رحلة البحث

34 8 6
                                    

جَمَدَ العامل وحيد في مكانه من الخوف واستوعب أن هذا الكلام يحمل تهديدا .. ثم تحرك بِبطء ناحيه سامي وابنته شادن وجر أقرب كرسي له ووضعه أمامهم..
الأب : إهدأ قليلاً... وقل ما الذي جرى بالتفصيل
وحيد:عذرا سيدي ولكني لا أفهم ما الذي تتحدث عنه..
: لا تتصرف كأنك لا تعلم شيئاً
:حقاً سيدي انا لا اعلم عن ماذا تتحدث
هنا قاطعت شادن حديثهما وهي تخرج الساعه مغلفة في كيس شفاف... أليست هذه الساعه تعود إليك؟!
قالت وحيد بتوتر كبير وتمتمه :لا ليست لي لابد من أنكِ مخطئة
لا يجب عليك أن تكذب فبصماتك موجودة عليها ولن يصعب علينا تأكيد هذا اذا سلمناها للشرطة..
:قلت لكِ انها ليست لي.. ولتغادرو هذا المنزل في الحال...
شادن:حسناً كما تريد.. هيا يا أبي... كنا نود أن نحل الأمر بهدوء بيننا ولكن يبدو أننا سنضطر لإدخال الشرطة..كنا ننظر إلى أطفالك وزوجتك ونتحسر ما الذي سيحدث معهم إذا دخلت  إلى السجن لكن للأسف سنضطر لإحداث الفوضى..
هنا انتفض وحيد وقال: حسناً حسناً سأخبركم بكل ما تريدون ولكن أرجوكم لا تقحموا الشرطة في الأمر...
الاب: حسناً إذا نحن نستمع...
شادن:أخبرنا لم كانت تصرفاتك غريبة عندما قدمت إلى منزلنا.؟! .
توتر وحيد قليلاً ولكنه في النهايه بدأ بالتحدث ثم قال: انا اقسم لكم أنني لم اقصد إيذاء احد... ولكن قبل أن نتوجه إلى منزلكم قابلني شخص واخذني الى جنب ثم طلب مني أن استكشف منزلكم وأحفظ كل مداخله ومخارجه وكل شبر فيه ومقابل ذلك سيعطيني مبلغاً زهيداً من المال
قاطعته شادن: مهلاً مهلاً كيف علم انكم متوجهين نحو منزلنا وكيف يبدو؟!
لا أعلم ي آنسة فمن المحتمل أن تكون لديه عداوه معكم ويراقبكم ويعرف كل تصرفاتكم... كما أنه كان يغطي جميع وجهه ولم أستطع معرفه اي ملامحه ولكن يديه كانت فيها ندبه كبيرة بين الإبهام والسبابة
شادن: حسناً تابع حديثك...
وحيد: في البداية رفضت فكرة أن آخذ المال  ولكنه بدأ بزياده المبلغ وتذكرت الديون التي علي فوافقت
وكنت اتجول في منزلكم لأحفظه جيداً الى ان اوقفتنييا شادن فلم اكمل العملية.. وما إن انشغلتي عني عدت لإكمال عمليه التجول.. لهذا تخلفت عن صف اخذ الأجور ...
:وما الذي حدث بعد ذلك؟!
أوقفني ذلك الشخص مرة اخرى فور خروجي من منزلكم فأشرت للعمال أن يذهبو من دوني وذهبت معه.. وأخبرته عن كل التفاصيل وعدت إلى منزلي... ولكن في اليوم التالي جاءني مع عرض أكبر مقابل إشراكي في عملية قتل أحد سكان منزلكم لأنني اعرف المنزل جيداً... رفضت فوراً ولكن سرعان ما هدد بقتل زوجتي وابنائي وما كان بيدي حيلة إلا أن أوافق.. فمثل هؤلاء الأشخاص لا نستطيع أن نقف في طريقهم...
شادن: مهلاً لحظه الي اين ذهبتم بعد الخروج من منزلنا بالإضافة إلى ماذا كان عملك بالظبط وكم كان عددكم.؟!
لقد توجهنا نحو مقهى غير معروف لكني اذكره جيداً يمكنني أن ادلكم عليه... أما بالنسبة إلى عملي فقد كنت امسك بمنديل  مخدر وأراقب المدخل والمكان تحسباً من أن يأتي أحد ويرى وجود أشخاص غرباء ويصرخ ويؤدي ذلك إلى تجمع الناس وإفساد العمل... فالخطة كانت أن اراقب وإن لاحظت اقتراب احد ما اقوم بتخديره قبل أن يفعل تصرف يودي بنا جميعاً نحو الهاوية.. كما أنني لا أعلم عددنا ولكن داخل البيت كنا ثلاثه انا ومعي شخصان آخران وما إن نفذوا خطتهم هربوا دون أن يخبروني... ففي هذا الوقت انا كنت في الغرفه التي في غرفه المعيشه ارتجف خوفاً.. فجأه سمعت صراخاً اظن انه يعود إلى فتاة فركضت بسرعه ناحية الباب المؤدي للحديقه الخلفيه وأظنني من العجله تركت ساعتي عند تلك الغرفة... ومن هناك تسلقت سور الحديقه لأخرج من المنزل... وانا منذ ذلك اليوم أشعر الخوف من أن تمسك الشرطة بي ولكن اقول في نفسي لايمكن لأنه لايوجد دليل ومن المستحيل أن نخلف بصمات لأننا جميعا نرتدي قفازات.. ولولا هذه الساعة اللعينة ما كنتم لتجدونا أبداً..
شادن: الآن يبدو لي الأمر منطقياً.... عندما تحدثت اختي عن خيال شخص يتجه للحديقة الخلفية كان هذا انت.. بالإضافة إلى أنه حسب حديثك استنتجت انها شبكه كبيرة من المجرمين لمَ فضلوا اختيارك عن جميع من لديهم؟!
لأنني اعرف المنزل جيداً حسب كلامهم..
شادن: بالطبع لا.. يالغبائك.. من الأساس أن العمل الذي قسموه عليك لا يتطلب معرفة المنزل جيداً.. كما أنهم خرجوا من دون إعلامك...كل هذا لا يوحي لك بشيئ؟! إذاً دعني أوضح لك أمرا يبدوا انهم اختاروك حتى يلصقوا بك التهمة لاحقاً... فخطتهم كانت أن لا يخرجوا ويتركوك ثم نجدك في المنزل بتلك الملابس والقفاذات وذلك المنديل الذي تحمله ولن يكون هناك أحد غيرك وكل أصابع الاتهام ستشير إليك عندها  فتتحمل الجريمة عنهم... ولن يستطيع أحد الإمساك بهم لعدم وجود شيئ يدينهم
وحيد: يا إلهي كم أنا غبي.. الحمدلله على ما حدث
:شيئ أخير... أبي قال انكم ترتدون قناع احد الحيوانات ولكنه لم يستطع معرفته ما هو؟!
:أنا لم أكن أضعه... ولكن الشخصان اللذان معي كانا يرتديانه... إنه على شكل دُب
الأب : شادن كل يوم تبهريني بذكائك يا إبنتي
ابتسمت شادن للأب ثم قالت لوحيد: يجب أن تأخذنا غداً إلى ذلك المقهى..
:حسناً لا بأس ولكنني سأقف بعيداً.
انتفضت شادن وابيها من الاريكة وغادرا المكان إلى العربة.. وبدأت الاسئله من شقيقاتها...
سلوان: ما الذي حدث معكم اخبرانا هل وجدتم شيئ؟!
الاب والبسمة تعتلي شفتاه: لقد أفصح بكل ما يعلم..
الثلاثة في وقت واحد:وكيف ذلك..
الاب:بذكاء شادن
:هيا شادن قولي لنا ما الذي فعلته؟!
:انا لم أفعل شيئاً غير أنني اوهمته أن بصماته لازالت موجودة على الساعه وإن لم يخبرنا بكل ما يعلمه سنسلم الساعة إلى الشرطة وصدقني الغبي وبدأ بإفتضاح نفسه فوراً.. وفي الغد سوف نذهب إلى مقهى ذهب إليه أولئك المجرمين.. فنحن نريد البحث عن مزيد من الدلائل...
هنا قاطعها الأب بصوت صارم:لن تذهبي معي في الغد وهذا قرار نهائي..
:ولكن يا أبي...
:قلت لكِ الا تعانديني لقد حُسم الأمر....
صمتت شادن وصمت الجميع معها فهذه المرة الأب مُصِر جداً على كلامه.. مرة أخرى كان الصمت سيد المكان إلى أن وصلو إلى منزلهم... واجتمعوا جميعاً مرة أخرى لتحليل الأحداث تحليلا منطقياً علهم يتوصلو إلى نقطة ما..
ليليان: ما زلت لا أفهم لِمَ أراد ذلك السفاح قتل أمي ما الذي فعلته له.. ألا يجب أن يكون هنالك دافع للقتل؟؟!!!!
سلوان:حتى أنا لم أدرك ذلك بعد. فأمي كانت شخص مسالم مع الجميع ولا وجود لشخص يمقتها..
لين:هل يعقل أن القاتل أراد قتل شخص غير أمي وأخطأ فريسته؟
شادن:بالطبع لا... فإنه بحث في كل أرجاء المنزل وعلم أين يتواجد هدفه فلا مجال للخطأ... كما أنه من أراد أن يقتل؟! ابي؟! لا يعقل لأن القاتل خدر ابي ثم تركه وبالتأكيد يعرف الفرق بين هذا رجل وهذه إمرأة...
:معكِ حق...  إذاً نحن يتوجب علينا معرفة الدافع وراء قتل أمي حتى تتضح لنا رؤيه القاتل ..
ذهب الجميع إلى فِراشه بعد حديث طويل يتسألون عن الذي سيحدث يوم غد...

*في الصباح الباكر...*
أفاق الأب جميع الفتيات وجمعهم عند غرفه المعيشه ثم قال: أنا سأذهب إلى منزل وحيد حتى يرشدني إلى ذاك المقهى.. لا أريد من اي واحدة منكن أن تقوم بتصرف غبي وتتبعني... بالإضافة إلى أنه ابتداءً من الأسبوع المقبل ستبدأون بالمداومه والالتحاق بالمقرر وما فاتكم من دروس ومحاضرات وانتي يا سلوان لقد انتهت مدة الإجازة التي طلبتها من مديرك لذا ستبدأين من الغد..
صُعق الجميع من سماع هذا الحديث فهم لم يتخطوا ما مروا به حتى الآن ولكن وافقوا  على هذا القرار لأن أبيهم لا يتراجع عن كلامه...
اكمل الأب حديثه:والآن انا ذاهب لا أريد أن يخرج أحدكم من المنزل وعندما أعود أريد أن أجد الجميع في المنزل...
أنهى الأب حديثه ثم غادر إلى منزل وحيد واصطحبه معه... أرشده وحيد إلى المقهى وعندما إقتربوا منه نزل من السيارة وأكمل الأب طريقه حسب وصف وحيد إلى أن وصل إلى المقهى الذي يسمى (Light) نزل الأب من السيارة وجلس في إحدى الطاولات وطلب كوباً من القهوة وبدأ بتفحص الناس والمكان بحثاً عن شخص يحمل ندبه كبيرة بين أصبع السبابة والإبهام..
مرت ثلاثة ساعات وما زال سامي ينتظر قدوم ذلك الشخص.. فكر سامي في أن يسأل مَن في المقهى عن ذلك الرجل صاحب الندبة ولكنه  سرعان ما تراجع وقال مخاطبا نفسه:
يا له من تصرف غبي سيبدر منى.. بالتأكيد مَن في المقهى سيخبره لاحقاً انى كنت اسأل عنه ويوصف له شكلى فيؤدي ذلك إلى عدم مجيئه إلى المقهى مرة أخرى خوفاً مني..
جلس الأب طويلا ولكن بلا فائدة فقرر في النهايه أن يغادر ويعود مرة أخرى...
قام بدفع الحساب ثم غادر إلى المنزل ووجد الكل متجمع في غرفه المعيشه متشوق لمعرفة ما حدث... نظر إليهم بوجه عابس وأخبرهم انه لم يجد شيئا ولم يستطع معرفه شكل المجرم أو حتى اللحاق به لمعرفة مقرهم وباقي أفراد العصابة..
حزن الجميع لِسماع هذا الكلام ولكن كان لديهم بعض الأمل في ان يرافقهم الحظ في المرة القادمة...وسار اليوم بشكل اعتيادي دون أي أحداث تذكر... وفي الصباح توجهت سلوان نحو العمل كما أمرها والدها.. وأراد سامي الذهاب إلى المقهى قبل أن يذهب إلى عمله...
شادن تتوشوش مع لين وليليان بصوت خافض: ليليان انتي في عمر العشرون ولديك رُخصة قيادة دعينا نستقل سيارة أمي ونقوم بإتباع ابي إلى المقهى..
ليليان:ولا تحلمي حتى بفعل هذا... أبي قال أن نلزم المنزل وسننصت إليه...
لين:لا يا اختي.... شادن معها حق يجب أن نتبعه أرجوكِ لا ترفضي..نحن لم نعد صغاراً يمكننا فعل هذا...
وبدأ الالحاح من قبل لين وشادن إلى أن وافقت ليليان على اتباع أبيهم والذهاب إلى المقهى..

عقلي واهن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن