|15|

18.7K 1.6K 216
                                    


«لن تأتي الليلة...».
تحدّث ميكايليس مع نفسه بمشاعر مختلطة.

هل يكون سعيدا لأنه لن يتم اختبار وفائه لخطيبته أم يكون حزينا لأنه لن يرى التي آنست وِحدته طيلة الليالي الفارطة وجعلته ينسى ضغوطات منصبه كـملك للايكان؟

طبعا لم يكن سعيدا، لم يشعر بما يشبه السعادة حتى، كان فقط يُحاوِل إقناع نفسه بأن عدم مجيئها هو أفضل ما يمكن أن يحدث. هكذا لن يتعلّق بها أكثر ولن تجمعهما المزيد من الذكريات الطريفة التي ستُطارده إلى ما بعد زفافه من الأميرة فيولين.

تعوّد الاستمتاع بالهدوء الطاغي على الحديقة الملكية، لذلك كان يجلِس فيها كل ليلة بعد الانتهاء من مهامه، لكن هدوء هذه الليلة أزعجه كثيرا. لم يكن السكون وموسيقى الجنادب ما ساعده على الاسترخاء، بل كانت أنفاسها المنتظمة وصوتها الذي يكسر السكون عندما يستفزّها للحديث.

وجودها بالقرب منه كان مطمْئنا له، لسبب لا يعرِفه غيره...

حلّ منتصف الليل وما من أثر لها، لم يُعلّق آمالا كبيرة بحضورها لكنه أُحبِط لغيابها في النهاية.

«لا فائدة من الانتظار...».
تنهّد واستلقى على ظهره على الكرسيّ الصخريّ.

«لكننا سننتظرها».
نطق ذِئبه بحزم فانصاع الملِك له دون نقاش، سيُرغمه على العودة والبحث عنها حتى إن رفض البقاء لذا اختصر على نفسه الشقاء ورفع نظره للسماء المُلبّدة بغيوم داكنة حجبت عنه النجوم ونور القمر.

غادر النوم جفنيه لكنه أغمضهما ليتذكر وجهها؛ شفتان دائمتا العبوس، نظرات فضوليّة تنبهِر بكل صغيرة وشحوب بالغ يفضح خجلها في كل مرة ويجعلها تتوهج في الظلام مُرشِدا إياه إليها كما تُرشِد النجمة القطبيّة البحارة إلى بر الأمان.

ليلتهما ستكون باردة وطويلة...

----

حلّ الصباح وانصرف كل شخص إلى مهامه اليومية وانصرفت سِيلا إلى غرفة الضيف الملكيّ حامِلةً فطوره وأسئلة جلبت لها الأرق وحرمتها من النوم.

«تبدين شاحبة...».
علّق سيزار حالما رآها.

«نحن شاحبان دوما، لا تكن غبيّا».
ردّت منزعجة وارتمت على الأريكة المنفردة.

«لا، ليس شحوبا طبيعيا. تبدين كـجُثة هارِبة من ملك الموت، هل تناولتِ فطورك؟».
أضاف وجلس بالقرب منها دون أن تُغادِرها عيناه.

«لا عشاء ولا فطور، ليست لديّ شهيّة. تناول أنت فطورك وأجِب على أسئلتي».
نبرتُها الجامدة أثارت قلقه أكثر لكنه لم يجرؤ على الاستفسار أكثر وأومأ لها بأن تطرح أسئلتها.

أسندت كوعيها على ركبتيها مُنحنية نحوه ثم تنهدت بعد دقائق من الهدوء.

«كيف تتواصل مع ثعلبك؟».
فاجأته بسؤال لم يتوقعه، فقد ظنّ أنها ستُريد معرفة أي نوع من الأشخاص هو الملك أو شيء من ذاك القبيل.

سِيلا ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن