*( فرنسا / بالتحديد باريس - فُندق أتموسفيرز )*
كانت واقفة على الشُرفة بـ قميص أبيض لنصف ساقها و فوقه روب حريري بأكمام مزينة بالدانتيل و كوب قهوتها السوداء بيدها وهي تفكر بمهمتها مع سعود
أثير بهمس وهي تحاور نفسها بصوت منخفض حتى لايسمعها سعود:
أنا غبية كيف وافقت عشان مهمة ممكن اموت فيها ؟
حسبي الله ونعم الوكيل
سعود تنهد وهو يقف خلفها
بكأس ماء بارد وعينيه مُنصبه على منظر المطل للشرفه:
محد قال لك وافقي كان لك فرصة كبيرة ترفضين
محد ضربك على يدك وقال وافقي على سعود و إرضخي لمهمته كنتِ بكامل قواك العقلية !
أثير رفعت حاجبها بقهر
ليس من كلماته بل من إبتسامته:
عرفت مغزى كلامك بس وش لها داعي الإبتسامة؟
ضحك سعود وهو يضع كأسه على سور الشرفة و يتكئ عليه بحيث اصبح بجانب أثير شبه ملاصق لها:
( استوصوا بالنساء خيراً ) و الإبتسامة أشوفها نوع من الإحسان و اللطف -ضحك وهو يخزها- و مثل ماتعرفين نساء الرسول عليه الصلاة و السلام وعهد الرسول كانوا يشاركون بالحرُوب منهم الممرضة ومنهم اللي تقدم لهم الماء و الأكل
ليه انتي رافضة مهمتي؟
أثير ضحكت بسُخرية:
حروب الرسول مهما كانت دامية ، بتظل شريفة ولها قيمة دينيه .. تصنف مهمتك منها ؟
قال تعالى ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) إفعل خيرًا تُجزى خيراً
سعود رفع حاجبه بخبث وهو يمرر سبابته على حواف كوب قهوتها:
سكوتي عن جريمتك بحق قوانين المُستشفى ماتشوفينها خير بحقك؟
عجيب تجحدين المعروف لهذه الدرجة؟
أثير: ماجحدت ، أنا ماهميتك لو مت
أهم شيء مهمتك تنجح و بعدها بقلعة أثير لو يقتلونها ماهمك !
كتم إبتسامته وهو يمسك بيدها و يقبّلها و مشاعره تتراقص كـ عرائس الباليه الأوروبيات :
شايله هم بعد المُهمة أتركك ؟
لا عادت من مهمة اذا كانت سبب يبعدك عني
أثير بإستنكار ضحكت من لطافته المُفاجئة معها:
سبحان مغير الأحوال
سعود عض شفتيه وهو يتكئ من جديد بذراعه على السور ، و يقترب من أثير و ينحني حتى يهمس بإذنها:
ضحكتك ماتغير الأحوال وبس ، تغيرني أنا وتغير مشاعري{ يُوم زفاف غنى & عبدالله }
وقفت أمام الباب ، الذي اذا خرجت منه تُزف بأبهى طلتها و بجمالها لـ عبدالله
لتُعلن رسميًا حرم لعبدالله بن عبدالرحمن
و تبدأ صفحة جديدة و حياة مليئة بالهناء و الحب و المودة المتبادله من كِلا الطرفين .. ابتسمت بحب وهي تسمع لنصائح والدتها ، التي رشّت على جروحها ملح:
غنى يابنتي أنا كنت حاسه بطبيعة الحال معك انتي وحاتم و اللي أثبت لي حبوب المنع اللي كنتِ تتجرعينها
اللي أبيك تفهمينه و تستوعبينه كويس حتى ما تخرب حياتك ، عبدالله مُختلف عن حاتم .. لاتبنين حياتك على ذكرى قديمة
كتمت شهقتها وهي تمسح طرف عينها بالمناديل الورقية خشية أن تفسد الدموع مكياج عينيها ويسيل الكحل كالمسلسلات البدوية:
الله يسعدك يارب ويوفقك في حياتك و يكتب لك الخيرة في كل أمر تنتظرينه ، غنى انتبهي لنفسك حصني نفسك
غنى ضحكت وهي تكتم غصتها على نصائح والدتها: ابشري
دخلت لمياء بفستان ذهبي ومعها عبير بملامح باهته من التعب بفستانها الأسود
لمياء ابتسمت: زفتك ياعروس
مشت غنى بعد ما فُتح الباب ، و هي تخطو بكل نعومة على أنغام الموسيقى الهادئة
القاعة الصغيرة الممتلئة بأعز اقرباؤهم فقط ، وقفت في مكانها المخصص
وهي تبتسم لـ لمياء التي كانت بجانبها "
"
جلست على الكرسي بهدوء ويديها ترتجف بشدة ، وبجانبها عبير و أم نواف ( خلود ) و والدتها
وعينيها للأسفل .. شعرت بدخوله بسبب رائحة العود الممزوج بعطره المميز
كتمت أنفاسها بتوتر وهي تضحك على نفسها
بعد دقائق خلت الغرفة منهم جميعاً ماعدى غنى وعبدالله
جلس بجانبها وهو يمسك بيدها و يقبّلها بهدوء و مبتسم بقوة:
مبروك ياقلب عبدالله
غنى رفعت حاجبيها تلقائياً ونبضات قلبها تتسارع ، لدرجة عجزت عن الرد
ضحك عبدالله بخفة حتى وضحت أنيابه اللؤلؤية .. وقلبه يتراقص و يخشى أن يُفضح بعد مارتب الحروف بين شفتيه يخشى أن تتطاير بنظرة منها:
يامَن سبى قلبْ المُتيم حسنهُ
لازال قلبي فِي هواك هائماً
لغير عيناكِ رفض أن ينحَني ..
رفعت غنى رأسها بإبتسامة هادئة ، وهي تشعر برغبة بالبكاء
و زادت عليها قصيدته و نبرة صوته الخافته
ابتسم عبدالله وهو راضي تماماً عن صمتها يكفي أنها امام عينيه ..🔏
اعتدل عبدالله بجلسته وهو يشد بيديه على كفوفها ، و بداخله حكيّ كثير .. لا تكفيه ساعة أو ساعتين ولا أيام و أسابيع
يحتاج لشهور حتى يستجمع نفسه أمامها ويرتب حروفه من جديد كانت عينيها كفيلة بجعله ينسى حتى حروف إسمه وتبقى هي الفائزة بصمته ، وضع كفيه على خدها وهو يقبّل جبينها بعُمق :
كمية مشاعري مايوصفها القصيد .. كنتِ لحظة من ضمن أمنياتي و تحققت
ابتسمت غنى تلقائياً وهي ترفع كفيها وتمسك بكفوف عبدالله فضّلت الصمت لأنها حقاً لاتملك أي كلمة تعبر عن شعورها الآن
عبدالله ميّل شفتيه بعدم رضاء بعد ماسمع صوت كعب عبير امام الباب:
جت
دخلت عبير بإبتسامة :
المعذرة ياغنى عندنا عريس مستعجل .. المصورة بتدخل
\
•
\
•
\
جلس أحمد على الكرسي ، وهو يرى انه الوقت المناسب ليذهب بعد ما قام بالواجب و حضر هذه الليلة من أجل عبدالله
و أحداث الليلة الماضية تمر بذاكرته حدث .. حدث:
( استند على الجدار الفاصل بين الشارع و منزل مهند و بجانبه عبدالله ، بالجهة المقابلة ثلاث من رجال الشرطة
أحمد: لهذه الدرجة صعبه؟ ماتقدر تداهم البيت ؟
مهند ماهو صاحب عصابات حتى نحذر لهذا الحد
عبدالله:
الحذر واجب ، لازم علي أحذر دام يده طويلة و وصل لأختي الله الأعلم وش بيسوي بعد
أشار عبدالله لهم يداهمون المنزل بعد ما تأكد ان الشارع خالٍ ولا أحد من الجيران ممكن يلمحهم
دخلوا من الباب الخلفي للمنزل بعد ما استنسخ عمر المفتاح الخاص للباب بنسخة جديدة لهم
عبدالله:
بنقعد انا وأنت هنا تحسباً لأي شيء
أحمد: لاحظتك حريص بزيادة
عبدالله بجدية:
شيء طبيعي اليوم جرحك بمعنى أصح كان يبي يقتلك ، و داهم بيتنا بكل بجاحة و غرز الإبرة بجسم عبير والله العالم اذا كانت مضره ، مايندرى وش بيسوي بكره
أحمد:
الإبرة مو مضرة إبرة منومة عاديه و التورم اللي حصل مكانها لأن مهند غرزها بعنف لا أكثر
تقدم عبدالله للباب بعد ماسمع صوت الصراخ و احتدت نقاشاتهم
خرج الثلاثة و معهم مهند
ابتسم عبدالله: يا هلا
تدري مو من عوايدي أحد يدخل بيتي وما أضيّفه
ليش طلعت قبل أضيفك ؟ كانت تنتظرك قهوة لذيذة
مهند بسخرية وهو حقاً لم يعد يهمه شيء بعد هذه الحادثة سيخسر وظيفته و أهله:
ما اللذيذ الا اللي سويته )
رفع رأسه لـ ( مراد ) وهو يضرب الطاولة بإصبعه ، و يقف بـ هيبة و جبروت معهودة عنه دوماً :
والا أقول لك !
اتركهم للزمن و للوقت .. اذا سافروا بألحقهم و اخطط لهم هناك
مراد تنهد وهو قلق:
متأكد بتنجح ؟
حاتم بسُخرية وهو ينطقها ويشعر أنها تجرح حنجرته :
اي أكيد عبدالله بيسافر بغنى لشهر عسل ، وين مايروحون بلحقهم بنفسي
أجلت فكرة أخذي لغنى لذاك الوقت ، عسلهم بيصير سمّ
مراد هز رأسه بتفهم:
و المطلوب مني؟
حاتم: تعرف وين يسافرون ، تتبع عبدالله الى أن تعرف عشان اقدر ألحقهم وبس
ضحك حاتم وهو يقف أمام مراد وظهره مُنتصب بثقة عمياء جداً:
في دستور بعض اعداء الدُول ، حكمة تقول ( إذا أردت تحريض الشعب فعليك تجويعهم )
هذه المرة شعبي هو عبدالله ، اذا أمسكنا بغنى عبدالله بينجن و يصير مثل الشعب الجائع مرادهم الوحيد نزول الحاكم عن العرش وهذه جريمة
و الله العالم عبدالله ايش ممكن يسوي ، أنا ابيه يفقد السيطرة على نفسه حتى أقدر أنصب خيامي و استغلهم كلهم
بمعنى أصح نقطة ضعف عبدالله هي .. غنى
مراد لم يفهم كلمة واحدة ، وخصوصاً انه لايعرف حكاية حاتم مع عبدالله:
اولاً مين عبدالله ؟ ثانياً ليش شبهته بالشعب الغير راضي ؟
حاتم تنهد وهو يرفع حاجبه:
واضحة ، لو أخذنا غنى عبدالله بيغضب
و غضب الشعوب على الحاكم ، يؤدي لخسارة الدولة و حصول المظاهرات
واللي اقصده بغضب عبدالله بيرتكب أشياء يندم عليها و انا بكون حريص على إنه يسوي شيء يندم عليه
مراد بصدمة:
ليش شاغل بالك ومقلق نفسك معهم ابي أفهم؟
ضحك حاتم:
تسلية
خرج مراد قبل أن يجن من جنون حاتم وتنتقل له العدوى
بعد خروجه بثلاث دقائق دخل أنس بسرعة بعد ما رأى مراد يخرج من الغرفة
أنس : وش تخطط له ؟
حاتم بلا اهتمام لوجود أنس ، جلس على الأريكة وهو يتصفح هاتفه
أنس رفع حاجبه: تمام اذا هذا ردك أنا مو مسؤول عن أي ضرر بيصير
حاتم: أنت معي والا معهم ؟
أنس:
ولا احد ، ولكن أنت بديت تزودها
حاتم بإمتعاض:
ما زودتها ولا شيء