الثالث عشر

46.8K 937 5
                                    

تخشب جسدها بأكمله بصدمه ، و توقف عقلها لبرة ثم استعادت تركيزها و ركضت عليه، جثت علي ركبتيها واضعه يدها علي كتفه النازف صارخه بأسمه : صقر.... صقر انت سامعني
حرك رأسه و خرجت منه تأوهات بآلم شديد.
التفتت برأسها من حولها لعلها تجد ما تستنجد به، لكن لم يقابلها سوي الفراغ، بكت بخوف و قالت بصوتآ مرتعش: صقر.. صقر رد عليا
اجابها بصوتآ مكبوتآ بآلم: اهدي... متخافيش.
هتفت به و هي تجذب الشال الذي يحيط برقبتها و تضعه علي جرحه : اهدي ايه، انت بتنزف

اجابها يطمئنها: بسيطه
حركت رأسها بالنفي و صرخت به: بسيطه ازاي، النزيف مش بيقف
ثم تابعت بأقتراح :
حاول تقوم معايا لحد البيت ، ارجوك ، اتسند عليا لحد ما نوصل
حاول الاستقامه رغم الالم الشديد المرسوم علي وجهه و ساعدته علي الوقوف ، تمسكت بذراعه المصاب تحاول مساعدته، و تحامل هو علي نفسه حتي لا يرمي بثقله كله عليها.
خطواتهم بطيئه و انفاسها عاليه مرتبكه و مرتعشه من صعوبة الموقف برمته.
،،،،،،،،،،،،،،،،،
انتاب كل من في البيت الكبير القلق من ذلك الصوت المدوي لطلقه ناريه قريبه منهم للغايه.
خرج رحيم مناديآ علي الغفر يتفقدوا ما حول الدار
اقتربوا من البيت و قد بدء يشعر بذلك الدوار اللعين، استمع لصوتها برجائه الذي لمس قلبه : ارجوك كمل شويه، خلاص قربنا
ثم صرخت مستنجده بأحدي الغفر، الذي هرول عليها ، ركض رحيم برعبآ اتجاهم فور ما ابصر ابنه مستندا علي كارما و احدي كتفيه نازفآ الدماء .
صرخت امل بهلع علي بكريها ضاربه علي صدرها بقلب كاد ان يتوقف، بينما استند الجد علي عكازه خشية من ان يخذله و يسقط ارضآ.
ابتعدت كارما فور ما حملوه لاعلي البيت الكبير، التفت من حولها و شعرت بأرتعاشه لكامل جسدها،انتبهت لاحدي الغفر قائلا: ادخلي جوا يا ست هانم، الدنيا مش امان
تحركت للداخل و جميع من في البيت علي اعصابهم و القلق والخوف مسيطر علي الجميع.
استدعوا الطبيب الذي آتي علي الفور و تحولت الدار رآسا علي عقب.
،،،،،،،،،،،،،،،،،
ما اتفقناش علي الدم يا مجد
نفخ الدخان من انفه و فمه من ارجيلته قائلا: ما تنشف شويه يا عيد الله
صرخ به عيد خوفآ: الدم لا يا مجد، انت قولت قرصة ودن مش تقتله
القي بمبسم ارجيلته و قال: و مين قالك انه مات، مع اني كنت اتمني بس عمره بقي هانعمل ايه
جلس عيد قبالته و قال بقلق: يعني هو ما متش انت متاكد
_ عيب عليك يا جدع
تنفس عيد الصعداء و مسح حبات العرق التي ترقرقت علي جبينه، ثم هدر بمجد : و افرض اللي بعته فتن علينا و عرف اننا
قاطعه مجد بنفاذ صبر : زمانه طلع الجبل و راح مطرح ما جه
وقف عيد و قال : الحمد لله انها جات علي قد كده ، انا بشيل ايدي يا مجد، اه بكرة صقر بس ما اقتلوش
اخذ مجد انغاسآ عميقه و بدءت المخدرات تدخله في تلك الحاله من الانتشاء و تمتم ساخر: احسن برضو، اللي جاي مش تبعك ، اللي جاي عايز دندنه علي الهادي
ثم ضحك لتلك الخيالات التي بدءت تتزاحم بعقله و من بينهم صورة تلك التي اوقعه حظه بها و كعادته جاء من انتشلها منه، مؤكدا لنفسه ان الحرب بينه و بين صقر قريبا جدا ستكون علي أشدها.
،،،،،،،،،،،،،
بعد مرور ذلك الوقت العصيب، طمأنهم الطبيب على استخراج الرصاصه و تضميد جرحه و طلب الراحه المشدده له، كانت ما زالت جالسه في بهو البيت، دون القدرة علي الوقوف فقد ما استمعت لحديث الطبيب ، تنفست الصعداء و هدءت انفاسها.
ايه الي حصل يا كارما
نظرت لعمها و بصوتآ متحشرجآ اثر صراخ سردت له ما حدث
قال عتمان : ما شوفتيش اللي ضربه
حركت رأسها بالنفي و قالت : الدنيا كانت ضلمه
هتفت بها ايناس بضيق : و انتي ايه وداكي الاستطبل باليل كده
اجابتها كارما : كنت عايزة اتمشي و لما لاقيت ان مافيش نور رجعت
قال رحيم بأستنتاج: ازاي مافيش نور، يبقي حد فصل الكشافات
هتفت ايناس بها قائله: عاجبك آخر دلعك، لو ماكنتيش خرجتي بالليل ماكنش كل ده حصل
ردت عليها كارما بأنفعال: صقر ماكنش يعرف اني هناك
قالت الاخري بغضب: كان عارف و شافك من الشباك
ضرب عتمان بعكازه علي الارض بقوة قائلا بصوتآ جاد و حادآ: مش عايز اسمع صوت.. كله علي اوضته
التفت اليه كارما و هي علي وشك البكاء: جدي انا
قاطعها عتمان قائلا: بعدين كارما، اطلعي اوضتك ارتاحي، كله مقدر و مكتوب
صعدت لاعلي و غشاوة دموعها تتأرجح بمقلتيها تهدد بأنهيارها،
دخلت غرفتها، ثم انهارت في نوبة بكاء ، ليله عصيبه و حديث ايناس زاد احساسها بالذنب، بالتاكيد لم تقصد كل ذلك، رغم نقاشاتهم المحتده دائما الا انها لا تتمني له السوء ، و لا حتي ان تكون سببآ غير مباشر به.
نظرت ليديها المليئه بدماءة و ملابسها ايضآ، ببطئ و اعصابآ مهتزه تحممت و ارتدت ملابس اخري، تدثرت تحت غطائها لعله يبث بها بعض الدفئ.
طرق الباب و انفتح و قابلتها ام محروس بكوب من الحليب و بعض السندوتشات قائله لها بابتسامه طيبه: كلي لقمه قبل ما تنامي
قالت كارما بخفوت: مش قادرة والله
وضعتهم علي طرف الفراش و قالت : ابدا، ده كفايه الخضه و وشك اللي زي اللمونه ده
ابتسمت لها كارما قالت بحزن: انتي عارفه انك الوحيده اللي اهتميتي بيا، انا ماقدره اللي هما فيه، بس اكتر حاجه وجعتني ان اكون السبب في اللي حصل
نفت ام محروس علي الفور و قالت: ماحدش قال انك السبب، و ست ايناس هي علي طول كده، لامؤخذه يعني بتحب تصطاد في الميه العكرة، ده قدر يا بنتي مافيش حد بيهرب من قدرة
مدت لها بكوب الحليب و قال لها بحنان: يالا اشربي بقي ما تكسفيش ايدي
تناولتها منها كارما و تجرعته ثم دثرت نفسها مرة اخري و لم يمر الكثير و غلبها سلطان النوم.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
حمدلله علي سلامتك يابني، وقعت قلوبنا عليك
طمأنها صقر قائلا: انا بخير ياما ما تقلقيش
قال رحيم مربتآ علي كتفه السليم: قدر و لطف يابني ربنا عالم بحالنا
تحدث عتمان: وعيت له يا صقر
صمت صقر لبره و قال : الدنيا كانت ليل يا جدي
اوما عتمان برأسه و وقال : حد فصل الكشافات، الغفر لاقو السلك مقطوع
هتف رحيم بقلق: مين قاصد يعمل كده
هدرت أمل : حسبي الله ونعم الوكيل، ربنا ينتقم منه
اقتحمت ايناس و والدتها الغرفه و من خلفهم زهرة
قالت ايناس بلهفه: حمد الله علي سلامتك يا صقر
اجابها صقر : الله يسلمك
اقبلت عليه زهرة مقبله رأسه ببكاء: بركه انك بخير ياحبيبي، شكلك و انت جاي مع كرما و غرقان في دمك نشف دمنا
دارت عينيه بحثآ عنها و لم يجد لها آثر، مسك لسانه بقوة الا يسأل عنها و لكن انتبه لوالدته التي قالت: فين كارما امال
قالت زهرة بحنق : من ساعة كلام ايناس و هي في اوضتها مش عايزة تطلع
ارتبكت ايناس و قالت مبرره: كلنا كنا علي اعصابنا و غصب عني قولت كلمتين من خوفي عليك ، ماتكبرش هي الموضوع بقي
قال رحيم مؤنبا: اديكي قولتي يا بنتي كلنا كنا علي اعصابنا، محدش فينا قدر يتهمها انها السبب
ضيق صقر عينيه و تسائل مستفهما: تتهموها بأيه
ابتلعت ايناس ريقها بخوفآ و قالت زهرة : ايناس صرخت فيها انها خرجت باليل و قالتلها انها السبب، لانها لو ماكنتش خرجت ماكنتش انت هاتطلع وراها و يحصل اللي حصل
لامتها أمل قائله: ليه بس يا ايناس و هي ذنبها ايه
اخفضت ايناس عينيها ارضآ هروبآ من نظرات صقر الغاضبة الذي هتف بضيق: انا لولا كارما كان زماني لسه سايح في دمي، ده يمكن من حسن حظي انها خرجت عشان تساعدني اجي لهنا ، مايبقاش ده كلام الشكر اللي المفروض يتقالها

عم الصمت المكان و كسرة الجد عندما وقف ببطئ و قال : نهايته كل واحد يروح يشوف حاله و سيبوه يرتاح
قالت أمل : انا هاروح اعملك شويه شوربه يعوضوا الدم اللي نزل منك يا ضنايا.
خلت الغرفه من حوله، عاد برأسه للخلف بتعب و ضيق، ود لو استطاع ان يذهب اليها و يطيب خاطرها من حديث ايناس الاذع، و قسوة حديثه الاخير معها ايضآ، و التي في المقابل كان يشعر بأرتجافها و هي محيطه بذراعه لتساعده علي العوده للبيت، وقعت عينيه علي الشال الخاص بها و الملئ بدماءه، متذكرا بكائها و هي تضغط علي جرحه النازف، كانت هشه للغايه و خائفة و رغم ذلك حاولت مساعدته بقدر ما استطاعت.
تنهد بقلب منقبض من عزلتها التي فرضتها، مقررا عدم السماح لها بأختفائها عن عينيه لوقت طويل ، و رغمآ عنه تاركآ ذلك الشعور الملح عليه لرؤيتها و الاطمئنان عليها ، منتويآ التدخل بنفسه.
يتبع

عشق الصقر /سارة حسنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن