صوت صافرات الشرطة يعم المكان، والناس مجتمعون رغم برودة الجو، إنه فصل الشتاء إلا أن الثلج لم يهطل بعد، الأمر مريب أراهم يشهقون من حولي ولا يمكنني تبين ما يجري في الامام؛ فأنا قصيرة، لا يمكنني فهم ما يحدث حتى، وجوه الناس مصدومة والبعض الأخر يبدو خائفًا، كذلك السيدات مرعوبات جدًا، بدأت أتوتر ما الذي يحدث يا ترى؟ لا استطيع سماعهم، هل الأمر شنيع إلى هذه الدرجة؟ها أنا أتسلل بين الناس بانسيابية مذهله، لم أعرف أن جسدي صغير إلى هذا الحد، فأنا انساب عن أكتافهم بسلاسة، خشيت أن أصاب بصدمة؛ لذا وقفت على بعد صفين من الحادث، بدأت أسمع بالتدريج، الضابط يقول
"إنها جريمة، فتاة في الخامسة والعشرين، قُتلت ضربًا هَشم جمجمتها"
واو هذا فعلا مخيف، المسكينة ماتت وهي في مقتبل عمرها وأراهن أن ملامحها قد عُجنت مع عظام وجهها الأن، حقًا أنا لا أتحمل مثل هذه المناظر؛ لذا سأتابع سماع مجرى التحقيق من مكاني، انضم اليهم محقق وقد شرع يفحصها، هويتها غير موجودة ولا حقيبتها وجيوبها قد أُفرغت، من المؤكد أنها ربما مستهدفة، أو هناك من حاول سرقتها وانتهى الأمر بقتلها، إنه يفحص معصمها هناك خدوش وأثار مقاومة، يظن بأنها دافعت بشدة عن نفسها، اقترب رجل في العقد الرابع من عمره على مايبدو، لقد عرّف بنفسه وأخذ يخبر المحقق أنه رأى الفتاة صباح اليوم تركض مسرعة من هذا المكان وهي تحمل حقيبة زرقاء كلون السماء، ويبدو عليها الخوف، من ثم رأها عائدة قبل اكتشاف الجثة بساعة، ولم تكن حقيبتها معها كما أن وجهها شاحب جدًا، إنه يعرف والديها اندفعت دموعه امام المحقق ولم يتمالك نفسه وأخذ يعبر عن أساه، يبدو رجلا طيبًا، مازلت لا أرى شيئًا إنني أسمع فقط.
عندها نزل المحقق مجددًا ليفحص الجثة ليعثر على شامة كبيرة على رقبتها، وأخذ يسأل عنها بين الحشود إن كان لأحد أن يعرفها من الجيران، ولكن لوهلة وضعت يدي على رقبتي، أنا أمتلك شامة على رقبتي هل الأمر صدفة؟
ولكن من المطمئن أني أقف بين الحشود؛ لذا.....
ولكن لِم شككت في الأمر منذ البداية؟ وكيف أدركت أنه فحص رقبتها بدون أن أنظر؟
هذا غريب حتى أني أدركت مباشرةً أن الرجل في عقده الرابع دون أن أعرف اسمه... لحظة أنا أعرف ما اسمه... إنه... إنه.. ي إلهي إنه كارسوما البقال، والذي أدركت مؤخرًا أنه مطاردي السري الذي طاردني لأسابيع، لم أكن أعلم لم أنا وافقة هنا ولكني الأن أتذكر، لقد حاصرني هنا في الحديقة وأفصح عن هويته ولم استطع أن أُخفي ارتباكي وحاولت الهرب، إلا أنه بدا بضربي بيديه حتى وقعت أرضًا، ثم تناول قضيبًا ..... دموعي تخرج ولكنها لا تسيل عن خَدي بل تتكور في الهواء وتصعد للأعلى، تقدمت إلى الأمام بانسيابية الروح، لقد ضربني بقضيب معدني وهو يصرخ كالمجنون عن مدى حبه لي ومطاردته وهوسه، ولكني سرعان ما فقدت وعيي ولم أعد أسمعه، كما لا أعرف شيئًا حتى وجدت نفسي واقفة بين الحشود وقد نسيت كل شيء، كيف له أن ياتي وهو يمثل بكائه ويختلق هذه القصة المزيفة، إنني أُحاول الاقتراب من المحقق دون جدوى، عليه أن يعرف أني سيلينا وهذا المحتال قاتلي، لا استطيع كبح دموعي إنني حانقة عليه، بدأت أُهستر، أنا اصرخ بشكل غير مسموع حتى لي ولكن.. أرجوك.. اصغ الي أرجوك.. إنه هو! هو قاتلي.وجدت هذه القصة مكتوبة بالدماء على جدران الحديقة المهجورة منذ أربع سنوات، بعد اختفاء ١٥رجلا في عقدهم الرابع من ضمنهم كارسوما في تلك الحديقة وتم اغلاقها من قبل السلطات واصبحت تلقب بحديقة سيلينا بعد أن ظهرت جدية الأمر!