|12|

22.4K 1.7K 323
                                    


اندفعت كرة الفراء الأبيض نحوهما بسرعة خارقة ثم استقرّت بين أحضان سِيلا مُصدِرة غمغمات تُعبر عن استمتاعها بالدفئ الذي وجدته.

زمجر البومة عليه غريزيا لكنه أخاف سِيلا أكثر مما أخاف الثعلب. ورغم أنها لم تُبدِ أي ردّ فعل إلا أن رائحة الخوف والتوتر التي انبعثت منها كشفت مشاعرها للايكان الجالِس بجوارها.

كلمات الاعتذار كانت ثقيلة على لسانه لذا اكتفى بالابتعاد عنها بضعة سنتيمترات وخفضِ رأسِه.

رد الثعلبُ الصغير الزمجرة بأخرى تكاد تكون غير مسموعة ثم تكوّر على نفسه بينما مشّطت سِيلا فراءه.

«إنه مليء بالبراغيث على الأرجح...».
علّق البومة ليكسِر السكون.

«البرغوث الوحيد هنا هو أنت».
تمتمت سِيلا تحت أنفاسها إلا أنه تمكّن من سماعها بوضوح.

«تُحوّلينني من بومة إلى برغوث؟! أسيسقطُ القمر إن خرجت كلِمة غير جارحة من فمِك؟».
بالغ في تذمّره وعقد ذراعيه عابسا.

«هل يجرح كلامي غرورك؟».
سألتهُ مُتصنّعة التفاجؤ.

«لا، لا يُدغدِغه حتى».
أسقط تمثيليّته وضحِك ساخرا منها.

«خربتَ مصدر سعادتي...».
نظرتْ إليه بعبوس ثم عادت لمداعبة الثعلب.

كاد كلاهما أن يتوهّج تحت ضوء القمر بفعل شحوب لونه وهذا ما جعل البومة يفقد تركيزه ويُطيل الشرود كما لو أنه تحت تأثير تعويذة ما.

لاحظت سِيلا هدوءه فنظرت ناحيته بفضول، وحين لم يتحرك له ساكن، رفعت قائمتي الثعلب الأماميتين وضربت البومة بخفة على خدّيه. نجح ذلك في إيقاظه فمسح وجهه مشمئزا وأبعدهما عنه.

«ألم تمنعيني من التحدث عن الثعالب قبل قليل؟ لِم تداعبين كتلة البراغيث هذه الآن؟».
تساءل بعد أن أدرك تعابيره.

«نعم، لكنّ هذا ظريف جدا».
ردّت وداعبت أنفها بخاصته ثمّ قبّلته بخفة فتحمّس وصار يلعق وجهها بينما قهقهت هي.

«مقرف!».
أطلق البومة زمجرة ودفع الثعلب بقوة فانتهى به الأمر محلّقا في الهواء ثم بين أجمات الورد الشائك.

صاحت سيلا متفاجئة من حركته الخاطفة وقبل أن تركض نحوه جذبها البومة ومسح وجهها بكف قميصه.

«خرقاء، غبية وفوق هذا قذرة؟».
رصّ أسنانه وتكلم بانزعاج.

«هل أنتَ في كامل قواك العقلية؟».
نبرتُها الجدية صدمته.

«هل ترينني أرقص عاريا في الشارع؟».
نسيَ يده على ذقنها ولم يُخفض نظره عن عينيها المزيفتين.

«لا أظنّك بعيدا عن تلك المرحلة بكثير...».
أجابته مُتلعثمة قليلا.

«ستكونين سعيدة برؤيتي على تلك الحالة، أليس كذلك؟».
ارتفعت زاوية فمه في ابتسامة شقيّة بعثت الدفء في جسد سيلا.

سِيلا ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن