بداية الاضطراب

884 56 2
                                    


رغم محاولاته ليصبح ذئب كامل فلقد ضل عالق ما بين هذين العالمين وتقبل القلب الجريء حقيقته وانه سيبقى في المنتصف كمن نصف جسده في الماء ونصفه الاخر في العراء ولهذا رويدا رويدا استطاع استخدام بعض مما تعلمه من جدته الحكيمه في علاج الذئاب ، وبعض مما تعلمه من الصياديين في تجنب الالتقاء بالبشر ،مدعي ان هذا ما اكتسبه من مراقبته للبشر حين اسر من قبلهم في طفولته.

ولكنه لا يعلم لما هو مضطرب في هذه الايام فقلبه يؤلمه وعضامه كذلك ، لقد تناول كل نبته او وصفة من وصفات الحكيمه التي تساهم في علاج هذه الاعراض ولكن بلا فائده تذكر، فالألم العجيب يصيبه دونما ميعاد او موسم .

هو الذي استطاع العيش مع البشر والنجاة مع الذئاب لا يمكن ان يكون ضعيف ولا يمكن له تقبل هذا المرض وسيلجئ لعلاج جديد.

ومع اول خيوط شمس الصباح توجه القلب الجريء الى الجبل الاسر وبعد العديد والعديد من المحاولات والعديد من الجراح وصل اخيرا الى قمة الجبل التي تلفها الغيوم فستلقى لاهثا بعد كل هذا العناء .

وبكل ما تبقى لديه من عزيمة اتجه الى البحيره التي تختبىء في خجل على هذه القمه من عيون وايدي المتطفليين ،ليشعل بعض من الاعشاب التي يملكها ويوزعها حول البحيره .

وها هو ومنذ زمن طويل يخلع فراء الغريب عن جسده، ويقف على اثنتين لقد كاد ينسى انه لم يولد بفراء وانه ذات يوم سار على اثنتين ولعله لولا هذا المرض العضال ما احدث هذا التغيير في هيئته.

حينما اتجه للبحيرة ليغمس نفسه داخل مياها صرخ القلب الجريء صرخة حتى اشد الوحوش ضراوة لو سمعتها لرتعبت الى ان يعتصر الخوف قلبها ...

متسمرا في مكانه ينضر القلب الجريء الى صورته المنعكسة في الماء متسائلا من هذا الكائن الغريب انه لا يشبه ابناء القبيله فعيناه بلون اوراق النباتات وشعره كلون شلال من الدماء يصل الى اسفل ضهره من هذا الكائن العجيب الذي يراه، ليغمس نفسه بعد ذلك ثلاثة ايام بلياليها في مياه البحيره تحاوطه ابخرة الاعشاب التي احرقها مختلطة مع ابخرة اعشاب الجبل .

في تلك الايام التي قضاها على قمة الجبل الآسر ارتحلت روحه في جوله حول ارض القبيله لتشاهد وجوه الفتها قد تغيرت فالزمن حفر بها خطوط جديده لم تكن موجوده .

تحدثت روحه اليهم وتحدثت ارواحهم مع روحه لقد كان لقاء لارواح هائمه لم تجد من ينصت لها منذ زمن طويل .

وفي اليوم الثالث التقت روحه بروح جدته الحكيمه تعانقت الروحان كأنهما روح واحده اخبرها بكل شيء واي شيء المهم روحه تحتاج للحديث وكعادتها كانت دافئه حنونه ومنصته بأمعان بالنهاية اخبرها عن مرضه تبسمت هامسة له بشيء ادهش روحه ،

وحان موعد الفراق وموعد عودة الروح للجسد المنغمس في المياه فالنباتات التي قام باشعالها اخمدت بسبب المطر فاسرعت الروح مكملة مسيرها داخل الغابة وفوق الجبال ،لتعود للقلب الجريء نقية نشيطة .

ارتدى فراء الغريب متجها الى قاع الجبل ،الى جماعته الى حيث ينتمي وصادف ان شاهد وآه مما شاهد ،لابد انه جواب روح الحكيمه الذي ادهش روحه.

في عالم البشر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن