الْعَاشِر مِن شَهرِ حزيرَان عَام ٢٠١٤ممَوسم حَصاد القَمحِ أتى وَلَم يَعُد لَدي مَا أحصَده لِهَذا الْعَام، مَرَّ شَهر مُنذ رَحَيل آستر، انهمكتُ فِي أَلأيّام المَاضية بِالتصوير فَقَد خَرجتُ لِأَماكِنَ عَديدة لِيَتجدد كُل شَيْء، وَكَانَت نتيجة مَا فَعلته طِيلةَ الأيام السَابِقة تَكرار السينَاريو..
لَم تَتوقف يَدي عَن الإرتعاش
لَم أرى الصُّور بِوُضوح
وَلَا الَوميض الذي يَسبِقُهَا..كالعادة بَاءت مُحاولاتِي بِالفَشل.
وَكأني كُنت أَركض فِي عَجلة دَوَّارة مُنشغِلًا بِالركض وَغير آبِهٍ بِمُرورِي لِنقطة البِداية فِي كُل مَرة أَركضُ فِيهَا..
وَمَع إِدرَاكِي لِهذه الحَقيقة المُؤلِمة، صَارت حَالتي بَائسة فَهَاهِي أَفكارٌ سَوداء بَاتت تُؤرِقُنِي، تَتقافَز مِن كُلِّ حدبٍ وَصَوب، عَادت تِلْك الفَجوة تَبتلعني بِبطء وَأَصبحت حَالتي أَسوء مِن ذِي قَبل..
خَار جَسدي وَتعب وَعَاد ذَلِك الصوت الغَليظ يَهمِس فِي أذني قَائِلاً:[هل ظَنَنت بِأنك سَتتخلص مِني؟!]
يُطوِّق بِيَديه العَارية رَقبتي،وَيحكم قَبضته عَليّ أَكْثَر فَأكثر غَير عَابِئ لِإختناقي وَلِصعوبة مُرور الهَواء لِرئتي،غَير عَابئٍ لِشيء إِلَّا حَقيقة وَاحِدة جَسد يَحتويه..
يُؤسفني القول بِأن جَسدي هَذَا لَا يَتسعُ له وَلَكِن الى مَن أُوجه حَديثي؟!
مَا مِن سَبِيل لِأخرج، هَذَا مَا حُفِر فِي عَقلي، سُرعان مَا بَاتت فِكرة اعتزالي لِلتصوير يَتردد صَداها فِي عَقلي، كَانت الكَوابيس تُلاحِقني لِتُدمرني بِبطء لَقد كَانت أيضًا سَبباً لِاتخاذي لِذَلِك الْقَرَار..
ذَلِك الْقَرَار الذي استمر يَلازِمني مُنذ وَفاة وَالدي، لَقد كُنت أَهرب مِنه طِيلةَ الخَمس سَنواتِ المَاضية وَلَكِن مَا جَعلهُ يَقترب مِنِّي وَيُقلِّص المَسافَةَ بَينِنا هُوَ وَفاة وَالدتي قَبْل سَبعةِ أَشْهُر..
بَاتت الألوان بَعدها تَضمَحِلُّ رُويدًا رُويدًا، مُشبعةٌ بِالألوان الى بَاهِتة الى سَوداء، مِن دَافِئة تَسكُنُهَا المَشاعِر الى بَاردة هَجرها مِن كَان يَقطن بِداخِلها أَضحَت فَارغة وَأضحى كُل مَا يُحيطُ بِي فَارِغًا، لَقدَ أَمَاتَنِي..
وَقفت وَتوجهتُ الى غُرفتِي،فَتحت دِرجَ مَكتبي لِأَرى صُورةً مُزينةً بِإطار ذَهبي بَاهِت،نَظرتُ الى الصورة لِأراها سَوداء، فَركتُ عَيني بِقوه لِتتوضح الرُؤية لِي وَلَكِن مَامِن شَيْءٍ تَغَيَّر!
القيتها عَلى المَكتب بِقوةٍ خِلْتُ غِلافُها الزُّجَاجِي تَهَشم، وَلكنني لَم أَعُد أّهتم،ضَربت سَطح المَكتب بِقبضتي بِسخط، وَرجعتُ أرتمي عَلى أريكتي التي وَحدها مَن تَحَمَّلت ثِقلي..
أَمسكتُ بِآلةِ التصوير وَرحت أَحدثها كَالمَجنون، رِحتُ الومها، رِحت أعدد لَهَا مُحّاوَلاتِي البَائسة واخفاقاتِي فِي كُلِّ مَرةً، رحتُ أُخبرها بِكُم مِن مَرةٍ خُذِلت فِيهَا وَكَم مِن مَرةٍ حَاولت تَركها وَعُدت اليها لِأنني لَم أَستطع تَحْمِل فُراقها، أَجريت مَعها مُحادثات طَويلة الى أَن سَقَطْت فِي حَضني وَدَاعَب النُّعَاس جَفني لِأسقط فِي نَومٍ عَميق وَآخَر مَا سَمِعته صَوْت وَالدتي يَهمس فِي أُذني بِلُطف:
-"اقترب الحَصادُ يَا بُنِي"
أنت تقرأ
وَمِيض || PHOTOFLASH
Non-Fictionهَا قَد عَاد السَّواد يَكتَسِحُ الصُّور مُجددًا. -لا أسمح بِالاقتباس، أَو نَشر ما أكتبه في مواقع أُخرى.