( روما - إيطاليا الأن )
مُستيقظا صباحا أشعُر بإرهاق عظيم حتي بعد قيامي من نومي لم أكتشف بعد ما هي الراحة الحقيقية ، بل أعلم لكن صعب الوصول إليها وسط كل تلك الطموحات و الأحلام الصعب تحقيقها مازلت أُناضل بكل ما تبقي لي من قوة في جسدي المهترئ ، الأفكار تقتلني ، عقلي يدفعني للجنون تماما ، أستيقظ لأسباب مجهولة بعد منتصف الليل و الوسادة مليئة بالدماء الخارجة من أُذني ، أعتقد أن عقلي يحترق و تلك الدماء هي الدخان ، لن أعترف أني خائر القوي هزيل البُنيان ، اتسائل دائما ما هو سبب ولادتي علي هذا الكوكب ما هي الوسيلة من وجودي هل سيكون لي دور في تغيير العالم و إنقاذه ؟ ، لا أعتقد لا أستطيع إنقاذ نفسي من الأساس ، ذلك الشعور بالميل للأنعزال يلاحقني لا أريد الأختلاط بالبشر ، أصبحوا كالحيوانات كل منهم يتبع غريزته التي تقوده إلي الأنانية التامة و خذلان الجميع ، لا أريد أن يُعاني أحد أستنفذ قواي لأساعدهم و أحتاج دائما للمساعدة التي يمنعني كبريائي عن طلبها و أن أتحمل كل شئ بمفردي كالعادة ، ربما أنا شخص إستثنائي يُخبئ القدر له مهمة ما قد يتوقف مصير البشرية عليها ، من الصعب التعامل وسط هذا العالم بإيجابية بدون التلطخ ببعض السلبية التي تبدأ بتأَكل سعادتك ، هنا دورك في التخلص منها كُل منا لديه طريقته الخاصه ، فقدت شهيتي تماما فلم أتناول الفطور اليوم ، ها هو أبي سيبدأ بالتأكيد بفقرته اليومية التي تشبه النشرة الجوية عن إخباري كم أنا فاشل تعيس الحظ ليس لي فائدة ،
- صباح الخير أبي كيف حالك اليوم ؟
= و ماذا يُهمك في هذا ، إلي أين أنت ذاهب
- سأذهب إلي العمل وداعا فأنا متأخر
- بل أنت أخرق
، أنهيت حديثي سريعا و توجهت إلي العمل في يدي قهوتي التي لا أتخلي عنها واضعا سماعاتي مُستمعا للموسيقي الهادئة لتهدئ روحي التي كالعاصفة المُهلكة ، أعمل كعالم أثار في روما و من لا يعشق تلك المدينة و أسرارها الدفينة و أساطيرها الساحرة ، دائما ما يوكل لي مُديري المهمات الصعبة ، دائما ينتظر الجميع أن تفشل و حين تفعل ينسوا تماما جميع الأنجازات التي حققتها عند أول إخفاق لك ، أخبرتني السكرتيرة أن المدير ينتظرني ، توجهت لقاعة الأجتماعات لأري الأمر ،
- صباح الخير سيد أنطونيو ما الأمر
= إجلس أولا ماركو بالقرب مني لدي مهمة خاصة لك ، دعنا نبدأ ستذهب إلي أثينا في اليونان لأستكشاف بعض المعابد القديمة تكلفنا بجميع الأجراءات و الأمور بخير سترحل بعد يومين ، تعجبت لتلك المهمة سأكون خارج إيطاليا لأول مرة إن الأمور ليست كما توقعت ، وافقت علي الفور و تركت العمل متوجها إلي مقهي Castroni سألتقي بصديقي المقرب مانولاس هناك و سأخبره أن يرافقني في رحلة العمل ،
- مرحبا كيف حالك اليوم
= ألن تأتي مُبكرا يوما ؟
- أعتذر مانولاس كان لدي أجتماع في العمل
= هل الأمور بخير !
- نعم إنها كذلك ، يجب أن أذهب لليونان و أنت سترافقني
= مهلا ! إنها خارج البلاد هل تتكلم بجدية ؟
- نعم أيها الأحمق إستعد هناك مغامرة تنتظرنا
، كنت أتمني أن أكون حقا بذلك الثبات الذي أدعيه دائما و أنا مُهمش بداخلي ،مر يومان و وصلنا إلي اليونان بعد رحلة دامت بضع ساعات قليلة ، كان في إستقبالنا بعض الزُملاء الذين يعملون في أثينا و توجهنا إلي شقة نمكث فيها بعض الوقت أثناء وجودنا في أثينا ، غرق مانولاس تماما في النوم لكن أنا لم أستطع أن أغفو للحظة و بدأت في تجميع كل الخرائط و المخطوطات اللازمة و قررت أن أبدا بمعبد زيوس الأولمبي إنه الأشهر علي الأطلاق ، لطالما أحببت الميثولوجيا الأغريقية و مُتيم بتلك الأساطير الغامضة التي تجعلك تدرك أن الحياة أكثر إثارة علي ما تبدو ، في اليوم التالي توجهنا إلي ذلك المعبد الغامض و وجدنا بعض الدعم من هؤلاء الزملاء أيضا لأستكشاف المزيد عن ذلك المكان الأسطوري ، تأملت الأجواء للحظات حتي وقع نظري علي تلك الفتاة فإهتز وجداني تماما ، و شعرت بشئ كالوخز في قلبي و لمعت عيناي كما لم يحدث من قبل ، إنها فتاة في منتصف العُمر ذات شعر بُني غجري إبتسامتها كغروب الشمس -عندما يموت النهار ليولد من جديد - ساحرة الجمال لم أري مثلها من قبل ، و لم يكن لأحد ذلك التأثير علي قلبي من قبل ، تقدمت بإتجاهِها و بدأت الحديث قائلا - مرحبا ماركو عالم أثار أتيت من روما
، لقد كانت ملامحها شديدة الجمال من علي قُرب و كأنها تجسيد ل"أفروديت" -إله الجمال- لكن في هذا العصر من الزمان إبتسمت و قالت لي =" أنا سيلين عالمة أثار متخصصة بعلوم الأساطير و التاريخ القديم و المعاصر سُررت بمعرفتك " ، يا إلهي تتكلم بثبات و ثقة ممزوجة بذلك الصوت الذي لا أعتقد أنني سمعت مثله اصبح المُفضل لي ، أدركت أن أسطورة كيوبيد حقيقة أنه يصيب الأشخاص بأسهم فيقعوا في الحب أظن أن هذا أقرب وصف لما حدث الأن ، لكن يبدو أن كيوبيد أصابني أنا فقط لأنها لم تعطني أي إهتمام و أنا تظاهرت بأنني أتجاهل وجودها لكنني لم أفعل ، أظنها واقعة في عشق ذلك المكان ، أثناء تجولي وجدت ممرا مُظلما فأصابني الفضول لأعرف إلي أين يؤدي بعد عبوري له وجدت في نهايته حائطا كبير الحجم عليه كتابات غريبة ، ليست كأي شي قرأته من قبل ، ربما إنها اليونانية القديمة فككت تلك الرموز و إتكئت علي الحائط بالخطأ فإنشق الجدار و سقطت ورقة جلدية لم أقرأها وضعتها علي الفور في جيبي ثم سمعت صوتا يهمس في الظلام " أورانوس سينتقم " ، هلعت خوفا و لم أفهم ماذا يجري خطوت للخلف فإرتطمت رأسي بالجدار ، مرت دقائق ثم وجدت نفسي ملقيا علي الأرض و أمامي سيلين و مانولاس و طاقم العمل أخبرتهم أنني فقدت الوعي فقط لا أكثر و أحتاج بعض الراحة ، غادرت متوجها إلي المنزل دخلت غرفتي و قفزت إلي الفراش متسائلا عن كل ما حدث هل هو حقيقة أم مجرد هلاوس لا معني لها ، كان ذلك الصوت الذي سمعته حادا فعلق برأسي أخرجت تلك الورقة الجلدية و أخذت أُحلل تلك الحروف الغامضة التي تُخبئ الكثير كما يبدو إنها تعود للقرن التاسع قبل الميلاد إنها إسطورة ما لا أعلم عنها شئ لكن أعلم تماما من سيستطيع مُساعدتي ، سأتصل ب سيلين سأخبرها بكل شئ.
أنت تقرأ
نوستالجيا
Historical Fictionالحكمة من كون عمر الإنسان لا يتجاوز الثمانين على الأغلب؟ لو عاش الإنسان مائتي عام لجنّ من فرط الحنين إلى أشياء لم يعد لها مكان. -أحمد خالد توفيق