الفصل الخامس
(حيرة قلب)
عادت إلى منزلها وشعرت بألم في بطنها من التوتر كلما تذكرته، وهذا شيء جديد، خفق قلبها بشدة لا تعرف فرحًا أم حزنًا ولكنه يخفق بقوة رائعة!
قررت هالة أن تأخذ حمامًا ساخنًا مُريحًا عسي ينزلق مع الماء من عقلها، أو يتبخر مع بُخار المياه ويترسب علي الأرض أو المرحاض لا تعلم، ضحكت لأنها تخيلته مترسبًا علي المرحاض، ومن سخافة تفكيرها.
خرجت لتقرر ماذا ترتدي، قاطع تفكيرها صوت رنين هاتفها كانت شاشته أضاءت برقم مجهول، ضغطت زر الإجابة هاتفة:
-السلام عليكم مين؟!
أجابها صوت مألوف إليها:
-أستاذ أمجد معاكي؟!
قاطعته متسائلة بحسم:
-جبت رقمي منين؟!
-من الشئون، لو سمحت أفتحي الباب لأني واقف بره؟!
أغلقت الهاتف في وجهه وتسمرت مكانها وخفق قلبها بشدة شعرت بالسعادة العارمة تغزو كيانها، شعرت أن الحياة تفتح لها ذراعيها وتأخذها بين أحضانها، لكن لكل شيء نهاية.
شعرت بهاتفها يهتز مرة أخرى وكانت تلك المرة تقوى أجابت سريعًا وهي تهتف قائلة:
-تقوى! أستاذ أمجد واقف بره؟!
أجابتها متسائلة:
-أمجد مين؟!
-الأستاذ اللي معانا في المدرسة!
اتسعت تقوي مٌقلتيها قائلة باستغراب:
-أستاذ أمجد أبن أستاذة فاطمة المديرة؟!
-نعم قولتلي مين؟!
أغلقت الهاتف في وجهها قبل أن تستمع إليها، وضربت الأرض بقدمها اليمنى بغضب، احتقنت الدماء في عروقها غيظًا، أرتدي ملابسها ولفت حجابها جيدًا وتوجهت خارج غرفتها تفتح الباب.
............................
وقف لحظات مرت كالدهر عليه ووجدها تفتح الباب له وأشارت إليه بالدخول ،ثم طلبت منه بالجلوس وذهبت إلي المطبخ لتجد جدتها تعد الطعام هتفت بنبرة أمرية:
- تعالي يا ستي عندنا ضيف!
ألتفتت إليها وهي تقول بنبرة متسائلة:
-ضيف مين؟!
شعرت هالة بنفاذ صبرها كانت لا تتحمل جملة من أحد فهتف قائلة :
-تعالي بس!
أحضرت أيضا جدها فرج ، وذهبت إلي أمجد تقف أمامه وهي تهتف في عصبية قائلة:
-جدي الأستاذ جاي عشان يطلب أيدي وفاكر أني هوافق عشان أبن المديرة بتاعتي .
عنفتها رجاء قائلة:
-عيب كده الجدع في بتنا!
احتقنت الدماء في عروقها قائلة:
-ومش عيب اللي بيعمله ده!
أخفض رأسه في حرج قائلة:
-أولا أنا مش أخد فرصة منك أني أعرفك بنفسي وغير كده كمان أنا جاي بيتك أتقدم وبرضة ما أخدتش فرصة أتكلم!
-ولا فرصة ولا أتنين أتفضل بره وعرف الأستاذة فاطمة أني مش راجعة الشغل تانى.
هتف فرج بحده من أسلوبها الفذ مع الضيف:
-هالة! مش من حقك تطردي أي حد من بيتي أتفضلي علي أوضتك!
ألتفتت له ونظرت له بعدم تصديق تلك المرة يحدثها كهذا وخصوصًا أمام الغرباء حاولت أن تبرر موقفها قائلة:
-بس...
قاطعها وهو يرفع كفه أمام وجهها محذرًا:
-من غير ولا كلمة أتفضلي علي أوضتك!
ضربت بقدمها اليمني الأرض بقوة وتذمر وهرولت إلي غرفتها، دفنت وجهها في وسادتها وكتمت صراخها وعضت أناملها من الضيق والامتعاض، حينما وقف فرج أمام أمجد قائلًا بحرج:
-أنا آسفة ليك يا بني علي اللي حصل ده!
تقبل أمجد اعتذاره بوجهه وابتسامة بشوشة وهو يهتف قائلًا:
-مفيش حاجة يعمي أنا اللي آسف علي الإزعاج عن أذنك!
وخرج من منزلها وهو يحمل بين يده خيبته أن تنظر له هالة من قلبها وليس عقلها، هبطت درجتين ولم تستطيع قدمه علي حمله أكثر استند علي الحائط، وترقرقت منه الدموع وهو يهمس في ذهنه:
-عمري ما كدبت علكي أنا مكنتش عوز أمي تبقا وصيت أنك تحبيني!
.........................
دخل كل منه فرج ورجاء الغرفة إلي هالة كانت تغطي وجهها في وسادتها وقد تورمت عينيها من كثرة البكاء، وقف فرج أمام فراشها وهو عاقد ذراعيه أمام صدره قائلًا بنبرة متسائلة:
-صح اللي عملتيه ده؟!
رفعت رأسها إليه وهي مازالت تبكي وهزت رأسها بنفي، ضربت رجاء كفيها بالأخرى وهي تقول بصوت مرتفع:
-لما أنتي عارفة أنه غلط ليه عملتيه؟!
رفع فرج كفه في وجهها قائلًا بلهجة أمرية:
-سبينا دلوقت يا رجاء!
خرجت رجاء من غرفتها وهي غاضبة من أفعال حفيدتها العنيفة، بينما جلس فرج بجانب هالة علي الفراش وضع رأسها علي صدره وهو يرتب علي ظهرها بحنو وهو يقول:
-أنا عمري ما هجبرك علي حاجة تعمليها!
رفعت رأسها إليه قائلة بنبرة هامسة:
-بجد يا جدو!
مسح علي خدها برقة قائلًا وهو يرسم علي وجهه ابتسامة واسعة:
-طبعا يا حبيبي جدو!
ثم أضاف بضيق وهو يضغط علي كله كلمه يقولها محاولًا أن تفهما:
-بس ده مش يمنع أنك ظلمتي أمجد وأنا بصراحة موافق عليه ده البيت من بابه مش زى ولاد الأيام ده.
-يا جدو أنا...
-مش عوز أعرف حاجة،القرار قرارك أنتي يا حبيبتي بس أنا بعرفك غلطك عشان متقوليش أن أحنا مش عرفناكي..
...............................
عاد إلي منزله وكانت تتملك ملامحه الحزن والحسرة، واعتصر الألم قبله وأوجعته كلمتها التي أتسمرت تتردد علي مسمعه واتهامها له بالكذب،وتبخرت الأحلام التي رسمها في عقله حينما وقعت عينيه عليها لأول، كان الشمس قد أشرقت بنورها، ولم يقل أشرق هالة عنها شيء مرت من أمامه كالنسمات الخفيفة في ليلة شتاء وأخذت أبصاره وقلبه معها، خفق قلبه بشدة مع خطواتها السريعة وكأنها نغمات موسيقية لُحنت لها، لها فقط!
لم يعد من وقتها قلبه له وسكنت روحه، كأنها أمانه وأحلامه التي تمنها في شريكة حياته، كانت الكلمات تعجز وصف حبه لها، حيث أنه فشل فأن تجعله تحبه!
أفاق من شرود علي صوت والدته التي وقف قبليته وهي تهتف بنبرة متسائلة:
-عملت إيه يا أمجد؟!
لم يشعر بنفسه ألا وهو يعقد ذراعيه حول عنق والدته ودفن وجه في كتفها وهو يهمس بكلمات تدل علي حسرته:
-كان نفسي يا أمي أوي بس هي مش لحقت!
رتبت علي ظهره بحنو وكأنها تزيل عن ظهر ذلك العبق بكلماتها العقلانية:
-قولتلك يا حبيبي مش بطريقة ده هتفهمك غلط!
أبتعد عنها وهو يلوي شفتيه بحسرة:
-وفهمت غلط!
..............................
-نهار أسود ليه كده يا هالة ده محترم جدًا؟!
قالتها تقوى بحسره حينما أخبرتها هالة عما حدث!
-اللي حصل حصل، أنا مش عارفة حبته ولا لاء بس ده اللي جه في بالي، وقفلي بقا علي الموضوع ده، ويالا سبيني أنام.
أغلقت الهاتف وشعرت بتأنيب الضمير مما فعلت معه، وظلت مستيقظة تبكي علي وسادتها بقهر وحسرة ، ووضعت يدها علي فهما لأمنع شهقاتها الغادرة من جوفها لتفضح أمرها، كانت تريد حب صادق وحينما جاء أضعته بيدها، حتى لم تعطي له الفرصة أن يبرر لنفسه، لا تعرف هل حب مالك جعلها تفعل ذلك، وأوهمت نفسها أن تتركها كما أرد الله لها، وتنظر كي تري ما تخبأ لها الأيام.
.............................
*****
تتبع>>>>
أنت تقرأ
بلاك بيوتي-رواية "مكتملة"
Romanceرواية أجتماعية ورمانسية ذات طابع ديني، تحمل قضية أجتماعية ونصائح دينية. من أجواء الرواية: عرف الحب طريقه إليها، فتركت العنان إلي قلبها أن يعرف الحب، فكانت هي المنتصرة بقلبه. مواعيد النشر كل يوم الأثنين والأربعاء والجمعة من كل أسبوع جميع الحقوق محفوظ...