"يا إللهي ! ، لقد مات أورانوس" ، إستيقظت من نومي و أنا أسمع أحدهم يصرخ قائلا هذه العبارة داخل عقلي الواعر أثناء سقوط دمعه وحيده ثقيلة من عيني و كأنني كنت موجوداََ في ذلك الوقت ، لقد سئمت تلك الأحلام الغريبة أعيش جميع تلك اللحظات و كأنها حقيقة ، عادة ما أنسي ما أحلم به أثناء نومي و لكن أشعر أنه إتصال روحي ما كما ذكر أورانوس قبل موته عندما قال " قد أكون بداخل عقلك أروي لك قصتي و نتشارك الذكريات سوياََ " ، أشعر بالحزن الشديد علي حياة أورانوس أُشفق عليه تماماََ أتمني لو كنت أعيش حقاََ في مثل زمانه لما كنت تركته وحيداََ او أترك الغضب يعمي بصيرته منذ البداية ، لكن يبدو أنها تكاليف القدر و هذا ما كان ينبغي أن يحدث ؛ أن يموت رجل ليحي شعب كامل ، سمعت أحدهم يوماََ يقول " أعتقد أن أغلبنا تعجبهم القوة ، و لكنني أتساءل أحياناََ عما إذا كنا نخلط بين الشجاعة و كلمات أخري علي غرار العدوانية أو حتي القوة " ، إهترئ عقلي لم يعد يحتمل تلك الأمور ، أسمع رنيناََ يُصيبني بالصداع ! إنه الهاتف يالغبائي ،
= " مرحبا ماركو يتكلم "
- " صباح الخير ماركو "
، إنها هي ! سيلين الوحيدة القادرة علي مُساعدتي بمجرد محادثتها يهدئ عقلي
= " مرحبا سيلين كيف حالك " ، حين اسألها عن حالها أعني ايضاََ عن حالي كما لو كانت هي أنا بل أهم و أحب لقلبي مِني ،
-" أنا بخير ، فقط أردت أن أشكرك عن تلك اليلة لقد إستمعت حقاََ من الجيد أننا إبتعدنا عن العمل قليلا" ، لسوء الحظ سأفسد الأمور و سأعود للتكلم عن العمل ،
= " لا تشكريني رجاءاََ ، لكن أخبريني أكثر عن أسطورة أورانوس و كيف إنتهت - و كأنني لا أعرف- " ،
-" حسنا ! ، سأتلو عليك نبذة قصيرة علي حد علمي سيصيبك ما أصاب أورانوس إن عاد و تجسد بك سيدفعك للجنون من الأفراط في التفكير و الحزن الأفراط في شئ ما دائما ما يُسبب المشكلات ، لكن ما سر إهتمامك المفاجئ ؟ " ،
=" دعينا نلتقي بعد نصف ساعة و سأطلعكِ علي كل شئ " ، أغلقت الخط مع سيلين و بدأت أشعر بالثقل في صدري مُجدداََ ، الوحدة تولد الغضب و الأفكار السيئة دائماََ ، لا شئ يدوم في هذا العالم الفاني ولا حتي أنا أو وحدتي و حزني فلماذا علي أن أقلق ، سأذهب أسعي للحصول علي سعادتي لن يحضرها لي رجل العيد في حقيبته بالتأكيد كما يبدو أنني في قائمة الأولاد السيئين لهذا العام ، ها أنا ذاهب لسيلين ، كم أنا متفاجئ من نفسي في كيفية البقاء بارد الأعصاب و أنا أواجه روح محارب قديم أو شرير شيطاني لا أدري ، كانت سيلين تقف علي شرفة المنزل في إنتظاري ، أسرعت لتفتح لي الباب كطفلة صغيرة تنتظر والدها بعد يوم عمل شاق بالنسبة له ،
- " أعدت لك القهوة مُسبقاََ تفضل "
= " سيلين هذا لُطف منكِ "
-" أخبرني ما الخطب "
= " قد يبدو هذا غريباََ قليلا لكن منذ ذهابي لذلك المعبد تراودني رؤي غريبة عن ذلك الأورانوس و حياته ولا أدري ماذا أفعل و أقترب موعد عودتي إلي روما "
-" لم تخبرني متي ستعود ؟ ، أسفة ليست هذه قضيتنا الأن ، إنتظرني دعني أُحضر كتاباََ و سأعود علي الفور " ، لاحظت كيف إنزعجت سيلين عندما ذكرت عودتي ! هل نجحت و أذبت الجليد من قلبها أم أنني فقط أستبق الأمور و أعطي لنفسي أمل زائف ، قاطعتني قائله
-" ها هو الكتاب انه ضخم لكنني استطعت حمله بمفردي ، لنري ماذا لدينا هنا... يا إللهي ! "
= " ما الأمر ؟ "
- " إنه ليس أورانوس كما تظن إنه إيرس يحاول إغوائك كما فعل مع أورانوس و يريك القواسم السلبية المشتركة بينكما ليصبح مصيرك كمصيره أو ينتقم بواستطك ، ماركو لا تقلق لن أدع مكروه يصيبك مهما حدث سنجد حلاََ لا محالة "
، إيرس ! تلك الروح الشريرة لا تكف عن إغواء الأخرين و تحريضهم للفساد ، يفسد الأرواح و ما بين العائلات و الأصدقاء يفسد كل ما هو جميل ، اللعنة عليه ! ،
= " لكن يا سيلين ليس بيدي حيلة كيف أوقفه ، كيف عاد تارة أخري في الأساس ! "
-" كما يذكر الكتاب أنه إعتمد علي اللعنات السوداوية ليبقي يجول في أرجاء ذلك المعبد كما ذهب أوارنوس هناك أول مرة ، لا تقلق سيكون كل شئ علي ما يرام ، اتمني "
، قالت لي هذه العبارة ممسكة بيداي الباردتان ، هل هذه نهايتي المنتظرة ؟ ، أن أموت في أثينا بدون تحقيق أي من غاياتي ؟ ، أصبح الأمر جنونياََ تماما ، نظرت مباشرة لسيلين إلي عيناها الجميلتين و قلت لها
= " سيلين قد يبدو هذا جنونياََ لكن في أثناء جميع تلك الأحداث الجنونية هذه الفرصة المناسبة لأخبركِ هذا ، قد أبدو متسرعاََ أو غريب أبله بلنسبة لكِ ، لكن صدقيني منذ رؤيتك إهتز وجداني و لم أعد كما كُنت ، لا أعبث أبدا لكن شعرت بأشياء لم يسبق لي أن شعرت بها بجانبك "
، صمتت قليلاََ في دهشة منها ثم قالت ،
- " ماذا تقصد ؟ "
= " سيلين أنا أُحبكِ بكل مثقال ذرة في قلبي ، لم أُدرك معني السعادة إلا بجانبك ، و سأتفهم تماماََ إن وجدتيني مُتسرعاََ و لا تفكرين بي بهذه الطريقة ، لقد عشت مثل هذا الموقف أقصد أورانوس فعل چايا أيضا لم تحبه كما فعل " ،
-" لا أعلم ماذا ينبغي علي أن أقول لك لكن أنا..."
= " دعك من هذا سأرحل إلي اللقاء ، لن أقول وداعاََ لأنني أُريد أن أراكِ مُجدداََ " ، رحلت مُسرعاََ قبل أن تتفوه سيلين بأي كلمة لا أعلم إن كنت أحسنت التصرف أم تسرعت كعادتي الغبية ، ذهبت راكضاََ إلي المنزل و أنا أحمل خيبتي و تعاسة حظي علي ظهري ، دخلت لغرفتي التي كان حالكة الظلام جلست علي الأريكة اتأمل السقف شارداََ في أفكاري ، يا ليت الأمور كانت أبسط و المسافات أقرب و الحياة ألطف لما كان كل هذا ، كان الهاتف يستمر في الرنين بدون توقف و أنا أتجاهله عكس عادتي ، أجاب المجيب الألي كانت الرسالة من سيلين تقول -" ماركو إسمعني جيداََ ، أنت لم تعطني الفرصة لأتكلم و هذا أغضبني قليلاََ ، أنت لا تشبه أُورانوس چايا لم تحب أورانوس ، لكن أنا فعلت أحببتك لكن كبريائي منعني من إخبارك بذلك ، لن أتركك بمفردك فقط عد إلي رجاءا إلي اللقاء " ، لم أُصدق ما سمعت نهضت من مكاني مُسرعاََ بإتجاه الهاتف ، لكنني سقطت أرضاََ لا أستطيع النهوض ! لماذا خذلتني الجاذبية الأن ؟ ، أشعر بإختناق شديد يصبح كل شئ ضبابياََ أري عموداََ من النور و شخص يُنادي إسمي بتكرار ، أغمضت عيناي و سكنت روحي قليلاََ ؛ عاد الصوت من جديد لا أعرف مصدره لا أري شيئاََ لكنني مازلت أتنفس ،
- " ماركو ! ماركو هل مازلت علي قيد الحياة ؟ هل يمكنني الحصول علي أشيائك إن مُت ؟ " ، نهضت بلهفة لأري مانولاس و سيلين أمامي ؟ لكنني مازلت بالمعبد ؟ ،
= " لكن أين أنا ؟ ، هل يخبرني احدكم رجاءا ماذا حدث و لماذا أنا هنا مُلقاََ علي الأرض و تحدقون بي ! " ، قرصت ذراعي إعتقاداََ مني بأنه قد يكون حلماََ أو كابوساََ ما لكنني مُستيقظ مئة بالمئة ، قاطع مانولاس تفكيري المُشتت قائلاََ -" لقد دخلت هذه الغرفة المُظلمة بالمعبد و يبدو أنك فقد وعيك عند إرتطامك بشئ ما بالحائط ربما " ،
=" ماذا يعني كل هذا هل كنت أحلم ؟ "
- " لا أعلم عما تتحدث لكن هيا قف لنرحل "
، ذهبت لسيلين و أنا أعلم أن كل ما حدث لم يكن واقعياََ و لكنني سأختارها دائما في أي زمان و أي مكان في واقعي و خيالي قلت لها
= " لماذا لا تخبريني ما إسم تلك الغرفة من المعبد و ما قصتها "
- " إنها تُدعي " نوستالجيا " أكثر الغرف سحراََ في المعبد تملك قصة طويلة لا أعتقد أنك تريد سماعها " ، هي لا تعلم أن صوتها هي أخر شئ أود أن أسمعه بحياتي و أول شئ أود سماعه في بداية كل يوم جديد و أنها هي أكثر الأشياء سحراََ قد رأيتها ،
= " كيف لي أن أفوت تلك القصة ، دعينا نحتسي بعض القهوة أثناء سردك للقصة ما رأيك"
- " يبدوا عرضاََ مغرياََ لما لا " ، ذهبنا سوياََ و أنا علي أمل أن تجدي محاولاتي نفعاََ قد أُخاطر بكل شئ و أغير روتين حياتي المملة لا بأس بأثينا لمكان للعيش ، لا يهم أين أعيش بل مع من ، علمتني التجربة التي خُضتها أن ابدأ بداية جديدة بحياتي لن أسمح للحزن بالتغلب علي مرة أخري ، ربما يستمر البكاء طوال الليل و لكن السعادة ستظهر في الصباح حتماََ ، لا تنظر للماضي و تتمني عودته و لا تلتفت لمغريات الطريق بل واصل المحاربة علي أهدافك ؛ الماضي تاريخ و الغد مستقبل تصنعه أنت اما اليوم فهو هبة لهذا يدعونه الحاضر.
-النهاية-
أنت تقرأ
نوستالجيا
Historical Fictionالحكمة من كون عمر الإنسان لا يتجاوز الثمانين على الأغلب؟ لو عاش الإنسان مائتي عام لجنّ من فرط الحنين إلى أشياء لم يعد لها مكان. -أحمد خالد توفيق