التَّاسِع مِن شَهرِ أَيَّار عَام ٢٠١٤م
-"أسعدتنا زِيارتك لِمتجرنا!"
هَمستُ بِسخرية:
-"لَيس وَكأني ابتعت شَيْئًا"
رحت أجر أَذيال الخَيبة قَاصِدًا سَيَّارتي المَركونة فِي المَواقِف التَّابِعة لِلمتجر، فَتحتُ البَاب وألقيت بِالكيس الوَرقي فِي المقعد المُجاوِر، قُدتُ السَّيارة عَائِدًا أَدراجي، فَجسدي لَا أَشعر بِه لِإنهاكِي الشديد فمنذُ الصَّباح وَأَنَا أتنقل مِن مَتجرٍ لِآخر استفسر عَن تِلْك المُشكلة التي حَلَّت بِي..
فَتحتُ بَابَ شِقَّتي، لِأتنبه لِزوجٍ مِن الأَحذية مَركونٌ بِالجانب، تَنهدت وَخلعت حِذَائِي مُتجهًا الى غُرفَة الجُلوس لِأتفاجأ بِالتغيرات التي حَصلَت، فَقَد أُثثت بِأثاث جَديد تَقريبًا لِأعبس مَا إِن رَأيته مُستلقٍ عَلى الأَريكة بِإريحية يُتابِع مُسلسه الذي يُعرض عَلى التِّلفاز، رَجعت بِخطواتي صَوب البَاب بِهُدوء لِأُمسك بِفردة حِذَائِي وَأَعود مَرةً أُخرى، صَوبتها عَلى رَأْسِه لِيقفز مَفزوعاً لِمباغتتي لِه مُتأوهًا بِألم، تَقدمتُ لِأَجلس بِتعب وَأُلقِي بِالكيس الورقي عَلى الطاولة أَمامِي، هَمستُ بِسخط:
-"كَيْف تَجرؤ عَلى أَن تَفعل مَا يَحلو لَك بِشقتي؟!"
مَسد شَعره وَعلامات الوجع استقرت على وَجهه، سُرعان مَا اضمحلت وبَرقت عَينيه ،سألني بِحماس:
-"هَل أعجبك التغيير؟"
حَدقتُ بِالمَكان بِهُدوء، لَم يَتغير الكَثير، خزانة جَديدة لِلكُتب أُضيفت بِالزاوية، ستائر قماش جَديدة مُثبتة أعلى الشبابيك وتنسدل على الارض، كانت تُرفرف يُمنةً وَيُسره على إيقاع هَواء الليل البَارِد، الطَّاوِلة التي تَتوسطنا أَضحَت زُجاجِية استقر فَوقها مَزهرية رَمادية تَحْمِل فِي طياتها زُهور الياسَمين، مَا أعجبني تَداخُل لَوني كُلًّا مِن الأَبيض والرَّمادي فَقَد أَحْسَن الإِختِيار، كَمَا عُلقت لَوحات عَلى الجُدران لِرسامين أَعشق فَنَّهُم تَداخلت مَع الأَثاث، أَحببته، أردفتُ مُشيحاً بِوجهي عَنْه:
-"سَيء، رديء، قَبيح لَقد أَصبحت شقتي العزيزة بَشِعه! ألم تَجد غَير لَونُ الرَّمَادِي الدَّميم؟! أّبيض؟هَل تَمزح مَعِي هَذَا مُقرف ثُمَّ مَابَال اللوحات المُعَلَّقه هَل هَذَا مُتحف بَالٍ أَم غُرفة جُلوسٍ أنيقة! يَاله مِن ذوق كَريه!!"
أنهيت كَلامِي دُفعةً وَاحِدة، ابتسمت دَاخِلياً عِندما رَأيتُ وَجهه يُظلَم مَع كُل كَلمةٍ أَقولها، رَفض كَلامِي واحتجَّ قَائِلاً:
-"وَلكنك تُحبُّ الرَّمادي وَ.."
قَاطعته:
-"كَان هَذَا فِي المَاضي!الأذواق تَختلف مَع مُرور الْوَقْت!ثُم أنك عَبثتَ بِمُمتَلَكات غَيرك!الا تَعرف شَيْئًا يُسمى الاستئذان؟"
ابتسمت بِانتصار مَا إِن رَأيتُ الإنزعاج يَرتسم عَلى تَقاسيم وَجهه، فَتَحتُ الكِيس الورقِي لُأخرج الكَامِيرا تَحتَ نظراته الحَارِقة، حَدقت فِيهَا بِعُمق، نَطق آستر بِهُدوء:
-"سأبيت عِندَك الليلة!"
تَوسعت عَيني بِصدمة لِرُبع ثَانِية، فَغرت فَاهِي بِدهشة لِثانية كَاملة ثُمَّ تساءلت بِسُخرية بَعْد أن عَدلت مِن جُلوسي لِأواجهه:
-"هَل تَشاجرتَ مَع زَوجتك؟!"
زَفرَ بِحده وَأَجاب بَعْد أَن قَلب عَينيه:
-"لَازلتُ صَغيراً عَلى الزَّواج!"
-"خِلتك قَد تَزوجت لَقد أَتممت عَامك العشرون قَبْل شَهر لِمَ لَا تَتزوج وَأتخلص مِن إزعاجك لِي كُلَّ صَباح؟"
ضَيَّق عَينيه وَقَال:
-"أَنت آخر مَن يَتحدث عَن الزَّواج!"
رَفعَت حَاجبي فِي حِين أَكْمَل قَائِلاً بَيْنَما يَحك مُؤخرة عُنقه بِحرج:
-"كُلُّ مَا فِي الأمر أَنِّي تَشاجَرتُ مَع وَالدي وَلَا أَود العودة الان!"
-"يالك مِن طِفل" تَمتمت تَحت أَنفاسي، اقترحت بِهدوء:
-"تَستطيع النوم فِي الغُرفة المُجاورة لِغرفتي"
-"حَسناً سَأتجاهَل أول كَلمة قُلتها..على كُل حَال أَيْن ذَهبتَ اليوم؟لِيس مِن عَادتك الْخُرُوج مِن المَنزل وَفِي الصَّباحِ أيضاً!؟"
عَقدت حَاجبي وأردفت بِضيق بَعْد أَن أَطلقتُ نَفسًا حَارِقًا كُنت أَكتمه:
-"ذَهبتُ الى خَمسةَ عَشَر مَتجَرًا لِأُصلح الكَامِيرا"
تَوسعت عَينيه وَنطق بِدهشة:
-"خَمسةَ عَشَر هَل أنت مَجْنُون؟لَحظه مَالذي أَصَابَها؟!"
-"لَم تَعْد تُطهِر آلتي وَميضاً حِين ألتقط صُوراً عَشوائية، ذَهبت الى المتاجر وَفي نِيتي إصلاحها وَلكنهم أَخبَرونِي بِأنها سَليمة.."
هَمهم آستر بِتفهم أَكملتُ قَائِلاً:
-"يَبدو بَأن المِرآة كُسِرت"
ابتسم ابتسامة جَانبيه:
-"وَمِن قَال بِأَنَّ الزُجَاج لَا يُجبر؟!"
أنت تقرأ
وَمِيض || PHOTOFLASH
Non-Fictionهَا قَد عَاد السَّواد يَكتَسِحُ الصُّور مُجددًا. -لا أسمح بِالاقتباس، أَو نَشر ما أكتبه في مواقع أُخرى.