يصعد السلالم بسرعة، حافي القدمين، لاهث الأنفاس، بينما تضرب حبات المطر على النوافذ وكأنها طبول من نوع ما، العرق ينساب عن جسده كله، كل ما يدور في عقله أن شخصًا ما يلحق به، شخصًا شريرًا يحاول نخر جسده عبر خازوقة صغيرة في يده، إنه يشعر بالوخزات في انحاء جسده كلها، وهو مليئ بالثقوب ولا يكاد يحتمل الألم، يبدو أنه أصبح قريبًا جدًا منه، هاهو يجري عبر الرواق الأن، رواقٌ أملس تتزحلق منه أقدامه المتعرقة، يكاد يفقد توازنه، يرتطم بنهاية الممر ويلتف إلى اليمين، يتابع الجري وهو يسمع خطوات تواكب خطواته تجري خلفه، إنه متأكدٌ تمامًا من أنه مازال يتبعه، قلبه يكاد يعترض على متابعة الخفقان، إنه منهك، الاضواء خافته جدًا، وعند المنعطف التالي استرق النظر إلى الخلف، ليجده مستمرًا بالمطاردة، يحمل الخازوقة وعيناه تلمعان، ولديه عبائة رماديه تطير إلى الخلف إثر ركضه، فيتابع الجري في ممر ضيق، ورئته تتحامل على التنفس، لم يعد بجسده طاقة، إنه يرتعش بشدة، إن هذا السفاح ينوي تثقيب جسده كاملًا، يريد أن تملأه الحفر، إنه يصرخ بأشياء غير مفهومةً من الخلف؛ مما يجعله يرتعب أكثر، الممرات مليئة بالأبواب، إنها مألوفة ولكنه لا يعلم أين رأها قبلًا، وأين هذا المكان تحديدًا! بدأت صورة زوجته كاثرين تظهر أمام عينيه، أين هي الأن؟ إنه لا يعرف كيف ومتى افترق عنها، وأين الطفلين لوسي ولارا؟ قاطع حبل أفكاره نهاية مسدودة بها نافذة مغلقة، وهنا أطلق صرخات خائبة، هو لا يريد التوقف، ولا يريد المتابعة، ولا يريد أن ينال منه السفاح أيضًا، وعندما قرر التوقف قررت قدماه الارتطام بالنافذة، إنه لا يستطيع التوقف، وهنا كاد يهشم وجهه ويلغي ملامحه، لولا أن شعر بشخص ينقض عليه من الخلف ويسحبه بقوة نحوه حتى وقعا معًا، عندها أطلت الشمس من النافذة بعد توقف المطر وانقشاع الغيوم السوداء، وهنا استعاد مارك ذاكرته ونظر إلى الخلف إلى الطبيب الذي كان يطارده بإبرة مهدأه، وتذكر أنه يعاني من رهاب المطر والتي يشعر فيها أن قطرات المطر تثقب جسده، وزوجته تركته هنا بعد أن اتفقا معًا على ذلك، إنه في المصح الأن!