيه تانى؟!
أكلمت هالة والكلمات تخرج من فمها بتلقائية:
-لحظة واحدة العيون تتقابل فيها كأن لحظة التقاء بين روحين عشان تتحد وتبقا روح وحدة.
الحب أنك تسمعي اللي بتحبى في سكوته وهو كمان، وتشوفيه وهو غايب عنك بقلبك وهو كمان، تحسي بوجعه وتعيطي عليها وهو يحس بيكي، الحب مش محتاج فلوس عشان يستمر، الحب أنك تحبي اللي تحبيه زى ما هو و زى ما كان و زى ما هيكون، الحب أن قلبك يدق في صدره وقلبه يدق في صدرك، يعني تعيشي بروحه  ويعيش بروحك.
قاطعتها تقوي قائلة:
-إيه الكلام الكبير والحلو ده، شكلك وقعتي في العشق.
أجابتها وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة:
-عشق الكلمة ده أكبر مني أووي، بس نفسي أوصلها مع اللي أختاره قلبي.
عقدت تقوى حاجبيها في تسأل:
-ومين سعيد الحظ اللي أختاره قلبك.
عضت هالة علي شفتيها بحرج:
-مفيش لسة اقفلي.
أنهت المكالمة وأغلقت الهاتف و تورم وجنتيها خجلًا فقد شعرت بدقة قلبها القوية ووجع خفيف حينما نظرت  إلي مالك في المرة الأولي.


*****
تتبع>>>>


بلاك بيوتي-رواية "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن